شدة شفقته صلى الله عليه وسلم بالأمة

[الأستاذ أبو يوسف]

[frame="13 10"]

شدة شفقته صلى الله عليه وسلم بالأمة

الحمد لله الذي أرسل الرسل مبشرين ومنذرين، و صلى الله على سيدنا
محمد خاتم النبيين وعلى آله و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
.. أما بعد:
فصلى عليك الله يا حبيب الأمة، يا من استولت عليك الحسرة وكِدْتَ

تقتل نفسك حرصاً على أمتك حتى عاتبك ربك فقال تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} الكهف آية 6،

أي لعلك تهلك نفسك من شدة حرصك على أمتك.

وكنت حريصاً على هداية الضالين ..

قال عز وجل:
{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}
ال شعراء آية 3.


وقال سبحانه:
{فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } فاطر آية 8.

ولله در أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال:

هُم أَدرَكوا عِزَّ النُبُوَّةِ وَانتَهَت فيها إِلَيكَ العِزَّةُ القَعساءُ

إِنَّ العَظائِمَ كُفؤُها العُظَماءُ خُلِقَت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها

فما جزاء من كان هذا حرصه وشفقته على الناس كافة .. ولذلك واساه ربه

لشدة حرصه وشفقته عليهم وخفف عنه ما هو فيه حتى لا يصل الأمر إلى
أن تذهب نفسه حسرة على هؤلاء الكفار؟

المُصلِحونَ أَصابِعٌ جُمِعَت يَدًا هِيَ أَنتَ بَل اليَدُ البَيضاءُ

صلّى عَلَيكَ اللهُ ما صحِبَ الدُجى حادٍ وَحَنَّت بِالفَلا وَجناءُ

********
تُرى لو رأيت طفلا جاهلا سيهلك نفسه .. هل تتركه يفعل ؟


ولو استطعت إنقاذه .. بماذا ستشعر ؟

ولو أهلك نفسه قبل أن تدركه .. فما مقدار الألم والحسرة الذي ستشعر به؟


هذه المشاعر والرحمة بمن لا تعرف ولا يمت إليك بصلة قرابة .. فكيف بها
لو كانت مع ابنك أو أخيك؟

وكيف بالحبيب المصطفى الشفوق حتى على من عاداه و آذاه .. حريص

على هداه ..

تأمل في عظيم شفقته .. حين يضرب هذا المثل عن أبي هريرة - رضي الله
عنه - أنه سمع رسول الله يقول « إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل
استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في
النار يقعن فيها فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم
عن النار وأنتم تقحمون فيها »

رواه البخاري.

فأي إحسان أجل قدرا من هذا؟

قال أمير الشعراء:

يأَيُّها الأُمِيُّ حَسبُكَ رُتبَةً في العِلمِ أَن دانَت بِكَ العُلَماءُ

وَالبِرُّ عِندَكَ ذِمَّةٌ وَفَريضةٌ

لامِنَّةٌ مَمنونَةٌ وَجَباءُ

*******

[/frame]