|
الركن العام للمواضيع العامة يهتم بالمواضيع العامه ومناقشتها كما هو متنفس لجميع الأعضاء والزوار |
البحث في المنتدى |
بحث بالكلمة الدلالية |
البحث المتقدم |
الذهاب إلى الصفحة... |
![]() |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() (أفغير دين الله يبغون، وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون ). إن دين الله واحد , جاءت به الرسل جميعا , وتعاقدت عليه الرسل جميعا . وعهد الله واحد أخذه على كل رسول . والإيمان بالدين الجديد واتباع رسوله , ونصرة منهجه على كل منهج , هو الوفاء بهذا العهد . فمن تولى عن الإسلام فقد تولى عن دين الله كله , وقد خاس بعهد الله كله . والإسلام - الذي يتحقق في إقامة منهج الله في الأرض واتباعه والخلوص له - هو ناموس هذا الوجود . وهو دين كل حي في هذا الوجود . إنها صورة شاملة عميقة للإسلام والاستسلام . صورة كونية تأخذ بالمشاعر , وترتجف لها الضمائر . . صورة الناموس القاهر الحاكم , الذي يرد الأشياء والأحياء إلى سنن واحد وشرعة واحدة , ومصير واحد . (وإليه يرجعون). . فلا مناص لهم في نهاية المطاف من الرجوع إلى الحاكم المسيطر المدبر الجليل . . ولا مناص للإنسان حين يبتغي سعادته وراحته وطمأنينة باله وصلاح حاله , من الرجوع إلى منهج الله في ذات نفسه , وفي نظام حياته , وفي منهج مجتمعه , ليتناسق مع النظام الكوني كله . فلا ينفرد بمنهج من صنع نفسه , لا يتناسق مع ذلك النظام الكوني من صنع بارئه , في حين أنه مضطر أن يعيش في إطار هذا الكون , وأن يتعامل بجملته مع النظام الكوني . . والتناسق بين نظامه هو في تصوره وشعوره , وفي واقعه وارتباطاته , وفي عمله ونشاطه , مع النظام الكوني هو وحده الذي يكفل له التعاون مع القوى الكونية الهائلة بدلا من التصادم معها . وهو حين يصطدم بها يتمزق وينسحق ; أو لا يؤدي - على كل حال - وظيفة الخلافة في الأرض كما وهبها الله له . وحين يتناسق ويتفاهم مع نواميس الكون التي تحكمه وتحكم سائر الأحياء فيه , يملك معرفة أسرارها، وتسخيرها، والانتفاع بها على وجه يحقق له السعادة والراحة والطمأنينة، ويعفيه من الخوف والقلق والتناحر . . الانتفاع بها لا ليحترق بنار الكون , ولكن ليطبخ بها ويستدفىء ويستضيء ! والفطرة البشرية في أصلها متناسقة مع ناموس الكون , مسلمة لربها إسلام كل شيء وكل حي . فحين يخرج الإنسان بنظام حياته عن ذلك الناموس لا يصطدم مع الكون فحسب، إنما يصطدم أولا بفطرته التي بين جنبيه ،فيشقى ويتمزق، ويحتار ويقلق . ويحيا كما تحيا البشرية الضالة النكدة اليوم في عذاب من هذا الجانب - على الرغم من جميع الانتصارات العلمية , وجميع التسهيلات الحضارية المادية ! إن البشرية اليوم تعاني من الخواء المرير . خواء الروح من الحقيقة التي لا تطيق فطرتها أن تصبر عليها . . حقيقة الإيمان . . وخواء حياتها من المنهج الإلهي . هذا المنهج الذي ينسق بين حركتها وحركة الكون الذي تعيش فيه . إنها تعاني من الهجير المحرف الذي تعيش فيه بعيدا عن ذلك الظل الوارف الندي . ومن الفساد المقلق الذي تتمرغ فيه بعيدا عن ذلك الخط القويم والطريق المأنوس المطروق ! ومن ثم تجد الشقاء والقلق والحيرة والاضطراب ; وتحس الخواء والجوع والحرمان وتهرب من واقعها هذا بالأفيون والحشيش والمسكرات ; وبالسرعة المجنونة والمغامرات الحمقاء،والشذوذ في الحركة واللبس والطعام ! وذلك على الرغم من الرخاء المادي والإنتاج الوفير والحياة الميسورة والفراغ الكثير . . . لا بل إن الخواء والقلق والحيرة لتتزايد كلما تزايد الرخاء المادي والإنتاج الحضاري واليسر في وسائل الحياة ومرافقها . إن هذا الخواء المرير ليطارد البشرية كالشبح المخيف . يطاردها فتهرب منه . ولكنها تنتهي كذلك إلى الخواء المرير ! وما من أحد يزور البلاد الغنية الثرية في الأرض حتى يكون الانطباع الأول في حسه أن هؤلاء قوم هاربون ! هاربون من أشباح تطاردهم . هاربون من ذوات أنفسهم . . وسرعان ما يتكشف الرخاء المادي والمتاع الحسي الذي يصل إلى حد التمرغ في الوحل , عن الأمراض العصبية والنفسية والشذوذ والقلق والمرض والجنون والمسكرات والمخدرات والجريمة . وفراغ الحياة من كل تصور كريم ! إنهم لا يجدون أنفسهم لأنهم لا يجدون غاية وجودهم الحقيقية . . إنهم لا يجدون سعادتهم لأنهم لا يجدون المنهج الإلهي الذي ينسق بين حركتهم وحركة الكون , وبين نظامهم وناموس الوجود . . إنهم لا يجدون طمأنينتهم لأنهم لا يعرفون الله الذي إليه يرجعون . . انتهى من الظلال. رحم الله صاحب الظلال رحمة واسعة. والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة. (إن أفكارنا وكلماتنا تظل جثثا هامدة ، حتى إذا متنا في سبيلها أو غذيناها بالدماء انتفضت حية وعاشت بين الأحياء) صاحب الظلال. |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
مسلم, الأرضلقطب43, الله, الصلوات, تعالىأفغير, يبغون, دين, عمال, وله, وفد, قوله ![]() |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|