إن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الخصائص للمجتمع السعودي، وأن وجود جهاز رسمي ينظّم الأمر والنهي لا يعني بأي شكل كان تخلي الأفراد عن مسؤوليتهم، بل يتطلب أن يكون الجهاز منسقًا ومسندا له التغيير باليد وما يمكنه من أداء مهمته ، ويجعل من الفرد أمام مسؤولية الدعم والمؤازرة، ومثل هذه المؤسسة موجودة في الكثير من المجتمعات قديمًا وحديثًا
ولكل مجتمع نمطه الذي يحرص على حمايته وتربية أجياله عليه ، واحترام التنوع الثقافي مبدأ أقرته منظمة اليونسكو في إعلانها العالمي والذي أقرته منظمة الأمم المتحدة ومن حقوق الإنسان المهمة التي يقرها المجتمع الدولي التنوع الثقافي
وإذا استعرضنا أي مجتمع من المجتمعات لوجدنا بعض الأنماط الثقافية التي ينكرها المجتمع، وقد تكون في بعض المجتمعات الأخرى عادية ، أو قد تمر بدون إنكار، وفي كل مجتمع تكون هناك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها وتكون الحرية متاحة ما لم تتجاوز تلك الخطوط الحمراء، بيد أن بعض الناس الذين يودون تجاوز تلك الخطوط في أي مجتمع قد يصورون ما حدث أو يحدث من وجهتهم الخاصة ، ولو تم التحري عن الحادث من المصادر المستقلة لوجدت الرواية مختلفة ، وكما يقال «من جاءكم من يحمل عينه في كفه مدعيًا أن شخصًا قد فقأ عينه فلا تستعجل بالحكم له ، فقد يكون الشخص الآخر قد فقئت عيناه » والتثبت من الأمور أمر مهم قبل إصدار الأحكام
والهيئة في المملكة العربية السعودية تقوم وفق دستور البلاد ووفق النمط الذي يسود المجتمع ، سواء فيما يتعلق بالحجاب أو غيره ، ومتابعة تنفيذ هذا النمط السائد في المجتمع أمر تقره كل الشرائع والقوانين الدولية، وقد علم كل من يقدم إلى المملكة بذلك النمط الذي يسود المجتمع ويوقع على الالتزام به، كما تعمل كل دولة عند إعطاء تأشيرة الدخول للبلد
ولا أحد ينكر على بلد من البلدان أن يكون له نمطه الذي يود أن يكون متجانسًا في المجتمع ، ولو أدى إلى إجبار الناس بالالتزام ما دام أن أمر دخول البلد والحضور إليه أمر اختياري ، سواء ذلك في الإجازات أو ساعات العمل أو ساعات التوقف عن العمل أو غير ذلك، وهذا الأمر مدرك ومقر في معظم المجتمعات، ثم إن أمرًا مهما بالنسبة للمجتمع في المملكة ، أن الناس في المجتمع قسمان : قسم يحمل جنسية البلد ، وهو مواطن مقيم بصفة دائمة في البلاد، وقسم لا يحمل جنسية البلد ولا يقيم بصفة دائمة، بل يقيم بصفة مؤقتة لعمل محدود ، والقسم الأول جميعهم مسلمون يدينون بالإسلام عقيدة وشريعة ، والقسم الثاني معظمهم من المسلمين الذين يجمعهم مع القسم الأول النمط الإسلامي نفسه ، وبعض هذا القسم من الذين يدينون بديانات مختلفة لكنهم يحظون بالاحترام والتقدير، ومعظم هؤلاء ممن يتكيف مع نمط المجتمع لا يجدون حرجًا في التعايش مع الآخرين سواء أكان التكيف عن رضا أو لا ، لأنه يعتقد أن وجوده مؤقت
ولا بد أن نعرف أن المملكة العربية السعودية على الرغم مما يقال في بعض وسائل الإعلام فإنها منطقة جذب ، ويحرص الكثير من الناس من مختلف الجنسيات والديانات والتخصصات على القدوم إلى المملكة ، ولو لم يجد الراحة والطمأنينة والفائدة لما قدموا من بلادهم، وهم مرحب بهم من قبل المجتمع السعودي، وأثبت المجتمع من خلال مسيرة عشرات السنين هذا التمازج مع الآخر والتعايش معه، وهذا لا يعني عدم وجود حالات شاذة كما يحصل في أي مجتمع لأنه مجتمع بشري لا ينزه عن الخطأ ، لكن من الخطأ تعميم الخطأ أو وضع الأنماط التعميمية غير مثبتة علميًا وواقعيًا
وإن من أدل الأمور التي تتطلب منا وقفة تآزر وتعاون في ظل هذا الشهر الفضيل ، مراعاة النمط الإسلامي لهذه البلاد من الجميع لكي ننعم بروحانية هذا الشهر، والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه