البياااااان الأخيررررررر

[خالد الشدوي]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أيها الأحبة



اليوم يأخذني قلمي إلى مفردة من المفردات التي



لا أشك إلا أن كل واحد منا قد لذعته يوما من الأيام



بل قد تكون أصابت منه مقتلاً ...



وأثارت فيه جراحاً تأبى أن تضم شفاهها



تلك المفردة التي تأتي فتعبث بالروح , وتجندل المشاعر



وتقض مضاجع السكون , وتجعل الحياة شيئاً مملاً



وتجعل الألم يتسلل إلى النفس فيصب كل معاني الأسى



في كل أوصالها وأجزائها , هذه المفردة يوم أن تحضر



يخرج ربيع الحياة من الباب الآخر , يوم أن تكون يكون



الوجود عدماً , وتكون السعادة وهماً , وتكون الابتسامة



شيئاً من السخرية ...



يوم أن تكون واقعاً



تكون كل الأحلام كوابيس



أحبتي هذه المفردة هي حقيقة , بل واقع



إنها مفردة الغياااب والفراق



التي يدل اسمها على شيء منها



ولكن هناك معنا لها لاتصل إلى وصفه



الحروف بل تكاد تعجز عن ذلك



لذا لا يملك الواحد إلا الدموع إثر الدموع



والنحيب الذي يعلوا تارة



وتعلوه الزفارت تارة أخرى



مفردة الغياب هو ذلك



البياااااااان الأخيرررر



الذي تتلوه الحياة في حياة أحدنا



فلا نملك حينئذ سوى الاستماع إليه والإنصات



لجبروته , ومعالجة سكرات آلامه



ومن منا لم يذق طعم الفقد ؟



أو مرارة الفراق ؟



بالتأكيد السؤال لا يحتاج لجواب



فالواقع يحكي ما لم تحكيه الحروف والكلمات



ومن شك في ذلك فليسأل العيون التي



دمعت , والقلوب التي من ألم الفراق كم عانت وتوجعت ...



مفردة الغياب



قد لا نحبها ولكننا نتوقعها , وننساها ولكنها تحوم حولنا



ومع ذلك لا نستيقظ إلا عندما تمارس



كل أجندتها تجاهنا



فيومئذ وعندما تفرض وجودها



قد لا ينطق لسان المقال لأنه لا حراك به ؛ بل ينطق



لسان الحال وهو مكسور الجناح فيقول :



أبحبِّ أحبابي أُلام



لا والذي خلق الأنام


عيناي بعد فراقهم


ما ذاقتا طيب المنام


إني شغفت بحبهم


من قبل نطقي بالكلام


وأنا فطيم رضاعهم


والطفل يؤلمه الفطام


ذهب الذين أحبهم


فعليك يا دنيا السلام


لا تذكرون العيش لي


فالعيش بعدهم حرام


ألمٌ وهمٌ دائمٌ


من بعدهم نار ضرام


والقلب يحيا متعباً


والجسم أرّقه السقام


يا ربّ اجمع شملنا


داوي جراحات عظام


وأجب دعاء معذّب


يدعوك في جنح الظلام



وسلااامتكم