محاسبة النفس ومراقبة الله

[سعد بن سعيد]

محاسبة النفس ومراقبة الله
محاسبة النفس هو طريق الاستقامة والكمال والفلاح والسعادة، ولا يمكن أن تتم هذه المحاسبة إلا إذا كان هناك مراقبة لله تعالى في كل صغيرة وفي كل كبيرة، وفي السر والعلانية .
ولقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على محاسبة النفس والاستعداد لما بعد الموت، فعن شداد بن أوس عن رسول الله الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله ) [ الترمذي، 1394هـ، رقم الحديث 2577 ج4/ص 54].
"والمراقبة هي ملاحظة الرقيب وانصراف الهم إليه، ويُعْنَى بها حالة للقلب يثمرها نوع من المعرفة، وتثمر تلك الحالة أعمالاً في الجوارح وفي القلب، أما الحالة فهي مراعاة القلب للرقيب وملاحظته إياه، وأمَا المعرفة فهي العلم بأن الله مطلع على الضمائر، عالم السرائر، رقيب على أعمال العباد، قائم على كل نفس بما كسبت، وأن سر القلب في حقه مكشوف، كما أن ظاهر البشرة للخلق مكشوف." [القاسمي، 1415هـ، ص307]
وهذا الخلق الفاضل يمثل أعلى مراتب الدين وهو الإحسان، حيث روى عمر بن الخطاب ذلك في حديث جبريل عندما سأل الرسول الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) [مسلم ، 1419هـ، رقم الحديث 8/ص36].
وعلى هذا فينبغي أن يكون للمرء في آخر النهار ساعة يطالب فيها النفس ويحاسبها على جميع حركاتها وسكناتها كما يفعل التجار في الدنيا مع الشركاء في آخر كل سنة أو شهر أو يوم، حرصاً منهم على الدنيا، فكيف لا يحاسب العاقل
نفسه فيما يتعلق بأمر الآخرة، ولقد ورد عن السلف رضوان الله عليهم ما يؤكد
هذا المعنى "فقد كان مالك بن دينار يقول: رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمها ثم خطمها ثم ألزمها كتاب الله فكان لها قائداً."
[ القاسمي، 1415هـ، ص308].
ولهذا الخلق آثار ومنافع عظيمة منها:
- الإطلاع على عيوب النفس ومن لم يطلع على عيوب نفسه لم يمكنه إزالتها.
- مقت الإنسان نفسه في مقابل حق الله عليه.
- المراقبة المستمرة التي تجعل الإنسان يجتهد أكثر للوصول إلى سعادة الدنيا والآخرة والفوز بجناتِ النعيم.