|
منتدى الشريعة الإسلامية يهتم بالـشـريـعـة الإسلاميـة , من الكتاب والسنـة . |
البحث في المنتدى |
بحث بالكلمة الدلالية |
البحث المتقدم |
الذهاب إلى الصفحة... |
![]() |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم وقفات مع شهر رجب ![]() الحمد لله الواحد القهار والصلاة والسلام على النبي المختار وعلى آله وصحبه الطيبين الأطهار . وبعد : فالحمد لله القائل : " وربك يخلق ما يشاء ويختار " ، والاختيار هو الاجتباء والاصطفاء الدال على ربوبيته ووحدانيته وكمال حكمته وعلمه وقدرته . ومن اختياره وتفضيله اختياره بعض الأيام والشهور وتفضيلها على بعض ، وقد اختار الله من بين الشهور أربعة حُرما قال تعالى : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ }التوبة36 . وهي مقدرة بسير القمر وطلوعه لا بسير الشمس وانتقالها كما يفعله الكفار . والأشهر الحرم وردت في الآية مبهمة ولم تحدد اسماؤها وجاءت السُنة بذكرها : فعن أبي بكرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع وقال في خطبته : إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القَعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان . رواه البخاري رقم (1741) في الحج باب الخطبة أيام منى ، ورواه مسلم رقم (1679) في القسامة باب تحريم الدماء . وسمي رجب مضر لأن مضر كانت لا تغيره بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم وهو النسيء المذكور في قوله تعالى : " إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله " . وقيل أن سبب نسبته إلى مضر أنها كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك . - سبب تسميته : قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (ص445) : رجب : الراء والجيم والباء أصلٌ يدل على دعم شيء بشيء وتقويته ... ومن هذا الباب : رجبت الشيء أي عظّمته ... فسمي رجبا لأنهم كانوا يعظّمونه وقد عظمته الشريعة أيضا ..أ.هـ. وقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر رجب مُنصّل الأسنّة كما جاء عن أبي رجاء العطاردي قال : كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخيرُ منه ألقيناه وأخذنا الآخر ، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة ( كوم من تراب ) ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا مُنصّل الأسنة فلا ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه في شهر رجب . [رواه البخاري] قال البيهقي : كان أهل الجاهلية يعظّمون هذه الأشهر الحرم وخاصة شهرَ رجب فكانوا لا يقاتلون فيه .ا.هـ. - رجب شهر حرام : إن للأشهر الحرم مكانةً عظيمة ومنها شهر رجب لأنه أحد هذه الأشهر الحرم قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام " . أي لا تحلوا محرماته التي أمركم الله بتعظيمها ونهاكم عن ارتكابها فالنهي يشمل فعل القبيح ويشمل اعتقاده . وقال تعالى : " فلا تظلموا فيهن أنفسكم " أي في هذه الأشهر المحرمة . والضمير في الآية عائد إلى هذه الأربعة الأشهر على ما قرره إمام المفسرين ابن جرير الطبري - رحمه الله - فينبغي مراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله به من المنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرا لما لها من حرمة ، ولأن المعاصي تعظم بسبب شرف الزمان الذي حرّمه الله ؛ ولذلك حذرنا الله في الآية السابقة من ظلم النفس فيها مع أنه - أي ظلم النفس ويشمل المعاصي - يحرم في جميع الشهور . - القتال في الشهر الحرام : قال تعالى : " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير " جمهور العلماء على أن القتال في الأشهر الحرم منسوخ بقوله تعالى : " فإذا أنسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " وغير ذلك من العمومات التي فيها الأمر بقتالهم مطلقا . واستدلوا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل أهل الطائف في ذي القعدة وهو من الأشهر الحرم . وقال آخرون : لا يجوز ابتداء القتال في الأشهر الحرم وأما استدامته وتكميله إذا كان أوله في غيرها فإنه يجوز . وحملوا قتال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف على ذلك لأن أول قتالهم في حنين في شوال . وكل هذا في القتال الذي ليس المقصود فيه الدفع ، فإذا دهم العدو بلدا للمسلمين وجب على أهلها القتال دفاعا سواء كان في الشهر الحرام أو في غيره . العَتِيرَة : كانت العرب في الجاهلية تذبح ذبيحة في رجب يتقربون بها لأوثانهم . فلما جاء الإسلام بالذبح لله تعالى بطل فعل أهل الجاهلية واختلف الفقهاء في حكم ذبيحة رجب فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن فعل العتيرة منسوخ واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا فرع ولا عتيرة . رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة . وذهب الشافعية إلى عدم نسخ طلب العتيرة وقالوا تستحب العتيرة وهو قول ابن سيرين . قال ابن حجر : ويؤيده ما أخرجه ابوداود والنسائي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن المنذر عن نُبيشة قال : نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب فما تأمرنا . قال : اذبحوا في أي شهر كان ……الحديث . قال ابن حجر : فلم يبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم العتيرة من أصلها وإنما أبطل خصوص الذبح في شهر رجب . الصوم في رجب : لم يصح في فضل الصوم في رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه . وإنما يشرع فيه من الصيام ما يشرع في غيره من الشهور ، من صيام الاثنين والخميس والأيام الثلاثة البيض وصيام يوم وإفطار يوم ، والصيام من سرر الشهر وسرر الشهر قال بعض العلماء أنه أول الشهر وقال البعض أنه أوسط الشهر وقيل أيضا أنه آخر الشهر . وقد كان عمر رضي الله عنه ينهى عن صيام رجب لما فيه من التشبه بالجاهلية كما ورد عن خرشة بن الحر قال : رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول : كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية . ( الإرواء 957 وقال الألباني : صحيح) قال الإمام ابن القيم : ولم يصم صلى الله عليه وسلم الثلاثة الأشهر سردا ( أي رجب وشعبان ورمضان ) كما يفعله بعض الناس ولا صام رجبا قط ولا استحب صيامه . وقال الحافظ ابن حجر في تبين العجب بما ورد في فضل رجب : لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معيّن ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ وكذلك رويناه عن غيره . وفي فتاوى اللجنة الدائمة : أما تخصيص أيام من رجب بالصوم فلا نعلم له أصلا في الشرع . العُمرة في رجب : دلت الأحاديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رجب كما ورد عن مجاهد قال : دخلت أنا وعروة بن ال**ير المسجد فإذا عبدالله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فسئل : كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أربعا إحداهن في رجب . فكرهنا أن نرد عليه قال : وسمعنا إستنان عائشة أم المؤمنين ( أي صوت السواك ) في الحجرة فقال عروة : يا أماه يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبدالرحمن ؟ قالت : ما يقول ؟ قال : يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهنّ في رجب . قالت : يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهد ( أي حاضر معه ) وما اعتمر في رجب قط . متفق عليه وجاء عند مسلم : وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم . قال النووي : سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أوشك. ولهذا كان من البدع المحدثة في مثل هذا الشهر تخصيص رجب بالعمرة واعتقاد أن العمرة في رجب فيها فضل معيّن ولم يرد في ذلك نص إلى جانب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه اعتمر في رجب قال الشيخ علي بن إبراهيم العطار المتوفى سنة 724هـ : ومما بلغني عن أهل مكة زادها الله شرفا اعتياد كثرة الاعتمار في رجب وهذا مما لا أعلم له أصلا بل ثبت في حديث أن الرسول صلى الله عليه قال : عمرة في رمضان تعدل حجة . وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه : أما تخصيص بعض أيام رجب بأي شيء من الأعمال الزيارة وغيرها فلا أصل له لما قرره الإمام أبو شامة في كتاب البدع والحوادث وهو أن تخصيص العبادات بأوقات لم يخصّصها بها الشرع لا ينبغي إذ لا فضل لأي وقت على وقت آخر غلآ ما فضله الشرع بنوع من العبادة أو فضل جميع أعمال البر فيه دون غيره ولهذا أنكر العلماء تخصيص شهر رجب بكثرة الاعتمار فيه ا.هـ. ولكن لو ذهب الإنسان للعمرة في رجب من غير اعتقاد فضل معيّن بل كان مصادفة أو لأنّه تيسّر له في هذا الوقت فلا بأس بذلك . البدع المحدثة في شهر رجب : إن الابتداع في الدين من الأمور الخطيرة التي تناقض نصوص الكتاب والسنة فالنبي صلى الله عليه لم يمت إلا وقد اكتمل الدين قال تعالى : " اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " وجاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد . متفق عليه وفي رواية لمسلم : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد . وقد ابتدع بعض الناس في رجب أمورا متعددة فمن ذلك : - صلاة الرغائب : وهذه الصلاة شاعت بعد القرون المفضلة وبخاصة في المائة الرابعة وقد اختلقها بعض الكذابين وهي تقام في أول ليلة من رجب قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : صلاة الرغائب بدعة باتفاق أئمة الدين كمالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث وغيرهم والحديث المروي فيها كذب بإجماع لأهل المعرقة بالحديث .ا.هـ. - وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة ، ولم يصح شيء من ذلك ؛ فروي أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد في أول ليلة منه ، وأنه بعث في ليلة السابع والعشرين منه ، وقيل : في الخامس والعشرين ، ولا يصح شيء من ذلك ، وروي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي كان في السابع والعشرين من رجب ، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره . فأصبح من بدع هذا الشهر قراءة قصة المعراج والاحتفال بها في ليلة السابع والعشرين من رجب ، وتخصيص تلك الليلة بزيادة عبادة كقيام ليل أو صيام نهار ، أو ما يظهر فيها من الفرح والغبطة ، وما يقام من احتفالات تصاحبها المحرمات الصريحة كالاختلاط والأغاني والموسيقى وهذا كله لا يجوز في العيدين الشرعيين فضلا عن الأعياد المبتدعة ، أضف إلى ذلك أن هذا التاريخ لم يثبت جزما وقوع الإسراء والمعراج فيه ، ولو ثبت فلا يعد ذلك شرعا مبررا للاحتفال فيه لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضوان الله عليهم ولا عن أحد من سلف هذه الأمة الأخيار ولو كان خيراً لسبقونا إليه ، والله المستعان . . - صلاة أم داود في نصف رجب . - التصدق عن روح الموتى في رجب . - الأدعية التي تقال في رجب بخصوصه كلها مخترعة ومبتدعة . - تخصيص زيارة المقابر في رجب وهذه بدعة محدثة أيضا فالزيارة تكون في أي وقت من العام . نسأل الله أن يجعلنا ممن يعظّمون حرماته ويلتزمون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . الإسلام سؤال وجواب ![]() |
![]() |
[2] |
الــمــشــرفــة الــعــامـة ![]() |
![]() بدع شهر رجب الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر [justify]إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: أيها المؤمنون، عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله - تعالى - ومراقبتَه في السر والعلانية؛ فإن من اتقى الله وقاه وأرشده إلى خير دينه ودنياه. عباد الله: إن شهرَ رجبٍ الذي نعيش أيامه الآن هو أحد الأشهر الحرُمُ الأربعة، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم ثلاثة متوالية، ورجب الفرد، ولهذه الأربعة خصائصُ معلومة تشترك فيها، وقد سُمِّيتْ حُرُمًا؛ لزيادة حرمتها؛ قال الله - تعالى -: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾ [التوبة : 36]. عباد الله: والواجب على كل مسلم تجاه هذه الأشهر وغيرها أن يقوم فيها بما دلت عليه الشريعة، وثبت في السنة، دون تجاوز أو تعدٍّ لذلك؛ إذ ليس لأحد من الناس أن يُخَصِّصَ شيئًا من هذه الأشهر بشيء من العبادات والقربات، دون أن يكون له مستندٌ على ذلك من أدلة الشريعة. عباد الله: وقد كان المشركون في الجاهلية يُعظِّمون شهر رجب، ويخصونه بالصوم فيه؛ قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -: "وأما صومُ رجب بخصوصه، فأحاديثه كلُّها ضعيفة، بل موضوعة؛ لا يَعتَمِد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل، بل عامَّتُها من الموضوعات المكذوبات، إلى أن قال - رحمه الله - صحَّ أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يضرب أيدي الناس، ليضعوا أيديهم في الطعام في رجب، ويقول: "لا تُشَبِّهُوه برمضان"، ويقول: "إن رجب كان يعظمه أهل الجاهلية، فلمَّا كان الإسلام تُرِك". عباد الله: وفي شهر رجب يصلي بعض الناس صلاة معينة بصفة غريبة، يسمُّونها صلاة الرَّغائب، يفعلونها في أول ليلة جمعة منه بين المغرب والعشاء، وهي بِدعَةٌ منكرة باتفاق أهل العلم، لم تُعرف إلا بعد القرن الرابع الهجري، وليس لها وجودٌ أو ذِكْر قبل ذلك؛ قال الإمام النووي - رحمه الله - وقد سُئِل عن صلاة الرغائب، هل هي سنة وفضيلة، أو بدعة، فقال - رحمه الله -: "هي بدعةٌ قبيحة منكرة أشدّ الإنكار مشتملة على منكرات؛ فيتعين تركها والإعراض عنها، وإنكارها على فاعلها، ولا يُغتَرْ بِكثرة الفاعلين لها في كثير من البلدان، ولا بكونها مذكورة في قوت القلوب، وإحياء علوم الدين، ونحوهما من الكتب، فإنها بدعة باطلة، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من أحدث في ديننا ما ليس منه، فهو ردّ))، وفي الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو ردّ))، وفي صحيح مسلم وغيره أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كل بدعة ضلالة))، وقد أمر الله - جلا وعلا - عند التنازع بالرجوع إلى كتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((فإن تنازعتم في شيء، فردوه إلى الله والرسول؛ إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر))، ولم يأمر بإتباع الجاهلين، ولا بالاغترار بغلطات المخطئين، انتهى كلام النووي - رحمه الله. والنقولُ عن أهل العلم في هذا المعنى كثيرةٌ. عباد الله: وفي شهر رجب يَفِدُ بعض الناس إلى المدينة النبوية المنورة بزيارتها بزيارة يسمونها الرَّجَبِية، يرون أنها من السُّنن، وهذه الزيارة المسماة بالرَّجَبِيةِ ليس لها أصل في كلام أهل العلم، ولا ريب - عباد الله - أن المسجد النبوي تُشَدُّ إليه الرحال في كل وقت وحين، لكن تخصيصُ شهر معين أو يوم معين لهذا العمل يحتاج إلى دليل خاص، ولا دليلَ هنا على تخصيصِ رجب بذلك، وعلى هذا فاتخاذ هذا سنة يُتقَرَّبُ بها إلى الله في هذا الشهر بخصوصه - أمر محدث ليس عليه دليل في الشريعة. عباد الله: وفي ليلة السابع والعشرين من شهر رجب يقيمُ بعض الناس احتفالاً لذلك، ويعتقدون أن تلك الليلة هي ليلةُ الإسراء والمعراج، وفي ذلك الاحتفال تُلقَى الكلماتُ، وتنشد القصائدُ، وتتلى المدائح، وهو أمر لم يكن معهودًا ولا معروفًا في القرون المفضلة؛ خيرِ القرون وأفضلِها؛ قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -: "ولا يُعرفُ عن أحد من المسلمين أنه جعل لليلة الإسراء فضيلة على غيرها، ولا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من الأمور، ولا يذكرونها؛ ولهذا لا يُعرف أيُّ ليلة كانت، ولم يقُم دليل معلوم لا على شهرها، ولا على عَشرها، ولا على عينها، بل النقول في ذلك منقطعةٌ مختلفةٌ ليس فيها ما يُقطع به، ولا شُرِعَ للمسلمين تخصيصُ الليلة التي يظن أنها ليلة الإسراء لا بقيام ولا بغيره"، انتهى كلامه - رحمه الله. عباد الله: ولْيُعلَم أن حقيقة اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - هي التمسك بسنته فِعلاً فيما فعل، وتركًا فيما تَرك؛ فمن زاد عليها أو نقص منها، فقد نقصَ حظُّه من المتابعة بحسب ذلك، لكن الزيادة أعظم؛ لأنها تقدم بين يدي الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - والله - تعالى - يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات : 1]. بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ورزقنا اتباع سُنَّة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولزومَ هَدْيِه القويم؛ أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد ألا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله - تعالى - ثم اعلموا - رحمكم الله - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه في أحاديث كثيرةٍ الحث على لزوم السنة، والتحذيرُ من البدعة بجميع أنواعها، وكافّة صورها، ومن تلكم الأحاديث العظيمة في هذا الباب ما رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حِبَّان في صحيحه وغيُرهما عن العرباض ابن سارية - رضي الله عنه - قال: "وعظَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله: كأنها موعظة مُوَدِّع؛ فأوصنا، فقال - صلى الله عيه وسلم -: ((أوصيكم بتقوى الله، والسّمع والطّاعة، وإن تأمَّر عليكم عبدٌ، وإنه من يعش منكم، فسيرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة)). وتأملوا - رعاكم الله - قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: ((إنه من يعش منكم، فسيرى اختلافًا كثيرًا))، فهذا فيه إشارة إلى أن الاختلاف سيقع، والتفرقَ سيوجد في الأمة، وأرشد - صلوات الله وسلامه عليه - إلى المخرج من ذلك، وأن المخرجَ من التفرق والسلامة من الاختلاف، إنما يكون بأمرين عظيمين، وأساسين متينين لا بد منهما؛ الأول: التمسكُ بسنته - صلى الله عليه وسلم - ولهذا قال: ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)). والثاني: مجانبةُ البدع، والحذر منها؛ ولهذا قال: ((وإياكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)). عباد الله: ولعِظَم هذا الأمر، وجلالةِ قدره، وشدة أهميته، وضرورة الناس إلى فَهْمه، وشدة العناية به كان - صلوات الله وسلامه عليه - في كل جمعة إذا خطب الناس أكَّد على هذا الأمر العظيم ونوَّه به، وذلك في قوله: ((أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)). فالواجب علينا - عباد الله - ملازمة سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - والتمسُّك بهَدْيِه، ولزوم غرزه، واقتفاء أثره، والحذرَ الحذرَ من كل البدع والضلالات بجميع أنواعها، وكافَّةِ صورها، وأسأل الله - عز وجل - بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلا أن يحيينا وإياكم على السنة، وأن يميتنا عليها، وأن يجنبنا الأهواءَ والبدَع؛ إنه سميع مجيب قريب، وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله؛ فقد أمركم الله بذلك فيكتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن صلَّى علي واحدة، صلى الله عليه بها عشرًا)). اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين؛ أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان ذي النورين، وأبي السبطين علي. وارضَ اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، اللهم انصر من نصر الدين، اللهم انصر دينك وكتابك وسُنَّة نبيِّك - صلى الله عليه وسلم. اللهم انصر إخواننا المسلمين في كل مكان يا حي يا قَيُّوم، اللهم انصرهم نصرًا مؤزَّرًا، وأيدهم بتأييدك، واحفظهم بحفظك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام. اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك اتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم أَبرِم لهذه الأمة أمرَ رشدٍ يَعزُّ فيه أهل طاعتك، ويُذلّ فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر؛ إنك على كل شيء قدير. اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وأعنه على البر والتقوى، وسدده في أقواله وأعماله، يا ذا الجلال والإكرام، ووفق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وإتباع سنة نبيِّك محمد - صلى الله عليه وسلم. اللهم آت نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها، اللهم إنا نسألك الهدى والسداد، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعِفَّة والغنى، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر. اللهم اغفر لنا ذنبنا كله؛ دقه وجله، أوله وآخره، سره وعلنه، اللهم اغفر لنا ما قدَّمنا، وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منَّا؛ أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. اللهم اغفر ذنوب المذنبين، وتُبْ على التائبين، واكتب الصحة والسلامة والعافية لعموم المسلمين يا حي يا قيُّوم، يا ذا الجلال والإكرام، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا، لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقِنَا عذاب النار.[/justify] وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين. |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
ردت, شهر, وقفات ![]() |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
وقفات مع الإمتحانات | حنو البرقاوي | الثانوية السادسة والأربعون (46) بالمدينة المنورة | 0 | 2012-12-26 07:43 PM |
وقفات ومقتطفات من الحياة | ناتاشا | الركن العام للمواضيع العامة | 2 | 2012-01-10 01:55 AM |
وقفات مع المطر | بشاير السميري | الثانوية الواحدة والأربعون (41) بالمدينة المنورة | 1 | 2011-03-19 07:04 PM |
وقفات مع الصدق | وسام التميمي مديره الثانويه 45 | الركن العام للمواضيع العامة | 2 | 2011-02-14 07:30 PM |
وقفات إيمانية مع آية الكرسي | الله ربي | منتدى الشريعة الإسلامية | 0 | 2009-05-31 06:23 PM |