#1
|
|||
|
|||
![]() السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف تتقن عملك ؟ 1 - الإتقان والإحسان والإنجاز *الإتقان والإحسان يقول الله تعالى : {وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون } النمل / 88 . ويقول صلى الله عليه وسلم : [ إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ] فالإتقان في معناه العام : إحكام الشيء ، وقالوا : الإتقان هو أداء عمل ما بإحكام دون خلل ، فالله تعالى خلق العوالم وفق قوانين ، هي غاية في الدقة ، ونهاية في الإتقان ، فكل متقن عامل ، وليس كل عامل متقناً ، حتى يختبر كل واحد منا نفسه ، فهو الوحيد الذي يحكم على قوله وفعله وسائر عمله ، إن كان متقناً أم لا . يقول على بن أبى طالب : قيمة كل امرىء ما يحسنه ، فما قيمة امريء في الحياة ، لا يحسن العمل ولا يطوره ولا يبدع فيه ولا يحكم أمره ، أى بمعنى آخر لا يتقنه . والإتقان هو طريق التفوق في الحياة ، والتميز على الناجحين ، لأنه أحد وجهين لعملة نادرة في الحياة ، وهي التفوق والتميز ، فكيف يحدث ذلك ؟ لكى نجيب على هذا التصور أو على هذا السلوك العملى ، تعال نتعرف في إيجاز على الفرق بين الإتقان والإحسان . فالإحسان : هو قوة كامنة داخل النفس , أما الإتقان : فهو الصورة الظاهرة لهذه القوة ، بالتالى لا يتحقق تفوق إلا باستكمال هذين الوجهين : قوة داخلية تدفع وتشجع ، وقوة خارجية : هي ثمرة هذه القوة الداخلية ، مما تعطيه من طاقة وزاد . فالإحسان في الإصطلاح الاتيان بالمطلوب شرعاً على وجه حسن ، وكما بينه النبى صلى الله عليه وسلم : ( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) والإتقان هو بالفعل ثمرة الإحسان , وعليه فالإتقان يقوي بقوة الإحسان , ويضعف بضعفه , ولذلك فالإتقان في كل شيء هو الأداء على وجه حسن , بمعني بذل كل الوسع والاستطاعة , للتغلب على كافة العوائق , والأخذ بكافة الأساليب خاصة الحديثة منها . · الإتقان والانجاز حتى الإتقان يحتاج إلى توضيح ، فقد يظن البعض : إن مجرد الإنجاز هو الإتقان ، ولكن هناك أيضا فرق بين الإتقان والإنجاز , فالإنجاز هو إتمام المهمة أو العمل أو المسئولية كالمتفق عليه ، في حين إن الإتقان هو الإجادة في إتمام المهمة وبأفضل ما يمكن , أى محاولة للإكمال . · الإتقان طريق التفوق ومن ثم فالإتقان هو طريق التفوق في الحياة ، ونضرب أمثلة قرآنية تقرب لنا هذه الحقيقة : أولاً : في قوله تعالى : { يا أبت استئجره إن خير من استئجرت القوي الأمين} القصص / 26 . فالقوي تشير إلى الإتقان ، والأمين تشير إلى الانضباط الداخلى ، والقوة الكامنة . ثانياً : في قوله تعالى : { قال اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم } يوسف / 55 . فالعلم إشارة إلى الإتقان ، والحفيظ إشارة واضحة إلى الانضاط الداخلى والإحسان . · أنواع الإتقان من ناحية الإنجاز أولاً : إتقان الهيئة والشكل لما كان الإتقان هو الصورة الظاهرة لأى عمل أو مهمة ، فوجب على أهل الإتقان استكمال كل ما هو يسر النظر ، ويسد العيوب في أى ثغرة قد تتواجد في الشكل أو الهيئة , لقد وجدت ثغرة صغيرة في مقبرة سعد بن معاذ ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ببنائها , وقد تساءل من حضر ، هو ميت فهل تنفعه أو تضره ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ] رواه البيهقي فليس الأمر له ارتباط بميت أو حيى ، أو فائدة أو ضرر ، وإنما إتقان , لأن الله يحب الإتقان . ثانياً :إتقان الوقت والزمن فالإتقان أداء العمل بإحكام دون خلل ، ولذلك فالخاسر الذي لا يوظف السنة الربانية ، أو لا يتخلق بها في عمله : الدهر ساومنى عمري فقلت له ما بعتُ عمرى بالدنيا وما فيها ثم اشتراه بتدريج بلا ثمنٍ تبتْ يدا صفقةٍ قد خاب شاريها وقد قيل : ( من اشتغل بغير المهم فقد ضيع الأهم ) فالوقت فرصة للإتقان ، فإن عمرك وقتك الذي أنت فيه ، فكيف تتقن وقتك ؟ هذا ما اختصره المتخصصون في التالى : 1- إنجاز الأعمال في أوقاتها المحدودة . 2- احترامنا للمواعيد والتزامنا بها . 3- مراعاتنا للآخرين عبر المداراة والاحترام والتعاون . 4- تكيفنا مع ظروف العمل في الشدة والرخاء . 5- الحفاظ على نسبة جيدة من التواصل مع الأفراد عبر اللقاءات أو الاتصالات . 6- حدّد قدراً من الوقت للقاءات والاتصالات مثل : 3 دقائق لكل مكالمة , وساعة للقاء , وفق الأهمية . 7- عدم التخلى عن الثوابت والمباديء في التعاملات مع الغير ، حتى لا يكون صاحبها فريسة للاهتزاز أو الهزيمة . وعلى أى حال ، حتى نحظي باهتمام الآخرين ، ونوفر لأنفسنا فرصاً جيدة للتفاعل مع المجتمع ، يجب أن نراجع طرقنا في التعامل مع الوقت ، فإتقانه هو السبب الوحيد في تنظيم علاقاتنا مع الآخرين . ثالثاُ : إتقان المعاملات والعلاقات فإذا نجحنا في إتقان الهيئة والشكل ثم إتقان الوقت ، استطعنا بمهارة أن نتقن فن العلاقات والمعاملات بالناس ، الذي يعزز وجودنا في المجتمع ، لذا لا تدع العمل المتواصل يسلب منك أحلى ما في الحياة ، في أن تتذوق ثمرة جهودك ، أو أن تشعر بلذة العمل ، أو أن تستمتع بحياتك الأسرية والزوجية والاجتماعية . ومن صور إتقان المعاملات ، ما اتفق عليها الخبراء بهذا المجال ، فقالوا : 1- انتهز الفرص فأقدار الله لا نصنعها بل هى فرص تأتينا ، فالذنب ليس ذنب الأوقات , بل ذنب الإنسان نفسه . 2- حدّد أولوياتك أولاً ثم التزم بها ما أمكن ، ومن لم لا يعرف أولوياته ولا يلتزم بها ضيع عمره فيما لا فائدة منه . 3- تنظيمك الشخصي ، وهذا يتطلب تغيير عاداتك الشخصية ، مثل التسوق والجلوس مع الأصدقاء ، وقضاء أوقات في النادى ، وهذا يحتاج إلى مراقبة دائمة لحياتنا اليومية . 4- شارك الآخرين وأشركهم في أعمالك ، تستمر في أعمالك , ولا ترتبط بشخصك سلباً أو إيجاباً ، فالمشاركة تدفعك دائما نحو التفاءل والطموح والتجديد . 5- زج بنفسك في الأعمال المشتركة , تقوي صلاتك بالمشاركين ، وتنجز المهام ، وتحقق التفاهم معهم ، وتجعلك تتقن العمل ، وتحصل على نتائج أفضل ، فيد الله مع الجماعة. 2ــ كيف حقق النبي صلى الله عليه وسلم الإتقان ؟ لقد تبين لنا أن حديث الإتقان المشهور قاله النبى صلى الله عليه وسلم في حادثة وفاة سعد بن معاذ في سد ثغرة في المقبرة ، حتى يتحقق في فهم المتقنين أن الإتقان سلوك لا يرتبط بحجم العمل أو شكله أو أهميته ، وحياة النبى صلى الله عليه وسلم كانت كلها تدعو إلى الإتقان وممارسته ، قولاً وفعلاً . - ومن ثم حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم الإتقان للناس منذ الصغر ، فيقول للغلام : [ يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ] - ويحذر من أى انحراف يضر بإتقان الصف المؤمن ، ففي فتح مكة ، كان سواد منحرفاً بجواده عن بقية الجيش ، فؤخزه النبي صلى الله عليه وسلم على بطنه قائلاً : سوى الصف يا سواد . - وفي غزوة أُحد كان الدرس قاسياً حتى نتعلم نحن كيف نتقن العمل وإلا ينهار الهدف ، لقد كان الأمر واضحاً وصريحاً من النبي صلى الله عليه وسلم : [ لا تتركوا أماكنكم ولو رأيتم الطيور تتخطفنا ] . - وبعد دفن سعد بن معاذ في مشهد حضرته الملائكة ، تقول أم سعد : هنيئاً لك الجنة ، فيقول لها النبي صلى الله عليه وسلم : يا أم سعد لا تحتمى على الله الجنة ، فسأله الصحابة : كيف ألا يذهب سعد إل الجنة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم إن القبر ضم سعداً ضمة ، قالوا : ولم يا رسول الله ؟ فقال : لأنه كان في خلقه مع أهله سوء . فالإتقان في كل جوانب الحياة ، وليس في شأن دون آخر ، فما فائدة أن يتقن الإنسان مهنته ، ولا يتقن حاله مع نفسه ، أو يتقن حاله مع الله , ولا يتقن حاله مع الناس ، فالإتقان جملة واحدة لحياة سعيدة بكل جوانبها . - حتى الإتقان في دعوة الآخرين بالتأنى والتمهل وعدم العجلة والتسرع في الحكم عليهم ، فقد وقع سهيل بن عمرو أسيراً في أيدي المسلمين يوم بدر ، وكان خطيباً مفوهاً بليغاً ، فأراد عمر بن الخطاب أن يُقلع أسنانه الأمامية حتى لا يخطب ضد المسلمين ، ويحرض الأعداء على القتال ، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً : دعنى أنزع ثنتي سهيل ، فلا يقوم علينا خطيباً , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ دعها فلعلها أن تسرك يوماً ] وفي فتح مكة أسلم سهيل ، وحسن إسلامه ، ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم , أراد بعض أهل مكة أن يرتدوا عن الإسلام ، فقام سهيل يخطب فيهم ، ويذكرهم بالله ، ويحثهم على الثبات ، والتمسك بالدين ، فسمعوا له وأطاعوا . فأصبح التأنى جزءاً أصيلاً من الإتقان ، نحو تحقيق الهدف ، ففي الحكمة : ( من تأنى نال ما تمنى ) ، يقول على بن أبى طالب : ( لا تطلب سرعة العمل ، واطلب تجويده ، فإن الناس لا يسألون في كم فرغ ، وإنما ينظرون إلى إتقانه وجودته ) . - وأوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن من الإتقان السرعة في الخيرات والعجلة بها ، ففيما رواه أبو داود قول النبى الحبيب صلى الله عليه وسلم : [ التؤدة في كل شيء إلا في عـمل الآخـرة ] . تحقيقا لقوله تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين } آل عمران / 133 . - وكان النبى يوجه أصحابه نحو المعالى ، متطلعين إلى النجاح في هذه الحياة ، بإتقان عملهم والثبات على هذا الخلق ، فقد جاءه الصحابى الجليل حكيم بن حزام وسأله أن يعطيه من الأموال ، فأعطاه ، ثم سأله مرة ثانية فأعطاه ، ثم سأله مرة ثالثة فأعطاه ، ثم قال له معلماً : [ يا حكيم إن هذا المال خضر حلو ( أى إن الإنسان يميل إلى المال كما يميل إلى الفاكهة الحلوة اللذيذة ) فمن أخذه بسخاوة نفس ( بغير سؤال ولا طمع ) بورك له فيه ، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيـه ، وكان كالذي يأكل ولا يشـبع ، والـيد العـليا ( التى تعـطى ) خيـر من الـيد السـفلى ( التى تأخذ ) ] متفق عليه . فأصبحت القناعة معلماً من معالم الإتقان ، في الرضا بما قسم الله ، ولو كان قليلاً ، وعدم التطلع إلى ما في أيدي الناس ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : [ قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنّعه الله بما آتاه ] رواه مسلم هي القناعة لا ترضي بها بدلاً . فيها النعيم وفيها راحة البدن انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها . هل راح منها بغير القطن والكفن - وإذا كان إتقان الشيء هو إحكامه ، فأقرب المعانى العملية في حياة الإنسان التى تحقق الإتقان بمعنى الإحكام ، هو الاعتدال ، ولقد قالها النبى صلى الله عليه وسلم لسلمان الفارسي حينما علم بقوله لأبى الدرداء : [ إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه ] فقال النبى صلى الله عليه وسلم : [ صدق سلمان ] البخارى فالاعتدال في جوانب الحياة ، هى صورة مشرقة من صور الإتقان ، وكان هذا ديدن النبى صلى الله عليه وسلم حينما قال : [ أما والله إنى لأخشاكم لله وأتقاكم له لكنى أصوم وأفطر ، وأصلى وأرقد ، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى ] البخارى . والاعتدال هو التوسط والقصد ، لقوله النبى صلى الله عليه وسلم : [ القصد القصد تبلغوا ] ( اى الزموا التوسط في تأدية أعمالكم يتحقق ما تريدونه على الوجه الأتم ) رواه البخارى فالإتقان في الإنفاق هو الاعتدال دون إسراف أو تقتير ، والإتقان في تناول الطعام والشراب هو الاعتدال ، والاتقان في النفقة هو الاعتدال فلا ينهك جسده ولا يجعل عمله يؤثر على عبادته أو واجباته الحياتية . فالاعتدال من سنة النبى صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يتقن حياته ، يقول معاوية : ( ما رأيت إسرافاً في شيء إلا وإلى جانبه حق مضيع ) . - وطالبنا النبى صلى الله عليه وسلم بالإتقان في الصلاة ، من أجل تحقيق الإتقان كعادة في حياتنا ، بهذا التدريب اليومي في أوقات اليوم المختلفة سواء كان فرضاً أونافلة . فمن الإتقان عدم التهاون في الأوقات ، وعدم الانشغال بالأشكال دون الجوهر والضرورى ، وعدم الدقة في اختيار التوقيت المناسب في إنجاز العمل ، وعدم اكتمال العمل والانشغال بغيره في نفس الوقت ، وعدم ترتيب العمل عند تنفيذه ترتيباً منطقياً منظماً ، وعدم المبادرة في أول الوقت لأداء العمل وتأخيره إلى اللحظة الأخيرة ، أرأيت كيف أن الصلاة تنظم حياة الإنسان في جوانبها كلها ، وليس في جانب دون جانب ؟ . |
![]() |
[2] | |
مشـرف أخبار المدينة المنورة
![]() |
![]() اقتباس:
جزيت خيرا موضوع قيم ورائع جدا ويستحق تقييم ممتاز الف شكر لك |
|
|
||
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
تتقن, عملك, كيف ![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|