عرض مشاركة واحدة
  #1    
قديم 2022-08-06, 04:56 PM
حياتي شموخ حياتي شموخ غير متواجد حالياً

الــمــشــرفــة الــعــامـة

 


معدل تقييم المستوى: 12
حياتي شموخ is on a distinguished road
افتراضي عاشوراء .. بين السنة والبدعة

بسم الله الرحمن الرحيم

عاشوراء .. بين السنة والبدعة


عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ من شهر الله المحرم ؛ فعن ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: "أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِصَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ الْعَاشِرِ مِنْ الْمُحَرَّمِ"(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ).


هذا اليوم العظيم اختلف أهلُ البدعةِ فيه عن أهل السنة، ومن اللازم معرفة ماهية عَاشُورَاءَ عِنْدَ أَهْلِ السُنَةِ، وعَاشُورَاءَ عِنْدَ أَهْلِ البِدْعَةِ:

فَعَاشُورَاءَ عِنْدَ أَهْلِ السُنَة :

هو يوم عظيم من أيام الله -تعالى-؛ أنجى فيه عبده ورسوله وكليمه موسى -عليه السلام- وقومه، وأخزى وأذل وأهلك المجرم الطاغية فرعون وقومه، ولفظ عاشوراء معدولٌ عن عاشرة للمبالغة والتعظيم، وهذا الاسم صار علماً على اليوم العاشر من محرم.



وعَاشُورَاءَ عِنْدَ أَهْلِ السُنَةِ: يوم تتأكد مشروعية صيامه؛ كما قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: "فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ؛ فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-, وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ."



وقد كان رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام هذا اليوم ويأمر بصيامه؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ, يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ"(رواه البخاري)؛ ومعنى يتحرى: أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبةِ فيه, وقال النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ"(رواه مسلم), وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة, والله ذو الفضل العظيم.


ومن أراد الصيام عليه أن يُبيت النية قبل الفجر؛ لأن نية النوافل المعينة لا بد أن تكون من الليل, ليصدق على من صام اليوم كاملاً أنه صام يوم عاشوراء، وليس بعضه وهو قول الجمهور, ويجوز لمن كان عليه قضاء من رمضان أن يصوم عاشوراء بنية النافلة.



ومن فاته صيام يوم عاشوراء ناسياً أو لعذر كالحائض فإنه لا يقضي؛ لأن الأجر متعلق بعاشوراء، وقد فاته، وكل ما عُلق على سبب فإنه يفوت بفوات سببه, لكن إن كان قد نوى فله أجر النية.



والسنة أن يصوم التاسع والعاشر والحادي عشر، وهذا أحسن شيء, الثانية أن يصوم التاسع والعاشر وهذا أفضل من أن يصوم العاشر والحادي عشر، وهي أفضل من إفراد العاشر؛ لما فيها من مخالفة أهل الكتاب، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ"، قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-"(رواه مسلم), وهي الصفة الرابعة, وقال شيخ الإسلام: "صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ, وَلا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ".




عَاشُورَاءَ عِنْدَ أَهْلِ البِدْعَةِ :

يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ, قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: "فَصَارَتْ طَائِفَةٌ جَاهِلَةٌ ظَالِمَةٌ؛ إمَّا مُلْحِدَةٌ مُنَافِقَةٌ، وَإِمَّا ضَالَّةٌ غَاوِيَةٌ، تُظْهِرُ مُوَالَاتَهُ -أي: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، وَمُوَالَاةَ أَهْلِ بَيْتِهِ تَتَّخِذُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ، وَتُظْهِرُ فِيهِ شِعَارَ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ لَطْمِ الْخُدُودِ، وَشَقِّ الْجُيُوبِ، وَالتَّعَزِّي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ, وَاَلَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْمُصِيبَةِ إذَا كَانَتْ جَدِيدَةً إنَّمَا هُوَ الصَّبْرُ وَالِاحْتِسَابُ وَالِاسْتِرْجَاعُ؛ كَمَا قَالَ -تعالى-: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)[البقرة: 155- 157].



وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مِنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ", وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الصَّالِقَةِ -والصَّلَقُ: الصياحُ والوَلْوَلةُ والصوتُ الشديدُ-، وَالْحَالِقَةِ، وَالشَّاقَّةِ", وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا؛ تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ".



وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهَا الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَا مِنْ رَجُلٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ، فَيَذْكُرُ مُصِيبَتَهُ وَإِنْ قَدِمَتْ، فَيُحْدِثُ لَهَا اسْتِرْجَاعًا؛ إلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلَ أَجْرِهِ يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا", وَهَذَا مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ مُصِيبَةَ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَغَيْرِهِ إذَا ذُكِرَتْ بَعْدَ طُولِ الْعَهْدِ، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتَرْجِعَ فِيهَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ لِيُعْطَى مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ الْمُصَابِ يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا.



وَإِذَا كَانَ اللَّهُ -تعالى- قَدْ أَمَرَ بِالصَّبْرِ وَالِاحْتِسَابِ عِنْدَ حَدَثَانِ الْعَهْدِ بِالْمُصِيبَةِ، فَكَيْفَ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ، فَكَانَ مَا زَيَّنَهُ الشَّيْطَانُ لِأَهْلِ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ مِنْ اتِّخَاذِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَأْتَمًا، وَمَا يَصْنَعُونَ فِيهِ مِنْ النَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ، وَإِنْشَادِ قَصَائِدِ الْحُزْنِ، وَرِوَايَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا كَذِبٌ كَثِيرٌ وَالصِّدْقُ لَيْسَ فِيهَا، وَلَيْسَ فِيهَا إلَّا تَجْدِيدُ الْحُزْنِ، وَالتَّعَصُّبُ، وَإِثَارَةُ الشَّحْنَاءِ وَالْحَرْبِ، وَإِلْقَاءُ الْفِتَنِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَالتَّوَسُّلُ بِذَلِكَ إلَى سَبِّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَكَثْرَةُ الْكَذِبِ وَالْفِتَنِ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَعْرِفْ طَوَائِفُ الْإِسْلَامِ أَكْثَرَ كَذِبًا وَفِتَنًا وَمُعَاوَنَةً لِلْكُفَّارِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الضَّالَّةِ الْغَاوِيَةِ، فَإِنَّهُمْ شَرٌّ مِنْ الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ, وَأُولَئِكَ قَالَ فِيهِمْ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ".



وَهَؤُلَاءِ يُعَاوِنُونَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَأُمَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ, كَمَا أَعَانُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ التُّرْكِ وَالتَّتَارِ عَلَى مَا فَعَلُوهُ بِبَغْدَادَ، وَغَيْرِهَا، بِأَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنِ الرِّسَالَةِ وَلَدِ الْعَبَّاسِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْمُؤْمِنِينَ، مِنْ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَخَرَابِ الدِّيَارِ, وَشَرُّ هَؤُلَاءِ وَضَرَرُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، لَا يُحْصِيهِ الرَّجُلُ الْفَصِيحُ فِي الْكَلَامِ" ا.ه.

رد مع اقتباس