شرح العقيدة الطحاوية للشيخ محمد النابلسي(صوتيه)
ومنها المقتطفات التالية
الله عز وجل قُدرته مُتَعَلِّقة بِكُلّ ممكن فلا شيء يُعْجزه لِكمال قدْرته :
لا شيء يُعجزه لكمال قدرته، لأنّ صاحب الجوْهرة قال: قُدْرته مُتَعَلِّقة بِكُلّ ممكن، فما هو الممكن؟ هو كل ما سوى الله؛ فذات الله واجبة الوجود، وما سواه ممكن الوُجود، فقُدْرته مُتَعَلِّقة بِكُلّ ممكن فلا شيء يُعْجِزُه لِكَمال قدْرته.
الله عز وجل على كُلّ شيءٍ قدير :
قال: لا شيء يُعْجِزُهُ لِكمال قدْرته، أشْمَل كلمة في القرآن الكريم على الإطْلاق هي كلمة (شيء) والله عز وجل على كُلّ شيءٍ قدير0قال تعالى:
﴿ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾[ سورة الطلاق:
صِفات الله إذا جاءت بعد كان فهذه الصِّفَات مُترابطة مع المَوْصوف ترابطاً وُجوديًّاً :
انْتَبِه إلى هذه العلاقة؛ إذا جاءَتْ صِفات الله
بعد كان معنى ذلك أنَّ هذه الصِّفَة مُترابطة مع المَوْصوف ترابطاًوُجوديًّاً! قال تعالى: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
﴾ أي منذ أن كان الله تعالى كان عليماً، وكان حكيماً
0
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ﴾
كُلٌّ نفْي يأتي في كتاب الله أو سنة نبيه فهو لِكَمال الضدّ:
فقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾[سورة الكهف: 49]أي لِكَمال عَدْله،
وقوله تعالى: ﴿ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾[سورة يونس: 61]أي لِكَمال علمه0
نفي العجز عن الله عز وجل لإثبات كمال قدرته :
الفقْرة الثانِيَة: قوله ولا شيء يُعْجِزُه، فَنَفْيُ العَجْز من أجْل اثبات كمال القدْرة، ما هو ضدّ العَجْز؟ القُدْرة المُطْلقة،لاحظوا أنَّ هذا الكتاب(العقيدة الطحاوية) الذي ندْرسه مع القرآن، وسنَفْهَم القرآنَ فَهْماً عقائِدياً، وهو فَهْم أساسه وُجوب أن تنْبَعَ عَقيدَتنا من كتاب الله وسنَّة رسول الله، لذلك لا يُمْكن أن نقع في الشَّطَط، ولا في الخلل، ولا في المبالغة. مهم جداً//التَّعْبير عن ذات الله بِألْفاظٍ شرعيَّة نبوِيَّة إلهيَّة هو سبيل أهل السنّة والجماعة :
التَّفَكّر في ذات الله عز وجل أحدُ أسْباب هَلاك الإنسان :
((تَفَكَّروا في مخلوقات الله، ولا تفكَّروا في ذاته فَتَهْلكوا))[ذكره ابن كثير في تفسيره]
مرَّةً ثانية وثالثة ورابعة هذا العقْل البشري جهاز اسْتِدلال له مجال مُحدَّد، فَحيثما أعْمَلْتَهُ في مجاله المُحَدَّد أعْطاك نتائِج رائِعة، وما أرْوَعَها!! أما إنْ أعْملته في مجال آخر حَطَّمْتَهُ0
فإذا فَكَّرْت في الكون عَرَفْتَ الله عز وجل، أما إذا تَوَجَّهْت إلى ذات الله عز وجل وقلت: كيف يعْلم؟ ما طبيعة قدرته؟ كيف كان ولم يكن معه شيء؟ إذا خُضْتَ في هذا المجال أحْرَقْتَ هذا العَقْل ولم يُعْطِكَ أيَّة نتيجة، أحدُ أسْباب الهَلاك التَّفَكّر في ذات الله عز وجل.
أمْرُ الله وإخبارُه يجب أن يكون حَكَماً على عَقْل الإنسان :النُّقطة الثانِيَة: كُلّ حقيقةٍ يعْجز عقْلك عن إدْراكِها أخْبرك الله بها رَحْمَةً بك، فالآن إذا أخبرك الله عن شيء يعْجز عقْلك عن إدْراكه وتَرَدَّدْتَ في قَبول هذا الشيء يجب أن تُعيد إيمانك بالله تعالى، أمّا إذا جعلْت عقْلك حَكَماً على إخبار الله فقد كَذَّبْت الله جلَّ جلاله، ينبغي أن يكون أمْرُ الله وإخبارُه لك حَكَماً على عَقْلك0
على الإنسانألا يسْمح لِنَفْسه أن يُناقِش قَضِيَّة إخباريَّة مع أعداء الدِّين :أيّةُ قضِيّة تُعْرض عليّ فهذه إنْ كانت مِن المعقولات أُفَكِّر بها، وإنْ كانت مِن الإخباريات أُسَلِّم بها، كعالم الجن،والملائكة، والبرزخ، والصِّراط،والجنَّة،والنار، أمّا ذات الله فهذه الموضوعات لا يجوز أن تدخل في إطار البحث العَقْلي، والعقل ينتقل من الأثر إلى المؤثر، ومن الكون إلى المُكَوِّن، ومن النِّظام إلى المُنَظِّم، ومن الخلق إلى الخالق، وهذا هو كلّ ما في الأمر.
فأنت كَدَاعِيَة لا ينبغي أن تُسْتَجَرّ إلى مناقشة قَضِيَّة إخْبارِيَّة؛ لأنَّ أعداء الدِّين أين يكْمُن خُبْثهم؟ يقول أحدهم: أخي أثبتْ لي أنَّهُ يوجد جنّ؛ وهم القادِيانِيَّة وأمثالهم، وفِعْلاً لا دليل عقلي على إثبات الجنّ، وإنَّما الدليل إخباري، ونحن عندما آمنَّا بالله خالقاً، ومُسَيِّراً، وموجوداً، وواحداً، وكاملاً، وآمنَّا بِكلامه ونَبِيِّه، فالقرآن هو الذي أخبرنا بذلك، فأنت لا تسْمح لِنَفْسك أن تُناقِش قَضِيَّة إخباريَّة مع أعداء الدِّين، لأنَّهُ لا يوجد دليل عقْلي، ولا مادِّي، إنما الدليل إخْباري، فهذه النقْطة مُهِمَّة جداً جداً في علاقتك مع الآخرين، فحينما تنْقل قَضِيَّة إخباريّة نقليَّة سَمْعِيَّة إلى مجال عَقْلاني تُخْفِق، فالإنسان حينما تُسَوِّلُ له نفْسه أن يجعل عقله حَكَماً على قَضِيَّة إخبارِيَّة فقد وقع في خطأ كبير، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ*أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ*وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ *تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ *فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴾[سورة الفيل: 1-5]
بِرَبِّكم، أنتم جميعاً، هل رأى أحدٌ منكم ما فعله الله بأصحاب الفيل ؟ لا أحد رأى ذلك، فكيف يقول الله عز وجل: ألم ترَ ؟ ألم تُصَدِّق؟ أمَعْقولة هذه! قال علماء التَّفْسير: إخْبار الله بِمِصْداقِيَّتِه كأنَّك تراها، إلهٌ يُخْبِرُك
.
عدم استطاعة الإنسان أن يثبت عدالة الله بِعَقْلِه إلا أن يكون له عِلْمٌ كَعِلْم الله :
فالله أخْبرك أنَّهُ لا يظْلمُ أحداً، أما أن تُثبت العدالة بِعَقْلك، فإنّ عقْلك لا يسْتطيع، فالإنسان يرى زلازل، وفيضاناتٍ، وشُعوباً مَقْهورة، وأمراضاً وبيلة ؛ لو كُشَفَ الغِطاء لاخْتَرْتم الواقع، يقول الإمام عليّ كَرَّم الله وجْهه: "والله لو كُشِفَ الغِطاء ما ازْدَدْتُ يقيناً"، فاليقين قبل كَشْف الغِطاء بعدالة الله كيَقينه بعد كشْف الغِطاء.
العَجْزُ عن إدراك الإدراك إدْراك :
فَسُؤال مُتَعَلِّق بذات الله عز وجل ؛ جوابه: لا أدري، وعَيْنُ العلم بالله عين الجهْل به، وعيْنُ الجهْل بالله عَيْنُ العِلْم به، فلو سُئِلْتَ عن حجم البحْر المتوسِّط،اوعن عدد نجوم السماء وقلت: لا أدري، فأنت عالم، أما إن أجبْتَ بِعَدد فأنت جاهِل، العَجْزُ عن إدراك الإدراك إدْراك، أكْثِر من كلمة لا أدري، فلذلك الإمام مالك لما جاءهُ وَفْدٌ من الأندلس، ولديهم ثلاثين سؤالاً، فأجاب عن سبْعة عشر، وأما الباقي فقال: لا أدري، فقالوا: الإمام مالك لا يدْري! فقال: قولوا: الإمام مالك لا يدري، فهذا أمر لا يُقَلِّل من قدْرك بل يرْفعه، فكلمة "لا أدري" كأنَّك تدْري.
على الإنسان أن يدرس العقيدة من الكتاب و السنة :
الأكمل أن ندْرس العقيدة من الكتاب والسنَّة، لأنَّ عِلْم الكلام ليس عربياً، ولا إسلامياً، ولأنَّه هَجين، لا يفْتقر إلى عِلْم آخر، وهو مُعَقَّد جداً، والدِّين بالأساس بسيط، وعملِيَّة تعْقيد الدِّين هي عَمَلِيَّة ليْسَتْ مشْروعة، والدِّين آيةٌ واضِحَة كالشِّمْس، وحديثٌ واضِحٌ كالشِّمْس، قال عليه الصلاة والسلام:
((تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَاد))
من خرج عن منهج الله عز وجل وقع في الظلم و العدوان و البغي :
هناك نقطة دقيقة، وهي قوله تعالى: ﴿ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
﴾[سورة الأحقاف: 21]
هل تعتقِدون أنَّ العباد لأنَّهم لم يعْبدوا الله تعالى أذاقهم عذاب يومٍ عظيم؟ ألم يقل النبي فيما يرويه عن ربِّه:
(( يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا... يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ ))
[مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ ]
فلماذا هذا العذاب العظيم لمَن لم يعْبد الله ؟ سؤال مهمّ، الجواب هناك منهج واحد فيه الإنصاف، والإحكام، والعدالة، وهو منهج الله، فإذا خرجْتَ عنه من العدْل إلى الظلم، ومن الرَّحمة إلى الجَوْر، ومن المصْلحة إلى المفْسدة، إذاً فلا بدّ أن تقع في الظُّلم، والعُدْوان، والبغْي، والتجاوز، والعُدْوان يسْتحقّ العذاب، وهذا يُقابله قوله تعالى: ﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ
﴾[سورة الزمر: 66]
ما علاقة الشكْر بالعبادة، لأنَّك إن عبَدْت الله عز وجل أكْرَمَك الله بِنِعَمٍ لا تُعَدُّ ولا تُحْصى، فما عليك إلا أن تشْكر.
عَدَم الإيمان بالله يحمل الإنسان على الظلم و الجور :
من لم يؤْمن بالله العظيم، أصْبح مُجْرماً، وظالماً، وباغِياً، فعَدَم الإيمان بالله لابدّ أن يحْملك على هذا، والعالم أمامكم، فإذا كان مِن الممكن أن يسْعد الإنسان من دون الدِّين فهذا الدِّين باطل! لن تعْدِل، ولن تُنْصف، ولن ترْحم، من دون دين الله، فالشريعة رحْمة ومصْلحة، وأيَّةُ قَضِيَّة خرجَتْ من العدْل إلى الجَوْر، ومن المصْلحة إلى المَفْسَدة، ومن الرحْمة إلى القَسْوة، فهي ليْسَت من الشريعة الإسلاميَّة ولو أُدْخِلَت عليها بألف تأويل وتأويل0
================================================== ==
موضوع التوحيد أهمّ موضوعٍ على الإطلاق في العقيدة :
أنَّ العقيدة الطحاوِيَّة تُفَرِّق بين مُصْطَلَحَيْن؛ مُصْطلح توحيد الربوبِيَّة، ومصْطلح توحيد الألوهِيَّة، فتَوْحيد الربوبِيَّة بِشَكْلٍ مُختصر يُفيد أنَّ لهذا الكون خالقاً واحِداً، وهذا التوحيد يتوافق مع الفطْرة، وليس موْضِع نِزاعٍ عند عامَّة الناس ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ
﴾[ سورة الزخرف : 87 ]
الإنسان بِدَافِع فِطْرته يُقبل على ما ينْفعه ويبتعد عما يُؤْذيه :
التَّفْهيم لا التَّلْقين والإقناع لا القَمْع من مبادئ الدعوة إلى الله :
فالمهم ليس حمْل النفْس على طاعة الله، إنما في إقْناعِها بِمَدى الفائِدَة من طاعة الله، فإذا اقْتَنَعت أصْبح التَّطْبيق سَهْلاً،------------اما من يعْرف أنَّ هذا حرام، وهذا حلال، وأنَّ خالق الكون أمر بِهذا ونهى عن هذا، ثم هو لا يُطيع، فهذه الحالة تُفَسَّر بِضَعْف الإرادة! لذلك بِبَساطة بالغة: بالعِلْم تُقَوِّي الإرادة0
الإنسان ليس مفْطوراً على معرفة ما ينفعه ولكنه مَفْطور على حبِّ ما ينْفعه
مِن هنا كان التَّعْليم لا بدّ منه ،،،الله تعالى كما يقول بعض العلماء: ما أمرنا بالدعاء إلا لِيَسْتجيب لنا، وما أمَرَنا بالاسْتغفار إلا لِيَغْفِرَ لنا، وما أمرنا بالتوبة إلا لِيَتوب علينا، وقِياساً على هذه الحقائق فما أوْدع فينا قوَّة التعَلّم إلا من أجل أن نتعلَّم0
توحيد الألوهية و توحيد الربوبية قال تعالى:
﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
﴾[ سورة هود:
يقول علماء التوحيد: لا إله إلا الله، تعني لا مَعبود بِحَقٍّ إلا الله ؛ فمن هو الذي ينبغي أن تعبده؟ أوَّلاً: هو الخالق، وثانياً: هو الربّ، وثالثاً: هو المُمِدّ، ورابعاً: الذي يُحْيي ويُميتُ ويرْزق ويرفع ويخْفض ويعطي ويمنع، فهذا الذي بيَدِهِ كُلّ شيء هو الذي ينبغي أن تعْبده.
الله عز وجل ما أمر الإنسان أن يعبده إلا بعد أن طمأنه :توحيد الألوهِيَّة يختلف عن توحيد الربوبيَّة، ولو ذَهَبْت إلى بلاد الغرْب لرأيْتَ أنَّ هناك عقيدَةً هي سبب هلاكِهم؛ هم يعْتَقِدون أنَّ الله جلّ جلاله خلاقٌ وليس فعالٌ، كأنَّ المعنى خلق الله الخلْق وقال: انْتهتْ مُهِمَّتي، وبَقِي أنّ لكم أنْ تفعلوا ما تشاؤون، وهو ما يُعَبَّر بِألوهِيَّة الإنسان، لكنَّنا كَمُؤمنين عقيدتنا الإسلامِيَّة النابعة من كتاب الله عز وجل وسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم تُؤكِّد أنّ الله خلاّق، وفعال، وأقرب آيةٍ لهذه الفكرة قوله تعالى :﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
﴾[ سورة الأعراف: 54 ]
ما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمْأنك قال تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ
﴾[ سورة الزخرف: 84 ]
وقال تعالى :
﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا
﴾[ سورة الكهف: 26 ]
وقال تعالى: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
﴾[ سورة الأنفال: 17 ]
هذه الآيات ومثيلاتها تؤكِّد أنَّ الله تعالى إلهٌ واحِد، وهو ربّ واحد، فهو المُسَيِّر.
الشرك نوعان؛ شرك خفي و شرك جلي :