[align=center]
إن الدينَ الإسلاميَّ يمتازُ عن الأديان الأخرى بالتيسير في جميع الأمور ، فهو دين السماحة واليُسر والسهولة ، وقد جاء في الأثر عن نبي التيسير والسماحة أنه قال ( إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ ) انفرد به أحمد وقال الحافظ ابن حجر سنده صحيح ، وقال عليه الصلاة والسلام ( إن الدين عند الله الحنيفية السمحة ) ، واليُسرُ عملٌ فيه لينٌ وسهولةٌ وانقياد ، أو هو رفع المشقة والحرَج عن المكلَّف بأمرٍ من الأمورِ لا يُجهِدُ النفسَ ولا يُثقلُ الجسمَ ، فمن يَسَّر أمورَ الناس يسر الله أموره ، وقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على التيسير فقَالَ ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ( أخرجه مسلم والترمذي ، وفي رواية أخرى لمسلم قال ( من سره أن يُنجيه الله من كُرَب يوم القيامة فليُنفِّس عن مُعسِرٍ أو يَضعُ عنه ) ، والتيسيرُ هنا هو تأجيلُ موعدِ الاقتضاء أو تركُ جزءً من الدَّيْن على سبيل التصدق والتبرع ، فالتيسير على المعسرين وتفريجُ كُرَب المكروبين من أعظم الأعمالِ مثوبةً وأكثرَها عند الله أجراً ، وعند الناس حمداً وشكراً ، وقد جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي قَالَ : زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى ، قَالَ : زِدْنِي قَالَ : وَغَفَرَ ذَنْبَكَ ، قَالَ زِدْنِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، قَالَ وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ ، رواه الترمذي وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وقال الحافظ ابن حجر : حديث حسن ، فما أجمل هذه الدعوة المباركة الصادرة من النبي صلى الله عليه وسلم ، وكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو ويَقُولُ ( رَبِّ أَعِنِّي ولا تُعِنْ عَلَيَّ ، وَانْصُرْنِي ولا تَنْصُرْ عَلَيَّ ، وَامْكُرْ لِي ولا تَمْكُرْ عَلَيَّ ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ الْهُدَى لِي ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا ، لَكَ ذَكَّارًا ، لَكَ رَهَّابًا ، لَكَ مِطْوَاعًا ، لَكَ مُخْبِتًا ، إِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي وَاغْسِلْ حَوْبَتِي وَأَجِبْ دَعْوَتِي وَثَبِّتْ حُجَّتِي وَسَدِّدْ لِسَانِي وَاهْدِ قَلْبِي وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي ) أخرجه الترمذي وأبو داود ، وحين تحدث القرآن عن اليُسْرِ والتيسير أشعرَنا بأنه نعمةٌ منه ، وفضيلةٌ للأخيار من عباده فقال في سورة القمر ( ولقد يسرنا القرآنَ للذكر فهل من مدكر ) ، وقال ( فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون ) ، وقال ( ثم السبيل يسره ) ، ونجد القرآن يجمع في الذِّكرِ بين اليُسر والعسر فيُطمعُنا في اليسر يعد العسر ، ويجعلنا نتطلع إلى هذا اليُسر كأنه أملٌ نرتجيه من القوي القادر فيمن به علينا وهو الرءوف الرحيم ، فيقول في سورة البقرة ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) ، وفي سورة الطلاق ( سيجعل الله بعد عسرٍ يسراً ) ، وفي سورة الشرح ( إن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً )
[/align]