عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-07-04, 02:43 AM   [5]
الأستاذ أبو يوسف
الـمـشــرف العــــام
 

الأستاذ أبو يوسف will become famous soon enough
Oo5o.com (19) مسلسل الفاروق عمر.. جدالٌ شرعيٌّ إعلاميٌّ

شعبان 1433-2012-07-0301:21 AM

مسلسل الفاروق عمر.. جدالٌ شرعيٌّ إعلاميٌّ


د. تركي الظفيري






فيلم "jesus" يقدِّم صورة عن نبي الله عيسى - عليه السلام - طبقاً لما جاء في الإنجيل، وقد تُرجم الفيلم إلى 830 لغة حتى عام 2005، كما ذكر "بول الشمان" مدير المشروع، الذي يقول: إن هدفنا الآن هو ترجمة "jesus" إلى كل لغة يتحدث بها أكثر من مئة ألف شخص "نحو 1200 لغة".

قام بتمثيل شخصية المسيح - عليه السلام - في هذا الفيلم الممثل البريطاني "بريان ديكون"، وقد كان متخوفاً من أن تمثيله لهذا الدور سيؤثر في حياته سلباً؛ حيث نصحه وكيل أعماله بأن الأشخاص الذين يمثلون مثل هذا الدور يصعب عليهم الحصول على عمل في المستقبل؛ لأن الناس يظنون أنه ليس بإمكانه تمثيل دور رومانسي أو رجل مجرم أو آثم. إن الممثل "ديكون" يخشى من أثر الصورة النمطية، التي تجعل من هيئته وشخصيته كهيئة المسيح – عليه السلام - عند المشاهدين؛ لذا فإن منتجي الأفلام لا يحرصون عليه؛ لأنه أطَّر نفسه بشخصية عظيمة مثَّل دورها؛ فلن يتقبل المشاهد تلك الشخصية تفعل سلوكاً خاطئاً.

إن الدراما التلفزيونية أثرها عميق في نفوس المشاهدين، وهذا الأثر قد يكون سلباً أو إيجاباً؛ فمن يدمن مشاهدة أفلام الرعب أو الإباحية سيؤثر ذلك في حياته وشخصيته؛ فكم فرَّقت هذه الدراما من أُسَر؟! وكم سبَّبت من دمار لحياة إنسان؟!.. وفي المقابل من يشاهد الدراما التاريخية مثلاً سيضيف إلى معارفه معلومات تاريخية جديدة، شريطة أن يكون السيناريو موضوعياً وصحيحاً من الناحية العلمية، ومن يشاهد الدراما التي تنمي تفكير الطفل وتربيته سيرى أثرها في أولاده؛ فالدراما التلفزيونية سلاح ذو حدَّيْن، والسيف بضاربه.

رأى كثيرٌ منا الإعلان عن مسلسل الفاروق عمر، الذي يهدف إلى إبراز حياة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقرأنا ما صاحبه من جدال شرعي، ولاسيما وجود عدد من العلماء والمشايخ في لجنة مراجعة النص. وفي هذه المقالة لن أناقش المسألة من الناحية الفقهية بل أتركها للمتخصصين من العلماء، ولكن أود أن أستحث المتخصصين على التفكير بجدية في هذا الأمر.

إن أثر الدراما في المشاهد لا يختلف فيه اثنان، ووجود دراما تاريخية دينية أثبتت جدواها ورغبة المشاهدين في رؤيتها؛ ففيلم "الرسالة" الذي أنتجه المخرج السوري مصطفى العقاد، ويتحدث عن سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلغت تكلفة إنتاجه للنسختين العربية والأجنبية نحو 10 ملايين دولار أمريكي، وحققت النسخة الأجنبية وحدها أرباحاً تُقدَّر بأكثر من 10 أضعاف هذا المبلغ. وأنا هنا لا أتحدث عن الموضوع من الناحية الشرعية بل من حيث رغبة المشاهدين في مثل هذا النوع من الأفلام.

وتاريخنا الإسلامي يزخر بشخصيات وأحداث غيَّرت العالم، وعندنا مكتبات ضخمة، تحوي توثيقاً دقيقاً لهذا التاريخ، الذي يستحق نشره بكل الوسائل المؤثرة، ومع هذا لم يأخذ الموضوع حجمه من الدراسة والتأمل؛ فالذي نشاهده اجتهادات شخصية، ومثل هذا الموضوع يجب أن يُجمع له نخبة من العلماء والإعلاميين لدراسة المصالح والمفاسد والآثار المترتبة عليه، والخروج بحلول مؤثرة.

وإن عدنا إلى مسلسل عمر فلا يختلف مسلم على أهمية إبراز دور عمر - رضي الله عنه - في كل الوسائل الممكنة، لكن الاختلاف في تجسيد شخصيته، ومن سيقوم بتمثيل دوره، فهل يُقبل أن يجسِّد شخصية الفاروق ممثلٌ ظَهَرَ في مسلسلات أخرى عاشقاً راقصاً؟! وهل يرضى كل واحد منا أن يقوم هذا الممثل بتمثيل دور والده، أو تلك الممثلة التي ظهرت بلباس البحر مساء أن تمثل دور أمه صباحاً؟! لا شك أن المسألة شائكة، وتحتاج إلى متخصصين من الشرعيين والإعلاميين، وفتح هذا الملف وتأمله ودراسته جيداً.

وأختم بهذا السؤال: قدمت شركة إنتاج أمريكية نصاً لفيلم عن حياة النبي - عليه الصلاة والسلام - لعدد من العلماء لمراجعته وتصحيح المعلومات الخاطئة من وجهة نظر المسلمين، فهل الأصلح مراجعتها أم الأصلح إقفال الباب وإخراج الفيلم بعلاته؟!
لمثل هذا السؤال يُجمع أهل بدر.


التوقيع:
الأستاذ أبو يوسف غير متواجد حالياً    رد مع اقتباس