لا زلت في إحتفالي ....
مسكت كتابا آخر عن الشمائل المحمدية وبدأت أقرأ ...فاليوم هو الثاني عشر من ربيع- إن جزم
عقلي بأنه اليوم المحدد-ولكن أيعقل أنني فقط سأقرأ الكتب والسير في هذا اليوم فقط؟!..هل حبي
وكثرة ذكري للنبي صلى الله عليه وسلم فقط في هذا اليوم ؟!..ألست أحبه وأذكره كل يوم ,
أقلها في الصلوات الخمس أصلي عليه وأطلب له الوسيلة والفضيلة وأمشي على هديه كل يوم..
فما المعنى من تخصيص هذا اليوم ؟!..
لا أدري أيضا لماذا لاح بخاطري الآن حديث : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ) .رواه البخاري.
نعم تذكرت ..الذي أعلمه أن جميع العبادات توقيفيه ..وأنه صلى الله عليه وسلم أكمل الدين فمن ابتدع فيه ولو بنية
حسنة وحتى لوبدى العمل حسنا فهو مردود على صاحبه , دائما أسمعهم يرددون حديث : ( أما بعد فإن أصدق
الحديث كتاب الله ، وإن أفضل الهدي هدي محمد ،وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ،
وكل ضلالة في النار) . صحيح الجامع.
لا أعلم لماذا أخذت أردد ( وشر الأمور محدثاتها) ..
وسؤال عابر آخر من عقلي : إن كانت هذه الإحتفالات قربة وعبادة فمن شرعها لنا ؟..
حسنا ..
يبدو أنه ليس هناك شيء اسمه بدعة حسنة في الدين فالبدعة ضلالة ولو كان هناك بدعة حسنة لاستثنيت في الحديث.
ولكن هناك مايسمى بالمصالح المرسلة : جمع مصلحة، وهي ما جلبت خيرا أو دفعت ضيرا ولم يوجد
في الشريعة ما يدل على ثبوتها أو نفيها، وهذا معنى "مرسلة " أي لم تقيد في الشريعة باعتبار أو إلغاء ,
فلنعتبر الإحتفال بالمولد النبوي من هذه المصالح المرسلة ....
فقد جمع القرآن في عهد أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما ولم يكن هذا الأمر موجودا ..نعم ولكن هذه
مصلحة مرسلة ضرورية لحفظ القرآن من الزيادة والنقصان .
وكذلك زيادة عثمان رضي الله عنه الأذان الأول لصلاة الجمعة من المصالح المرسلة الحاجية التي يحتاجها الناس .
فالمصالح المرسلة لا تراد ولا تقصد لذاتها، وإنما تراد وسيلة لحفظ واجب أو أدائه،أو درء مفسدة، أو تجنبها
( عقلي يقول لي : تذكري المتراقصون على أنغام المعازف وتذكري الغلو والإطراء المنهي عنه ...)
تنح عني الآن ياعقلي ودعني أكمل إحتفالي ...
ها أنا قاربت من قراءة نهاية كتاب السيرة الذي بين يدي ...
إنها اللحظات الأخيرة في حياته صلى الله عليه وسلم ,,إنها الساعة التي أظلم فيها كل شيء ...ساعة وفاته صلى الله
عليه وسلم , إنها الداهية العظمى والمصيبة الكبرى التي قال لنا صلى الله عليه وسلم : (إذا أصاب أحدكم مصيبة ،
فليذكرمصيبته بي ، فإنها من أعظم المصائب) . صحيح الجامع .
لقد فاضت روحه الشريفة صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى في الثاني عشر من ربيع الأول في السنة الحادية
عشرة للهجرة , كما أجمع معظم كتاب السير والتاريخ...
إنه يوم الخسران الأكبر ..
يا إلهي !!..
كيف لي أن أحتفل به في ذات اليوم الذي أجمعوا على وفاته صلى الله عليه وسلم فيه ؟!!...
كيف لعقل أن يجمع بين فرح وسرور وحزن وألم في نفس الوقت ؟!..
ياإلهي وكأننا نحتفل بموته صلى الله عليه وسلم ...
أعوذ بالله ...
إلى هنا وسأقف .. لن أحتفل بالمولد بعد اليوم .
إن إحتفالي الحقيقي هو أن أسير على خطاه صلى الله عليه وسلم وأحيي سنته وأدافع عنها,
وأن أحبه واحب آل بيته الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين ,
وأسأله تعالى أن يجمعني بهم واياكم في الجنة ...قولوا آمييييييين