لا تنتظر شكرا من احد
خلق الله العباد ليذكروه ورزق الله الخليقة ليشكروه ،
فعبد الكثير غيره ، وشكر الغالب سواه ، لأن طبيعة الجحود
والنكران والجفاءوكفران النعم غالبة على النفوس ، فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا جميلك ، وأحرقوا
إحسانك ، ونسوا معروفك ، بل ربما ناصبوك العداء ، ورموك بمنجنيق الحقدالدفين ، لا لشيء إلا لأنك أحسنت
إليهم ، وطالع سجل العالم المشهود ، فإذافي فصوله قصة أب ربى ابنه وغذاه وكساه وأطعمه وسقاه ، وأدبه ،
وعلمه، سهرلينام ، وجاع ليشبع ، وتعب ليرتاح ، فلما ظهرشارب هذا الابن وقوي ساعده ، أصبحلوالده كال***
العقور ، استخفافا ، ازدراء ، مقتا ، عقوقا صارخا ، عذاباوبيلأ.
ألا فليهدأ الذين احترقت أوراق جميلهم عند منكوسي الفطر ، ومحطميالإرادات ، وليهنأوا بعوض المثوبة عند
من لا تنفذ خزائنه.
إن هذاالخطاب الحار لا يدعوك لترك الجميل ، وعدم الإحسان للغير ، وإنما يوطنك على انتظارالجحود ، والتنكر
لهذا الجميل والإحسان ، فلا تبتئس بما كانوا يصنعون.
اعمل الخير لوجه الله ، لأنك الفائز على كل حال ، ثم لا يضر غمط من غمطه ،ولا جحود من جحده ، واحمد الله
لأنك المحسن ، وهو المسيء واليد العليا خيرمن اليد السفلى ،وقد ذهل كثير من العقلاء من جبلة الجحود عند
الغوغاء ،وكأنهم ما سمعوا الوحي الجليل وهو ينعي على الصنف عتؤه وتمرده ، لا تفاجأ إذا أهديتبليدا قلما
فكتب به هجاءك ، أو منحت جافيا عصا يتوكأ عليها ويهش بها علىغنمه ، فشج بها رأسك ، هذا هو الأصل عند
هذه البشرية المحنطة في كفن الجحودمع باريها جل في علاه ، فكيف بها معي ومعك