عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-10-10, 10:16 PM   [3]
جراح الأمة
عضو جديد
 

جراح الأمة is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
اقتباس:
لا حول ولا قوة الا بالله
اللهم انصر اخواننا المسلمين في فلسطين
اللهم آمين أخي أبو سعود وبارك الله فيك

حملة نصرة المسجد الأقصي



صور ومشاهد من داخل المسجد الأقصي.


مدينة القدس الشريف



مدينة القدس هي زهرة المدائن.. مدينة الرسالات والأنبياء حملت على كاهلها تاريخًا طويلاً يضرب بجذوره عبر العصور والقرون الممتدة.. وفي هذه الأيام تبرز حاجتنا الماسة – نحن العرب والمسلمين- لقراءة صحيحة لتاريخ القدس، كي نتعامل مع ملف هذه القضية، وذلك في وقت نشهد فيه قيام الحركة الصهيونية بهجمة قوية لتعميم قراءة خاطئة لتاريخ القدس على العالم أجمع، وبلغت هذه الهجمة أوجها في الاحتفال الذي أقامته الحكومة الإسرائيلية بمناسبة "مضي ثلاثة آلاف سنة على دخول الملك داود القدس" والهدف الصهيوني هو استكمال تهويد المدينة بعد احتلالها واغتصابها، وتعميم الزعم الإسرائيلي بأنها عاصمة أبدية لإسرائيل التي لها السيادة على المدينة، وحصر قضية القدس في كونها خلافًا بين مسلمين ومسيحيين حول أماكنهم المقدسة فيها، وكيف تتم إدارتها.

تسمية المدينة في التاريخ


مرت مدينة القدس بعدة عصور اختلفت خلالها تسميتها، فقد وردت في سجلات الفراعنة تحت اسم "يبوس" ، وهي "أورو سالم" كما كان اسمها عند الكنعانيين وهي "أورشاليم" كما سماها العبرانيون، وهي "بروساليم" عند اليونانيين، وهي "هيروسلما" أو "سموليموس" أو "إيليا" عند الرومان، وهي "القرية" أو "بيت المقدس" أو "بيت المقدس" أو "القدس" كما سماها العرب المسلمون(1).

ومدينة القدس مدينة قديمة يرجع تاريخها لأكثر من ثلاثين قرنًا قبل الميلاد، وتذكر المصادر التاريخية أنها كانت في ابتداء الزمان صحراء خالية من أودية وجبال، وكان أول من اختطها سام بن نوح عليه السلام، حيث يذكره البعض باسم "ملكي صادق" ومعناها بالعبرية "ملك الصدق" إلا أن "ملكي صادق" متأخر في الزمن عن الجيل الأول الذي عاش في هذه البقعة المباركة، في أول الأمر، وكان ذلك قبل أن يفكر "ملكي صادق" في تخطيط مدينته على أي شكل من الأشكال.

إذ إن أول من أقام بها هي بطن من بطون العرب الأوائل التي عاشت في فجر التاريخ في الجزيرة العربية(2).

ويذكر المؤخرون أنهم كانوا يسمون "اليبوسيين" تسمية أطلقها عليهم الفراعنة، كما يظهر في آثارهم. ولقد رحل هؤلاء اليبوسيون إلى أرض مدينة القدس، حوالي 3000 سنة قبل الميلاد، واستوطنوا بها، وارتبطوا بترابها حتى أنهم كانوا بعد ذلك أصحابها الشرعيين، وصدوا عنها غارات المصريين، كما صدوا عنها أيضا قبائل العبرانيين التائهة في صحراء سيناء. وكما نجحوا في صد الغزاة عنها أزمانًا طوالاً، نجحوا أيضًا في بناء مدينتهم وعمارتها؛ إذ كانوا متحدين فلما تفرقت كلمتهم اشتد طمع العبرانيين فيهم، مما اضطرهم إلى التحالف مع المصريين، وطلبوا عون "تحتمس الأول" عام 1550 ق.م فلبى رغبتهم وساعدهم في صد غارات القبائل العبرانية وأدت بهم هذه الاستعانة إلى نوع من الخضوع لسلسلة من فراعنة مصر: تحتمس الثالث 1479ق.م، أمنحتب الثالث 1413ق.م، إخناتون 1375ق.م، وتوت عنخ آمون 1351 ق.م، سيتي الأول 1314 ق.م، ورمسيس الثاني 1292ق.م.. وجدير بالذكر أن هذه الاستعانة أو هذا الخضوع لم يفقدهم كيانهم كشعب واحد متماسك يمارس حياة قومية خاصة، ويحتفظ بحقه في حكم نفسه، إذ كان المصريون يكتفون بتحصيل الضرائب من أهلها(3).

غربة اليهود عن القدسولما كان العبرانيون يبحثون لهم عن مستقر يقيهم تيه الصحراء فقد استمروا في محاولتهم دخول "يبوس" حتى استطاعوا ذلك بعد جهد شديد، في عهد داود عليه السلام حوالي 1049 ق.م.

وتؤكد لنا التوراة غربة اليهود عن القدس.. ففي سفر القضاة 19 ، 11 ، 13 نجد قصة رجل غريب وفد مع جماعة له إلى مشارف يبوس.. وفيما هم عند يبوس والنهار قد انحدر جدًّا قال الغلام لسيده: تعالَ نميل إلى مدينة اليبوسيين هذه ونبيت فيها، فقال سيده: لا نميل إلى مدينة غريبة حيث لا أحد من بني إسرائيل هنا.. إذن فقد دخل اليهود يبوس في عصر جد متأخر على يد داود عليه السلام واضطر أهل البلاد الأصليون إلى التعايش مع الغزاة مرغمين.

يؤكد التاريخ أنه حتى في الفترة التي كان لبني إسرائيل فيها كيان ونفوذ في يبوس، وفي عصرهم الذهبي من داود إلى سليمان عليهما السلام، كان ملك إسرائيل آنذاك بمثابة والٍ على فلسطين تحت السيطرة المصرية(4).

الكيان السياسي لليهود

ومما سبق يتضح لنا أن داود وسليمان عليهما السلام لم يكونا مؤسسي مدينة القدس وإنما أتيا إليها بعد ألفي سنة من وجودها، وكانت عمارتهما لها بعد ذلك كما يقول المؤرخون بمثابة "تجديد البناء القديم".

وبعد موت سليمان عليه السلام حوالي 975 ق.م انقسمت المملكة اليهودية إلى شطرين: إسرائيل في الشمال وعاصمتها نابلس ودامت نحو 250 عامًا وانتهت عام 71 ق.م، وقضى عليها ملك آشور ولم تقم لها قائمة بعد ذلك، وأورشليم مملكة يهوذا في الجنوب، وعاشت أكثر من أختها، وفي عام 599 ق.م دمرها "بُخْتَ نَصَّرَ" وسبى جميع أهلها وأرسلهم إلى بابل وهو ما يعرف في التاريخ بالشتات البابلي الأول. وراح اليهود يعيشون بعد مملكتهم هذه كطائفة دينية يرأسها كاهن، حتى ظهر المكابيون وقاموا بثورتهم واستولوا على أورشليم عام 167ق.م، وظهر منهم الرؤساء والملوك. وبعد فترة وجيزة كانوا خاضعين للحكم اليوناني مرة، والحكم الروماني مرة أخرى.. رازحين تحت عبء التنازع السياسي والفساد الداخلي، وذاقوا الدمار ثلاث مرات متوالية على أيدي الأباطرة "بومبي" ، وتيطس"، و "أدريانوس"، وكان قد قضي على دولتهم الهزيلة ولم تقم لهم دولة أو كيان بعد ذلك، وهو ما يعرف في التاريخ أيضا بالشتات الروماني الثاني، أو ما يطلق عليه "الدياسبورا"(5).

حقائق

ومما تقدم يتبين لنا عدة حقائق هي:


أولاً: أن وجود اليهود بمدينة القدس لم يكن إلا بعد وجودها بعشرين قرنًا، وبعد أن تحضرت على يد أصحابها الفلسطينيين الذي نشئوا في صميم الجزيرة العربية.

ثانيًا: أن وجودهم بها حدث واستمر كغزاة، تقوم العلاقة بينهم وبين أصحاب الأرض الأصليين على هذا الأساس.

ثالثًا: أن كيانهم السياسي لم يقم بهذه الأرض إلا في فترة متأخرة جدًّا ولبضع سنوات لا تكاد تتجاوز خمسة وسبعين عامًا من بين خمسين قرنًا على هذه الأرض وهي مأهولة متحضرة.

ضعف الارتباط بفلسطين

وليس أدل على ضعف ارتباط اليهود بالقدس وأرض فلسطين من أن زعماء الصهيونية في العصر الحديث عندما بدءوا يفكرون في بناء وطن قومي لهم ساغ لبعضهم أن يتجهوا بتفكيرهم إلى بلاد أخرى غير فلسطين.. فهذا البارون هيرشي اليهودي الألماني الثري يرى أن الأرجنتين هي أصلح مكان يمكن أن تقام عليه دولة اليهود(6). بل أن هرتزل نفسه كان على استعداد لقبوله في سوريا أو البرتغال أو سيناء أو قبرص أو العربية أو موزمبيق أو طرابلس أو أوغندا أو الكنغو.. لولا أن بادرت المصالح الاستعمارية إلى ربط عجلتها بالمطامع الصهيونية فتكاتفا على إحداث المأساة(7).

فلسطين الإسلامية والقدس

ونظرًا لمكانة القدس لدى المسلمين فإنهم لم يقصروا منذ أن اندفعوا خارج الجزيرة العربية بعد وفاة الرسول الكريم سنة (10هـ) أي (632م) في محاولة فتح فلسطين، وربط المسجد الأقصى بالمسجد الحرام عمليًّا بعد أن ربط الإسلام بينهما في عقيدة المسلم ووعيه الديني، وتم ذلك فعليًّا في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ثم جاءت الدولة الأموية بعد الخلفاء الراشدين وفي عهدها بنى عبد الملك بن مروان مسجد قبة الصخرة، وبنى ابنه الوليد المسجد الأقصى الذي اتخذ اسمه من القرآن الكريم، وفي عام 754م أعاد الخليفة العباسي "المنصور" بناء المسجد الأقصى بعد أن تأثر البناء السابق بالزلزال.. وفي خلال العهد الطولوني بمصر، وكذلك العهد الإخشيدي والفاطمي أصبحت القدس وفلسطين تابعة لمصر.

ثم دخل الصليبيون مدينة القدس سنة 1099 وقتلوا المسلمين واليهود والمسيحيين الأرثوذكس، وعاجلوا الجميع بكل القوة والتجبر.

وفي سنة 1187م استرد صلاح الدين الأيوبي مدينة القدس بعد انتصاره في موقعة حطين، وعامل المنهزمين بما عليه أخلاق الإسلام من سماحة ورأفة. ثم اتجه صلاح الدين لتقديم أعظم هدية للمسجد، وكانت تلك الهدية هي المنبر الذي كان "نور الدين زنكي" قد بدأ في إعداده وكان هذا المنبر آية في الفن والروعة، ويعده الباحثون تحفة أثرية رائعة وأعظم مبنى في العالم الإسلامي.

وبعد طرد الصليبيين من فلسطين عادت القدس تتبع مصر في عهد الأيوبيين والمماليك، ثم أصبحت فلسطين تابعة للأتراك العثمانيين منذ عام 1516م وظلت في أيديهم أربعة قرون تقريبًا(8).

الاحتلال البريطاني

وعقب هزيمة الأتراك في الحرب العالمية الأولى دخل الإنجليز القدس في 9 ديسمبر 1917 بقيادة "أدمون اللبني" وبقيت فلسطين تحت الانتداب البريطاني ثلاثين عامًا أصدروا خلالها وعد بلفور، وأخذوا يهيئون البلاد لاحتلال الصهاينة.. إلى أن صدر قرار تقسيم فلسطين من الأمم المتحدة التي كانت ولا تزال خاضعة للغرب، وذلك في 29/11/1947.

وتم إعلان قيام إسرائيل في 15 رهر 1948، وفي يونيو الأسود سنة 1967 احتلت إسرائيل القدس القديمة وضمتها للقدس الجديدة التي أنشأتها عقب سنة 1948(9).

اعتداءات يهودية على الأقصى

واليهود كما يكرهون الإسلام والمسلمين يكرهون كذلك كل ما يتصل بهم، والحرب دائرة بينهم وبين الإنسان، كما هي دائرة بينهم وبين المقدسات التي تهم ذلك الإنسان؛ ولذلك سجل التاريخ صورًا من عدوان الصهاينة على المسجد الأقصى منذ سيطر هؤلاء الطغاة على مناطق فلسطين سنة 1967. ومن هذه الاعتداءات قيام المجرم الأسترالي اليهودي (مايكل رومان) في أغسطس 1969 بإشعال النيران في المسجد الأقصى، حيث التهمت النيران 1500 متر مربع من مساحة المسجد، فأتت على بعض المعالم الأثرية، منها: منبر صلاح الدين، قبة المسجد الخشبية المزخرفة بالزخارف الإسلامية المميزة، ومسجد عمر في الداخل، كذلك محراب زكريا وبعض الأقواس والأعمدة.

- وفي نفس العام ديسمبر 1969 اقتحمت مجموعة من اليهود حرم المسجد الأقصى وقامت بالصلاة فيه وتكرر ذلك في مارس سنة 1971م، ولما اعترض المسلمون على ذلك أصدرت "روث أور" قاضية محكمة الصلح في القدس قرارًا بأحقية اليهود في أداء طقوسهم الدينية في المسجد الأقصى، ولم يحل دون تنفيذ ذلك إلا ثورات عارمة قام بها المسلمون.

- وفي إبريل 1982م قام اليهودي الأمريكي "هاري جودمان" باقتحام المسجد وإطلاق النار على المسلمين داخله.

- وفي يونيو 1982 حاول "بول ليزنز" أحد أعضاء حركة كاخ أن يقوم بتفجير بعض المتفجرات في الحرم.

وبالإضافة إلى ذلك يعلن الكثير من اليهود أن مجرد وجود مسجد على هضبة المعبد هو تدنيس لها، ولهذا لا بد من تدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة وأي موقع إسلامي آخر في هذه المنطقة(10).

القدس الآن

وتبذل السلطات اليهودية أقصى الجهد لطمس المعالم الإسلامية بالقدس رغبة في تهويدها، فهي تعزلها عن باقي المناطق المحتلة، وتمنع الفلسطينيين من دخولها، وتدفع لها بعض اليهود، وتقيم بها أبنية على نسق مغاير للملامح العربية والإسلامية، وتحدث بالمدينة بعض الأعمال التي من شأنها تغيير مكانة القدس سياسيًّا وديموجرافيًّا، كزرع المستوطنات والتضييق على سكان المدينة من العرب حتى يلجئوا للهجرة.. إلخ.

وستظل المعارك دائرة بين المسلمين واليهود إلى أن يتم تحرير الأقصى.

وإذا كانت ذاكرة الأمة قد ظلت داعية بمكانة القدس في هذا الصراع التاريخي المتعدد المراحل والحلقات.. فإن مهمة ثقافتنا الإسلامية المعاصرة هي الإبقاء على ذاكرة الأمة على وعيها الكامل بمكانة القدس الشريف، حتى يطلع الفجر الجديد: بالناصر صلاح الدين.



المقاومة العربية

لم تتوقف جهود العرب في الدفاع عن حقوقهم في فلسطين منذ مطلع القرن ففي العام 1918تشكلت جمعية الفدائية وهي جمعية سرية ضمت عدداً من رجال الشرطة الفلسطينية ، وقد لعبت الجمعية دوراً مهماً في الإعداد للثورة العربية في فلسطين وفي نشر الوعي بالخطر الصهيوني بين عشائر البدو في شرق الأردن ضد اليهود غير أن اعتقال زعمائها أضعفها وقضى عليها غير أنه لم يوقف جهاد الفلسطينيين والعرب ضد المخططات الصهيونية فكانت ثورة النبي موسى (4 -10 نيسان /أبريل 1920) وثورة يافا (1-5 أيار / مايو 1921)، ثورة البراق ( 15آب / أغسطس 1929) وهي مواجهات محدودة كانت دوافعها عاطفية، ولم تكن منظمة مما حدّ من إمكانات تطورها أو تحقيق أهدافها وان كانت لعبت دوراً في تأجيج الصراع وتعطيل المشروع الصهيوني جزئياً وبشكل مؤقت .

في المقابل نظم مجاهدون قوى مقاومة كان أهمها حركة الشيخ المجاهد عز الدين القسام (1935) وكان الشيخ القسام قدم إلى حيفا من سوريا بعد إنهيار الثورة السورية ضد فرنسا، وبدأ نشاطه كمعلم ،ثم انضم إلى جميعة الشبان المسلمين عام 1926، وكان أحد مؤسسي فرع حيفا سنة 1928، وفاز برئاسة الفرع عندما جرت انتخاباته، ثم أصبح عضواً في اللجنة الإدارية للفراع سنة 1930 ثم عاد رئسياً للفرع سنة 1933.

وكان الشيخ القسام يتجول في أنحاء فلسطين بوصفه موظفاً شرعياً في المحكمة، وبدأ في تجنيد الشباب في خلايا من 5 أشخاص ، ونشر الدعوة ضد اليهود والبريطانيين واستطاع أن يؤسس حركة جهادية تستمد - فهمها من الإسلام وتتبنى منهجية العمل الجهاد طريقاً وحيداً لتحرير فلسطين، وبدأ القسام عملية بناء تنظيم سري اعتبر فيما بعد أهم منظمة سرية وأعظم حركة فدائية عرفها تاريخ الجهاد العربي في فلسطين خلال تلك الفترة .

كان معقله الرئيسي في الحي القديم في حيفا، حيث يقطن الفقراء، وأصبحت له شعبية كبيرة في جميع أنحاء فلسطي،. وفي عام 1935 نظم خمس لجان هي : الدعوة و الدعاية - التدريب العسكري - التموين - الانتخابات - العلاقات الخارجية، كما نظم ما بين 200- 800 من الأنصار.

وجاءت أحداث 1935 لتدفعه إلى البدء بالثورة في تشرين الثاني / نوفمبر من العام نفسه، وقد اعتبر إعلان حركة القسام للجهاد تغيراً أساسياً في مسار العمل العربي ضد المخططات الصهيونية التي كانت تعتمد على الجهود السياسية في محاولة الإصلاح والتغيير وتحقيق أماني أبناء الشعب الفلسطيني، والتجأ القسام مع 52 رجلاً من أنصاره في 12 / تشرين الثاني - نوفمبر 1935 إلى ضواحي مدينة جنين ودعا الفلاحين الفلسطينيين لمهاجمة القوات البريطانية في يعبد، وحاصرته القوات البريطانية وطلبت منه الاستسلام إلا أنه رفض، واستشهد مع اثنين من أتباعه، وتم أسر آخرين بعد معركة عنيفة خاضها القسام ورفاقه.

وأثار استشهاده الفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد، وكانت جنازته بمثابة حداد وطني شامل في فلسطين. ويعتبر تنظيم القساميين الأول من نوعه نوعاً وهدفاً، إذ كان تنظيماً مسلحاً يستهدف اليهود والبريطانيين، وكان تنظيماً يقوم على الانتماء الإسلامي، وساهمت ثورة القسام واستشهاده في خلق وعي اسلامي ووطني فلسطيني بضرورة استعمال القوة لمقاومة المشروع الصهيوني في فلسطين، لا سيما أن القسام شيخ وعالم شريعة قدم من سوريا ليقيم ويجاهد في فلسطين .

ولكن استشهاد القسام لم يخمد الثورة بل أجج نيرانها فكانت الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، والتي اعتبرت من أطول الثورات في تاريخ القضية الفلسطينية، حيث عمت المظاهرات والإضراب العام مدن وقرى فلسطين وكانت التحرك الشامل الأول من نوعه حيث تداخلت الوسائل المدنية للثورة مع العمليات الجهادية .

ويشير المؤرخون إلى أن من الأسباب غير المباشرة التي أدت الى قيام الثورة :

- تزايد عدد العمال العاطلين عن العمل .

- الهجرة اليهودية المستمرة ، والتواطؤ البريطاني الظاهر معها ومع كل جهود تنفيذ المشروع الصهيوني .

- تسرب الأراضي إلى اليهود ، بسبب الضغوط البريطانية على أصحابها العرب .

- الأزمة الاقتصادية الخانقة عام 1935 .

- ما حدث في مصر وسوريا ضد الاستعمار البريطاني والفرنسي .

- الهجوم الإيطالي على الحبشة، الذي أحيا الأمل بحرب جديدة تعيد رسم سياسات جديدة في المنطقة .

- زيادة التوتر بين العرب واليهود في خريف عام 1935 .

وبدأت الأحداث في 15 نيسان / ابريل 1936 عندما قتلت المنظمات الفدائية مستوطناً صهيونياً وجرحت اثنين آخرين على طريق نابلس - طولكرم.

وفي الليلة التالية قتل اليهود مدنيين عربيين على الطريق العام إلى الشمال من مستعمرة عليبي، وعند تشييع جنازة المستوطن اليهودي حدثت اشتباكات مع العرب، وحدثت صدامات على حدود يافا- تل أبيب .

وأعلنت السلطات البريطانية منع التجول في يافا- تل أبيب، وفرضت حالة الطوارئ في جميع البلاد، وتشكلت في 20 نيسان /ابريل 1936 لجنة عربية في نابلس اعلنت الاضراب العام،

وبعد أن زاد عدد القوات البريطانية إلى قرابة 20 ألف جندي حصلت معارك عنيفة بين الثوار والقوات البريطانية والصهيونية في شهر تشرين الأول عام 1935. وقامت وفود فلسطينية بزيارات إلى عمّان والرياض وبغداد، ونتيجة لضغوطات بريطانية، قام الملوك والرؤساء العرب بإصدار نداء مشترك في 10 تشرين أول/ أكتوبر 1935 دعوا فيه العرب إلى «وقف الثورة، والاعتماد على النيات الطيبة" لصديقتنا بريطانيا العظمى التي أعلنت أنها ستحقق العدالة».

ونتيجة لذلك دعت اللجنة العربية العليا إلى وقف الإضراب، وإلى حل التنظيمات العربية وعودة الثوار العرب إلى دولهم .

وكانت حصيلة هذه الثورة : مقتل 16 رجل بوليس و22 جندياً بريطانياً، وجرح 104 رجال بوليس و148عسكرياً، ومقتل 80 مستوطناً صهيونياً وجرح 308 مستوطن صهيوني . أما العرب فقد استشهد منهم 145 رجلاً وجرح 804 آخرون .

وأرسلت بريطانيا لجنة بيل الملكية لتقصي الحقائق إلى فلسطين، ولكن الفلسطينيين أرادوا عدم مقابلتها، فهدد الملوك العرب الفلسطينيين، وطلبوا منهم الموافقة على مقابلة اللجنة .

غير ان الثورات لم تتوقف إذ تجددت بعد مقتل أندروز حاكم الجليل البريطاني وأقدم البريطانيون على اتخاذ سلسلة اجراءات انتقامية ضد القادة العرب في فلسطين مما جدد الثورة وعمت البلاد ثورة مسلحة أرغمت البريطانيين على التراجع عن عدد من مواقفهم السياسية التي كانوا يعتزمون بموجبها فرض تقسيم لفلسطين بين العرب والصهاينة .

أما الضربة الأشد التي تلقاها الجهاد العربي في فلسطين فكان هزيمة الجيوش العربية في حرب العام 1948، مما أحدث تحولات كبيرة في بنيان المقاومة والجهاد وسحب المبادرة من يد الشعب عملياً، وأحال الفلسطينيين إلى شأن رسمي تحكمه التوازنات الداخلية وسياسات الأنظمة .



المراجع

( 1)خالد محمد غازي: سيرة مدينة القدس (القاهرة: دار الهدى للنشر، الطبعة الأولى 1998) ص 282.

( 2)المرجع السابق: ص 283

( 3)مجلة منبر الإسلام: القاهرة، أكتوبر 1996.

( 4)المرجع السابق.

( 5)مقابلة شخصية للمحرر مع د. محمد خليفة حسن رئيس مركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة بتاريخ 5/11/1999.

( 6)خالد محمد غازي: مرجع سبق ذكره، ص 284.

( 7)راجع في ذلك كل من:

د. إبراهيم نصر الدين: "المشروع الصهيوني في إفريقيا" في "الموسوعة الإفريقية" (معهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، 1996) ص 8 : 14.

د. تيسير يونس جبارة: تاريخ فلسطين (الأردن: دار الشروق للنشر والتوزيع، 1998) ص 217، 218.

( 8)جريدة الشرق الأوسط: لندن عدد 16/11/1996.

( 9)تيسير جبارة: مرجع سبق ذكره.

( 10)خالد محمد غازي: مرجع سبق ذكره.
..
..
..
منقول



جراح الأمة غير متواجد حالياً    رد مع اقتباس