اول من وضع الحر
الحروف الأبجدية
هم الفنيقيون
في السنين الأخيرة جرت مناقشات حول نشأة الحروف الأبجدية بين ذوي الاختصاص في هذا الموضوع .ففريق منهم زعم أن الفضل في وضع حروف الكتابة الدارج استعمالها عند الأمم المتمدنة يرجع إلى (( كريت )) و إنْ كان الفينيقيون, و هم سلالة الساميين قد نشروها في أرجاء العالم. و نحن عندما عقدنا العزم على دراسة اللغات السامية من أجل استجلاء أصولِ هذه اللغات و إظهار علاقتها بلغة الأم التي هي اللغة العربية , و بدأنا بدراسة اللغة السريانية استرعى انتباهنا الشبه بين شكل كلِّ حرف و بين الشيء الذي يمثل أول حرف منه . فشكل ( الألف ) يخيل على الغريب صورة إنسان , و شكل ( ب ) صورة البيت , و شكل ( ج ) صورة الجمل , و شكل ( د ) صورة الدلو , و شكل ( هـ ) صورة الهالة , و شكل ( ز ) صورة الزند , و شكل ( ح ) صورة الحبل , و شكل ( ط ) صورة الطير , و شكل ( ي ) صورة اليد , و شكل ( ل ) صورة اللجام , و شكل ( م ) صورة المطر , و شكل ( ن ) صورة النجم , و شكل ( س ) صورة السن , و شكل ( ع ) صورة العين , و شكل ( ف ) صورة الفم , و شكل ( ص ) صورة الصبي , و شكل ( ر ) شكل الرأس , و شكل ( ش ) صورة الشمس .
و هكذا أُخِذ , في وضع الحروف الأبجدية , أولُ حرف من الشيء رمزا للشيء نفسِه . و لكن اتخاذ الحرف الأول من الاسم كرمزٍ للمسمى يدل على جنسية واضع الاصطلاح . و لما كانت الحروف تحتفظ حتى اليوم بلفظها و ترتيبها , كما وضعت في الأصل ؛ و لما كانت هذه الحروف تمثل أول حرف من اسم عربي , فقد أصبحت أسطورة النبي (( إدريس )) , أول نبيٍّ أعطي فن الكتابة , أسطورة صادقة . و كلمة (( إدريس )) تشير باشتقاقها من (( دَرَسَ )) إلى الحقيقة تلك .
و إذا كانت اللغة السريانية ظلت محتفظة بالشكل الأقرب إلى الأصل فإن أصحابها بقوا على هامش التاريخ منزَوين . و أما العرب , واضعو الحروف , فقد تطورت كتابتهم نحو الرمز أكثر فأكثر تطوراً ابتعدت به عن صورةِ نشأتها .
و نحن نستخلص مما تقدم أن الفضل في وضع الحروف الأبجدية يرجع إلى العرب لا لغيرهم من الأقوام . و إذا كان الأمر كذلك , فأي اختراع يضاهي في تأثيره على تقدم الحضارة اختراعَ الكتابة و تعليمَها للعالم
اللسان العربي
زكي الأرسوزي
جبت هذه المقالة من موقع يمكن يفيدك وشكرا