مآذن العيص تصمت لأول مرة منذ الهجرة النبوية حمم "اللابة" مازالت بعيدة والأوضاع إلى هدوء

أحد مساجد العيص
العيص، جدة، المدينة المنورة: مخلد الحافظي، وائل مهدي، مراسلو الوطن
لأول مرة منذ الهجرة النبوية، توقفت مآذن العيص وقراها أمس عن رفع الأذان الذي ظلت جبال وأودية المنطقة تردده طوال 14 قرنا من التاريخ الإسلامي مثلت فيه العيص عنصرا مهما بارتباطها بالسيرة النبوية وخاصة الحروب مع كفار قريش.
ويعتصر الألم أهالي العيص، فبعد أن واجهوا أياما عصيبة منذ أن بدأت الهزات الأرضية تضرب بلدتهم، بات حديث النازحين منهم أمس يختلط بدموع الأمل والرجاء حين تنبهوا إلى حقيقة أن 22 جامعا في العيص لن تستقبل اليوم مصلياً لأداء صلاة الجمعة، فيما لم تصدع مآذن 150 مسجدا أمس بصوت الحق.
إلا أن المصلين سيعودون لملء مساجد العيص – بإذن الله – إذا ما استمر معدل الهزات الأرضية في التراجع مثلما حصل أمس.
فبحسب رئيس هيئة المساحة الجيولوجية الدكتور زهير نواب، فإن الوضع في العيص "تحسن كثيراً" حيث تراجعت الهزات أمس إلى ما دون الثلاث درجات على مقياس ريختر، بعد أن تجاوزت الخمس درجات.
هدأت الهزات لكن العمل الدؤوب في متابعة إسكان وإيواء الذين تم إجلاؤهم من المناطق المتأثرة في المدينة المنورة وتبوك مازال مستمرا، حيث تواصلت جهود المعنيين من المسؤولين في المنطقتين لتوفير سبل الراحة في مراكز الإيواء.
وأفادت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، أن النشاط الزلزالي في حرة الشاقة بدأ في الانخفاض.
وبينت في بيان صحفي أمس أن محطات الشبكة الوطنية التابعة لها سجلت منذ الساعة الثانية ظهر الأربعاء الماضي وحتى الساعة الثانية من ظهر أمس الخميس 6 هزات أرضية في حدود 3 درجات على مقياس ريختر، مشيرة إلى أن عمق الهزات يتراوح ما بين 7 كم إلى 74 . 8 كم، ولم يتم التبليغ بالإحساس بهذه الهزات من قبل المواطنين، ولم يتم تسجيل أي آثار للرجفات البركانية القريبة من السطح .
وأكدت الهيئة أنه لم يتم رصد أي أبخرة بركانية مؤكدة كذلك أنها ما زالت تراقب عن قرب المتغيرات المتعلقة بالنشاط الزلزالي في حرة الشاقة والمتمثلة في القياسات الحرارية، وتركيز مستوى غاز الرادون، والتغير في الأشكال الموجية للهزات الأرضية المسجلة .
وقال أمير منطقة المدينة المنورة الأمير عبدالعزيز بن ماجد الذي وقف بنفسه على الأوضاع في مركز العيص وفي موقع الإيواء إن عودة سكان العيص إلى مساكنهم رهن بما يرد من تقارير ومؤشرات من قبل جهات الاختصاص حيال النشاط البركاني في المنطقة.
وأشار خلال تفقده للعيص أمس إلى أنه سيخصص وقت معين من كل يوم يُسمح فيه للرعاة ولأصحاب المزارع بتفقد مواشيهم ومزارعهم.
وبين أن العيص قد أخليت بالكامل ولن يسمح لأحد بالعودة ما لم ترد تقارير مطمئنة، لافتاً إلى أن المسألة باتت مسألة حياة. وقال إن الجهات المختصة تتابع بشكل يومي ومستمر أوضاع المواطنين الذين تم إجلاؤهم من خلال غرفة العمليات التي تم إنشاؤها مؤخرا، داعياً الجميع إلى سرعة الإبلاغ عن أي ملاحظات أو تقصير في الخدمات المقدمة لهم والتي ستتابع وتعالج في حينه.
وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية تتابع بكل اهتمام مهمة تأمين وحراسة المساكن التي تم إخلاؤها درءاً لحدوث أي سرقات فيما يمتد الحال إلى موقع الإيواء.
عقب ذلك قال، الأمير عبدالعزيز بن ماجد في تصريح صحفي بعد أن رأس اجتماع لجنه الدفاع المدني الرئيسية بالمقر الرئيسي بالهيئة الملكية في ينبع، إن من المفاجآت السارة لهذا اليوم (أمس) أن تصاميم المنشآت والمصانع بمدينة ينبع الصناعية وجدناها تأخذ الزلازل بعين الاعتبار.
وكان أمير منطقة المدينة المنورة قد تفقد أمس مركز العيص يرافقه عدد من مسؤولي المنطقة وأعضاء لجنة الدفاع المدني بالمنطقة، حيث وقف على أوضاع المواطنين في مركز الإيواء والتقى عددا منهم داخل مخيماتهم، كما استمع إلى شكاواهم وملاحظاتهم. بعد ذلك تفقد مركز إسناد الدفاع المدني واستمع إلى شرح مفصل من مدير عام الدفاع المدني بمنطقة المدينة المنورة اللواء صالح بن سالم المهوس، وحول الآليات والتجهيزات المشاركة في المهمة.
وتوجه الأمير عبدالعزيز فيما بعد إلى مركز العيص، حيث التقى شيوخ وأعيان المركز الذين جاءوا للقائه وأبدوا مخاوفهم من تعرض ممتلكاتهم للسرقة في ظل غياب أجهزة الشرطة، وأشاروا إلى تضارب تصريحات الجهات المسؤولة فيما يتعلق بالنشاط البركاني.
وكان الأمير عبدالعزيز بن ماجد دعا أول من أمس جميع أهالي العيص والقرى والهجر التابعة له إلى الاتصال بمكتبه فورا وعلى مدار الـ24 ساعة عند وجود أي نقص في الخدمات المقدمة لهم أو لأبنائهم وذلك على الرقم المجاني 8004420013 أو على الرقم المباشر 8213333.
و أكد أن جميع التدابير الاحترازية قد اتخذت لمواجهة كافة الاحتمالات وأن جميع أهالي القرى والهجر الذين تم إخلاؤهم حفاظا على سلامتهم سوف يجدون كل اهتمام ورعاية بما في ذلك تأمين السكـن الملائم لهم سواء في المدينـة المنورة أو في محافظة ينبع وضمان استمرار أبنائهم في جميع المراحل التعليمية وتوفير كافة الخدمات الصحية والاجتماعية لهم.
وقال إن زيادة أو استمرارية هذه الهزات هي من الأمور التي لا يعلمها إلا الله تعالى وأن هناك فرقا ميدانية من هيئة المساحة الجيولوجية تتابع ذلك باستمرار وبشكل علمي ودقيق، كما أن المديرية العامة للدفاع المدني بمنطقة المدينة المنورة قد اتخذت كافة الإجراءات اللازمة في مثل هذه الظروف.
كما وجه الأمير عبدالعزيز بتشكيل لجنة برئاسة وكيل الإمارة وعضوية جميع مديري الجهات الحكومية ذات العلاقة للوقوف ميدانيا على مركز العيص والقرى والهجر التابعة له والتأكد من توافر كافة الإمكانات التي تضمن سلامة المواطنين واتخاذ جميع التدابير الاحترازية لذلك، كما أمر بتشكيل فريق عمل بمقر إمارة المنطقة يعمل على مدار الساعة لمتابعة جميع المستجدات أولا بأول وضمان تقديم جميع الخدمات اللازمة للمواطنين الذين يتم إخلاؤهم من منازلهم.