هزات المدينة لم تهز الإدارة
د.عبدالعزيز بن جار الله الجار الله
الأرض في المدينة المنورة تعلن عن زلزالها بصدع جيولوجي أو تصادم صفائح أو انفصال في تكوينات الدرع العربي أو براكين خامدة وهي تعلن الآن أثقالها ولا يعلم ساعتها إلا الله. المساحة الجيولوجية هي الجهة المسؤولة عن جيولوجية وجيمورفولوجية أرض المملكة وهي الجهة الوحيدة التي تملك أجهزة رصد حركات الأرض بعد أن استحوذت نظاماً على جميع أجهزة الرصد من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ومن الجامعات وأيضاً هي الجهة الوحيدة المخول لها الإعلان عن انتفاضة وحركات باطن الأرض. فهل أدت في زلزال المدينة المنورة الدور الذي يجب أن يكون؟
أعلنت الهيئة الجيولوجية قبل أسبوعين عن رصد لحركات نشطة في محيط المدينة المنورة وتحديداً في كل: من العيص وهدمة والقراصة والعميد وأن هناك بركانا قديما قد ينشط يضرب تلك المناطق بالهزات والحمم والغبار البركاني ولكن ماذا بعد الإعلان؟!.
هيئة المساحة الجيولوجية الحاضر الغائب في هذه الأزمة أصدرت بياناتها ليتولى الدفاع المدني زمام المبادرة الإيوائية والإدارية والإعلامية وليتحدث لوسائل الإعلام ويشرح لهم عن باطن الأرض وما فوق سطحها وينقل السكان 15 كيلو مترا و30 كيلو مترا عن الموقع فيما توارت هيئة المساحة الجيولوجية خلف الدفاع المدني، كما غابت عن المقيمين شرق وغرب الزلزال أي تفاصيل علمية وأصبح الجميع يتلقون التحذيرات العامة من قبل الدفاع المدني ويتعرفون على أبرز المعلومات من معلقين وإعلاميين غير متخصصين في الجيولوجيا أو الجغرافيا .. غياب هيئة المساحة الإعلامي فتح المجال للتكهنات والتخمينات والتوقعات والمبالغات والتيه المعرفي.
غياب الحياة العلمية وغياب المؤسسات العلمية مثل هيئة المساحة الجيولوجية، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والجامعات، وأقسام الجغرافيا والجمعيات الجيولوجية والجغرافية مؤشر إلى أن هناك خللا في فكرنا وثقافتنا العلمية وخللا في الهيئة الإدارية والفنية في قطاعاتنا .. منطقة المدينة المنورة البقعة الإيمانية الغالية على قلوبنا كمسلمين مدينة أعز الخلق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهي المدينة التي بدأ منها التاريخ الإسلامي والحضاري والسياسي يغلي باطنها وبيئتها الجيولوجية تعيش طفرة وطبقات الشقوق في نزق وانتفاضة وجهاتنا العلمية تكتفي بتقارير وأخبار عامة عن رصد هزات وحركات نشطة .. حقيقة لا يوجد مبرر لهيئة المساحة الجيولوجية بصفتها الجهة المسؤولة الأولى عن البنية الجيولوجية في المملكة وعن جميع الطبقات في رسوبي أرضنا أو في درعها العربي ولا يوجد أي سبب في موقفها (البارد) من تلك الهزات ومن ما هو متوقع من البراكين.
القضية ليس إيواء أو نشاط لوجستي من الدفاع المدني، القضية التي نطرحها ونرغب في تحديد إجابة لها هي ما المصير المستقبلي لمدينة الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم وأهلها؟ وكيف نحافظ على سلامة الناس الذين يتقاطرون عليها من كل حدب وصوب لزيارة المسجد النبوي وزيارة قبر نبينا الكريم؟