الاتصال في مجال الإشراف التربوي:
يبدأ المؤلف هذا الجزء من الكتاب مقدمة أوضح فيها بعض النعم التي أنعم الله بها على الإنسان ليتعرف على بيئته المادية والبشرية ويتصل بواسطها ويتفاعل بهدف تحقيق ذاته ومقابلة احتياجاته النفسية والاجتماعية كما أوضح الكاتب كيف بلغ الاتصال بين أبناء البشر في هذا العصر ذروته حتى أطلق عليه عصر الاتصالات وكيف أن هذا الاتصال أصبح علماً تطبيقياً له مفاهيمه وعملياته الخاصة. وقد استفادت حقول التربية المتنوعة من هذا العلم التطبيقي في تحقيق أهدافها وعليه فإن بعض المهتمين بمجال الإشراف التربوي يرون أن الإشراف التربوي هو عبارة عن عملية اتصال بين مشرف تربوي ومعلم حيث يمارس المشرف التربوي دوره في عملية الاتصال من خلال استخدامه أساليب معينة.
تعريف الاتصال في مجال الإشراف التربوي:
يمكن تعريف الاتصال في مجال الإشراف التربوي على أنه عملية تفاعلية تحدث بين المشرف التربوي والمعلم أو مجموعة من المعلمين، عن طريق إرسال رسائل لفظية وأو غير لفظية واستقبالها بحيث يتحقق الفهم المتبادل بين المشرفين التربويين ومعلميهم بما ينعكس إيجابا على تحسين العملية التعليمية.
عناصر الاتصال في العملية الإشرافية:
تتضمن عملية الاتصال التربوي العناصر التالية:
1) الهدف:
تحدث عملية الاتصال في مجال الإشراف التربوي نتيجة لهدف أو عدة أهداف يريد المشرف التربوي أو المعلم توصيلها إلى الطرف الثاني.
2) المرسل: هو فرد (أو مجموعة أفراد) يطلق عليه اسم المتصل وهو الذي يوجه رسالة الاتصال وفي مجال الإشراف التربوي يتمثل المرسل عادة في الآتي: مشرف تربوي أو مدير مدرسة أو معلم.
3) الرسالة: تمثل مضمون الاتصال الذي يود المتصل نقله إلى المستقبل والرسالة هي عبارة عن سلوك لفظي أو سلوك غير لفظي ولكي تحقق الرسالة الإشرافية أهدافها ينبغي أن تكون واضحة وذات معنى محدد وأن ترسل في الوقت المناسب.
4) المستقبل: هو فرد (أو مجموعة أفراد) يتلقى رسالة الاتصال من المتصل ويكشف واقع الممارسات الإشرافية الميدانية إن المعلم أو المعلمين هم في العادة الذين يقومون بدور المستقبل لآراء وأفكار المرسل (المشرف التربوي).
5) الوسيلة: هي أدارة لنقل الرسالة من المرسل والمرسل إليه.
6) التغذية الراجعة: هي استجابة المستقبل لمضمون الرسالة التي استلمها من المرسل ورد فعله عليها.
وبذلك فإن عملية الاتصال عموماً وفي مجال الإشراف التربوي على وجه الخصوص تتم على شكل حلقة دائرية.
انماط الاتصال في مجال الإشراف التربوي:
هناك ثلاثة أنماط رئيسية لعملية الاتصال في جميع المؤسسات على اختلاف أنشطتها ومسمياتها.
أولاً: الاتصال ذو الاتجاه الأحاديث الأفقي:
وفيه لا يرى المرسل (المشرف التربوي) أهمية لتغذية راجعة على رسالته التي استلمها المستقبل (المعلم) كما في الشكل:
مرسل
(شرف تربوي)
مستقبل
(معلم)
وقد ذكر المؤلف أن استخدام الاتصال أحادي الاتجاه في العملية الإشرافية يعد مناسباً إذا اقتصر استخدماه على إبلاغ المستقبل (المعلم) بقرارات جديدة، وأنظمة حديثة أو معدلة وذلك باستخدام قنوات مثل نشرات عن طريق البريد أو إعلانات عن طريق مطبوعات رسمية.
وهذا النمط غير مناسب لجميع الممارسات الإشرافية حيث أن تعميمة قد يقود على عدد من السلبيات مثل النكوص بالإشراف التربوي وتقليل دور المعلم في العملية التعليمية وتشجيع المشرف التربوي على التعالي على المعلمين وإيجاد مناخات عمل غير مشجعة لإبداع المعلمين وتطورهم الذاتي والمهني.
ثانيا: الاتصال ذو الاتجاه الأحادي الأفقي مع تغذية راجعة:
إن عملية الاتصال من المرسل (المشرف التربوي) والمستقبل (المعلم) باستخدام هذا النمط هي عملية مشابهة للنمط الأول مع اختلاف بسيط يتمثل في السماح لمستقبل الرسالة (المعلم) بتقديم تغذية راجعة إلى المرسل (المشرف التربوي) من خلال المواجهة المباشرة أو أي قناة اتصال مناسبة لنق التغذية الراجعة كما بالشكل:
مرسل
(شرف تربوي)
مستقبل
(معلم)
تغذية راجعة غير منتظمة
وبالرغم من أن هذا النمط من الاتصال هو نسبياً أفضل من النمط الأول، إلا أنه يظل شكلياً ويبدي شعوراً بعد الاهتمام بالتغذية الراجعة حول الرسالة حيث ينظر إليها المرسل على أنها خيار غير ملزم لتعديل الرسالة وهذا النمط من الاتصال يعد اتصالاً غير متفاعل لأن المشرف التربوي (المرسل)، يرسل رسائله إلى المعلمين (المستقبلين) دون الالتفات إلى آرائاهم ومقترحاتهم حول شكل الرسالة ومضمونها.
* يرى المؤلف أن هذين النمطين من الاتصال بين المشرف التربوي والمعلمين تجسيداً لهيمنة المشرف التربوي وتعاليه على المعلمين مما يوفر بيئة خصبة لممارسة التفتيش من خلال استخدام أساليب سلطوية مع المعلمين.
ثالثاً: الاتصال ذو الاتجاهين المتفاعلين:
يطلق على هذا النمط من الاتصال الأفقي بين المرسل والمستقبل الاتصال المتفاعل وذلك لأن المرسل يملك الرغبة الأكيدة لمعرفة رأي المستقبل في موضوع الرسالة كما يبيدي المرسل (المشرف التربوي) مرونة واستعداداً لأن يضع نفسه موضوع المستقبل لرسائل زملائه المعلمين أي إن المشرف التربوي (المرسل) يقوم بدور المرسل تارة وبدور المستقبل تارة أخرى وكذلك الحال بالنسبة للمعلمين ويمكن استخدام هذا النمط في حلقة نقاش أو ورشه عمل تجمع شخصية المعلم ويمنحه حرية كافية للمشاركة في صنع القرارات المهمة ويمنح المشرف فرصة مناسبة لاستخدام أساليب إشرافية حديثة مثل الإشراف التربوي العيادي والإشراف التعاوني وقد ختم المؤلف هذا الجزء من الكتاب بالشروط الواجب توافرها في المشرف التربوي أثناء عملية الاتصال وأهمها:
1- تقبل مشاعر المعلمين وأفكارهم.
2- عدم التعالي على المعلمين وعدم التقليل من شأنهم.
3- القدرة على التعبير اللفظي.
4- القدرة اللغوية على كتابة الرسالة والتعبير عنها بوضوح.
5- مراعاة الفروق الفردية بين المعلمين.
6- التأكد من تحقيق الرسالة لأهدافها.
إعداد المشرفين التربويين وتأهيلهم مهنياً:
لقد حظي الإشراف التربوي بتحديث بعض مفاهيمه حيث تم تغيير مسمى التفتيش إلى توجيه ثم إلى إشراف تربوي ليتمشى مع روح العصر الحديث وأكدت أنظمة الإشراف التربوي على ضرورة ممارسة المشرف لأدواره الموكلة إليه بأسلوب شورى (ديموقراطي) وتعاوني غير أن واقع المشرف التربوي وإمكاناته وإعداده وتأهيله المحدود لا يمكنه من القيام بدوره المطلوب حيث إن دوره الفعلي هو الاهتمام بجميع مكونات العملية التعليمة لذلك فإن ضعف إ عداد المشرف التربوي وتأهيله المهني قاد إلى إخفاق معظم محاولات التغيير والتجديد التربوي الميداني.
ولقد أدى التطور الكمي الهائل في نظام التعليم السعودي إلى تبلور اتجاه لدى المسؤولين بوزارة التربية والتعليم نحو تحسين مستوى المشرف وتطوير قدراته وإمكاناته لذا قامت الوزارة بالتعاون مع بعض الجامعات السعودية بعقد برامج (دورات) تدريس للمشرفين التربويين عام 1413هـ واستمرت هذه البرامج التدريبية تستقبل كل فصل دراسي المشرفين التربويين العاملين في الميدان من جميع التخصصات وكانت أهداف البرنامج زيادة النمو المعرفي وتنمية مهارات المشرف وقدراته العلمية والتربوية وتطوير خبراته التدريبية ومهارات البحث العلمي والاستقصاء لديه.
وقد حقق هذا البرنامج أهدافه بنسبة جيدة كما أسهم في زيادة معرفة المتدربين ببعض الجوانب المتعلقة بالإشراف التربوي.
- وبالرغم مما بذلته وزارة التربية والتعليم السعودية من جهود في مجال تطوير قدرات المشرفين إلا أن البعض يرى عدم كفاية تلك الإجراءات في تحسين الممارسات الميدانية وتطويرها وعليه قامت وزارة التربية والتعلم السعودية بتكليف لجنة متخصصة لوضع اختبارات مفننة في ضوء الكفايات الأساسية للإشراف التربوي حيث يمكن لصاحب القرار التربوي الاعتماد على هذه الاختبارات في اختيار القيادات الإشرافية وتأهيلها وتدريبها.
وتمكن أعضاء اللجنة المكلفة بوضع الاختبار المقنن المبني على حركة الكفايات وتم تحديد تسعة (9) مجالات رئيسية للمشرفين التربويين وبعد أن يحصل المشرف (المرشح) على درجة مقبولة في مجال السمات الشخصية يجلس لإجراء اختبار في المجالات الثمانية الباقية وهذه الكفايات هي:
1- السمات الشخصية.
2- كفايات تتعلق بتطوير المناهج الدراسية.
3- تقديم الخدمات المطلوبة للعملية التعليمية.
4- تنظيم العملية التعليمية و إداراتها.
5- توفير الخدمات الأساسية للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة.
6- تنمية المعلمين مهنيا أثناء الخدمة.
7- توثيق العلاقة بين المدرسة والمجتمع المحلي.
8- تنمية علاقات إنسانية بين العاملين.
كفايات تتعلق بالقدرة في مجال تقويم العملية التعليمية.
وبالرغم من الإيجابيات التي حققتها الحركة العالمية للكفايات في إصلاح نظام التعليم إلا أن تطبيقها محلياً أو عربياً لا تخلو من بعض المعوقات التي قد تحد من تنبيها والاستفادة منها كما ينبغي ومن أهم هذه المعوقات:
1) معوقات خاصة بطبيعة الكفايات:
وتتمثل هذه المعوقات في عدم وضوح مفهوم الكفايات وكذلك التأكيد على السلوك القابل للقياس كما أن تطبيق الكفايات يحتاج إلى إمكانات مادية وطاقات فنية وبشرية ضخمة.
2) معوقات مرتبطة بثقافة المجتمع والمنظمات التربوية:
يتطلب تطبيق الكفايات اختيار أفضل العناصر البشرية للمهن التربوية وقد يتعارض هذا التوجه الجديد مع ثقافة المجتمع التي تتخذ أحياناً من الشفاعات والصداقات والمجاملات منهجاً لها.
3) معوقات مرتبطةب النظام التربوي:
مثل مقاومة التغيير من بعض العاملين في ميدان التربية والتعلم وقلة التدريب أثناء الخدمة والتركيز على الأساليب النظرية في تنمية الكفايات والتعلم بشكل عام.
4) معوقات تتعلق بالتقويم الذاتي للعاملين في مجال التعليم:
يتطلب التدريب القائم على الكفايات من المتدرب أن يكون على درجة عالية من الوعي بذاته وتحمل المسؤولية لرفع كفايته الذاتية عن طريق التدريب المستمر.
برامج إعداد المشرفين التربويين:
إن الجامعات هي الجهة المسؤولة عن إنشاء برامج الأعداد والموافقة عليها أما الأفراد الذين حصلوا على إعداد مناسب للخدمة في مجال الإشراف التربوي فإنهم قد حصلوا على درجة الماجستير في التربية وتتضمن شهادة الماجستير مجموعة من مقررات الدراسات العليا التي تركز على الموضوعات التالية: المهارات الإشرافية العامة، إدارة الأفراد، تصميم المناهج وتقويمها وسياسات التعليم وموضوعات أخرى ذات علاقة بالإشراف التربوي.
نموذج مقترح لإعداد المشرفين التربويين:
وضع داريش تصوراً لكيفية إعداد المشرفين التربويين وتأهيلهم قبل الخدمة في مجال الإشراف ا لتربوي ويعتمد نموذج داريش على ثلاثة ابعاد رئيسية كما يلي:
البعد الأول: الإعداد الأكاديمي:
تبني برامج إعداد المشرفين التربويين التقليدية على أساس اكتساب المعارف والحقائق والمعلومات من خلال عدد م عين من المقررات الدراسية الجامعية ومحتوى هذه المقررات الدراسية يركز على المهارات ذات الصلة بالأداء المهني الفعال.
البعد الثاني: الإعداد العملي:
يرى المتخصصين أن تحسين القيادات المستقبلية لميدان التعليم ينبغي أن يبني على خبرات عملية وممارسات ميدانية.
البعد الثالث: التكوين الذاتي:
يرى داريش أن بعد التكوين الذاتي أو الشخص للمشرف التربوي من أهم أبعاد إعداد برامج المشرفين التربويين، ويتمثل هذا البعد في الأنشطة الشعورية الموجهة لمساعدة الطالب في تركيب الخبرات المكتسبة من المصادر الأخرى وكذلك لبناء التقدير الذاتي للقائد التربوي.
تطوير أداء المشرف التربوي وتحسين مستواه المهني:
يمكن تطوير مستوى أداء المشرف التربوي وتنمية قدراته وإمكاناته من أجل تحقيق التغيير المطلوب في الأفراد والمؤسسة التربوية وذلك من خلال الخطوات العريضة التالية:
أولاً: وضع خطة قصيرة الأجل يتم من خلالها:
1- وضع ضوابط ومعايير علمية دقيقة وواضحة لاختيار المشرفين التربويين.
2- تزويد المرشح قبل التحاقه بالإشراف التربوي بالكفايات الإشرافية الأساسية.
3- العمل على تطبيق مبدأ مشرف تربوي تحت التجربة لمدة فصل دراسي واحد أو أكثر.
4- الزام كل مشرف تربوي يعمل في الميدان بالالتحاق ببرنامج تدريبي.
5- إتاحة الفرصة للمشرفين التربويين للالتحاق بالجامعات.
6- تقويم أداء المشرف التربوي وممارساته الميدانية.
ثانياً: وضع خطة طويلة الأجلة ليتم من خلالها:
تزويد الميدان بكفاءات بشرية مؤهلة تأهيلاً أكاديمياً عالياً في مجالات التربية المختلفة مثل المناهج العامة وطرق التدريس والإدارة والتخطيط التربوي والإشراف التربوي والقياس والتقويم وإحلال أصحاب الكفاءات العلمية العالية مجل القوى البشرية الحالية الموجودة على رأس العمل في مجال الإشراف التربوي.
والخطة طويلة الأجل يجب أن ترسم لنا ما ينبغي أن يكون عليه الإشراف التربوي مستقبلاً وتنأى بنا بعيداً عن مشكلة ترقيع الإشراف التربوي الحالي وممارساته وتسعى إلى حلول جذرية.
تمهين الإشراف التربوي:
من الحلول الجذرية لواقع الإشراف التربوي العربي عموماً والسعودي على وجه الخصوص، أن تتبنى الجهات الرسمية المسؤولة عن ال إشراف التربوي خططاً طويلة الأجل في تمهين الإشراف التربوي الذي يمنح بموجبه المشرف التربوي رخصة رسمية لممارسة العمل الإشراف وفق شروط وضوابط شخصية ومهنية وعلمية دقيقية وواضحة.
وقد حدد المؤلف مجموعة الشروط والضوابط التي يتم على أساسها منح المرشح رخصة عمل في مجال الإشراف التربوي السعودي.
استشراف مستقبل الإشراف التربوي:
إن عدم انسجام نتائج البحث في مجال الإشراف التربوي أحياناً مع الفكر الديموقراطي دفع بعض المفكرين إلى المجاهرة بالدعوة إلى إلغاء نظام الإشراف التربوي عموماً لكونه لا يتماشى مع الفلسفة العامة لنظام التعليم وتوجهاته. كما يلاحظ تبلور اتجاه قوي يدعو إلى المزيد من استخدام إشراف الأقران والإشراف الذاتي والتقويم الذاتي والإشراف التشاركي أو التعاوني وغيرها من الأساليب التي تمنح المعلم حرية أكبر بالمشاركة في العملية الإشرافية وجاء هذا الاتجاه كرد فعل للممارسات البيروقراطية في تقويم المعلمين ويتوقع المهتمون في مجال الإشراف أن تتغير النظرة للمعلم مستقبلا ويكون المعلم مشاركاً فعالاً في العملية الإشرافية ومساوياً في مسؤولية الإشراف للمشرف التربوي وبذا سوف ينتهي دور المشرف التربوي في كونه المصدر الوحيد لتقديم النصائح وإصدار الأحكام للمعلم.
وضعفت كارولين سنايدر عدداً من الضوابط والمعايير التي يمكن في ضوئها التعامل مع معطيات المستقبل والاستعداد إلى عالم متغير من خلال إجابتها عن السؤال التالي: ما دور الإشراف التربوي الجديد في عصر التعقيدات والتغيرات المتساعة، التي تعصف بالعالم المتحضر؟ والضوابط والمعايير هي كماي لي:
1- الاعتماد على قيادات تربوية ذات رؤى وخيال خصب.
2- استخدام التخطيط الاستراتيجي.
3- استخدام التفكير المنظم في أداء العمل.
4- بناء قاعدة معلوماتية لمساعدة فريق العمل على إجراء التعديلات المطلوبة.
5- تنمية الموارد البشرية ورفع كفاءتهم وقدراتهم على مقابلة متطلبات العمل.
6- تقديم خدمات نوعية تتمثل في الخدمات في العمليات والإجراءات والبرامج المصممة لتحقيق الأهداف المرجوة.
7- البحث عن رضا المستهلك عن طريق جمع المعلومات والاستجابة للاحتياجات الطارئة والتحديات الأخرى والتعهد بالتطوير المستمر.
وختاماً، فإن هذه المعايير والضوابط سوف تسهم في مساعدة المعلمين والمشرفين التربويين والقيادات التربوية الأخرى على الاستجابة بطرق جديدة للحياة المعقدة في نظام التعليم، بهدف مقابلة احتياجات الطلبة المتغيرة.
ثالثاً: التعليق على الكتاب:
- جاء هذا الكتاب في (312 صفحة) تناول فيها المؤلف معظم موضوعات الاتجاهات الحديثة في الإشراف التربوي والقضايا المتعلقة بهذه الاتجاهات مستعينا بعدد كبير من المراجع المتخصصة في هذا المجال الأجنبية منها والعربية.
- لقد حاول المؤلف توصيل أكبر قدر ممكن من المعلومات عن موضوع الإشراف التربوي والاتجاهات الحديثة فيه فجاء هذا على حساب تنظيم الكتاب فلم نجد كما هو متعارف عليه أبواب رئيسية وفصول وموضوعات رئيسية وأخرى فرعية بل جاءت كل العناوين تفتقر إلى الترابط ودود معرفة المهم والأهم أو الرئيسي أو الفرعي، وكأنما هو عرض لأبحاث مجزأة .
- كما أن أسلوب السرد وتكديس الموضوعات أضفى على الكتاب طابع تاريخي فجعل من الموضوع وكأنه كتاب في تاريخ الإشراف التربوي وليس عن الحديث والمعاصر في هذا المجال، مع أن الاهتمام بالبعد التاريخي لموضوع الإشراف مهم بحيث نستطيع من خلاله معرفة الفلسفات والرؤى التي كان يقوم عليها، كما أن في ذلك تحديد لفترات التحديث التي مرّ بها الإشراف التربوي.
- معظم ما استشهد به المؤلف كان لتجارب وأنظمة غربية وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية بدءاً من بداية الإشراف التربوي وحتى استشراف المستقبل ولم يتطرق بشكل متعمق في التجارب العربية أو السعودية واقتصر حديثة على ذكر الجهود التي قامت بها وزارة التربية والتعليم السعودية في مجال تطوير قدرات المشرفين التربويين.
ومن المعلوم أن تجارب الدولا لمتقدمة مهمة في مسألة التحديث والتطوير، إلاّ أن من المناسب أن يكون هناك حديث عن ذلك بما ويتفق وإمكانيات البلد المستفيد حتى لا يكون هناك عائق التطبيق عندما يتضح البون الشاسع فمن شأن ذلك أن يثبط بالجهود التطويرية .
- إنه ومن خلال سرد المؤلف بعض المفاهيم عن الإشراف التربوي وتوضيح للآراء المختلفة حيال هذا الموضوع وأنه كان له الأثر الكبير في عدم التحديد الدقيق لمفهوم الإشراف التربوي، كما أن التعريف الذي أورده المؤلف (بأن الإشراف مجموعة الخدمات والعمليات التي تقوم بقصد مساعدة المعلمين على النمو المهني مما يساعد في بلوغ أهداف التعليم) ينطبق على الإشراف بمفهومه الحديث، وليس على كثير من الممارسات التي يقوم بها المشرفون باسم الإشراف.
فالإشراف بمفهومه الحديث يرمى إلى تنمية المعلم وتفجير طاقاته وتطوير قدراته متوصلاً بذلك إلى تحسين تعلم الطلاب، أما مفهوم الإشراف القديم (وكثير من ممارسات المشرفين حالياً) تجعل تقييم المعلم هدفاً نهائياً في حد ذاته.
وعند استعراض التعرايف التي جاء بها المؤلف يتضح لنا عدة أمور منها:
• أنها تنظر إلى الإشراف على أنه عملية مستمرة ، فلا ينتهي عند زيارة أو زيارتين في السنة، أو بعد القيام بعملية التقويم.
• أنها تنظر إلى أن هدف الإشراف التربوي هو المساعدة في تنمية المعلم، وليس اكتشاف أخطائه أو تقويمه فقط.
• أنها تنظر إلى أن الإشراف عملية وليس وظيفة، فليس الإشراف وظيفة يمارسها صاحب المنصب بقدر ما هي عملية يتولاها أطراف متعددون كالمشرف أو زملاء المعلم أو مدير المدرسة أو المعلم نفسه، حيث أن قيام إنسان واحد بهذه الأعمال مجتمعة هو عمل غير صحيح.
أن الإشراف التربوي بهذا المعنى يراعي المبادئ التالية:
• إن الإشراف التربوي هو مجموعة من المهام المترابطة المتكاملة والتي من خلال ممارستها تتحقق أهدافه . إن نشاطات الإشراف التربوي تتمثل في عمليات إجرائية متنوعة تتطلب ممن يقوم بها أن يكون مزوداً بمجموعة من المهارات يمكنه من القيام بهذه النشاطات بفعالية وكفاية، إن هذه النشاطات وتلك المهارات تؤثر في اتجاه وسرعة ونوعية التغيير المطلوب .
• الإشراف التربوي بمعناه الحديث لا يهتم فقط بالعمل من أجل تطوير الموقف التعليمي التعلمي للوصول إلى أهداف محددة متفق عليها بل يعني أيضاً بتطوير هذه الأهداف ، أي أن الإشراف التربوي يعني ببعدين مترابطين : تطير الموقف التعليمي التعلمي نحو أهداف معينة وتطوير هذه الأهداف نحو مواقع جديدة .
• إن الإشراف التربوي بمعناه الحديث يؤكد أكثر مما سبق أن ممارسة مهامه والقيام بنشاطاته وتطوير المهارات الأساسية لـه . لا يمكن أن تتم إلا من خلال جهاز يتكون من أشخاص مؤهلين تأهيلاً كاملاً لهذا العمل .
وفي ضوء ما سبق نجد أنه مهما كان هناك من طرح علمي أكاديمي حول مفهوم الإشراف التربوي والاختلاف فيه إلاّ أننا نظل تحت وطأة عدم الممارسة الحقيقة لهذه المفاهيم ، وعليه يتضح لنا جلياً أن هناك هوّة ما بين المفهوم والممارسة ، فأزمة الإشراف التربوي أزمة ممارسة أكثر منها أزمة مفهوم!
- لقد تطرق المؤلف في المبحث الثاني والذي تناول فيه الأنماط الحديثة في مجال الإشراف، وعند إمعان النظر في ذلك نجد أن المؤلف اقتصر على أربعة أنماط إشرافية حديثة وهي (الإشراف التربوي العيادي والإشراف التربوي بالأهداف والإشراف التربوي التطويري والإشراف التربوي المتنوع (الخياري) ) علماً بأن هناك ما يربو على سبعة عشر نمطاً إشرافياً ، وهذا يفقد هذا المبحث هدفه.
- كما أن هناك فارق زمني للأنماط المنتقاة من قبل المؤلف وما بين العصر الحالي حيث كان آخر تلك الأنماط في عام 1993م، بينما صدر الكتاب في عام 2004م وهذه المدة الزمنية كفيلة بأن يستجد ويستحدث أنماط إشرافية حديثة لاسيما أن سمة العصر الحاضر هو سمة التفجر المعلوماتي والتسارع العلمي.
- في تصوري – أن الإسهام في إيجاد آليات تنفيذية عملية سواء من قبل الأكاديميين والممارسين للعمل التربوي بجميع فئاتهم أولى من كثير من التنظير وإن كنا بحاجة إلى ذلك، وهذا مما غاب في ثنايا هذا الكتاب حيث أنه لم يتطرق إلى تلك الأساليب العملية التي يمكن أن يتبعها المشرف التربوي والتي من شأنها أن تنهض بالأداء للمعلمين ومن ثم تنعكس على الطلاب والتي تتمشى والإمكانات المتاحة في الميدان التربوي.
أما مسألة النظرية ودورها في تحسن الممارسات الإشرافية والتي تطرق لها المؤلف في المبحث الرابع من الكتاب ، فهي بلا شك لها دور كبير إلاّ أنه من الملاحظ أن يقحم مجال الإشراف التربوي بأن يكون مبني على نظريات حيث نه لا زال يعتبر كعملية داخلة ضمن عمليات المنهج – في نظري – ومما يدل على ذلك أن المؤلف حينما تحدث عن خصائص النظرية الجيدة في الإشراف التربوي تحدث عن خصائص النظرية عموماً، وهذه تنطبق على النظرية في بناء المنهج وليس الإشراف فقط .
- عندما تناول المؤلف التصور المقترح لعملية الإشراف التربوي، لم يقم بتناول مقترح من واقع البيئة التعليمية التربوية المحلية (السعودية) وإنما استعان بنموذج مقترح ، وكان مترجم بحيث أنه لم ينشأ من داخل البيئة، وقد يكون ها محفز لأن تجري أبحاث بتطبيق نماذج حديثة مقترحة ومعرفة إنعكاساتها في البيئة المحلية حيث أنه من خلال استعراضي لقائمة الأبحاث المتعلقة بالإشراف التربوي في المملكة العربية السعودية لم يكن هناك من ضمنها بحث تطرق لهذا الموضوع.
كما أن الكفايات التي تناولها المؤلف والوجب توافرها في المشرفين التربويين ، إنما هي من إصدار وزارة التربية والتعليم في المجالات التسع، ولو كان هناك تقويم لتصور مقترح استشرافي في الكفايات لكان أولى بحيث تكون هناك حداثة في ذلك .
- لقد تناول المؤلف في كتابه موضوعين يندر أي كتاب في الإشراف التربوي إلا وقد أشار إليهما وهما موضوع القيادة وموضوع الاتصال التربوي، وبالتالي قد يعتبر ذلك أنهما موضوعين تقليديين وليس بحديثين كما هو الهدف من الكتاب.
- ويمكننا القول أن الكتاب قد حوى استراتيجيات وأنماط وأفكار فيه من الحداثة في مجال الإشراف التربوي قابلة للتطبيق متى ما وضع لها آلية تنفيذية ، ومما لا شك فيه فإن هذا الكتاب يعد من الكتب المهمة في مجال الإشراف التربوي للباحثين والقادة التربويين .
- ومما تجدر الإشارة غليه أنه حوى الكتاب استشراف هذا الحقل وجعل هناك معايير تتواكب واحتياجات العصر ومنها احتياجات الطلاب المتغيرة من حين لآخر، ولا شك من أن النظام الذي يقوم على المعايير المستقاة من النظريات والواقع هو نظام حديث وأن حركة المعايير في نظري أقوى من حركة الكفايات في مثل هذا العصر.
منقول للفائدة من :
http://www.bahaedu.gov.sa/vb/f9/a-37840.html
ملتقى التربية والتعليم بمنطقة الباحة – عرض الأستاذ أشرف الجار الله