الأستاذ أبو يوسف
2013-03-24, 11:49 AM
11 جمادى الأولى 1434-2013-03-2311:02 PM
"التربية" و"المعلم".. مَنْ وضع العربة قبل الحصان؟
http://sabq.org/files/corner-profiles/1079.jpg?1364068845
بروفايل "سبق"- خاص:
يتناقل اليابانيون أن إمبراطورهم سُئل ذات مرة عن سر تقدم دولته، فقال: "بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلّمنا من أخطائهم، وأعطينا المعلّم حصانة الدبلوماسي، وراتب الوزير".
هذا فيما نقل الإعلام المحلي في التاسع عشر من فبراير 2012م عن د. لي سانغ نائب وزير التربية والتكنولوجيا الكوري، الذي تأتي بلاده في صدارة أفضل الدول تعليماً على مستوى العالم، قوله أثناء تعليقه على وضع التعليم في السعودية: "التعليم في السعودية يمكن أن يحقق نقلة نوعية باستمرار دعم الدولة للتعليم والاستثمار فيه، ورفع مستوى الاهتمام بالمعلمين، وتدريبهم لرفع مستواهم العلمي". في الحقيقة كان الدكتور سانغ يقول الحكمة نفسها، ولكن بطريقة أخرى.
هذا فيما قال وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله قبل أيام لصحيفة "الشرق": "إنه لا يمكن تحقيق التطوير في قطاع التعليم دون التنسيق المشترك بين وزارة التربية ووزارة التعليم العالي؛ باعتبار أن الهدف الأساسي وحجر الزاوية هو (المعلم). هناك معايير لمواصفات المعلم تتبين من خلال إجراء اختبار القياس، ومن خلال هيئة التقييم التي تعطي رخصاً للمعلمين، إلى جانب نظام رتب المعلمين في الوزارة. لدى الوزارة خطوات مميزة، وتطلعاتنا كبيرة".
وفيما يستمر وزير التربية في إثارة الجدل، وخصوصاً مع تناول مرحليات بدأ بها منذ مرحلة الـ 100 يوم، ثم الألف يوم، ثم "لا تسألوني"، مروراً بمرحلة "الأقلام الملونة"، وأخيراً مجتمع المعرفة خلال عشر سنوات.. إلخ.. كل هذا أخذ دوره في سخرية لاذعة من قِبل العاملين في الميدان التربوي، وخصوصاً المعلم الذي يردد "نسمع جعجعة ولا نرى طحناً"..
وبدورها طالبت اللجنة التعليمية بمجلس الشورى وزارة التربية والتعليم بزيادة الاهتمام ببرامج تدريب ورفع تأهيل المعلمين والمعلمات سنوياً، وتعزيز البنود الخاصة بذلك في ميزانية الوزارة.
إن المتابع لجهود وزراء التربية والتعليم على مدى أكثر من عقدين يلحظ بوضوح أن الرغبة لدى مسؤوليها والنية للدفع بالتعليم إلى الأمام ملموستان وصادقتان، ولا يمكن التشكيك فيهما.. إلا أن الغريب أنهم جميعاً كانوا دائماً يضعون العربة أمام الحصان.
إن أفضل تبسيط لتوضيح موضوع هذا البروفايل هو الاستشهاد بما كتبه المستشار والكاتب في إدارة الموارد البشرية بندر بن عبد العزيز الضبعان، الذي يشرح كيف يتم في كل مرة نسيان أهم عنصر في تطوير التعليم بقوله: "الحكومة أسست شركة (تطوير التعليم) القابضة نوفمبر 2008، التي يملكها صندوق الاستثمارات العامة، ومكلفة بتنفيذ (مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام)؛ لتؤسس بدورها ثلاث شركات تابعة لها: واحدة لتطوير الخدمات التعليمية، وثانية لتطوير النقل التعليمي، وثالثة لتطوير المباني التعليمية.. إننا نقترح إنشاء شركة تابعة (رابعة)، هي: شركة (تطوير) للموارد البشرية".
ويرى "الضبعان" أن هذه الشركة ستتولى شؤون المعلمين من توظيف ونقل ومنافع وتأمين طبي وتقييم وتحفيز وتدريب وتأهيل.. هذه الشركة ستنظم أمور 525 ألف تربوي وتربوية.
وقبل الاسترسال في قراءة المشهد نجد أن الإنصاف يستدعى القول إن وزارة التربية والتعليم مؤخراً قدمت جهوداً لافتة لتطوير التعليم، وساندها دعم حكومي هائل، جعل ميزانيتها في السنوات الأخيرة تعادل ميزانيات دول عدة، إلا إن المقولة التي تتكرر دائماً في الدراسات المتعلقة بالتعليم هي أن مستوى التحصيل العلمي لا يمكن أن يكون أفضل من مستوى المعلم، وإن حصل فهناك خلل ما.
كما أن العلاقة المشروخة بين المعلم ووزارته كانت من أبرز الأسباب التي تدعم نظرية وجود العربة قبل الحصان.
يقول د. عدنان بن عبد الله الشيحة في مقال له تحت عنوان "غاب المعلم.. فغابت التنمية": "المجتمع والعالم من حولنا يتغير سريعاً؛ وعلينا أن ندرك أن المعلم عنصر التغيير، إما للأفضل أو للأسوأ. المعلم هو - بلا شك - محور العملية التعليمية، فقط يحضر المعلم فتحضر التنمية".
هذا فيما يقول الكاتب صالح الشيحي: "حالة التعليم في المملكة لن تستقيم.. ولن تنجح كل محاولات الإنعاش القلبي والرئوي قبل ردم الفجوة التي نشأت بين الوزارة والميدان.. ليس سراً يُذاع أن منسوبي التربية والتعليم لا يقيمون وزناً يذكر لوزارتهم.. ولا يرتبطون بها بأي علاقة وُدّ. لقد ضربت الإجراءات الإدارية المجحفة خلال العقد الأخير صميم العلاقة بين الوزارة والمعلم.. اردموا الفجوة، ثم تحدثوا عن مستقبل التعليم..!".
إن إحصائية صغيرة ستبرز علامات استفهام كبيرة؛ حيث يؤكد تقرير اقتصادي أن مخصصات التعليم خلال خمس سنوات توازي الميزانية العامة للدولة في عام 2012، التي تعتبر أكبر ميزانية في تاريخ السعودية، والتي بلغت 690 مليار ريال.
من جهتها تقول الكاتبة مريم ترحيني، وهي كاتبة لبنانية مقيمة في السعودية:
" الحكومة السعودية كانت قد أقرّت زيادة للراتب الشهري، يكون حدّه الأدنى 5600 ريال سعودي، بعد أن كان لا يتجاوز 2000 إلى 3000 ريال سعودي، وهو لا يكفي لشراء الاحتياجات الأساسية ودفع إيجار السكن ونفقة العائلة".
مضيفة: "المناهج التي طُوّرت في السنوات الأخيرة لم يصاحبها التدريب والتأهيل للكوادر التعليمية من معلمين ومعلمات. كما أن النظرة الدونية تلاحق المعلّم؛ لانخفاض الحوافز المادية والمعنوية؛ ما يقف حائلاً دون النهوض بالوضع التعليمي في البلاد".
نعود للدكتور "سانغ" نائب وزير التعليم الكوري عندما طُلب منه وضع حلول لأزمة التعليم في السعودية، فاقترح أهم نقطة: "يجب رفع مستوى الاهتمام بالمعلمين؛ فهم أهم ركيزة في التعليم؛ المعلمون هم الأشخاص الأهم؛ فيجب أن يكون لديهم الشغف، وأن يكون لديهم الطموح".
ولعل مما أثار استياء المعلمين والمعلمات مؤخراً صدمتهم بقرار إلغاء مكافأة نهاية الخدمة! والاكتفاء بمنح أربعة رواتب فقط لمن انتهت خدمته.
أما مسألة الإجازات فيلخص الأمر تعليق لأحد المعلمين في تقرير صحفي: "يحسدوننا على لا شيء، ولم ينظروا لبعض موظفي القطاعات العسكرية مثلاً، يداوم أحدهم يوماً، ويجلس في بيته ثلاثة أيام؛ ما يعني أنه فعلياً لا يداوم إلا عشرة أيام في الشهر. هذا بخلاف إجازته".
فيما يقول الكاتب د. محمد الخازم: "أعلن وزير التربية العام الدراسي الماضي أنه سيكون عام المعلم، فما هي الخطوات التي اتُّخذت تجاه تطوير المعلم؟.. أعرف أن هناك دورات تقدم للمعلمين، لكن هل تتوازى مع وعود وحجم مشروع التطوير؟".
ويتساءل د. الخازم: "أين هي الأندية الاجتماعية، الترويحية وجمعية المعلمين والجمعيات التعاونية الموعودة منذ سنوات للمعلمين؟.. نريد أن نرى فعلاً حقيقياً نحو تطوير المعلم، وليس فقد وعوداً مكررة، ليس لها أثر على أرض الواقع".
ويقول مدير مركز التميز البحثي في تطوير تعليم العلوم والرياضيات من جامعة الملك سعود، الدكتور فهد بن سليمان الشايع: "لا بد من بناء نموذج محلي لتطوير المعلم في ضوء المستجدات، وضرورة بناء الثقة لدى المعلم، إضافة إلى أهمية إتاحة المصادر وتهيئة الأسباب لتطويره".
هذا فيما يعلق د. صلاح بن فهد الشلهوب على أهمية الأمر بقوله: "ميزانية التعليم.. بناء العنصر البشري يبدأ من المعلم.. أهم ما في هذه المرحلة يجب أن يكون تعزيز الاهتمام بالمعلم.. يجب أن تكون هناك استراتيجية واضحة ومعلنة ومستمرة لبرنامج تطوير المعلم".
وعلى الجانب الآخر هناك من يرى أنه لا بد أيضاً من ضوابط للحفاظ على المعلم وأدائه، وهي مثلما يقول الكاتب علي الجحلي:
"ليس هناك ما يدفع المعلم للعمل على تحسين أدائه أو مراعاة الله في فلذات الأكباد سوى الخوف من الله ثم الأمانة والاستقامة. التقويم الذي تعده الجهة المختصة لا يضر ولا ينفع".
مضيفاً: "تستحق فئة لا تتجاوز الـ 5 في المائة من المعلمين أن يعاقبوا على سوء أدائهم لواجبهم الوظيفي.. هؤلاء الفاشلون يسيئون لسمعة المعلم والتعليم في السعودية كلها".
إن وجود فئات قليلة نادرة من المعلمين خرجت عن نمط القدوة التربوية لا يعني أن تغفل التربية والتعليم أن الوقت قد حان لتضع أولوياتها وتصحيح وضع العربة وفق الأولويات المطلوبة.
"التربية" و"المعلم".. مَنْ وضع العربة قبل الحصان؟
http://sabq.org/files/corner-profiles/1079.jpg?1364068845
بروفايل "سبق"- خاص:
يتناقل اليابانيون أن إمبراطورهم سُئل ذات مرة عن سر تقدم دولته، فقال: "بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلّمنا من أخطائهم، وأعطينا المعلّم حصانة الدبلوماسي، وراتب الوزير".
هذا فيما نقل الإعلام المحلي في التاسع عشر من فبراير 2012م عن د. لي سانغ نائب وزير التربية والتكنولوجيا الكوري، الذي تأتي بلاده في صدارة أفضل الدول تعليماً على مستوى العالم، قوله أثناء تعليقه على وضع التعليم في السعودية: "التعليم في السعودية يمكن أن يحقق نقلة نوعية باستمرار دعم الدولة للتعليم والاستثمار فيه، ورفع مستوى الاهتمام بالمعلمين، وتدريبهم لرفع مستواهم العلمي". في الحقيقة كان الدكتور سانغ يقول الحكمة نفسها، ولكن بطريقة أخرى.
هذا فيما قال وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله قبل أيام لصحيفة "الشرق": "إنه لا يمكن تحقيق التطوير في قطاع التعليم دون التنسيق المشترك بين وزارة التربية ووزارة التعليم العالي؛ باعتبار أن الهدف الأساسي وحجر الزاوية هو (المعلم). هناك معايير لمواصفات المعلم تتبين من خلال إجراء اختبار القياس، ومن خلال هيئة التقييم التي تعطي رخصاً للمعلمين، إلى جانب نظام رتب المعلمين في الوزارة. لدى الوزارة خطوات مميزة، وتطلعاتنا كبيرة".
وفيما يستمر وزير التربية في إثارة الجدل، وخصوصاً مع تناول مرحليات بدأ بها منذ مرحلة الـ 100 يوم، ثم الألف يوم، ثم "لا تسألوني"، مروراً بمرحلة "الأقلام الملونة"، وأخيراً مجتمع المعرفة خلال عشر سنوات.. إلخ.. كل هذا أخذ دوره في سخرية لاذعة من قِبل العاملين في الميدان التربوي، وخصوصاً المعلم الذي يردد "نسمع جعجعة ولا نرى طحناً"..
وبدورها طالبت اللجنة التعليمية بمجلس الشورى وزارة التربية والتعليم بزيادة الاهتمام ببرامج تدريب ورفع تأهيل المعلمين والمعلمات سنوياً، وتعزيز البنود الخاصة بذلك في ميزانية الوزارة.
إن المتابع لجهود وزراء التربية والتعليم على مدى أكثر من عقدين يلحظ بوضوح أن الرغبة لدى مسؤوليها والنية للدفع بالتعليم إلى الأمام ملموستان وصادقتان، ولا يمكن التشكيك فيهما.. إلا أن الغريب أنهم جميعاً كانوا دائماً يضعون العربة أمام الحصان.
إن أفضل تبسيط لتوضيح موضوع هذا البروفايل هو الاستشهاد بما كتبه المستشار والكاتب في إدارة الموارد البشرية بندر بن عبد العزيز الضبعان، الذي يشرح كيف يتم في كل مرة نسيان أهم عنصر في تطوير التعليم بقوله: "الحكومة أسست شركة (تطوير التعليم) القابضة نوفمبر 2008، التي يملكها صندوق الاستثمارات العامة، ومكلفة بتنفيذ (مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام)؛ لتؤسس بدورها ثلاث شركات تابعة لها: واحدة لتطوير الخدمات التعليمية، وثانية لتطوير النقل التعليمي، وثالثة لتطوير المباني التعليمية.. إننا نقترح إنشاء شركة تابعة (رابعة)، هي: شركة (تطوير) للموارد البشرية".
ويرى "الضبعان" أن هذه الشركة ستتولى شؤون المعلمين من توظيف ونقل ومنافع وتأمين طبي وتقييم وتحفيز وتدريب وتأهيل.. هذه الشركة ستنظم أمور 525 ألف تربوي وتربوية.
وقبل الاسترسال في قراءة المشهد نجد أن الإنصاف يستدعى القول إن وزارة التربية والتعليم مؤخراً قدمت جهوداً لافتة لتطوير التعليم، وساندها دعم حكومي هائل، جعل ميزانيتها في السنوات الأخيرة تعادل ميزانيات دول عدة، إلا إن المقولة التي تتكرر دائماً في الدراسات المتعلقة بالتعليم هي أن مستوى التحصيل العلمي لا يمكن أن يكون أفضل من مستوى المعلم، وإن حصل فهناك خلل ما.
كما أن العلاقة المشروخة بين المعلم ووزارته كانت من أبرز الأسباب التي تدعم نظرية وجود العربة قبل الحصان.
يقول د. عدنان بن عبد الله الشيحة في مقال له تحت عنوان "غاب المعلم.. فغابت التنمية": "المجتمع والعالم من حولنا يتغير سريعاً؛ وعلينا أن ندرك أن المعلم عنصر التغيير، إما للأفضل أو للأسوأ. المعلم هو - بلا شك - محور العملية التعليمية، فقط يحضر المعلم فتحضر التنمية".
هذا فيما يقول الكاتب صالح الشيحي: "حالة التعليم في المملكة لن تستقيم.. ولن تنجح كل محاولات الإنعاش القلبي والرئوي قبل ردم الفجوة التي نشأت بين الوزارة والميدان.. ليس سراً يُذاع أن منسوبي التربية والتعليم لا يقيمون وزناً يذكر لوزارتهم.. ولا يرتبطون بها بأي علاقة وُدّ. لقد ضربت الإجراءات الإدارية المجحفة خلال العقد الأخير صميم العلاقة بين الوزارة والمعلم.. اردموا الفجوة، ثم تحدثوا عن مستقبل التعليم..!".
إن إحصائية صغيرة ستبرز علامات استفهام كبيرة؛ حيث يؤكد تقرير اقتصادي أن مخصصات التعليم خلال خمس سنوات توازي الميزانية العامة للدولة في عام 2012، التي تعتبر أكبر ميزانية في تاريخ السعودية، والتي بلغت 690 مليار ريال.
من جهتها تقول الكاتبة مريم ترحيني، وهي كاتبة لبنانية مقيمة في السعودية:
" الحكومة السعودية كانت قد أقرّت زيادة للراتب الشهري، يكون حدّه الأدنى 5600 ريال سعودي، بعد أن كان لا يتجاوز 2000 إلى 3000 ريال سعودي، وهو لا يكفي لشراء الاحتياجات الأساسية ودفع إيجار السكن ونفقة العائلة".
مضيفة: "المناهج التي طُوّرت في السنوات الأخيرة لم يصاحبها التدريب والتأهيل للكوادر التعليمية من معلمين ومعلمات. كما أن النظرة الدونية تلاحق المعلّم؛ لانخفاض الحوافز المادية والمعنوية؛ ما يقف حائلاً دون النهوض بالوضع التعليمي في البلاد".
نعود للدكتور "سانغ" نائب وزير التعليم الكوري عندما طُلب منه وضع حلول لأزمة التعليم في السعودية، فاقترح أهم نقطة: "يجب رفع مستوى الاهتمام بالمعلمين؛ فهم أهم ركيزة في التعليم؛ المعلمون هم الأشخاص الأهم؛ فيجب أن يكون لديهم الشغف، وأن يكون لديهم الطموح".
ولعل مما أثار استياء المعلمين والمعلمات مؤخراً صدمتهم بقرار إلغاء مكافأة نهاية الخدمة! والاكتفاء بمنح أربعة رواتب فقط لمن انتهت خدمته.
أما مسألة الإجازات فيلخص الأمر تعليق لأحد المعلمين في تقرير صحفي: "يحسدوننا على لا شيء، ولم ينظروا لبعض موظفي القطاعات العسكرية مثلاً، يداوم أحدهم يوماً، ويجلس في بيته ثلاثة أيام؛ ما يعني أنه فعلياً لا يداوم إلا عشرة أيام في الشهر. هذا بخلاف إجازته".
فيما يقول الكاتب د. محمد الخازم: "أعلن وزير التربية العام الدراسي الماضي أنه سيكون عام المعلم، فما هي الخطوات التي اتُّخذت تجاه تطوير المعلم؟.. أعرف أن هناك دورات تقدم للمعلمين، لكن هل تتوازى مع وعود وحجم مشروع التطوير؟".
ويتساءل د. الخازم: "أين هي الأندية الاجتماعية، الترويحية وجمعية المعلمين والجمعيات التعاونية الموعودة منذ سنوات للمعلمين؟.. نريد أن نرى فعلاً حقيقياً نحو تطوير المعلم، وليس فقد وعوداً مكررة، ليس لها أثر على أرض الواقع".
ويقول مدير مركز التميز البحثي في تطوير تعليم العلوم والرياضيات من جامعة الملك سعود، الدكتور فهد بن سليمان الشايع: "لا بد من بناء نموذج محلي لتطوير المعلم في ضوء المستجدات، وضرورة بناء الثقة لدى المعلم، إضافة إلى أهمية إتاحة المصادر وتهيئة الأسباب لتطويره".
هذا فيما يعلق د. صلاح بن فهد الشلهوب على أهمية الأمر بقوله: "ميزانية التعليم.. بناء العنصر البشري يبدأ من المعلم.. أهم ما في هذه المرحلة يجب أن يكون تعزيز الاهتمام بالمعلم.. يجب أن تكون هناك استراتيجية واضحة ومعلنة ومستمرة لبرنامج تطوير المعلم".
وعلى الجانب الآخر هناك من يرى أنه لا بد أيضاً من ضوابط للحفاظ على المعلم وأدائه، وهي مثلما يقول الكاتب علي الجحلي:
"ليس هناك ما يدفع المعلم للعمل على تحسين أدائه أو مراعاة الله في فلذات الأكباد سوى الخوف من الله ثم الأمانة والاستقامة. التقويم الذي تعده الجهة المختصة لا يضر ولا ينفع".
مضيفاً: "تستحق فئة لا تتجاوز الـ 5 في المائة من المعلمين أن يعاقبوا على سوء أدائهم لواجبهم الوظيفي.. هؤلاء الفاشلون يسيئون لسمعة المعلم والتعليم في السعودية كلها".
إن وجود فئات قليلة نادرة من المعلمين خرجت عن نمط القدوة التربوية لا يعني أن تغفل التربية والتعليم أن الوقت قد حان لتضع أولوياتها وتصحيح وضع العربة وفق الأولويات المطلوبة.