اللجنة الإخبارية
2009-11-06, 12:10 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
أنهيت قراءة هذه الدراسة، البالغة (417) صفحة، والمعنونة بـ (دراسات
تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس)، والواقعة في تسعة
أبواب، والتي كتبها بعض الشباب في ليبيا، تعبيراً عما انتهوا إليه، بموجب فهمهم
وبحثهم، ثم بموجب التجربة العملية التي عاشوها، ومروا بها.
والنتائج التي دونت في هذه الدراسة حول القضايا المطروحة؛ متفقة مع ما قرره أهل
العلم والسنّة، وقد اعتمدت على الأدلة الصحيحة، واستأنست بأقوال الأئمة
والعلماء من المتقدمين والمتأخرين، واتسمت بالاعتدال في لغتها ونتائجها، والهدوء
في معالجتها، وظهر فيها الإشفاق على الأمة عامة، وخاصة على الشباب المسلم،
والذي يحدث من بعض أفراده وفئاته شيء من الاندفاع غير المدروس، والحماس غير
المنضبط.
ولئن كانت هذه النتائج عادية عند أقوام، نشئوا عليها، وتربوا منذ نعومة أظفارهم
على مفاهيمها؛ فإنها تعد شجاعة محمودة، وتقوى لله تعالى، وتعالياً على الهوى
والذاتية؛ حين تصدر من إخوة سلكوا طريقًا آخر، ثم بدا لهم أنَّه لا يوصل إلى
المقصود، فأعلنوا ذلك حرصًا على أن يبدأ الآخرون من حيث انتهوا، وليس من
حيث بدءوا، وسعيًا إلى التصحيح والتصويب الذي هو لب الدعوة، ورأس
الإصلاح، ودعامة المنهج (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) (هود: من الآية88)،
(وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) (طـه: من الآية114)، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً *
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق: من الآية 3،2).
وإذا كان النبي في عاديات المسائل يقول: «وَإِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى
يَمِينٍ ثُمَّ أَرَى خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى وَأَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ». متفق عليه،
فكيف بما هو فوق ذلك، مما فيه حفظ وحدة الأمة، وحقن دمائها، وحياطة سمعتها
من ألسن الإعلام العالمي، والذي أومأ إليه النبي في قوله: «لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ
مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ » وهذا في شأن أقوام مأذون شرعًا بقتلهم، فكيف بمعصومى
الدم والمال والعرض من المسلمين؟ أو من غيرهم ممن حقنت الشريعة دماءهم،
وحفظت حقوقهم؟
وإذا كان عمر يقول لأبي موسى: (لاَ يَمْنَعَنَّكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ، رَاجَعْتَ فِيهِ نَفْسَكَ،
وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ، أَنْ تُرَاجِعَ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ) وهذا في مسائل اجتهادية
وليها القاضي بموجب عقد الشرعية، فكيف بالتقحّم في مسائل ذات شأن عام،
وخطر واسع، ممن ليس من أهلها، بمجرد الجرأة وقلة التقوى؟
إن هذا التدوين العلمي الهادئ الرصين، المدعوم بالأدلة؛ لهو من خير ما تمحّضت
عنه التجارب المتكررة للمواجهات المسلحة في أكثر من بلد، ومثل هذا يجب أن
يؤخذ بمصداقية وجديّة وتشجيع، حفظًا للشباب من الوقوع في مآزق الانحراف
الفكري والسلوكي، وتوجيهًا لطاقتهم في الدعوة والبناء والإصلاح والتنمية
والمشاركة في الحياة العملية بكافة صورها، وحفظًا للأمة كافة من التشرذم
والتشتت، والصراعات الداخلية.
إنَّ صدق النيات ونبل المقاصد من أهم ما يجب العناية به، فمن صحت نيته فالغالب
أنه يُعصم بإذن الله، وإذا تجرد المرء من الشح والهوى والأنانية فهو مظنة أن يدركه
لطف الله، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
أسأل الله لهؤلاء الشباب، ولسائر شباب الإسلام، وللأمة كلها صلاح الحال والمآل،
والتوفيق والسداد والرفعة والعزة والكرامة والتمكين، إنه قوي عزيز.
كتبه
د. سلمان بن فهد العودة
15 شعبان 1430هـ
الرياض
منقول
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
أنهيت قراءة هذه الدراسة، البالغة (417) صفحة، والمعنونة بـ (دراسات
تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس)، والواقعة في تسعة
أبواب، والتي كتبها بعض الشباب في ليبيا، تعبيراً عما انتهوا إليه، بموجب فهمهم
وبحثهم، ثم بموجب التجربة العملية التي عاشوها، ومروا بها.
والنتائج التي دونت في هذه الدراسة حول القضايا المطروحة؛ متفقة مع ما قرره أهل
العلم والسنّة، وقد اعتمدت على الأدلة الصحيحة، واستأنست بأقوال الأئمة
والعلماء من المتقدمين والمتأخرين، واتسمت بالاعتدال في لغتها ونتائجها، والهدوء
في معالجتها، وظهر فيها الإشفاق على الأمة عامة، وخاصة على الشباب المسلم،
والذي يحدث من بعض أفراده وفئاته شيء من الاندفاع غير المدروس، والحماس غير
المنضبط.
ولئن كانت هذه النتائج عادية عند أقوام، نشئوا عليها، وتربوا منذ نعومة أظفارهم
على مفاهيمها؛ فإنها تعد شجاعة محمودة، وتقوى لله تعالى، وتعالياً على الهوى
والذاتية؛ حين تصدر من إخوة سلكوا طريقًا آخر، ثم بدا لهم أنَّه لا يوصل إلى
المقصود، فأعلنوا ذلك حرصًا على أن يبدأ الآخرون من حيث انتهوا، وليس من
حيث بدءوا، وسعيًا إلى التصحيح والتصويب الذي هو لب الدعوة، ورأس
الإصلاح، ودعامة المنهج (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) (هود: من الآية88)،
(وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) (طـه: من الآية114)، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً *
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق: من الآية 3،2).
وإذا كان النبي في عاديات المسائل يقول: «وَإِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى
يَمِينٍ ثُمَّ أَرَى خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى وَأَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ». متفق عليه،
فكيف بما هو فوق ذلك، مما فيه حفظ وحدة الأمة، وحقن دمائها، وحياطة سمعتها
من ألسن الإعلام العالمي، والذي أومأ إليه النبي في قوله: «لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ
مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ » وهذا في شأن أقوام مأذون شرعًا بقتلهم، فكيف بمعصومى
الدم والمال والعرض من المسلمين؟ أو من غيرهم ممن حقنت الشريعة دماءهم،
وحفظت حقوقهم؟
وإذا كان عمر يقول لأبي موسى: (لاَ يَمْنَعَنَّكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ، رَاجَعْتَ فِيهِ نَفْسَكَ،
وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ، أَنْ تُرَاجِعَ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ) وهذا في مسائل اجتهادية
وليها القاضي بموجب عقد الشرعية، فكيف بالتقحّم في مسائل ذات شأن عام،
وخطر واسع، ممن ليس من أهلها، بمجرد الجرأة وقلة التقوى؟
إن هذا التدوين العلمي الهادئ الرصين، المدعوم بالأدلة؛ لهو من خير ما تمحّضت
عنه التجارب المتكررة للمواجهات المسلحة في أكثر من بلد، ومثل هذا يجب أن
يؤخذ بمصداقية وجديّة وتشجيع، حفظًا للشباب من الوقوع في مآزق الانحراف
الفكري والسلوكي، وتوجيهًا لطاقتهم في الدعوة والبناء والإصلاح والتنمية
والمشاركة في الحياة العملية بكافة صورها، وحفظًا للأمة كافة من التشرذم
والتشتت، والصراعات الداخلية.
إنَّ صدق النيات ونبل المقاصد من أهم ما يجب العناية به، فمن صحت نيته فالغالب
أنه يُعصم بإذن الله، وإذا تجرد المرء من الشح والهوى والأنانية فهو مظنة أن يدركه
لطف الله، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
أسأل الله لهؤلاء الشباب، ولسائر شباب الإسلام، وللأمة كلها صلاح الحال والمآل،
والتوفيق والسداد والرفعة والعزة والكرامة والتمكين، إنه قوي عزيز.
كتبه
د. سلمان بن فهد العودة
15 شعبان 1430هـ
الرياض
منقول