اللجنة الإخبارية
2009-11-02, 11:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تقدمالهيئةالإعلامية
للشيخعليبنحاج
http://www.alfalaq.com/images/aq7.jpghttp://www.fustat.com/image2/aqsa10.jpg
الجزائر الاثنين في 14 ذو القعدة 1430هـ
:الموافــق لـ 02 نوفمبر 2009م
أصد الشيخ علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ بيانا كشف فيه عن صفحة مشرقة ظلت مطوية عما قامت به جمعية علماء المسلمين الجزائريين في مناصرة القضية الفلسطينية بالرغم من وطأة الاستعمار الذي كان جاثما على صدر الشعب الجزائري مبديا أسفه الشديد من خذلان الأنظمة العربية وهي " مستقلة " ولها من الإمكانيات السياسية والاقتصادية والإعلامية التي تستطيع بها أن تضغط لحل القضية الفلسطينية وإنقاذ المسجد الأقصى المبارك مما يتعرض له . وهذه أهم النقاط التي وردت في بيانه
1:أن الشعوب العربية والإسلامية لا تقوى على المناصرة الإيجابية التي يطمح إليها إخواننا بأرض الرباط وعلى أكناف المسجد الأقصى إلا بالتخلص من أنظمة الاستبداد والطغيان والتخلص من سجون الأنظمة الرهيبة
2 : وبروز لفيف من أدعياء العلم الشرعي والفكر والثقافة والسياسة والإعلام همهم الوحيد التأصيل لفقه الاستبداد وللخضوع الداخلي والتأصيل للاستسلام والخنوع لهيمنة الاستكبار الخارجي
3: وليعلم الجميع أن في مرحلة الاستضعاف والقهر تتربى في رحم الأمة الطائفة المنصورة التي تتولى نصرة الدين ورفع شأن الأمة والدفاع عن مقدسات الأمة المعنوية والمادية
4: نصرة فلسطين فريضة إلا لمعذور
5: الذين يتحملون مسؤولية خذلان القضية الفلسطينية العادلة ملوك وأمراء وحكام الدول العربية الذين يحملون لواء "الإعتدال"
6: فعلى المسلمين في أصقاع العالم عدم الاستسلام للأوضاع المزرية اقتداء بما كانت عليه جمعية العلماء المسلمين أيام الاستعمار، وعليهم أن يجعلوا من نصرة بيت المقدس والمسجد الأقصى أهم فرائض الوقت الخارجية، لأن أرض الإسلام واحدة والدفاع عنها واجب على الجميع
واليكم نص البيان كامل
بيــان:نصرة في عزّ الاحتلال وخذلان في ظل الاستقلال!!
الحمد لله الذي وعد عباده الصالحين المصلحين بالنصر والتمكين وميراث الأرض قال جل جلاله:"وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني، لا يشركون بي شيئا" النور 55، وهي حقيقة ثابتة في جميع الكتب السماوية لمن استجمع شروطها قال تعالى:"ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون..." الأنبياء 105، "فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين * ولنسكننّكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد..." إبراهيم 13/14. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين الذي عيّن بنفسه تلك الفئة المنصورة وأهم صفاتها بل وحدد بنفسه الشريفة مكانها:"لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك" وفي حديث آخر:"لن يبرح هذا الدين قائماً يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة" وعندما سئل عن مكان تواجدها قال:"ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس". وبشّر الرسول الأكرم هذه الأمة بالنصر لمن أخلص دينه لله تعالى: "بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والنصر والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب"، وعلى آله وصحبه أجمعين الذين كانوا في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
* إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإن الوجدان ليهتاج وإن العقل الحصيف ليحتار لما يتعرض له الأشاوس المرابطون ببيت المقدس والمسجد الأقصى المبارك من المخاطر والاعتداء السافر من مطاردة وتعذيب وتنكيل وإهانة على يد الكيان الصهيوني اللعين وإن عموم الشعوب العربية والإسلامية لتشعر في قراره نفسها بالغم والهم! لعدم قدرتها على القيام بفريضة النصرة الشرعية لأنها شعوب مقهورة ومغلوبة على أمرها، تعاني أشد المعاناة من سجن الأنظمة العميلة المستبدة، ومن هذه الشعوب الشعب الجزائري الذي كان مضرب المثل في النجدة والغوث والمناصرة والمساندة لكل القضايا العادلة في العالم وعلى رأسها الدفاع عن بيت المقدس والمسجد الأقصى الشريف وهاهو الشعب الجزائري يرى إخوانه في بيت المقدس والمسجد الأقصى في ضيق وضنك وإهانة ولا يستطيع أن يمد له يد العون، بينما رؤوس السلطة في البلاد مشغولون باستقبال الوفود العسكرية والأمنية تارة من البنتاغون وتارة من وزارة الدفاع البريطانية، آخرها زيارة وزير الدفاع البريطاني بوب أينزورث لعقد صفقات عسكرية وأمنية مشبوهة لا يعرف الشعب ولا البرلمان تفاصيلها، كل ذلك يتم ضمن تنافس متسارع للدول الكبرى للتواجد في منطقة الساحل بدعوى مكافحة الإرهاب والقاعدة رغم أن السلطات الأمنية المختلفة تصرح يوميا أنها تقاوم فلول الإرهاب والبقية المتبقية منه؟!! والحاصل أن الشعوب العربية والإسلامية لا تقوى على المناصرة الإيجابية التي يطمح إليها إخواننا بأرض الرباط وعلى أكناف المسجد الأقصى إلا بالتخلص من أنظمة الاستبداد والطغيان والتخلص من سجون الأنظمة الرهيبة!!!.
* ومن المآسي الخطيرة التي يعاني منها العالم العربي والإسلامي ظهور وبروز لفيف من أدعياء العلم الشرعي والفكر والثقافة والسياسة والإعلام همهم الوحيد التأصيل لفقه الاستبداد وللخضوع الداخلي والتأصيل للاستسلام والخنوع لهيمنة الاستكبار الخارجي فراحوا يبثون اليأس في قلوب العامة وتوهين العزائم وتثبيط الهمم وتضخيم قدرة الأعداء، ومما زاد الطين بلة أن الأنظمة المستبدة فتحت لهم جميع منابر التوجيه والإعلام بما في ذلك المساجد والفضائيات إلا ما شد منها عن القاعدة، فترى أحدهم يصرح على بعض الفضائيات دون حياء أو خجل ودون وازع دين أو خلق أو وطنية، قائلا: أيها الناس ما دامت إسرائيل تحظى بالحماية والرعاية والمساندة من الإدارة الأمريكية فضلا عن تصاعد دعم الشعب الأمريكي لإسرائيل مؤخرا وكذا الدعم السياسي والمالي والإعلامي الذي تحظى به إسرائيل من الدول الأوروبية خاصة عميدة الدول الاستعمارية بريطانيا وفرنسا، الحاصلة على درجة الخبرة بأصول فقه الاستعمار فلا قيمة لنطح الصخور والحرث في البحر واستعراض العضلات التي لا تسمن ولا تغني من جوع إلى آخر ذلك الكلام المسموم الدال على حجم الهزيمة النفسية التي وصل إليها بعض قادة الفكر والسياسة عندنا وهؤلاء يساهمون في إضعاف روح المقاومة لدى الشعوب بمختلف أشكالها الإيجابية والسلبية.
* ونحن نقول بكل صراحة ووضوح أن الأمة الإسلامية تمدّ بمرحلة استضعاف على أكثر من صعيد فالأمة تعاني من ضعف ديني واستضعاف سياسي واقتصادي وضعف أخلاقي واستضعاف حضاري وثقافي وإعلامي وضعف علمي وإبداعي أي نعاني من استضعاف عام، وهذه حقيقة ثابتة ولكن رغم كل ذلك، لا يجوز شرعا ولا عقلا أن نتخذ من حالة الاستضعاف المؤقت في حياة الأمة الإسلامية ذريعة لزرع بذور اليأس في قلوب المسلمين وإلقاء الوهن في عزائمهم ولأننا نعلم من دروس التاريخ أنه ما استولى اليأس على أمة من الأمم إلا أخملها ولا خامر قلبها إلا أضعفها وأفقدها إرادة الحياة والمقاومة ومحاولة النهوض ولذلك قرن الله تعالى في كتابه اليأس بالكفر، فقال جل جلاله "ولا تيأسوا من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" ثم إن الدارس لتاريخ الشعوب والأمم باستطاعته أن يخلص إلى نتيجة مفادها أنه ما من أمة إلا مرت في مرحلة من مراحل حياتها إلى فترة استضعاف قد تطول وقد تقصر من أمة إلى أمة أخرى بحسب عوامل كثيرة متداخلة ومعقدة وعلى رأسها قوة الطغيان المسلط عليها إما من مستبد داخلي أو من عدو خارجي ولكن تبقى في كل أمة بقية في داخل تلك الأمة المستضعفة تعمل وتجتهد بكل الوسائل لاسترجاع الحقوق المهضومة أو تموت دونها وهؤلاء هم الذين تتشرف بهم الأمم وهم الذين يعيدون لها مكانتها ومجدها وعلو شأنها، ألم يستضعف فرعون الطاغية قوم موسى واستخف عقولهم فأطاعوه قال تعالى:"إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين" القصص 4، وهو عين ما تقوم به إسرائيل اليوم عندما انحرفت عن نهج موسى عليه السلام ولكن الاستضعاف ليس ضربة لازب لا فكاك منه قال تعالى بعد ذلك:"ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون" القصص 5/6. وقال موسى عليه السلام لقومه وهو الذي تولى الدفاع عنهم وتخليصهم من الأسر والعذاب:"قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين" الأعراف 128، وعندما استقاموا على الطريقة أورثهم الله الأرض وصفى فرعون وجنوده قال تعالى: "وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون" الأعراف 137، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه مستضعفين في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس ولكن لما استقاموا على الطريقة وجاهدوا في الله حق جهاده وأخلصوا دينهم لله تعالى حوّل الله استضعافهم إلى قوة قال تعالى:"واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره" الأنفال 26. "قالوا كنا مستضعفين في الأرض" النساء 97، وقال تعالى: "والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان" النساء 75، وقال تعالى:"وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديراً" الأحزاب 27، وقال جل جلاله:"كذلك وأورثناها قوماً آخرين" الدخان28، وليعلم الجميع أن في مرحلة الاستضعاف والقهر تتربى في رحم الأمة الطائفة المنصورة التي تتولى نصرة الدين ورفع شأن الأمة والدفاع عن مقدسات الأمة المعنوية والمادية ذلك أن حوادث التاريخ القديمة والحديثة علمتنا أن الشعوب والأمم ليست هي التي تقوم بالمواجهة وإنما يكون ذلك عن طريق طائفة منها تتولى ذلك وتتعرض هذه الطائفة للخذلان والمخالفة من عموم الأمة الغافلة لقصر نظرها أو للتدليس عليها من طرف علماء السوء والحكام العملاء الوكلاء لبني صهيون ولذلك عَظُمَ أجرها عند الله تعالى والأجر على قدر المشقة وذهب بعض شراح الحديث إلى أن كلمة الطائفة قد تطلق على الرجل الواحد والرسول صلى الله عليه وسلم كان دقيقا عندما قال:"لا تزال طائفة من أمتي" ولم يقل لا تزال أمتي أو كل أمتي، وهذه أمريكا ألم تكن مستضعفة تسام الخسف والظلم إلى أن قامت الثورة الأمريكية الكبرى المعروفة؟!! ألم تكن فرنسا في ذل وهوان واستضعاف إلى أن قامت الثورة الفرنسية المعروفة هي الأخرى وكذا اليابان وألمانيا والصين الخ... ثم انظر في شأن هذه الدول إلى ما صارت إليه بعد مرحلة الاستضعاف وهذه الجزائر ظلت تعاني من الإستعمار والاستضعاف طيلة 130 سنة، إلى أن قيض الله لها ثلة قليلة من رجالها حملوا لواء الجهاد والعزة والثورة وكان الاستقلال، وليعلم الجميع أن الله تعالى قادر على نصرة دينه بنا أو بغيرها أو بأقوام لا خلاق لهم أو بالرجل الفاجر، كما جاء في الحديث الصحيح، قال تعالى "فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا قوما ليسوا بها بكافرين"الأنعام89، وقال تعالى "من يرتد منكم عن دينه، فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم" المائدة54، بل أن الله تعالى قادر على يجعل الشاهد على الحق من أهل الباطل أنفسهم، قال تعالى "وشهد شاهد من أهلها" وذلك إمعانا منه تعالى في إقامة الحجة، فهاهو غلادستون وهو قاضي يهودي صهيوني شهد على بني جنسه بالعدوان والطغيان وارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية لا تزول بالتقادم وتعرّض مرتكبيها إلى المحاكم الدولية، لقد كانت غاية المؤمن الصادق أن يشرفه الله تعالى بنصرة الدين على يده أو يساهم في ذلك من قريب أو بعيد، لأن الفضل والمنّة من الله وحده تعالى "فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى"الأنفال17، وقال جل جلاله "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم"التوبة 14، فيا فوز من اختاره الله تعالى لنصرة دينه "ويتخذ منكم شهداء".
والحاصل أنه لا يجوز اتخاذ مرحلة الاستضعاف ذريعة لبث اليأس والإحباط في قلوب الناس، بل العكس هو الصحيح، ولقد كانت جمعية العلماء الجزائريين تناصر القضية الفلسطينية والجزائر في عز الاستضعاف وتعاني من ويلات الاستعمار الفرنسي الغاشم ومن الصفحات البيضاء الخالدة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين دفاع الجمعية على القضية الفلسطينية دفاعا قل نظيره، وهذا ما سنراه مفصلا في هذا البيان ليعرف العام والخاص والداخل والخارج ما قام به علماء الجمعية وهم تحت نير الاستعمار، لمناصرة القضية الفلسطينية، هذه القضية التي شغلت العالم بأسره منذ أن فتحت بريطانيا قنصلية لها في القدس عام 1838، أي بعد احتلال الجزائر بـ8 سنوات، وفي أول رسالة للقنصل في القدس طلبت الخارجية البريطانية منه توفير الحماية لليهود وظلت هذه القنصلية مركزا للدفاع عن مصالح اليهود إلى غاية نشوب الحرب العالمية الأولى 1914، وزادت الحماية لليهود من طرف بريطانيا بعد معاهدة سايس بيكو عام 1916 ووقعت فلسطين تحت الانتداب أو الاحتلال البريطاني من 1917 إلى 1948 وكانت نتيجة ذلك وعد فلفور في 02 نوفمبر 1917، ومن أجل تجلية موقف جمعية العلماء من القضية الفلسطينية نرى لزاما الإشارة إلى مجموعة من النقاط الهامة والله الموفق لكل خير.
النقطة 01: مكانة جمعية العلماء واهتمامها بالقضايا السياسية العامة.
* مما لا شك فيه أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كان لها بعد الله تعالى دور أساسي في الدفاع والمحافظة على مقومات الشعب الجزائري المسلم وهذا ما شهد به الخصوم ناهيك عن المنصفين من أهل الفكر والتاريخ، قال المؤرخ الفرنسي شارل أندري جوليان "العلماء هم الذين أيقظوا الرأي العام الأهلي الذي كان كمحكوم عليه بالإعدام في بيته ينتظر التنفيذ" وقال أجرون "إن تأثيرها –يقصد الجمعية- في ميلاد الوطنية الجزائرية وانتشارها يبدو أساسيا" وقال بيرنارد دروز "...حركة العلماء هي المؤسس الحقيقي للوطنية الجزائرية" وكان رئيس الجمعية العلامة ابن باديس رحمه الله يشمل عمله ونشاطه جميع المجالات منها المجال السياسي ولذلك كان يهتم بالقضايا السياسية الداخلية والخارجية وواهم من يظن أن الشيخ ابن باديس كان مجرد واعظ ديني همه العلم والتعليم والإرشاد الشرعي ولا شأن له بالقضايا السياسية فقد كان فهمه للإسلام كان يشمل جميع جوانب الحياة، والإسلام عنده لا يعترف بفصل الدين عن الدولة ولذلك نجد كبار علماء الجمعية اشتغلوا بالعمل الجماعي والنشاط السياسي على المستوى الداخلي والخارجي، ولقد وصف المجاهد الأديب الشيخ محمد صالح الصديق أطال الله في عمره الشيخ عبدالحميد ابن باديس بقوله:"وكان في كل مجال من مجالاته الكثيرة المتنوعة إماماً: إماماً في الدين وإماماً في التعليم وإماماً في التربية وإماماً في السياسة وإماماً في الوطنية وإماماً في الأخلاق والسلوك المثالي..." فالاشتغال بالعمل الجماعي والعمل السياسي والاهتمام بأحوال المسلمين داخلياً وخارجياً كان من صميم أعمال جمعية العلماء ولم يكن العمل السياسي الشرعي عند جمعية العلماء رجسا من عمل الشيطان كما يحاول بعض أدعياء العلم تصويره والترويج له قال الشيخ عبدالحميد بن باديس رحمه الله سنة 1933 أي بعد تأسيس الجمعية بعامين والتي كان ينص قانونها الأساسي عدم الاشتغال بالعمل السياسي ولكن اتضح بالممارسة الميدانية أن تلك المادة المنصوص عليها في القانون الأساسي وكانت من باب التقية السياسية للحصول على الترخيص وللمحافظة على الجمعية بعد التأسيس:"ثم ماهذا العيب الذي يعاب به العلماء المسلمون إذا شاركوا في السياسة؟ فهل خلت المجالس النيابية الكبرى والصغرى من رجال الديانات الأخرى؟ وهل كانت الأكاديمية الفرنسية خالية من أثار الوزير القسيس رشليو؟ أفيجوز الشيء ويحسن إذا كان هناك ويحرم ويقبح إذا كان من هنا؟ كلا لا عيب ولا ملامة وإنما لكل امرئ ما اختار ويمدح ويذم على حسب سلوكه في اختياره" وقال سنة 1937:"وكلامنا اليوم عن العلم والسياسة معاً، وقد يرى بعضهم أن هذا الباب صعب الدخول لأنهم تعودوا من العلماء الاقتصار على العلم والابتعاد عن مسالك السياسة مع أنه لابد لنا من الجمع بين السياسة والعلم، ولا ينهض العلم إلا إذا نهضت السياسة بجد" والأعمال السياسية التي قام بها ابن باديس كثيرة منها أنه كان وراء انعقاد المؤتمر الإسلامي سنة 1936 والذي حضره معظم رؤساء الأحزاب السياسية يومها وهو عمل سياسي من الطراز الأول لا يخفى عن البله ناهيك عن الفطناء وقام بسفرات سياسية دفاعاً عن القضية الجزائرية وقال الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله في 2 أكتوبر 1936 أي بعد تأسيس الجمعية بـ 5 سنوات رغم أن قانونها الأساسي يمنع العمل السياسي: "أيها الإخوان من الغلط أن يُقال أن جمعية العلماء جمعية دينية يجب أن ينحصر عملها في الإصلاح الديني بمعناه الذي عرفه الناس" وقال عن الشيخ ابن باديس رحمه الله في 12 جويلية 1936:"له آراء ناضجة حكيمة في السياسة الجزائرية وقد رفع صوته بها قبل أن يرتفع إي صوت آخر من أصوات اليوم"، وفي 8 أوت 1947 خاطب الاستعمار مباشرة قائلاً: "...ياحضرة الاستعمار إن جمعية العلماء تعمل للإسلام بإصلاح عقائده وتفهيم حقائقه وإحياء آدابه وتاريخه وتطالبك بتسبيم مساجده وأوقافه إلى أهلها وتطالبك باستقلال قضائه" إلى أن يقول:"... فإذا كانت هذه الأعمال تُعد - في فهمك ونظرك - سياسة فنحن سياسيون في العلانية لا في السر وبالصراحة لا بالجمجمة...". وقال في 3 جانفي 1944:"وأصول هذه الإصلاحات الثلاث وهي الإصلاح السياسي والإصلاح التعليمي والإصلاح الاقتصادي ..." وقال في 4 أفريل 1949 لفرنسا المستعمرة:"وليست الحياة الدينية هي كل حقوقنا بل هناك الحياة الدنيوية أو الحقوق السياسية وهي حق طبيعي أيضاً لنا ولكل إنسان أثبته الله ويريد الاستعمار محوه وما أثبته الله فما له من ماح" وقال في 20 جوان 1949:"...والدين والسياسة هما دعامتا الحياة ..." وقال سنة 1953:"..... نحن سياسيون لأن ديننا يعد السياسةجزءاً من العقيدة ولأن زماننا يعتبر السياسة هي الحياة ... ولأن السياسة نوع من الجهاد..." وقال أيضاً:"....والسياسة في نظر الإسلام هي من باب الدين لأنها حامية لشرائعه وشعائره وحدوده..." فهل يقال بعد كل هذا أن جمعية العلماء لم يكن لها شأن بالأمور السياسية وأن دورها كان منحصراً في التعليم والتربية فحسب؟!!! ومن هذا المنطلق كانت جمعية العلماء برئاسة الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ البشير الإبراهيمي رحمهما الله تعالى تتفاعل مع الأحداث السياسية داخلياً وخارجياً وتتخذ الموقف المناسب ولا شك أن على رأس القضايا القضية الفلسطينية التي دافعت عليها الجمعية بكل وعي وشجاعة وتارة بشراسة وقالت ما خرست عليه ألسنة الكثير وشحذت الهمم وعقدت التجمعات وجمعت الأموال وعالجت القضية من جميع النواحي وبصرت بالطريق الشرعي والحقيقي ولإنقاذ الأقصى وتحرير فلسطين وحددت المسؤوليات وكشفت المخذلين ورسمت الواجب على جميع الأطراف كما ستراه مفصلا في هذا البيان بعون الله تعالى.
النقطة 02: الجمعية وتصوير فضائع الكيان الصهيوني.
* لقد أصبحت فضائح وجرائم الكيان الصهيوني مشاهدة على المكشوف بحكم انتشار وسائل الإعلام المتطورة جدا وأصبحت جرائمهم موثقة بالصوت والصورة، غير أن هذه الجرائم لم تكن معروفة لدى الشعوب أيام الاستعمار البريطاني والفرنسي، أيام الانتداب البريطاني والاستعمار الصهيوني لانعدام وسائل الإعلام والفضائيات ولكن جمعية العلماء في الجزائر قامت بتصوير تلك الفظائع للشعب والرأي العام بقلم بليغ وكأنك تراها رأي العين، مما يحرك النفوس ويلهب العواطف، قال أحد كبار رجال جمعية العلماء أحمد المدني رحمه الله مصورا ما لحق بفلسطين من دمار وفظائع في مارس 1938» إن كانت الأمور قد هدأت ببلاد الكنانة، فليس الأمر كذلك من سوء الحظ ببلاد فلسطين. فهنالك يزداد الثائرون الأباة البواسل شدة مراس وعنفا في مقاومة الاستعماريين الانكليزي واليهودي، ويزداد الانكليز شدة وقسوة في قمع العصيان ومعاقبة رجال الثورة، والاعتداء على الحريات، وانتهاك الحرمات، وترويع الآمنين، وتحطيم القرى، وإحراق المداشر، بحيث إنّ ما يقع الآن في فلسطين لم يرو لنا التاريخ أن مثله وقع في العصور الحديثة. ولا يزال الفريقان يظهران العزيمة على استمرار هذه الحالة « وقال "في فلسطين لا تزال الدماء تهرق، والحرمات تنتهك، والديار تنسف، والقرى تدمر. هنالك الحرب قائمة على قدم وساق بين أنصار الحق وأنصار الباطل، أولئك يريدونها بلادا عربية حرة وهؤلاء يريدونها مستعمرة يهودية ذليلة، لكن العالم وهو في أزماته الحادة المتوالية لم يعر هذه القضية أي التفات"، فما أشبه الليلة بالبارحة وهو عين ما وقع لقطان غزة مؤخرا ممّا هزّ ضمير العالم حتى أن بعض اليهود استنكروا ذلك، وهناك من أحرق جواز سفره وشارك في مسيرات التنديد وقد وثق تلك الجرائم غلادستون في تقريره الذي سارعت بعض الدول العربية لتأجيله لولا هبة سكان فلسطين وبعض الشعوب الإسلامية المغلوبة على أمرها، لما تراجعت سلطة عباس العميلة عن قرارها وقد قيل أن الجزائر كانت مع التأجيل والدليل على ذلك أنها لم تعترض على التأجيل علنا وعن طريق وزارة الخارجية، فهل يليق بقيادة تزعم أنها من جيل نوفمبر تسكت عن هذه الجريمة السياسية من هذا العيار الثقيل ولا تندّد بأصحابها ولو كانوا من حكام العرب؟!!.
النقطة 03: الجمعية وبيان مكانة فلسطين في قلب الجزائري.
* فليعلم أهل الرباط على أكناف بيت المقدس المبارك أن أرض فلسطين تحتل في قلب كل جزائري مسلم مكانة عظيمة، فهي عندهم الدرّة الغاليةالنفيسة لأنها قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين ومما يشد إليها الرحال، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرض النبوة والأنبياء وبوابة الأرض إلى السماء، والصلاة في بيت المقدس تعادل 500 صلاة فيما سواه من مساجد الأرض عدا المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وفيها مراقد بعض الصحابة الأجلاء وهي موضع رباط الطائفة المنصورة التي ستظل تدافع عن كرامة الأمة ومقدساتها لا يضرها من خالفها ولا من خذلها حتى يأتي أمر الله تعالى، ومن خيرية هذه الأمة أنها مهما كانت فيها من علل وأمراض وتقاعس وتخاذل لنصرة الحق وأهله فستظل بعون الله وحكمته تلد الطائفة المنصورة التي تجاهد وتقاوم أعداء الإسلام والمسلمين نيابة عنهم. وفلسطين فتحها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح رحمة وعدل وأقرّ كل ذي دين على دينه دون إكراه أو قسر، وأعطاهم على ذلك المواثيق المغلظة الموثقة، ولكن عندما غزاها الإفرنجة وأهل الصليب عاثوا فيها فسادا وإفسادا لمدة قاربت 100 سنة حتى طهرها بطل من أبطال الإسلام العظام ألا وهو صلاح الدين الأيوبي رحمه الله من الإفرنج الصليبيين الذين عاثوا فيها فسادا حتى غاصت الركب في الدماء وعامل أعداءه معاملة أهل النبالة والشرف وأخلاق الفروسية الإسلامية الصحيحة، وخير من بين مكانة فلسطين في قلب كل جزائري صادق الإسلام رئيس جمعية العلماء الإبراهيمي رحمه الله:
"يا فلسطين! إنّ في قلب كل مسلم جزائري من قضيتك جروحا دامية، وفي جفن كل مسم جزائري من محنتك عبرات هامية، وعلى لسان كل مسلم جزائري في حقك كلمة مترددة هي: فلسطين قطعة من وطني الإسلامي الكبير قبل أن تكون قطعة من وطني العربي الصغير، وفي عنق كل مسلم جزائري لك- يا فلسطين- حق واجب الأداء، وذمام متأكد الرعاية، فإن فرط في جنبك، أو ضاع بعض حقك، فما الذنب ذنبه، وإنما هو ذنب الاستعمار الذي يحول بين المرء وأخيه، والمرء وداره،والمسلم وقبلته، يا فلسطين! إذا كان حب الأوطان من أثر الهواء والتراب، والمآرب التي يقضيها الشباب، فإن هوى المسلم لك أن فيك أولى القبلتين، وأنّ فيك المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله،وإنك كنت نهاية المرحلة الأرضية،وبداية المرحلة السماوية، من تلك الرحلة الواصلة بين السماء والأرض صعودا، بعد رحلة آدم الواصلة بينهما هبوطا، وإليك إليك ترامت همم الفاتحين،وترامت الأينُق الذلل بالفاتحين، تحمل الهدى والسلام، وشرائع الإسلام، وتنقل النبوّة العامة إلى أرض النبوات الخاصة".
وإذا كان الشيخ الإبراهيمي حمّل الاستعمار ذنب التقصير، فالشعوب الإسلامية اليوم تحمّل الذنب للحكام الطغاة وبعض علماء السوء الذين يساندون هؤلاء الحكام المستبدين الذين يقمعون الشعوب ويمنعونها من التعبير الحر والسلمي لمساندة ومناصرة القضايا العادلة وعلى رأسها بيت المقدس، وقال أيضا "إنّ الجزائر وطنكم الصغير، وإنّ إفريقيا الشمالية وطنكم الكبير، وإنّ فلسطين قطعة من جزيرة العرب التي هي وطنكم الأكبر، وإن الرجل الصحيح الوطنية هو الذي لا تلهيه الأحداث عن القيام بواجبات وطنيه الأصغر والأكبر" وقال أيضا "ولفلسطين على كل مسلم حق، وفي عنق كل عربي عهد، فقامت "البصائر" ببعض الواجب على مسلمي الجزائر" .وقال أحد رجالات جمعية العلماء الشيخ توفيق المدني رحمه الله سنة 1938 ""رحاب القدس الشريف مثل رحاب مكة والمدينة، وقد قال الله في المسجد الأقصى في سورة الإسراء "الذي باركنا حوله" ليعرفنا بفضل تلك الرحاب، فكل ما وقع بها كأنه واقع برحاب المسجد الحرام ومسجد طيبة"
النقطة 04: الجمعية وذكر نصرة الجزائريين لفلسطين رغم الإستعمار.
* لقد قام الشعب الجزائري المسلم بمناصرة القضية الفلسطينية وهو تحت نير الاستعمار الفرنسي الغاشم في حدود الاستطاعة وما تسمح به ظروفه المتقلبة، قال العلامة البشير الإبراهيمي رحمه الله (أما الجزائر وغيرها من بقية أقطار العروبة فهي ميادين شعور وعطف وأخوة وتضامن، يشعر فيها العربي بمحنة أخيه في فلسطين فيعطف عليه ويحمله العطف على مواساته بما استطاع مما يخفف محنته أو يعينه على ظالمه)، وقال بتاريخ 05 سبتمبر 1947 (أيظن الظانُّون أن الجزائر بعراقتها في الإسلام والعروبة تنسى فلسطين ، أو تضعها في غير منزلتها التي وضعها الإسلام من نفسها،لا ولله ، ويأبى لها ذلك شرف الإسلام ومجد العروبة، ووشائج القربى، ولكن الاستعمار الذي عقد العقدة لمصلحته، وأبى حلها لمصلحته، وقايض بفلسطين لمصلحته،هو الذي يباعد بين أجزاء الإسلام لئلا تلتئم،ويقطع أوصال العروبة كيلا تلتحم و هيهات هيهات لما يروم) وهاجم الحكومة الفرنسية الني تسمح لليهود بإعانة إخوانهم اليهود وتمنع ذلك عن الجزائري المسلم وتضيق على الشعب إعانة إخوانهم في أرض الإسراء والمعراج، فقال رحمه الله في 05 أفريل 1948 "ويجمع اليهود عشرات الملايين باسم فلسطين لتكون في السلم أدوات تعمير، وفي الحرب آلات تقتيل وتدمير، فلا يحول بينهم وبين ذلك قانون ولا كانون، ولو أراد العرب شيئا من ذلك لوجدوا أمامهم القوانين العائقة، والإجراءات الخانق، بعض الإنصاف يا أصحاب هذه الضمائر المظلمة، فإنا لا نسألكم الإنصاف كله، أتعذرون اليهود في إجلابهم على فلسطين،وجمعهم الأموال للاستيلاء على فلسطين، وتسليحهم لإخوانهم في فلسطين ، ولا تعذرون العرب إذ هم فعلوا مع إخوانهم في فلسطين شيئا من ذلك؟ أترخّص حكوماتكم ليهود العالم في الهجرة إلى فلسطين ، وتيسّر لهم سبلها، وتبيح لهم خرق القوانين الدولية المسطورة،فإذا حاول العربي شيئا من ذلك رُدّ وصُدّ ،وإذا دعا داعي العرب إلى شيئا من ذلك عد مشوشا ومتعصبا وعنصريا ،والذي طواكم على هذه الضمائر ما أرتنا الحقيقة إلا أنكم أئمة العنصرية وأقطابها، وما أرتنا التجربة إلا أن كل شعب بنى حياته على العنصرية كانت هي علة موته" ذلك شأن الاستعمار أما شأن حكام العرب في هذه الأيام النحسات فهو المنع والقمع مما يثلج صدر الصهاينة الذين علموا أن لهم كلاب حراسة في البلاد العربية والإسلامية يذودون عن حياضهم. فهل يعقل في أرض الشهداء والشهادة أن تقوم وزارة الدفاع التي يتولى أمرها رئيس الجمهورية رسميا وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة بمناورات بحرية مع البحرية الأمريكية ثم تنتقل الفرقاطة من الجزائر لتشارك في مناورات مع إسرائيل؟!! في الوقت الذي تحتل فيه أمريكا العراق وتقصف إخواننا في الدين بأفغانستان والباكستان وتساند الكيان الصهيوني وتقوم بحماية من اقترف جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب من قادة الكيان الصهيوني وتصوّت ضد تقرير غلادستون وتهدد باستخدام الفيتو، فهل يعقل أن تكون مناورات بحرية والأقصى محاصر والقيام بلقاءات عسكرية مع أمريكا وبريطانيا مشبوهة مع 5+5، ما أظن أن الرئيس الراحل بومدين لو كان حيا يقدم على ذلك طرفة عين.
النقطة 05: نصرة فلسطين فريضة إلا لمعذور.
* كان الشيخ الإبراهيمي رحمه الله يرى أن إعانة الشعب الفلسطيني فريضة شرعية يجب أدائها حسب الطاقة والاستعداد لاسيما والجزائر تحت الإستعمار الغاشم الذي يعرقل أداء تلك الفريضة الشرعية حيث قال سنة 1948 (إعانة فلسطين فريضة مؤكدة على كل عربي وعلى كل مسلم، فمن قام به أدى ما عليه من حق لعروبته ولإسلامه، ومن لم يؤدّه فهو دين في ذمته لا يبرأ منه إلا بأدائه .ومن سبق فله فضيلة السبق ومن تأخر شفعت له المعاذير القائمة حتى تزول، فإذا زالت تعلق الطلب ووجب البدار، وقد قامت الأمم العربية والإسلامية بهذا الواجب: كل أمة على قدر استعدادها وعلى حسب الظروف المحيطة بها لا على حسب الشعور والوجدان، فالشعور قدر مشترك بين الجميع لا يفضل فيه عربي عربيا ولا يفوق فيه مسلم مسلما لأن مرجعه إلى العروبة، والعروبة رحم موصولة. وإلى الدين،والدين عهد الهي لا ينقض. وقد يكون الشعور عند الأمم الغربية أو الإسلامية البعيدة الدار، أو التي تحول بينها وبين فلسطين الحوائل أقوى منه عند الأمم القريبة الجوار، المتصلة الأسباب، الميسّرة المآرب، لقاعدة يعرفها علماء النفس وهي أن الحرمان يذكي الشعور، والأمة الجزائرية العربية المسلمة من هذا القبيل فهي بعيدة الدار أسيرة في قبضة الاستعمار. يعد عليها الآهة تتأوهها والكلمة تقولها والبث تستريح إليه فضلا عما فوق ذلك، ولكن الاستعمار لم يستطع أن يصل بكيده وقهره إلى مقر الإيمان بعروبة فلسطين ومستودع الشعور نحو عرب فلسطين.وهذان هما كل ما تملك الأمة الجزائرية من ذخيرة معنوية، وإذا تأخرت الأمة الجزائرية عن إعانة فلسطين بالممكن الميسور فعذرها أنها كانت منهمكة في المطالبة بحقها في الحياة،وكانت من أجل ذلك في صراع مستمر مع الاستعمار وكانت بتدبير الاستعمار – موزعة القوى بين أحزاب متناحرة صارفة أكثر همها إلى الفوز في الانتخابات و الحظوة بكراسي النيابات. صماء عن الدعوة إلى التآخي والاتحاد. إلى أن لعب الاستعمار بجميعهم وضربهم تلك الضربة في انتخابات المجلس الجزائري الأخيرة. تلك الضربة التي لا يحمل وزرها ومسؤوليتها إلا من هيأ للحكومة أن تقدم على تلك الفضيحة" فإذا كان الإبراهيمي يعتذر عن التقصير في حق فلسطين بالاستعمار فبماذا نعتذر نحن اليوم ونحن في ظل الاستقلال؟!!! وخزائن الأموال والأسلحة مملوءة، بماذا نعتذر اليوم وجيوشنا مدججة بجميع أنواع الأسلحة؟!!! وصفقات الأسلحة المتطورة تفوق الخيال، ولماذا يتحمس النظام الجزائري لنصرة قضية الصحراء الغربية ويبحث لها عن دعم متزايد في المحافل الدولية ويقيم الدنيا ولا يقعدها ويندد بالانتهاكات حقوق الإنسان الصحراوي، وهو الذي يخرقها داخليا بشكل أفظع مما كان عليه الاستعمار؟!!! ومتى أصبحت الصحراء الغربية مقدمة على نصرة بيت المقدس ولها الأولوية؟!!! فهل الصحراء الغربية أعز من بيت المقدس ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مالكم كيف تحكمون ؟!!! ألا لعنة الله على جيوش أُسدٌ على قمع شعوبها وإذلالها نعاج خائفة على أعدائها، قال الإبراهيمي رحمه الله في 05 أفريل 1948، ونرجع إلى عرب الشمال الإفريقي ...إنّ عليهم لفلسطين حقا لتسقطه المعاذير، ولا تقف في طريقه القوانين مهما جارت، ومهما كانت فرنسية من ماركة "خصوصي للمستعمرات" هذا الحق هو الإمداد بالمال ،ومن أعان بالمال فقد قام من الواجب بأثقل شطريه، إنّ فلسطين ليست في حاجة إلى آرائنا، فلها من آراء مداره العرب ماهو كرؤية العين حسّن، وكأخذ اليد لمسا، وكفلق الصبح إشراقا وكشفا، وليست في حاجة على رجالنا ،فلها من أشبالها وممن والاهم عديد الحصى، وما فيهم إلاّ من يعتقد أن موته حياة لوطنه،وان نقصه من عديد قومه زيادة فيهم، ومهما استمدّ الصهيونيون الرجال من أوروبا فأمدّتهم بالأخلاط والأنباط والعباديد والرعاديد،ومن ربائب النعيم،وعشّاق الحياة،أمشاج النسب وأمساخ الحضارة،استمدّوا الجزيرة فأمدّتهم بكل مصداق لقول قائلة :
ومخرّق عنه القميص تخاله وسط البيوت من الحياء سقيما
حتى إذا رفع اللواء رأيته تحت اللواء على الخميس زعيما.
وبكل مصدق لقول الأول"فأيّ رجال بادية ترانا"
النقطة 06: الجمعية: الإفصاح على أن الشعب الجزائري أعرف بنفسية باليهود.
وما أكثر الدوافع التي تدفع بالشعب الجزائري لمناصرة القضية الفلسطينية، ومن جملة تلك الدوافع أنهم أعرف الناس بنفسية اليهود، ومكرهم وخداعهم، ولقد ذاق الشعب الجزائري من شراذم اليهود الصاب والعلقم عبر التاريخ الطويل ولسنا الآن بصدد ذكر ما فعله اليهود بالشعب الجزائري عبر التاريخ رغم أن الشعب الجزائري أحسن إليهم يوم كانوا مطاردين من محاكم التفتيش بعد سقوط الأندلس والدارس للتاريخ الجزائري يعرف كيف ساهم اليهود في احتلال الجزائري وكيف هللوا لجحافل الغزو الاستعماري الفرنسي سنة 1830 وكيف حاربوا الثورة التحريرية وجيش التحرير وكيف وقفت إسرائيل إلى جانب المستعمر الغاشم طوال مدة الثورة إلى غاية الإستقلال 1962، وكلنا يذكر كييف هللت إسرائيل عبر وسائل إعلامها لحل وقمع الجبهة الإسلامية للإنقاذ وكلنا يتذكر المصافحة الشهيرة للمجرم باراك من قبل ملك الجمهورية والأخطر من ذلك أن هناك الآن تنسيق أمني بين الجزائر وإسرائيل عبر قنوات خاصة بدعوى محاربة الإرهاب، وعبر حلف الناتو والموضوع يحتاج إلى كتاب قائم بذاته ليعرف جيل الاستقلال العلاقة بين اليهود والشعب الجزائري عبر التاريخ، لقد كان الشعب الجزائري من أعرف الشعوب بنفسية اليهود لأنه احتك بهم في مواطن كثيرة، عبر التاريخ الطويل قبل الإسلام وبعد الإسلام، وأثناء محنة الأندلس ومحاكم التفتيش، قال الشيخ الإبراهيمي رحمه الله في أوائل 1954 " فنحن الجزائريين بلونا من تلك المكائد ما جعلنا أفقه الناس في تلك المخزيات التي يأتيها اليهود في العالم، وتلك الطرائق في امتصاص أموالهم و تسخيرهم بالمال، وبرعايتهم في الدعاية والتظليل وإنفاقهم الملايين في بث الفتن وإفساد الأخلاق، نحن أفقه الناس في الطبيعة اليهودية لأن يهود الجزائر من بقايا الجالية اليهودية التي هاجرت مع العرب عند الجلاء عن الأندلس. وقد عاشوا مع العرب المسلمين في الأندلس قرونا فرأوا فيها من حسن الرعاية ومن صنوف البر والتكريم ما وصلوا به إلى مراتب الكرامة وولاية الوزارة.وعاملهم المسلمون في أيام ملكهم معاملة الأخوة فلم يُمنعوا عن مال ولا جاه، فلما جاء طور الانتقام نالهم منهم ما نال المسلمين، وكانت النزعة المسيحية في عداوة أعداء المسيح الأول على أشدّها"
وممن كشف عن نفسية اليهود الماكرة والمراوغة والإنتهازية، المصلح الثائر عمر راسم رحمه الله حيث قال عنهم في مقالة هامة كتبها وهو وراء القضبان بسجن سركاجي سنة 1916، جاء فيها "...اليهود أمة قاسية القلب لا يلذ لها عيش ولا تطيب لها الحياة إلا بأذيتها لغيرها..." وهاهو المجرم الصهيوني ناتنياهو يقول بكل وقاحة أن جرائم غزة الفظيعة إنما هي دفاع شرعي ضد إرهاب حماس ولم يجد من حكام العرب من يرد عليه الصاع صاعين!!! ويقول له أن إسرائيل كيان استعماري يقوده عصابات الحاخامات، ولكن اليهود قوم بهت.
بل قال بعض قادة إسرائل يوم تصويت 25 دولة لصالح تقرير غلادستون نحن نظام لم نعذب مواطنينا داخليا ولم نمنعهم من حقوقهم السياسية، كما تفعل بعض الدول المصوّتة على تقرير غلادستون ممن اقترفوا جرائم إنسانية ضد شعوبهم، وقال آخر، إن بعض الدول المصوتة على التقرير تنسق معنا أمنيا ومع حلفائنا أمريكا وأوروبا ودول الجوار وإنما فعلت ذلك علنا خوفا من افتضاح أمرهم أمام شعوبهم علانية فقط، وإلا فهي تنسق معنا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
النقطة 07: الجمعية تنصح بأخذ العبرة من الخصم!
* على المسلمين في العالم الإسلام بطوله وعرضه أخذ العبرة من مسلك يهود العالم الذين يتنادون من كل حدب وصوب لإعانة الكيان الصهيوني المغتصب بكل أنواع الدعم لتثبيت أقدامهم على أرض الإسلام والمسلمين ومسرى الرسول الأكرم، أليس من الأوجب شرعا وعقلا على المسلمين مناصرة إخوانهم المرابطين على أكناف بين المقدس، ألا يتذكر المسلمون عبر العالم ما قام به اليهود بتركيا سنة 1909 حيث أسسوا جمعية يهودية لجمع الأموال لشراء الأراضي الفلسطينية أطلقا عليها اسم جمعية حزب الله، وقد أشار إلى ذلك عمر راسم رحمه الله بتاريخ 27/08/1909 ولم يترك الأمر يمر دون تنديد، مما يدل دلالة قاطعة على أن قادة الفكر والدعوة والسياسة في الجزائر اهتموا بالقضية الفلسطينية وهو تحت الاستعمار الفرنسي وحتى قبل الانتداب البريطاني وقد دعا الشيخ الإبراهيمي رحمه الله بتاريخ 21 جوان 1948 المسلمين إلى مساندة إخوانهم في فلسطين كما يفعل اليهود " ويعتقد أن فلسطين وطن عربي كل الحق فيه للعرب، فيرد دعوى المدعين ودعاية الداعين بالحجة والمنطق، ويسمع كلمة الباطل في قومه فينقضها بكلمة الحق، ويرى مواطنه اليهودي يزوّد إخوانه في فلسطين أو يجهّز مقاتلتهم فيفعل مثل ما فعل، وكما أننا لا نلوم يهود العالم على إظهار عواطفهم نحو إخوانهم في فلسطين، لا نقبل اللوم من شخص أو من حكومة على إظهار عواطفنا نحو إخواننا عرب فلسطين، ولا نقبل التحجير علينا فيما نستطيع إعانتهم به، ولا نرضى أن يكون حراما علينا ما هو حلال لليهود. ومن أنصفنا أنصفناه وزدنا" وهو نفس الموقف الذي دعا إليه المجاهد الفضيل الورتلاني رحمه الله : "اقتدوا بخصومكم أيها العرب"، لعل أبرز صفة في اليهود وأقواها على نجاح سياستهم العالمية هي المهارة في استغلال الفرص بل وفي خلقها في كثير من الأحيان، فما من حادثة ذات أهمية تقع في جانب من جوانب الكرة الأرضية إلا وتجدهم أسبق الناس إلى دراستها ومحاولة الاستفادة من آثارها الحسنة أو السيئة على السواء وعلى العكس من ذلك، فلعل أبلد الناس في هذا المعنى بالذات هم حكام العرب" وممن حث المسلمين على ذلك الشيخ أحمد توفيق المدني رحمه الله في مارس 1938 "لكن اليهود في الدنيا بأسرها يؤيدون الحكومة الانكليزية ويؤيدون إخوانهم هناك. فهل المسلمون والعرب يؤيدون مثل ذلك إخوانهم سكان فلسطين...؟
فهل يعقل يا خلق الله ويا معشر المسلمين أن يعمل الصهاينة على جمع يهود العالم حول ضرورة إحياء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى ويتهاون حكام العرب والمسلمين على تحريض المسلمين في جميع أنحاء العالم لحماية والدفاع عن المسجد الأقصى المهدد بالخطر نتيجة الأنفاق وعمليات الحفر التي تتم تحته؟!!!.
النقطة 08: الجمعية وذكر بعض صور مناصرة وإعانة الشعب الفلسطيني.
* ولقد ساهم الشعب الجزائري في مناصرة القضية الفلسطينية أيما مساهمة وهو في قلب المعاناة وويلات الاستعمار وقد اتخذ رجال الدعوة والإصلاح وبعض قادة العمل السياسي الحزبي يومها عدة مواقف مساندة ومناصرة للقضية الفلسطينية رغم قلة اليد والحيلة، قال الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله في جوان 1948 "ووصلت فلسطين إلى الدرجة التي يجب فيها العون على كل عربي وعلى كل مسلم وإن بعدت الدار وتكالب الاستعمار، فجددنا الدعوة إلى الإتحاد منذ أسابيع وكنا البادئين بالدعوة لا كما تزوره بعض البلاغات الحزبية، واتخذنا من قضية فلسطين وسيلة جديدة للإتحاد عسى أن يجتمع عليها ما تشتت من القلوب النافرة، وكان للأخ الشيخ الطيب العقبي مساع محمودة في هذا السبيل" وشكلت هيئة عليا لهذا الغرض تضم كل من الإبراهيمي وعباس فرحات والطيب العقبي وابراهيم بيوض "ثم تآلفت لجنة تنفيذية بالعاصمة من رجال العلم والثقافة ورجال الأعمال والاقتصاد وشباب العمل، وبدأت الهيئة العليا بإرسال برقية تأييد لسعادة عبد الرحمن عزام باشا، الأمين العام لجامعة الدول العربية وبرقيات احتجاج واستنكار للحكومات المسؤولة، قد جاءنا منها نصوص البرقيات مع بلاغ، ونحن ننشر الجميع –كما يراه القارئ- في هذا العدد" وقال في 18 أكتوبر 1948 " أن (الهيئة العليا لإعانة فلسطين) تم تكوينها في ذلك اليوم، وقامت على أربعة دعائم قوية متينة تتمتع بالثقة التامة في الماليات، وفي ذلك اليوم تكونت اللجنة التنفيذية من أهل العلم والفضل والجاه من الأمة، واحتفظنا للهيئة باسمها الأصلي، وأطلقنا عليها وصف (هيئة الإتحاد)، وجعلنا شعارها الحكمة والصمت، ثم شرعنا في العمل في خواتم رمضان المبارك، فاجتمع لدينا من هيئات المحسنين عدة ملايين من الفرنكات أبلغناها إلى مأمنها في فلسطين، واستلمنا الشهادة القاطعة على وصولها، ورفعنا رأس الجزائر، ومحونا عتها بعض التقصير، وما زلنا جادين في عملنا الصامت لا ضوضاء ولا جلبة" وقد أعجب بعض قادة الفكر في العالم العربي والإسلامي بالمقالات التي ناصرت القضية وساهمت في شحذ الهمم وتحريض الأمة على المناصرة والمساندة والقيام بالواجب، قال الشيخ الإبراهيمي في 11 أكتوبر 1948 "وكتب إلينا طائفة من أدباء الشرق ومفكريه يثنون ويعجبون، كتب إلينا كاتب من النجف، وآخر من الموصل، وثالث من طرابلس الشام، ورابع من جبل عامل، وخمسة من فلسطين، وجماعة من مصر، وكاتبان من ليبيا، رسائل كلها إعجاب، وثناء مستطاب. وقال الأستاذ فائز الصانع أستاذ الفلسفة بالجامعة الأمريكية ببيروت حين قرأ مقالة "يا فلسطين" في العدد الخامس من "البصائر"، ما معناه: إنه لم يكتب مثلها من يوم جرت الأقلام في قضية فلسطين، وقد ختمت تلك المقالات ببيان حق فلسطين على العرب، ونحن منهم، فبينت أن أول واجب علينا هو بذل المال".
وهناك بعض الأصوات ارتفعت في وجه جمعية العلماء لتثنيها عن مناصرة فلسطين بحجة أن الجزائر مستعمرة وتعاني من المآسي ولكن الجمعية لم تلتفت إلى ذلك وظلت تقوم بواجبها داخليا وخارجيا، في حدود قدرتها واستطاعتها "فاتقوا الله ما استطعتم"، وهذا ما أشار إليه الإبراهيمي رحمه الله بقوله "وأما حركة الانتصار للحريات الديمقراطية فقد قال قائلهم عندما دعوا لأول مرة: إن فلسطين هنا في الجزائر ولا شأن لنا بفلسطين أخرى، لأن أبناء الأمة في السجون، وعائلاتهم تعاني ألم الحاجة والجوع"
النقطة 09: الجمعية وتذكير كل طرف بواجبه الشرعي نحو فلسطين.
* وخير من فصل واجب لجميع الأطراف نحو القضية الفلسطينية العلامة الإٌبراهيمي رحمه الله بقوله وذلك في 23 فيفري 1948 " إن الواجب على العرب لفلسطين يتألف من جزأين:المال والرجال، وإن حظوظهم من هذا الواجب متفاوتة بتفاوتهم في القرب و البعد، ودرجات الإمكان وحدود الاستطاعة ووجود المقتضيات وانتفاء الموانع، وإن الذي يستطيعه الشرق العربي هو الواجب كاملا بجزأيه لقرب الصريخ، وتيسر الإمداد، فبين فلسطين ومصر غلوة رام، وبينها وبين أجزاء الجزيرة خطوط وهمية خطتها يد الاستعمار، وإذا لم تمحها الجامعة فليس للجامعة معنى. وإذا لم تهتبل لمحوها هذا اليوم فيوشك أن لا يوجد الزمان عليها بيوم مثله، واجب الدول العربية:التصميم الذي لا يعرف الهوادة،والاعتزام الذي لا يلتقي بالهوينا، والحسم الذي يقضي على التردد، والنظام الذي ينفي الفوضى والخلل، والرأي الذي يرد ليل الحوادث صبحا، والإجماع الذي لا ينخرق بحياة "عبد الله" ولا بموت "يحي" وواجب زعماء العرب: أن يتفقوا في الرأي ولا يختلفوا، وأن يتوقعوا عيوب الزعامة ونقائصها من تطلع لرياسة عاجلة،أو تشوف لرئاسة آجلة، وأن يوجهوا بنفوذهم جميع قوى العرب الروحية والمادية إلى جهة واحدة وهي فلسطين، وأن لا يفتتنوا بما يفتحه عليهم العدو من ثغر في اليمن أو في شرق الأردن، ليشغلهم بالجزئيات عن الكليات وليجعل بأسهم بينهم، وأن يكونوا على اتصال وتعاون مع الحكومات العربية، وواجب كتاب العرب وشعرائهم وخطبائهم أن يلمسوا مواقع الإحساس ومكامن الشعور من نفوس العرب، وأن يؤججوا نار النخوة والحمية والحفاظ فيها، وأن يغمزوا عروق الشرف و الكرامة والإباء منها، وأن يثيروا الهمم الراكدة، والمشاعر الراقدة منها، وأن ينفخوا فيها روحا جديدة، فيها كل ما في السيال الكهرباء من نار ونور، وواجب شعوب الشرق العربي أن تندفع كالسيل، وتُصبح صهيون وأنصاره بالويل، وأن تبذل لفلسطين كل ما تملك من أموال وأقوات، وما قيمة الأموال المدخرة لنوائب الزمن إذا لم تبذل في نائبة النوائب؟وما قيمة الأقوات المحتكرة لمصائب القحط إذا لم تدفع بها مصيبة المصائب؟، ووالله يمينا برّة لو أن هذه القوى-روحيها ومادّيها-انطلقت من عقلها، تظاهرت وتضافرت، وتوافت على فلسطين وتوافرت، لدفنت صهيون ومطامعه وأحلامه إلى الأبد، ولأزعجت أنصاره المصوتين إزعاجا يطير صوابهم، ويحبط ثوابهم، ويطيل صماتهم ويكبت أصواتهم،ولأحدثت في العالم اغربي تفسيرا جديدا لكلمة "عربي"، أما عرب الشمال الأفريقي فهم عرب ولا فخر، وواجبهم في إنقاذ فلسطين هو واجب جميع العرب مع اعتبار العذر. ولكن...الله لعرب الشمال الأفريقي وما يلقون من ظلم الجار، وبعد الدار، وعنت الاستعمار، يتجاورون مع اليهود في وطن ، ولكل منهما في فلسطين هوّى ملح يصهر الجوانح، ولكن أحد الفريقين يعلن هواه إلى حد العربدة فيعذر ولا يعذل،والآخر يخفي هواه ويخشى أن تنمّ عليه نأمة فيناقش الحساب".
النقطة 10: الجمعية: استنكار أسلوب الاقتصار على مجرد الكلام.
* ليكن في علم الجميع، العالم العربي والإسلامي أن لغة الشجب والعويل والصراخ وحدها لا تكفي لمناصرة القضية الفلسطينية وهذا ما أرشد إليه علماء الجزائر منذ زمن بعيد، قال الفضيل الورتلاني رحمه الله ""أيها العرب أيها المسلمون، إليكم أسوم الكلام مرة أخرى عن فلسطين وأما أعلم أنكم قد مللتم الكلام عن فلسطين لأنكم ألفتموه من عشرات السنين حتى ما بقي ضرب من ضروب البيان في النظم والنثر إلا وقد مر على أسماعكم يحمل إسم فلسطين، ومأساة فلسطين، وكارثة فلسطين، والدعوة إلى التضحية بالمال والأنفس في سبيل فلسطين وإلى غير ذلك من صراخ وبكاء وعويل على فلسطين، على أننا نقوم بملء الفضاء بتك الصيحات من الأقوال مزهوين، كان اليهود يملأونه بالأفعال صامتين متواضعين.."
ويرون أن اللغة الوحيدة التي يفهمها المستعمر الغاشم إنما هي قانون القوة فقط ومن ظن غير ذلك فهو واهم، ومغالط لنفسه ولغيره، قال أحمد توفيق المدني رحمه الله في جوان 1930 " هنالك حقيقة في هذه الدنيا، يجب علينا أن نعترف بها علنا، ولا نقبل مغالطة النظريين الفلاسفة الذين يريدون أن يسدلوا بيننا وبين الوقائع المحسوسة ستارا كثيفا. تلك الحقيقة الثابتة هي أن الحق إذا لم يعتمد على القوة المتينة فهو الباطل، وأن الباطل المعتمد على القوة المتينة هو الحق المبين، إن العالم يسير حسب دستور محكم هو المسمى بالنواميس الطبيعية، وذلك الدستور يقول لك بنص صريح: إن أردت الحياة فكن قويا وإن كنت ضعيفا فمآلك الموت والفناء". وأوضح البشير الإبراهيمي رحمه الله في فيفري 1948 أن أمر التقسيم لم يمت إلا لأن العرب اقتصروا على الكلام فقط "إن الأقوياء الذي تولوا أمر التقسيم،وحملوا أولئك الضعفاء بالوعد والوعيد على التصويت عليه، ما ارتكبوا تلك الجريمة الشنعاء وغمطوا حق العرب،إلا بعد أن غمزوا مواقع الإحساس من العرب، فرأوهم جادين كالهازلين، ورأوا منهم، ناكثين كالغازلين، ورأوا في أمرائهم المقاومين على أعنف ما تكون المقاومة، والمساومين على أخس ما تكون المساومة، وفي شعوبهم الجاهل والذاهل، والمتشدد والمتساهل، فبنوا مقدمات الحكم على هذا التفاوت في الكيان العربي، وغرّهم بالعرب الغرور" وقال المؤرخ توفيق المدني رحمه الله "لكننا لا نكتم أمتنا العربية أن كل هذه الاحتجاجات القولية لا تجدي نفعا، وإن انكلترا دولة لا تعبد إلا المادة ولا تتأخر إلا أمام القوة. فإن وجدت أن المسلمين لا ينصرون فلسطين إلا بكلمات تنشر فوق أعمدة الصحف، أو أقوال ترتجل فوق أعواد المنابر، فإنها ستستمر على إعانة الصهيونية وستنفذ طوعا أو كرها برنامج التقسيم.انكلترا لا ترهب إلا القوة، وهي في مواقفها الحاضرة أشد رهبة من القوة، منها في أي وقت آخر، فليكشّر المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها عن أنيابهم لانكلترا، ويبرهنوا لها على أنهم قوة فعالة متضامنة تستطيع أن تضر وتستطيع أن تنفع، وعندئذ فقط يمكن لانكلترا أن تتراجع أو تترك الصهيونيين وشأنهم. أما ما دام الصهيونيين يقبضون على ناصية القوة والمال، والمسلمون يقبضون على ناصية الاحتجاج والأقوال فيا ويل فلسطين من الذين يتكلمون ولا يعلمون".
النقطة 11: الجمعية: تحمّل المسؤولية التاريخية لبريطانيا في نكبة فلسطين:
* من المعلوم تاريخيا أن أكبر الدول استعمارية في العالم خدمت اليهود والكيان الصهيوني إنما هي بريطانيا، فهي عندما فتحت قنصلية لها في القدس سنة 1838 طلبت من قنصلها توفير الحماية لليهود، والدفاع عن مصالحهم، وبعد أن احتلت بريطانيا فلسطين باسم الإنتداب (1917-1948)، بعد معاهدة سايس بيكو 1916 جاء وعد بلفور المسيحي الصهيوني سنة 1917 بوطن قومي لليهود، ولم يسبقهم إلى مثل هذا الوعد لا في عهد نابليون سنة 1806 ولم ينجز، أما بريطانيا فقد حولت الوعد إلى برنامج حكومي نافذ للتمكين لليهود، وكلنا يعلم أن بريطانيا هي التي حرضت بعض الحكام العرب على الخروج على الدولة العثمانية سنة 1914 ولم يرفع الإنتداب سنة 1948 حتى ضرب سرطان الكيان الصهيوني بجيرانه بأرض الإسراء والمعراج ولذلك حمّل علماء الجمعية بريطانيا نكبة فلسطين إلى يوم الناس هذا وعلى رأس هؤلاء العلماء العلامة ابن باديس رحمه الله، قال سنة 1938 " يريد الإستعمار الإنكليزي الغاشم أن يستعمل الصهيونية الشرهة لقسم الجسم العربي وحط قدس الإسلام فيملأ فلسطين بالصهيونيين المنبوذين من أمم العالم، ولأجل هذه الغاية الظالمة تجند الجنود الإنكليز، وتجمع أموال الصهيونيين، وتسفك الدماء البريئة، وتلطخ بها الرحاب المقدسة" قال أيضا:" تزاوج الاستعمار الإنكليزي الغاشم بالصهيونية الشرسة فأنتجا لقسم كبير من اليهود الطمع الأعمى الذي أنساهم كل ذلك الجميل وقذف بهم على فلسطين الآمنة والرحاب المقدسة فأحالوها جحيما لا يطاق وجرحوا قلب الإسلام والعرب جرحا لا يندمل" وقال الشيخ الإبراهيمي رحمه الله " بتاريخ 23 فيفري 1948 : إن الانكليز هم أول الشر ووسطه وآخره،وإنهم كالشيطان، منهم يبتدئ الشر ومنهم ينتهي، وإنهم ليزيدون على الشيطان بأن همزاتهم صور مجسمة تؤلم وتؤذي وتقتل، وجنادل مسمومة تهشم وتحطم وتخرب، لا لمّة تلم ثم تنجلي، وطائف يمس ثم يخنس، ووسوسة تلابس ثم تفارق، ويزيدون عليه بأنهم لا يطردون بالاستعاذة، وتذكر القلب،ويقظة الشواعر، وإنما يُطردون بما يُطرد به اللص الوقح من الصفع والدفع والأحجار والمدر، ويُدفعون بما يدفع به العدو المواثب، بالثبات المتين للصدمة، والعزم المصمم على القطيعة وبت الحبال،والإرادة المصرة على المقاطعة في الأعمال، والإجماع المعقود على كلمة واحدة ككلمة الإيمان "إنّ الإنكليز لكم عدو فاتخذوهم عدوا".يرددها كل عربي بلسانه،ويجعلها عقيدة جنانه، وربيطة وجدانه،وخير ما يقدمه من قربانه، قد غركم أول الانكليز فأعيذكم أن تغتروا بآخره بعد أن صرح شره،وافتضح سره، وانكشف لكم لينه،عن الأحساك والأشواك ،وقد تمرس بكم فعرف الموالج والمخارج من نفوسكم، قبل أن يعرف أمثالها من بلادكم، وحلل معادن النفوس منكم قبل أن يحلل معادن الأرض من وطنكم وعجم أمراءكم، فوجد أكثرهم من ذلك الصنف الذي تلين أنابيبه للعاجم،وتدين عروبته للأعاجم، وقد علمتم هو الذي وعد صهيون فقوّى أمله، ولولا وعده لكانت الصهيونية اليوم – كما كانت بالأمس-حلما من الأحلام يستغله(الشطار)ويتعلل به الأغرار، وقال أيضا " وعلمتم أن الانكليز هم الذين سنوا الهجرة بعد الفتح ليكاثروكم بالصهيونيين على هذه الرقعة من أرضكم، فلما انتبهتم للخطر غالطوكم بالمشروع منها وغير المشروع،ومتى هجرة الوباء والطاعون مشروعة إلا في دين الإنكليز؟،" أما الشيخ العلامة الطيب العقبي رحمه الله، فقد حمل الإنجليز وعصبة الأمم نكبة فلسطين حيث قال في 13 أوت 1937 ولم يقع اتهام العقبي للإنكليز وحدهم بالمأساة الفلسطينية، بل اتهم التواطؤ العالمي المتمثل في عصبة الأمم التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى لمعالجة القضايا العالمية سلميا، وقد أشار إلى ذلك بقوله، "كل هذا من الإنجليز الظلمة، وتحت نظر وبموافقة جمعية قالوا عنها أنها جمعية الأمم وعصبة الشعوب المتمدينة" وأرسلت الهيئة العليا إعانة فلسطين برقية إلى جامعة الدول العربية جاء فيها "إن لجنة إعانة فلسطين..تحتج على ما مس العالم الإسلامي من عدوان صريح قامت به الصهيونية وهي تحاول إقامة دول يهودية فوق أرض فلسطين، اللجدنة تعتقد أن هذه المحاولة تناقض ميثاق الأمم المتحدة، وتمثل تهديدا صريحا للسلام العالمي" " وقال توفيق المدني" ... والانكليز يريدون أن ينتقموا من الضعيف لشرفهم الذي أضاعوه أمام القوي، فهم يسلمون لايطاليا بصغار جميع ما طلبته، وينسفون بأيديهم المبادئ التي أقاموها بالأمس معقلا منيعا، ثم هم يتنمرون أمام بضعة آلاف من مسلمي فلسطين يذودون عن حماهم ويحمون ذمارهم . ويصدون الاستعمار أن يجوس خلال ديارهم."
* ولقد أسهبنا في هذه النقطة عن عمد ليعرف العالم العربي والإسلامي أن بريطانيا تتحمل المسؤولية الكبرى في نكبة فلسطين وكان الواجب عليها نبذ الروح الاستعمارية القديمة وانتهاز فرصة تقرير غلادستون الذي أدان الجرائم الإنسانية التي قام بها الكيان الصهيوني لتكفر عن جريمتها وخطيئتها التاريخية الكبرى وما ترتب عليها من مآسي وفظائع إلى يوم الناس هذا، ولكن الحكومة البريطانية الحديثة آثرت الوفاء لماضيها الإستعماري القديم. إن الوقفة المخزية لبريطانيا من تقرير غلادستون كشفت غطرسة الثالوث الاستعماري، بريطانيا وفرنسا وأمريكا الذي دمر العالم والبشرية في الوقت الذي نرى بريطانيا بقيادة براون ترسل لجنة بريطانية تطالب بالتعويض لعائلات بريطانيا التي تضررت من هجمات منظمة إيرا الايرلندية التي كانت تجد الدعم المالي والعسكري من نظام القذافي، وعملا بالمثل يجب على جميع الدول الغربية وعلى رأسهم بريطانيا تقديم تعويضا لكل عائلات ضحايا الأنظمة الإستبداية التي تمدها الدول الغربية بالأسلحة المتطورة للقضاء على المعارضة السلمية والمسلحة، وعليه لابد من تجريم كل الدول التي تعقد صفقات أسلحة مع أنظمة استبدادية بوليسية الطابع، فاقدة للشرعية بكل المعايير.
النقطة 12: الجمعية وتحميل حكام العرب مسؤولية الخذلان.
* على رأس الذين يتحملون مسؤولية خذلان القضية الفلسطينية العادلة ملوك وأمراء وحكام الدول العربية الذين يحملون لواء "الإعتدال" زعموا، ولذلك عندما سئل الشقيري رحمه الله رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الأسبق، متى تتوقعون تحرير فلسطين، فقال بكل مرارة "عندما تتحرر الأمة العربية" إن حكام العرب جميعا اليوم لا يملكون شرو نقير من شهامة وشجاعة وبعد نظر آخر خلفاء بني عثمان السلطان عبد الحميد رحمه الله، الذي تقوّل عليه أشباه الرجال والعملاء الكثير، والذي رفض بكل شمم أن يسلم في شبر واحد من أرض الإسراء والمعراج رغم القلائل والزلازل التي كانت تهدد عرشه وملكه المترامي الأطراف، ففي سنة 1901 حاول وفد صهيوني برئاسة هرتزل مقابلة السلطان عبد الحميد ليعرض عليه تسديد ديون الدولة العثمانية مقابل السماح لليهود في استيطان فلسطين، فرفض المقابلة وقال "أنصح الدكتور هيرتزل بأن يحتفظ علاينيه وإلا تتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع، إني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين فهي ليست ملكي بيميني بل هي ملك شعبي" وقال أيضا "إن بلادنا –يعني فلسطين- التي حصلنا على كل شبر منها ببذل دماء أجدادنا لا يمكن أن نفرط منها دون أن نبذل أكثر مما بذلنا من دماء في سبيلها" وقال "ولكن إقامة دولة يهودية في فلسطين التي فتحناها بدماء أجدادنا العظام فلا...." ولم يكتف بالكلام بل اتخذ إجراءات عملية للدفاع عن أرض فلسطين وبيت المقدس منها أنه أصدر فرمانا منع فيه الاستيطان اليهودي، ومنها منع بناء المستوطنات اليهودية في فلسطين ومنها فصل بيت المقدس عن ولاية سوريا وإخضاعها لإدارته مباشرة، ذلك موقف السلطان عبد الحميد الذي نعت بشتى النعوت المنفرة، كالسلطان الأحمر..الخ ولكن كشفت الوثائق بعد مدة براءته مما نُسب إليه بل شهدت له بالذكاء والبراعة السياسية مما يجعله أحد أساطين السياسة الدولية في ذلك الوقت، والأغرب أن هرتزل صاحب كتاب الدولة اليهودية، شهد له بالبطولة في مذكراته عندما نقل كلمة السلطان عبد الحميد "فإني لست مستعدا أن أتخلى عن شبر واحد من هذه البلاد لتذهب إلى الغير، فالبلاد ليست ملكي بل هي ملك شهبي روى ترابها بدمائه فليحتفظ اليهود بملايينهم من الذهب، فإن الدولية العلية لا يمكن أن تختبئ وراء حصون بنيت بأموال أعداء الإسلام، لست مستعدا لأن أتحمل في التاريخ وصمة بيع بيت المقدس لليهود وخيانة الأمانة التي كلفني المسلمون بحمايتها، إن ديون الدولة ليست عارا لأن غيرها من الدول الأخرى مدين مثل فرنسا، إن بيت المقدس قد افتتحه المسلمون أول مرة، بخلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولست مستعدا أن أتحمل في التاريخ وصمة بيعها لليهود وخيانة الأمانة" وقد أورد هذا هرتزل في مذكراته التي طبعت في تل أبيب عام 1924، وفي ذلك اليوم قرر هرتزل والصهاينة بضرورة سقوط الخلافة العثمانية لأنها الطريق الوحيد إلى فلسطين، رغم نقائصها إلا أنها استطاعت أن تحمي العالم الإسلامي من غزو صليبي لمدة 400 عام، لقد عرضوا عليه قرض بخمسين مليون جنيه لتسديد ديون الدولة، وخمس ملايين جنيه لخزانتة الخاصة، وبناء أسطول كامل للدفاع عن أراضي الدولة العلية فرفض كل ذلك، فأين حكام الاعتلال العرب اليوم من شهامة هذا السلطان العثماني الرهيب الذي دوّخ التحالف الأوروبي المسيحي ورغم ما قيل فيه لقد رفض بكل عزة الرشوة التي تثبت عرشه على حساب بيت المقدس والأقصى المبارك، فقد دفعوا الأموال الطائلة لإنقاذ الاقتصاد العالمي المنهار القائم على الربا والاحتكار والاغتصاب من أجل بقائهم في السلطة والسماح لهم بتوريث الحكم لأبنائهم آخرهم ابن قائد الثورة الليبية سيف الإسلام الذي لولا والده لما سمعنا له ركزا في دنيا الناس ليصبح مشرفا على البرلمان والحكومة بصلاحيات أكبر، إن حكام العرب لم يفرطوا في القدس والأقصى، بل سمحوا للصهاينة باختراق شعوبهم ليس بهويات إسرائيلية واضحة، وإنما تحت عناوين مختلفة، تارة باسم الخبراء وتارة باسم المتعاونين وتارة باسم الاستثمار بل هناك مستثمرين كبار في البلاد العربية أصولهم يهودية وبعضهم جواسيس لأمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وتارة باسم التنسيق العالمي ضد الإرهاب، وتارة باسم تبادل الخبرات، وهكذا أصبح الصهاينة يصولون ويجولون في طول البلاد وعرضها تحت جنسيات مختلفة أوروبية وأمريكية والأدهى من ذلك أنهم اخترقوا سائر أجهزة الأنظمة العربية وأصبحوا هم ربان السفينة، وأصبح الحكام عبارة عن طراطير أو كلاب حراسة، لقد أدرك هرتزل صلابة السلطان عبد الحميد ومناعته من التورط في رشوة تذهب معها زهرة المدائن لبني صهيون، فقال "إن فتح أبواب الشرق لليهود في فلسطين ليتوقف بالدرجة الأولى على تدمير الخلافة العثمانية، ومن ساهم في سقوط الخلافة بعض حكام وملوك العرب الذين كان ملكهم الباطني غير المتوج لورانس" والدارس للتاريخ يدرك دور اليهود وبعض الأسر الحاكمة العربية في سقوط الخلافة العثمانية وإذا كان حمدان خوجة الجزائري يقول لصديقه أحمد بوضرسة سنة 1836 بعد استعمار الجزائر بست سنوات "اللهم ظلم الأتراك ولا عدل الفرنسيين" لأن كل ما تعهدت به فرنسا أثناء غزو الجزائر 1830، حيث زعمت أنها ستخلص الجزائر من طغيان الأتراك وأنها تحترم الإسلام ولكن بمرور الأيام والسنوات ظهر زيف تلك الدعاوى وظهر للجميع بالمقارنة والمعاينة رحمة الأتراك، وقسوة فرنسا وحقدها على الإسلام، ألم يقل الكاردينال لافيجري سنة 1868 "علينا أن نخلص هذا الشعب –يقصد الجزائر- ونحرره من قرآنه، علينا أن نعتني بالأطفال لننشئهم على مبادئ غير التي شب عليها أجدادهم، فإن واجب فرنسا هو تعليمهم الانحلال أو طردهم إلى أقاص الصحراء" وهو عين ما يفعله الصهاينة في فلسطين اليوم من طمس لمعالم الهوية الإسلامية وتهويد القدس وتهجير المواطنين العرب والمسيحيين بالقوة وتغيير أسماء المدن والمعالم، وعوض أن يحاربوا نجد العميل المدسوس عباس يصف أبطال الجهاد والمقاومة بالظلاميين ويتطاول على المجاهدين مستقويا عليهم بالإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني وحكام الإعتلال الذين جعلوا من بلادهم مستعمرات غير معلنة أمريكا وأوروبا إسرائيل بما في ذلك النظام الجزائري الفاقد للشرعية والمصداقية الشعبية، وها نحن نقول "اللهم ظلم سلاطين بني عثمان ولا اعتلال حكام العرب الأقنان"، وها هي سوريا القومية تقرر فتح الحدود مع تركيا والاقتصار على بطاقة الهوية فهل من مدّكر؟!!! فمتى تفتح الحدود في سائر بلدان المغرب العربي الكبير رغم أن من أهداف ثورة نوفمبر وحدة المغرب العربي؟!!!
* ومن زمن بعيد وأهل العلم والفكر والسياسة من أبناء جمعية العلماء يحمّلون الحكام والأمراء والملوك مسؤولية خذلان القضية الفلسطينية وعلى رأس هؤلاء العلامة ابن باديس رحمه الله، حيث قال بتاريخ 1938 "يجري كل هذا وترتفع له أصوات العالم الإسلامي، والعالم العربي بالاحتجاج والاستنكار ويخاطب ملوك العرب والإسلام حكومة الإنكليز فلا تزيد آذانها إلا صمما ولا قلبها إلا تحجرا، نقول العالم الإسلامي والعالم العربي، لأننا لم نر ولم نسمع من غيرهما احتجاجا جديدا واستنكارا صارخا حتى الذين يقيمون الدنيا ويقعدونها بصراخهم ويبذلون من مساعداتهم في أوطان أخرى لم نرهم إزاء فلسطين الشهيدة إلا سكوتا أو شبه سكوت، وشتان بين من يريد المقاومة ومن يريد رفع الملام" وممن حملهم المسؤولية العلامة الإبراهيمي حيث قال" وكتبت تلك المقالات التي قلما كتبت صحيفة مثلها، ونعت على العرب وملوكهم تواكلهم وتخاذلهم واغترارهم، وأنذرتهم سوء المصير، فلما وقعت النكبة التي سجلت على المسلمين جزي الأبد، ووسمت العرب سمة الذل التي لا تمحى، جف الريق والمداد، وأغضينا الجفون على القذى، وفي النفس من الحزن لواعج، وفيها زفرات مكبوتة، لا تكون –إذا انفجرت- من باب: أوسعتهم سبا وراحوا بالإبل، وإنما تكون صرصرا عاتية على أمراء العرب وكبرائهم الذين لم يأكلوا تراث العروبة ولكن أضاعوه، وبم يحفظوا مجد الإسلام بل باعوه، وتكون حربا على هذه الأخلاق الدخيلة على الدم العربي التي هيأته للذل والعبودية والهوان، وما زالت هذه الزفرات تعتلج وتتصاعد، حتى انبرى كاهن الحي لنقد ملوك العرب وأخلاق العرب بأسلوبه الذي رجع بالعربية إلى عهود الجاهلية، فقضى بعض الحق وشفى شيئا مما في النفس، وقد أخبرنا الكاهن بأن للكهانة فترات قسرية، وأنه سيجول –حي يعاوده نجيه- في أقطار العرب، ويتناول قادتهم وعلماءهم بما هم أهله، إن تلك العاقبة الشنعاء لقضية فلسطين يعود وزرها على ملوك العرب وحكوماتهم، وأحزابهم، وأنهم لا يعذرون فيها ولا يستعتبون، وإن كارثة المشردين هي العورة التي لا توارى في الجسم العربي، وهي الفضيحة السوداء في تاريخهم، وإن ويلات اللاجئين كلها مكتوبة في صحائف أولئك القادة والأمراء... وستقاضى من كتبت له الحياة من أولئك اللاجئين ثأرهم من قادة العرب وأمراء العرب وويل للطاعمين الناعمين من الجياع الظماء"، وقال"ووقفت من قضية فلسطين موقف المجاهد المستبسل الكرار واتت في القضية بما لم تأته صحيفة عربية، وجلت من وجوه الرأي الصريح ما لم يجله مفكر عربي، وسددت سهام النقد إلى المتخاذلين من قادة العرب، فكشفت دخائلهم وقبحت سيرهم وأعمالهم وانخداعهم لدسائس أوروبا وأحيت معهم سنن السلف الناصحين من نصيحة صادعة، وكلمة حق قارعة، وقالت لهم ما يغضبهم ولكنه يرضي الله" وقال في 1947 " إن الصهيونية فيما بلونا من ظاهر أمرها وباطنه نظام يقوم على الحاخام و الصيرفي والتاجر، ويتسلح بالتوراة والبنك والمصنع،وغايتها جمع طائفة قدر لها أن تعيش أوزاعا بلا وازع، وقدر لها أن تعيش بلا وطن – ولكن جميع الأوطان لها – فجاءت الصهيونية تحاول جمعها في وطن تسميه قولا فلسطين،ثم نفسره فعلا بجزيرة العرب كلها،ف هو في حقيقته استعمار من طراز جديد في أسلوبه ودواعيه وحججه وغاياته ، يجتمع مع الاستعمار المعروف في أشياء، وتفرق بينهما فوارق، منها الصهيونية تعتمد قبل كل شيء على الذهب، تشتري به الضمائر والأرض والسلاح، وتشتري به السكوت والنطق، وتشتري به الحكومات والشعوب، تعتمد عليه وعلى الحيلة والمكر والتباكي والتصاغر في حينه، وعلى التنمّر والإرهاب في فرصته"، ومن أروع ما قال في 1948 قوله" أيها العرب :إن الذنب في نفسه ذنب،وإن عدم الاعتراف به يصيره ذنبين ،ولكن التوبة الصادقة المصحوبة بالعمل تمحوهما معا، فتعالوا نعترف بم يعلمه الله منا فإن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، ألستم أنتم الذين أضعتم فلسطين، بجهلكم وتجاهلكم مرة، وخذلكم وتخاذلكم ثانية، وباغتراركم وتغافلكم ثالثة ، وبقبولكم للهدنة رابعة، وباختلاف ساستكم وقادتكم خامسة، وبعدم الاستعداد سادسة ، وبخيانة بعضكم سابعة، وبما عدوكم أعلم به منكم ثامنة؟ وفي أثناء ذلك كتب عليكم الحفيظان من الموبقات ما يملأ السجلاّت، كانت نتيجة النتائج لذلك كله أن أضعتم فلسطين وأضعتم معها شرفكم ودفنتم في أرضها مجد العرب وعزّ الإسلام وميراث الإسلام وضاعفتم البلاء على نصف العرب في المغرب العربي كانوا ينتظرون انتصارهم في المعترك السياسي على اثر انتصاركم في المعترك الحربي،ولكنهم باؤوا من عاقبة خذلانكم بشد الخناق وشدة الإرهاق وكان من النتائج المخزية تشريد مليون عربي عن ديارهم، ولو أن عشرهم كان مسلّحا لما ضاع شبر من فلسطين ولو أن العشر وجد السلاح اليوم لاسترجاع فلسطين، وهاهم أولاء يتردّدون على حافات فلسطين تتقاذفهم المصائب ويتخطفهم من كل جانب لكنه موت الجوع والعري والبرد لا موت الذياد والشرف" وكأنّ الإبراهيمي حيّ بيننا يشاهد ويعاين ويحلل ويصف العلة ويشخص الداء ويضع الدواء، وهذا من نفاذ البصيرة وبعد النظر والمعرفة بعلل الأمم وتجارب التاريخ رحمة الله عليه واسعة، وكم كان شجاعا عندما أبان بكل جلاء من كانوا وراء ضياع فلسطين حيث يقول " ومن التزوير على التاريخ إن يقال إن اليهود احتلوا فلسطين بالقوة العسكرية كما يحتل القوي الغالب أرض عدوه الضعيف المغلوب، ألا إن كلمة الحق التي يقف الواقع بجنبها شاهدا لا يكذب هي أن ملوك العرب وزعماءهم المتحكمين في مصائرهم المنفذين لإرادة المستعمر هم الذين سلموا فلسطين لليهود سائغة هنية وحققوا للإنجليز غايتهم وما شرطه اليهود عليهم من تسليم فلسطين فارغة من العرب كما تسلم الدار المبيعة فارغة من الساكن، فاصنعوا لذلك التسليم المقرر وسائل وأعذارا من التخاذل والمشاكسات بين القادة العسكريين حتى تم الأمر بذلك التسليم المهين، وكل ذلك تم وفق خطة مدبرة متصلة الحلقات من الإنكليز وأعوانهم منا في مقابلة نفع مادي شخصي زائل ومناصب مضمونة لعدة رجال من العبيد باعوا قومهم بتلك الوظائف، وما زلنا نراهم رأي العين يتقلبون في تلك الوظائف الذليلة وينفّذون أغراض الاستعمار ويدافعون عنها،وقد حنّ لهم الدهر فنالوا ما نالوا ، فيا ويحهم إن عقّهم الدهر وصحا من تلك اللوثة، وما صحوا منها ببعيد،وما مصرع فاروق وعبد الله ببعيد من الذين باعوا فلسطين بالثمن الزهيد ومهما تكن تلك الوظائف مضمونة من الانجليز وراءها الموت والعار والسبّة الخالدة ووراءها هبة الشعوب وثورات المكبوتين". قال ذلك في 1954 في أول اندلاع الثورة الجزائرية ولا شك أنه سوف يأتي ذلك اليوم الذي تثور فيه الشعوب على جلاديها العملاء الذين باعوها بثمن بخس في سوق النخاسة العالمية فصبرا جميلا "إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا" وهو القائل" ووقفت من قضية فلسطين موقف المجاهد المستبسل الكرار واتت في القضية بما لم تأته صحيفة عربية، وجلت من وجوه الرأي الصريح ما لم يجله مفكر عربي، وسددت سهام النقد إلى المتخاذلين من قادة العرب، فكشفت دخائلهم وقبحت سيرهم وأعمالهم وانخداعهم لدسائس أوروبا وأحيت معهم سنن السلف الناصحين من نصيحة صادعة، وكلمة حق قارعة،وقالت لهم ما يغضبهم ولكنه يرضي الله." وممّن حمّل قادة العرب المسؤولية الشيخ المؤرخ توفيق المدني رحمه الله، حيث قال في العديد من المرات" "الكلمة اليوم لم تبق للعرب وهم على تفرقهم وتخاذلهم القديم، بل الكلمة اليوم أصبحت لأمراء العرب الذين يمثلون البلاد المستقلة العربية والشبيهة بالمستقلة، فمنذ كان أهل فلسطين الأحرار الأباة يعلنون ثورتهم العنيفة، وعندما رأت انكلترا أنها لا قبل لها بتحمل تلك الثورة دعت إلى وضع السلاح، لكي تترك لجنة البحث تقوم بأعمالها بغاية الحرية وفي جو هادئ، لم يرد المجلس الإسلامي الأعلى أن يتحمل التبعة وحده، تبعة وضع السلاح، بل وأصر على وجوب تدخل أمراء وملوك المسلمين في الأمر، وما وضع السلاح وانتهى أمر الثورة إلا بعد تدخل الملك غازي العراقي ، والملك ابن السعود النجدي والإمام يحي اليمني والأمير عبد الله الأردني وطلبوا إلى أهل فلسطين أن يضعوا السلاح لمحاولة حل المشكل بالطرق السلمية، فأما والمسألة لم يتم حلها بالطرق السلمية، وبواسطة اللجان، فإن المجلس الإسلامي الأعلى خاطب الملوك والأمراء السابقي الذكر، لكي يتخذوا مسؤوليتهم اليوم إزاء هذا الإخفاق، كما اتخذوها من قبل إزاء وقف الثورة. وعليهم هم الآن أن يقوموا إلى جانب المجلس الإسلامي الأعلى بواجب الاعتراض، ولو أدى الأمر بهم إلى الوقوف في وجه انكلترا موقف المعادي، لكي تفهم هذه الدولة أنها لن تستطيع أن تعتمد في المستقبل على صداقة العرب عندما ينفخ في صورة الحرب المقبلة وهي قاب قوسين أو أدنى. ونحن نرى أن مشكل فلسطين قد دخل الآن في دوره النهائي، وأنا أقول أن الفصل فيه سيكون للعرب وملوكهم لا غير. فإن وقف هؤلاء موقف الجد و الصرامة، وأظهروا حقيقة عواطفهم وهددوا بالعداء النهائي، فإن انكلترا تنظر في طريقة ثانية للتخلص من المشكل اليهودي الذي فتحت بابه ثم عجزت عن إيصاده. ولن تقدم أبدا على إغضاب العرب وتغير عواطفهم بصورة قاسية، لأنها تعلم أن حاجتها إليهم أثناء الحرب المقبلة عظيمة، وأن انضمامهم إلى أعدائها خلال تلك الحرب سيكون من أسباب اندحارها وانحلالها، أما أن هي أنست من ملوك العرب الجمود، ومن جماعات العرب الخمود. فهي ستمعن في سياستها الصهيونية ، وتستمر على نصرة هذه الفئة القليلة الغنية الفعالة التي تعرف كيف تنفع وكيف تضر، وسنرى خلال هذا الشهر كيف يكون موقف أمراء العرب، وخاصتهم وعامتهم، وهل العرب يستحقون بتآلفهم وتضامنهم واتحادهم البقاء، هم يستحقون باختلافهم وتفكك أجزائهم الفناء و الاضمحلال" وقال أيضا " ثم إننا لا نفهم إلى هذه الساعة ماهي هذه المواقف الضعيفة المخجلة التي يقفها ملوك العرب وأوامرهم اتجاه هذا الموقف الخطر، العظيم، فهل يكفي لأمثال يحي والملك عبد العزيز بن مسعود أن يحتجوا ببرقيات يرسلونها إلى لندر وإلى البيت المقدس ثم يسكنوا كأنهم قد أدوا الواجب المفروض عليهم؟ ومتى يجوز لهم أن ينذروا الانكليز بقطع سائر العلاقات السياسية والاقتصادية معهم، وفتح مذكرات مع أعدائهم المعروفين في البحر المتوسط، إن لم يكن هذا الوقت وقت هذا العمل؟" وقال في سنة 1938 "إن قدر الله وضاعت فلسطين فإنها والله لن تذهب ضحية الصهيونيين، بل هي تذهب ضحية المسلمين الجامدين، وضحية ملوك المسلمين المتغافلين، فيا عامة المسلمين ويا خاصتهم، ويا ملوكهم وأمرائهم وقادتهم، هذه فلسطين الشهيدة ضائعة متلاشية فماذا أنتم فاعلون" ولقد كان أمر الحكام العرب ملتبسا على أغلب الشعوب يومها أما اليوم فالأمر لا يحتاج إلى برهان أو دليل أو عالم خطيب، فأبسط الناس في العالم العربي والإسلامي عندما تسأله من هو العائق دون استرجاع فلسطين يقول لك : حكام العرب العملاء، وهذه بشرى خير والحمد لله، وهل يعقل أن مصر التي كانت توظف إذاعة صوت العرب وسائر وسائلها الإعلامية للمساهمة في مناصرة قضايا التحرر في العالم وعلى رأسها القضية الجزائرية فضلا عن القضية الفلسطينية وتوعية الجماهير وإلهاب مشاعرهم أصبحت وسائل إعلامها المختلفة مشغولة بالتفاهات وسفاسف الأمور ونشر الفساد والانحلال الأخلاقي ونشر الكراهية والحقد من أجل مقابلة في كرة القدم؟!! وتعمل على تخدير وعي الشعوب وإلقاء الوهن فيها عبر"علماء" و"مفكرين" و"ساسة" همهم نشر روح الانهزامية وهل يعقل أن يسكت شيخ السلطة الطنطاوي عما يتعرض له المسجد الأقصى من مداهمات واعتقالات للمرابطين وتمتد يده إلى نقاب فتاة صغيرة لينزعه عنها ويتعالم عليها، وإذا كان موضوع النقاب مسألة خلافية بين أهل العلم قديما وحديثا، فإن التبرج والسفور والعري أمر مجمع على تحريمه في جميع الديانات السماوية، فهل يستطيع شيخ السلطة المصرية غير المنتخب أن يقول لسوزان مبارك احتجبي كما أمر الله تعالى، وهل يستطيع أن يقف على أبواب مدينة السينما المصرية ويمنع الفواحش ما ظهر منها وما بطن؟!!! وهل يعقل أن السعودية التي استنفرت العالم الإسلامي بكل ما تملك لتحرير أفغانستان من الروس تخرس في استنفار العالم مرة ثانية لتحرير بيت المقدس، أم أن أفغانستان أعظم منزلة عندها من المسجد الأقصى، لاسيما وفلسطين احتلت منذ 1948 ؟!!! مع العلم أن أفغانستان تحتاج إلى نصرة ومساندة وكذا كل أرض تقع فريسة لاحتلال كافر؟!! لكن الأولوية كان الواجب أن تكون لثالث الحرمين.
تنبيهان هامان:
1- نحن وإن كنا نحمل المسؤولية التاريخية لعميدة الإستعمار العالمي بريطانيا، ولحكام العرب الذين أصبحوا وكلاء لقوى الإستعمار والهيمنة العالمية، فإننا لا نعفي عموم الشعوب الإسلامية من المسؤولية، قال الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله "وكل مسلم مسؤول أعظم المسؤولية عند الله تعالى على كل ما يجري هنالك من أرواح تزهق وصغار تيتّم ونساء ترمّل وأموال تهتك، وديار تخرّب وحرمات تنتهك كما لو كان ذلك كله واقعا بمكة أو المدينة إن لم يعمل لرفع ذلك الظلم الفظيع بما استطاع" وفي بيانات سابقة فصلنا الأمر فيما يخص وجوب نصرة القضية الفلسطينية من طرف العلماء والدعاة وحكام المسلمين وسائر الشعوب الإسلامية.
2- مما لا شك فيه عندنا أن القضية الفلسطينية في جوهرها قضية دينية إسلامية، والأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على ذلك أكثر من أن تحصر، وقد أشرنا إلى هذه الحقيقة في بيان "تذكير عموم المسلمين ببطلان شرعية حل الدولتين" بتاريخ 11/08/2009، ولكن حكام العرب في هذه الأيام يريدون إقصاء الدول الإسلامية وعلى رأسها إيران بدعوى أن القضية الفلسطينية قضية عربية ونحن لا ننكر أن القضية الفلسطينية قضية عربية، يجب على العرب حكاما وشعوبا نصرتها بحكم أن فلسطين قطعة عزيزة من أرض العرب قد بناها اليابيسيون بحوالي 40 قرنا قبل الميلاد، وهي أرض عربية قبل قدوم إبراهيم عليه السلام بحوالي 21 قرنا قبل الميلاد و19 قرنا قبل ميلاد سيدنا موسى عليه السلام، ولم يدم ملك بني إسرائيل فيها عنوة إلا حوالي 450 سنة في القرن 10 قبل الميلاد، وأجمع المؤرخون أن فلسطين كان يطلق عليها أرض كنعان، ولسوء حظ اليهود أن هذه الحقيقة مذكورة باسمها في التوراة، وهذا أكبر دليل على أن اليهود عندما دخلوا الأرض المقدسة وجدوها مسكونة وأقاموا بها مدة ثم هاجروها وتفرقوا قي الأرض، وإذا كان كل شعب عبر التاريخ أقام في مكان ما عبر التاريخ الغابر تثبت له حق العودة إلى تلك الأرض فعلى هيئة الأمم المتحدة أن تعيد توزيع الشعوب من جديد على الكرة الأرضية وأن يعاد كل جنس أو كل شعب إلى موطنه الأصلي وأن تعود أمريكا إلى الهنود الحمر، لأنهم أصحاب الأرض الأصليين وهكذا، وإذا اتخذت الأمم المتحدة هذا القرار فلا نجد شعبا يبقى في مكانه الحالي، والحاصل أن أرض فلسطين، أرض عربية، قال الإبراهيمي رحمه الله في 05 سبتمبر 1947 "إن فلسطين أرض عربية لأنها قطعة من جزيرة العرب، وموطن عريق لسلائل من العرب، استقر فيها اليهود، وتمكن فيها الإسلام أكثر مما تمكنت اليهودية، وغلب عليها القرآن أكثر مما غلبت التوراة، وسادت فيها العربية أكثر مما سادت العبرية" ولكن حكام العرب العملاء بعد أن استبعدوا الحل الشرعي الإسلامي للقضية الفلسطينية هاهم يفشلون في حل القضية تحت لواء القومية العربية ولم تتحرك فيهم نخوة العرب لإنقاذها من براثين الصهاينة، بل بعضهم كان مع تأجيل تقرير غولدستون الذي يتهم إسرائل بممارسة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهكذا فشلوا في حل القضية إسلاميا وعربيا وحقوقيا وإنسانيا ودوليا،...فأين تذهبون يا ولاة القهر والاستبداد؟!!! وهل تطمعون بعد كل هذا الخذلان أن ندعو لكم على أعواد المنابر ونطلق عليكم ولاة الأمر؟!!
النقطة 13: الجمعية ترى أن التضحية والجهاد طريق الاستقلال.
إن الجرائم البشعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة الصامدة وما تقوم به من انتهاكات ببيت المقدس والمسجد الأقصى يعتبر عدوانا، واستعمارا غاشما لا يمكن دحره إلا عن طريق الجهاد الشرعي بجميع أنواعه وأشكاله، فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام وما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا، وقد كان السلف الصالح الأوائل يعلمون أبنائهم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يعلمونهم السورة من القرآن، قال اسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه "كان أبي يعلمنا المغازي والسرايا ويقول، يابني شرف أبائكم فلا تضيعوا ذكرها"، وقال زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنه "كنا نعلم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلم السورة من القرآن " والجزائر لم تتحرر إلا بالجهاد، فالجهاد هو الطريق الوحيد لإنقاذ فلسطين من نير الاستعمار الصهيوني وقد أجمع العلماء قديما وحديثا على وجوب الدفاع عن أراضي المسلمين إذا ما تعرضت للعدوان مهما تباعدت ديارهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "إذا دخل العدو بلاد المسلمين فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب، إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة" وقد نص أهل العلم أن طريق الجهاد والاستشهاد واستخدام القوة هو السبيل الوحيد لتحرير الأرض من دنس الاستعمار لاسيما والكيان الصهيوني يعمل جاهدا على تهويد القدس وتهجير المواطنين المسلمين والمسيحيين وتبديل أسماء فلسطين وإصدار قانون الولاء اليهودي، ولذلك نرى أن الشيخ الطيب العقبي رحمه الله أرسل برسالة إلى عزام باشا الممثل للجامعة العربية بتاريخ 07 أكتوبر1947 حيث قال "الشعب المسلم الجزائري يؤكد لكم إخلاصه العميق وارتباطه المتين قلبا وقالبا بكم...وارتفعت أصواتهم بالاحتجاج الصارخ ضد مشروع التقسيم، أعلنوا عن رغبة ولهفة استجابة لكل قضية، واستعدادهم التام للانخراط في صفوف المتطوعين للدفاع عن فلسطين وحماية تلك البلاد المقدسة عن عدوان المعتدين، وإني شخصيا قد عزمت عزما أكيدا على رفع راية الجهاد على رأس هؤلاء الآلاف من المضحين تلبية لداعي الإيمان بمبدأ ديمقراطية الإسلام، الحق ومقاومة الصهيونية الباغية المتقمصة لثوب الاستعمار..وقد عبر أمين الحسيني عن تشكراته العميقة للموقف الجزائري المشرف تجاه القضية الجزائرية" وقال عن نفسه أنه مستعد للتضحية بكل غال في سبيل فلسطين ثالث الحرمين وأولى القبلتين، حتى تستعيد إسلامها وعروبتها، أبرز ذلك بقوله"...لإظهار الإتحاد العملي والتضامن الفعلي سأحمل راية الجهاد وأذهب بنفسي تاركا الأهل والولد" والشيخ توفيق المدني رحمه الله في جوان 1930" قلب صفحات التاريخ العالمي، وانظر في ذلك السجل الأمين، هل تجد أمة غلبت على أمرها، ونكبت ورزئت في الاستقلال ثم نالت حريتها منحة من الغاضب، وتنازلا من المستبد، ومنة من المستعبد؟ اللهم كلا، فما عهدنا حرية تعطى، إنما عهدنا حرية تؤخذ، وما علمنا الاستقلال يمنح ويوهب، إنما علمنا الاستقلال ينال بالجهاد والاستماتة والتضحية". وقال أيضا "وما رأينا التاريخ يسجل بين دفتي حوادثه خيبة للمجاهد، إنما رأيناه يسجل خيبات للمستجدي، فإذا أنار التاريخ في هذا السبيل بصائرنا، رأينا أن إخفاق الوفد المصري في لندرا أمرا طبيعيا وأن إخفاق الوفد الفلسطيني أمر محتم، فكلاهما ذهب يلتمس من المستبد مرحمة وكلاهما ذهب يفاوض الغاصب على إرجاع البعض مما اغتصب" وقال سنة 1938 "إن كانت الأمور قد هدأت ببلاد الكنانة . فليس الأمر كذلك من سوء الحظ ببلاد فلسطين. فهنالك يزداد الثائرون الأباة البواسل شدة مراس وعنفا في مقاومة الاستعماريين الانكليزي واليهودي، ويزداد الانكليز شدة وقسوة في قمع العصيان ومعاقبة رجال الثورة، والاعتداء على الحريات، وانتهاك الحرمات، وترويع الآمنين، وتحطيم القرى، وإحراق المداشر، بحيث إنّ ما يقع الآن في فلسطين لم يرو لنا التاريخ أن مثله وقع في العصور الحديثة. ولا يزال الفريقان يظهران العزيمة على استمرار هذه الحالة" وقال الشيخ الإبراهيمي رحمه الله سنة 1948 " كذبتم المخيلة أيها الأقوياء!...إن العرب إذا سيموا الحيف حكموا السيف، وإنهم سيأخذون حقهم بالدم الأحمر في حين أراد اليهود استلابه منهم بالذهب الأصفر. وإنّ الزمان سيأخذكم بهذه الدماء المراقة، أخذ الأرض لفرس سُراقة، وإن التاريخ سيعصب عارها بكم عارها وشنارها، وسيئاتها وأوزارها، وويح الجميع!...إن غرس صهيون في فلسطين لا ينبت،وإن نبت فانه لا يثبت فانتظروا إنا معكم من المنتظرين".
* وليكن في علم العام والخاص أن الكيان الصهيوني لا يؤمن بالحوار أو المفاوضات وإنما يؤمن في قرارة نفسه بالقوة والإرهاب منهجا، قال بن غريون "خير مفسر ومعلق على التوراة هو الجيش، فهو الذي يساعد الشعب على الاستيطان على ضفاف نهر الأردن مفسرا بذلك ومحققا كلمات أبنياء العهد القديم" ومعنى ذلك أن الجيش له عقيدة دينية يدافع عنها، وقال ميخا يوسف بيرد "إن كلا من السيف والكتاب يناقض الآخر بل يقضي عليه كليا...يعيش الرجال والأمم بالسيف وليس بالكتاب...." وقال بيغن "إن قوة التقدم في تاريخ العالم ليست للقلم بل للسيف...." وقال الفيلسوف الصهيوني مارتن بوبر "إن أغلبية الشعب اليهودي قد فضلت أن تتعلم من هتلر أكثر مما تعلمت من موسى ذلك أن هتلر أثبت أن التاريخ ليس من نصيب من يملك الإيمان ولكنه نصيب من يملك القوة، وإذا ملك القوة فإنه يستطيع أن يقتل دون حياء" وقالت جولد مايئر "إن الذي يريد انتزاع أرض غيره –وهذا اعتراف منها بالاغتصاب للأرض- ويسكنها ويتملكها، عليه أن يكون مستعدا لجميع الطوارئ والصعوبات..." فالكيان الصهيوني لا يؤمن إلا بالقوة وأفاعيله منذ 1948 تشهد بذلك ومثل هؤلاء لا يجوز مقابلتهم إلا بالقوة والجهاد، وفرنسا لم تخرج من أرض الجزائر إلا بقوة السلاح بعد فشل جميع المحاولات السلمية، كما نص بيان أول نوفمبر.
النقطة 14: الجمعية وتحديد ميدان المعركة الحقيقية:
يجب على العلماء والدعاة والصادقين من الساسة وقادة الفكر شحذ همة الأمة لإنقاذ بيت المقدس والمسجد الأقصى من نير الاستعمار الصهيوني اللعين وأن تكون أرض فلسطين ميدان الصراع الحقيقي للأمة الإسلامية، وكم كان البشير الإبراهيمي رحمه الله بعيد النظر عندما حدد أرض المعركة الحقيقية بقوله في 21 جوان 1948 "نحن نعتقد أن ميدان القتال بين العرب وبين اليهود هي فلسطين" ومن أراد أن يعرف مصداقية الشيخ الإبراهيمي فليعرف جيدا مكانة الهيكل المزعوم عند كل من اليهود والنصارى والصهيونية والماسونية.
أما اليهود، فهم يؤمنون بأرض الميعاد وإعادة بناء الهيكل الثالث ويستدلون على ذلك من نصوص التوراة والتلمود ولسنا الآن بصدد ذكر تلك النصوص وربما عدنا إلى ذلك مرة أخرى إن شاء الله تعالى، ومن أجل هذه العقيدة المستحكمة في قلوبهم وعقولهم ووجدانهم، رفض الصهاينة ما عُرض عليهم من قبل قوى الاستعمار في العالم من مناطق في العالم رفضوا الأرجنتين وأوغندا التي تتفجر منها منابع النيل وعرض عليهم وسط روسيا وليبيا وقبرص أو سيناء أو الطور، فأبوا كل ذلك إلا أرض فلسطين أرض الميعاد وأرض الأجداد التي وعدهم بها الرب كما يقولون، قال بن عزيون "لا قيمة لإسرائيل بدون القدس ولا قيمة للقدس بدون هيكل" وقد أجتمع في المؤتمر العالمي بمدينة بال بسويسرا 1897 حوالي 50 جمعية يهودية كلها تؤمن بأرض الميعاد وإعادة بناء الهيكل لاعتقادهم أن مسيح اليهود المنتظر يبعث بعد بناء الهيكل، أما النصارى فيعتقدون أن العهد الجديد إنما هو امتداد للعهد القديم ويعتقدون أن إعادة بناء الهيكل سيؤدي إلى ظهور المسيح مرة ثانية، ولهذا فهم يتعاونون مع اليهود من أجل الوصول إلى هذا الهدف ولا يمكن بناء الهيكل إلا على أنقاض بيت المقدس وعليه، فلابد من هدم الأقصى والصخرة ثم بناء الهيكل لظهور المسيح الذي سيدخل اليهود في دينه، قالت الكاتبة الأمريكية جريس هالسيل "أن أحد اليهود قال للمسيحيين "إنكم تنتظرون مجيء المسيح للمرة الثانية ونحن ننتظر مجيئه للمرة الأولى فلنبدأ أولا ببناء الهيكل وبعد مجيء المسيح ورؤيته نسعى لحل القضايا المتبقية سويا" وساسة النصارى في العالم يساندون إسرائيل ليس بدافع سياسي أو إنساني كما يزعمون، وإنما بدافع ديني، وأما المغفلون من أبناء جلدتنا من المفكرين والساسة يريدون إبعاد العامل الديني من الصراع، ألم يقل وايزمان في مذكراته " أن من الأسباب الرئيسية لفوز اليهود بوعد بلفور هو شعور الشعب البريطاني المتأثر بالثورة وتغنيه بالشوق الكبير لأرض الميعاد" ألم يقل الرئيس كارتر 1979 "إن علاقة أمريكا بإسرائيل أكثر من مجرد علاقة خاصة، لقد كانت ولا تزال علاقة فريدة وهي علاقة لا يمكن تقويضها لأنها متأصلة في وجدان وأخلاق وديانة معتقدات الشعب الأمريكي نفسه" وقال برجنسكي، المسؤول عن الأمن القومي الأمريكي بكل صراحة "إن على العرب أن يفهموا أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لا يمكن أن تكون متوازنة مع العلاقات العربية لأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية علاقات حميمية على التراث التاريخي والروحي"، ثم إن من العقائد المشتركة بين اليهود والنصارى كما جاء في العهد القديم والجديد أن معركة هائلة ستشب بين قوى الخير والشر على أرض فلسطين وذلك بعد بناء الهيكل وجلوس المسيح على عرش داود واسم المعركة "الهرمجدون" وبعد انتهاء المعركة يحكم بنوا إسرائيل العالم من أورشليم جاء في التلمود "قبل أن يحكم اليهود نهائيا لا بد من قيام حرب بين الأمم –أي حرب عالمية رابعة- يهلك خلالها ثلث العالم.." وهذا ما يؤمن به كبار القادة السياسيين في الكيان الصهيوني والأمريكي والأوروبي وأكتفي ببعض النقول، قال الرئيس الأمريكي ريجان "أجد في التوراة أن الله سيلم شمل بني إسرائيل في أرض الميعاد وقد حدث هذا بعد قرابة ألفي سنة ولأول مرة في التاريخ فإن كل شيء مهيأ لمعركة "مجدو" والمجيء الثاني للمسيح" والأغرب أننا لا نجد حاكما إسلاميا أو عربيا يعلن عما جاء في فضل بيت المقدس وإن الله تعالى سوف يحررها على يد الطائفة المنصورة حتى حاكم السعودية الذي يزعم أنه إمام المسلمين وخادم الحرمين، ولا الملك المغربي الذي يزعم أن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عبد الله ملك الأردن الذي يزعم أنه سليل العائلة الهاشمية ولا حسني مبارك، المشغول بتوريث إبنه، لماذا نبعد الإسلام من المعركة المصيرية التي تنتظر المسلمين والإسلام؟!!! ألم يقل المبشر "أوين" : "إن إرهابيين يهودا سينسفون المكان المقدس عند المسلمين ويستفزون العالم الإسلامي للدخول في حرب مقدسة مدمرة مع إسرائيل ترغم المسيح المنتظر على التدخل أن اليهود يعتقدون أن قدومه سيكون الأول ونحن المسيحيين نعلم بأن هذه ستكون زيارته الثانية..نعم لا بد بالتأكيد من أن يكون هناك هيكل ثالث" والماسونية كما عرفها المستشرق الهولندي "دوزي" "جمهور كبير من مذاهب مختلفة يعملون لغاية واحدة هي إعادة الهيكل الذي هو رمز دولة إسرائيل" والماسونية في حقيقة أمرها أداة في يد الصهيونية، وقد أشار البروتوكول العاشر والثالث عشر لحكماء صهيون، إلى أنه سوف تختفي الأديان إلا اليهودية وأن العالم سيحكم من الهيكل!!! فهل بعد كل هذا يقال أن القضية الفلسطينية قضية عربية لا دخل للدين فيها؟!!! فما أبصر بصيرة الشيخ الإبراهيمي عندما قال "أن ميدان القتال بين العرب وبين اليهود هي فلسطين" لماذا لا تشحذ الهمم بكل الوسائل المتاحة لنصرة أرض الإسراء والعراج، وعلى المسلمين في أصقاع الدنيا أن يعلموا مكانة بيت المقدس في الكتاب والسنة وفضل الجهاد فيها، والهجرة إليها فبيت المقدس فيها المسجد الأقصى أول قبلة المسلمين وثالث الحرمين وثاني مسجد وضع في الأرض بعد الكعبة بـ40 عاما وأرضه وما حولها مباركة وبيت المقدس أرض الأنبياء وأرض الإسراء وهي عقر دار الإسلام وقت اشتداد المحن والفتن وهي أرض المحشر والمنشر، وعن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت، يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، فقال "ائتوه فصلوا فيه فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله"، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله على الله عليه وسلم "ستخرج نار من حضرموت أو من بحر حضرموت قبل يوم القيامة تحشر النار، قال، فقلنا يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال عليكم بالشام"، وعن عبد الله بن حوالة الأزدي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ستجدون أجنادا، جندا في الشام، وجندا في العراق، وجندا باليمن، قال قلت يا رسول الله خر لي، قال عليك بالشام..." وفي رواية يا رسول الله خر لي بلدا أكون فيه، فلو أعلم أنك تبقى لم أختر على قربك شيئا، قال عليك بالشام، فلما رأى كراهتي للشام، قال أتدري ما يقول الله تعالى في الشام؟ إن الله تعالى يقول يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل فيك خيرتي من عبادي، إن الله تعالى تكفل لي بالشام وأهله..." وقال عبد الله بن عمرو بن العاص "ليأتين على الناس لا يبقى على الأرض مؤمن إلا لحق بالشام" وبيت المقدس لا يدخلها الدجال، والمهدي ينزل ببيت المقدس وهي مهبط عيسى عليه السلام لنصرة الدين عند خروج الأعور الكذاب، والشام تشمل فلسطين ودمشق وبعض الأردن ولبنان، قال العز بن عبد السلام رحمه الله في فضلها في كتاب ترغيب أهل الإسلام في سكنى الشام "فإن الله تعالى جعلنا من أهل الشام الذي بارك فيه للعالمين وأسكنه الأنبياء والمرسلين والأولياء والمخلصين والعباد الصالحين وحفه بملائكته المقربين وجعله في كفالة رب العالمين وجعل أهله على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم إلى يوم الدين، وجعله معقل المؤمنين وملجأ الهاربين ولاسيما دمشق المحروسة الموصوفة في القرآن المبين بأنهار ربوة ذات قرار ومعين وكذلك روي عن سيد المرسلين وجماعة من المفسرين وبها ينزل عيسى بن مريم عليه السلام لإعزاز الدين ونصرة الموحدين وقتل الكافرين وإبادة الملحدين وبغوطتها عند الملاحم فسطاط المسلمين" قال ابن تيمية رحمه الله "فكان الإسلام في الزمان الأول ظهوره بالحجاز أعظم ودلت الدلائل المذكورة على أن –ملك النبوة- بالشام والحشر إليها، فإلى بيت المقدس وما حوله يعود الخلق والأمر وهناك يحشر الخلق والإسلام في آخر الزمان يكون أظهر بالشام وكما أن مكة أفضل من بيت المقدس فأول الأمة خير من آخرها كما أنه في آخر الزمان يعود الأمر إلى الشام كما أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى..." وقال أيضا "تثبت للشام وأهله مناقب بالكتاب والسنة وآثار العلماء وهي أحد ما اعتمدته في تخصيص المسلمين على غزو التتار وأمري لهم بلزوم دمشق ونهيي لهم عن الفرار إلى مصر، واستدعائي العسكر المصري إلى الشام وتثبيت الشامي فيه، وفي هذه المناقب أمور، أحدها البركة وتثبت بخمس آيات من كتاب الله، ...وفيها المسجد الأقصى وفيها مبعث أنبياء بني إسرائيل وإليها مسرى نبينا صلى الله عليه وسلم، ومنها معراجه ومنها ملكه وعمود دينه وكتابه وطائفة منصورة من أمته وإليها المحشر والمعاد كما أن من مكة المبدأ، فمكة أم القرى من تحتها دحيت الأرض والشام إليها يحشر الناس كما في قوله تعالى (لأول الحشر) حيث نبه على الحشر الثاني فمكة مبدأ وإيلياء معاد في الخلق وكذلك في الأمر، فإنه أسرى بالرسول صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى إيلياء ومبعثه ومخرج دينه من مكة وكمال دينه وظهوره وتمامه بالشام، فمكة هي الأول والشام هي الآخرة في الخلق والأمر في الكلمات الكونية والدينية..." وأرض المعارك الفاصلة مع اليهود ستكون على أرض فلسطين، قال عليه الصلاة والسلام "لتقاتلن اليهود فلتقتلنهم حتى يقول الحجر، يا مسلم ها يهودي فتعال فاقتله" وهذا لا يكون إلا بعودة المسلمين إلى دينهم الحق ورفع راية الجهاد وتناصر المسلمين من جميع أنحاء العالم والزحف إلى أرض الشام وتكسير الحواجز التي يضعها الحكام العملاء الخونة للوصول إلى بيت المقدس ومن لم يستطع فليقدم إعانة ولو بسيطة "فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله" فضلا عن الدعاء والإعانة بما أمكن ولو بشق تمرة، قال عليه الصلاة والسلام "إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم" فكل من يستطيع الوصول إلى أرض الشام وبيت المقدس فليفعل وكل من كان فيها فلا يخرج منها والأرض المستعمرة تحتاج إلى الرجال الصامدين المرابطين الذين لا يفرون من الزحف وأولى الناس بالبقاء في الأرض المستعمرة –أي أرض مستعمرة-ناهيك عن بيت المقدس هم العلماء والدعاة وقادة الفكر والسياسة الصادقين، ففي سنة 1913 فكر الشيخ ابن باديس في الهجرة من الوطن نهائيا إلى الحجاز ولكن هناك من العلماء من نصحه بالعدول عن هذا القرار، قال الشيخ رحمه الله "أذكر أنني لما زرت المدينة المنورة واتصلت فيها بشيخي الأستاذ حمدان الونيسي وشيخي أحمد الهندي، أشار عليّ الأول بالهجرة إلى المدينة وقطع كل علاقة بالوطن، وأشار عليّ الثاني –وكان عالما حكيما- بالعودة إلى الوطن وخدمة الإسلام والعربية فيها بقدر الجهد فحقق الله الرأي الثاني ورجعنا إلى الوطن قصد خدمته، فنحن لا نهاجر نحن حراس الإسلام والعربية في هذا الوطن" وهذا الشيخ الشهيد العربي تبسي نصحه غير واحد بالاختفاء أو الهجرة من الجزائر بعد أن أصبح هدفا للاستعمار لتحريضه على الجهاد، فقال رحمه الله "إذا كنا سنخرج كلنا خوفا من الموت فمن يبقى مع الشعب؟ وقال أيضا: "إن خروجي اليوم والوطن في حرب يعد فرارا من الزحف، أنا لو كنت خارج الوطن ووقع هذا فيه لدخلت فورا" والحاصل، لابد من المرابطة على أرض بيت المقدس وعدم الهجرة منها لاسيما للعلماء والدعاة وعلى المسلمين عبر العالم الإسلامي مساندة ومناصرة أهل الرباط والجهاد ببيت المقدس قياما بواجب المناصرة الشرعية.
* لقد أطلنا النفس في بيان مكانة الأرض المقدسة عند اليهود والنصارى والصهاينة وذكر مزاعمهم الباطلة كما أوضحنا مكانة بيت المقدس عند جماهير العالم الإسلامي وأن ميدان المعركة الحقيقية سوف تكون على أرض فلسطين وبلاد الشام ولكن السؤال المطروح، من هو الجيل الذي سوف يحرر بيت المقدس والمسجد الأقصى من الاستعمار الإسرائيلي؟!!! - نحن نعتقد أن طليعة الجهاد والمجاهدين إنما هم الطائفة المنصورة، ونعتقد أن الجيل الذي سوف يحقق الله تعالى على يده النصر والانتصار ودحر الاستعمار الغاشم هو ذلك الجيل الذي تكون طليعته ونواته الصلبة، هم الطائفة المنصورة المذكورة في الأحاديث الصحيحة لأنهم يقاتلون على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم من الحكام العملاء وعلماء السوء أو الجماهير الغافلة المتخاذلة الواقعة بين استبداد الحكام وقهرهم وتضليل علماء السوء، فهم الذين سيتصدون بالجهاد الشرعي الصادق وهم رأس الحربة في المقاومة، الصامدة منصورة بظهور الحجة والبيان وبظهور السف والسنان لقوله صلى الله عليه وسلم "على الحق ظاهرين" وقوله "يقاتلون على الحق" فهم دعاة للحق بالحجة ومجاهدون ومقاتلون عليه ولو خالفهم أو خذلهم الناس ولقد فسر بعض أهل العلم الطائفة المنصورة بأهل الحديث شيخ البخاري علي بن المديني وابن المبارك وابن حبان وقال الإمام أحمد بن حنبل "إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أرى من هم" ولكن القاضي عياض بين مراد الإمام أحمد فقال "إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل السنة والجماعة" فدل على أن أهل الحديث والطائفة المنصورة ليست محصورة في مجرد فئة تشتغل بعلم الحديث ومصطلحه فدائرتهم أوسع من حصرها في ذلك، وهو مجرد تفسير أما الأحاديث الصحيحة فقد حددت أهم صفات الطائفة المنصورة كما سبق ذكره، ولذلك وسع الإمام النووي رحمه الله مفهوم الطائفة المنصورة خلافا لما يريد حصرها في فئة معينة فقال "يحتمل أن هذه الطائفة متفرقة بين أنواع المؤمنين منهم شجعان مقاتلون ومنهم فقهاء محدثون ومنهم زهاد آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونوا متفرقين في أقطار الأرض" وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية عرف أهل الحديث ومن يشملهم هذا الوصف فقال "ونحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه أو كتابته أو روايته بل نعني بهم كل من كان أحق بحفظه ومعرفته وفهمه ظاهرا وباطنا وإتباعه باطنا وظاهرا، وكذلك أهل القرآن وأدنى خصلة من هؤلاء محبة القرآن والحديث والبحث عنها وعن معانيها والعمل بما علموه من توجيهها ففقهاء الحديث أخبر بالرسول من فقهاء غيرهم، وصوفيتهم أتبع للرسول من صوفية غيرهم وأمراؤهم أحق بالسياسة النبوية من غيرهم، وعامتهم أحق بموالاة الرسول من غيرهم" وهذا يدل دلالة قاطعة أن اعتقاد أهل السنة والجماعة هو اعتقاد أهل الحديث الذي هو اعتقاد الطائفة المنصورة، أما عن مكان تواجد الطائفة المنصورة فقد جاء في الحديث الصحيح عندما سئل عن مكانهم، قالوا: أين هم يا رسول الله. قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس" وفي رواية "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله" ولكن هذا لا يعني حصرهم في قطر واحد دون سواه فتارة يكونون في مكة والمدينة وتارة في المغرب العربي وتارة في العراق وتارة في بلاد الشام وتارة في مصر وتارة في بلاد الأعاجم والتاريخ أكبر شاهد على ذلك غير أنه في آخر الزمان واحتدام الفتن والمحن يكونون في بيت المقدس وبلاد الشام، قال الإمام عبد الرحمن بن حسين رحمه الله "إن أهل الحق والسنة في زمن الأئمة الأربعة وتوافر العلماء في ذلك الزمان وقبله وبعده، لم يكونوا في محل واحد بل هم في غالب الأمصار في الشام منهم أئمة وفي الحجاز وفي مصر وفي العراق واليمن وكلهم على الحق يناضلون ويجاهدون أهل البدع..." وليس معنى تواجدها ببيت المقدس خلو ديار المسلمين الأخرى من هذه الطائفة غير أن الطائفة المتواجدة في بينت المقدس وبلاد الشام هي رأس الحرب وطليعة الجهاد والمقاومة ريثما تتوفر لهم الفرصة السانحة لاجتماعهم على أرض الإسراء والمعراج لخوض المعركة الفاصلة التي تهزم فيها إسرائيل هزيمة نكراء كما جاء في الأحاديث الصحيحة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم، "ستخرج نار في آخر الزمان من حضرموت تحشر الناس قلما فماذا تأمرنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عليكم بالشام" وفي الحديث الصحيح "ينزل عيسى بن مريم عليهما السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم،"إذا وقعت الملاحم بعث الله من دمشق بعثا من الموالي أكرم العرب فرسا وأجودهم سلاحا يؤيد الله بهم الدين" ولا شك أنه قبل المعركة الفاصلة ستكون معارك قبلها الأيام فيها دول تارة علينا وتارة لنا فحرب أكتوبر 1973 محت عار هزيمة 1967 لو لا خيانة حاكم مصر السادات الذي حول الانتصار العسكري إلى هزيمة سياسية وكذا انتصار حزب الله في جنوب لبنان على إسرائيل بشهادة إسرائيل ذاتها سنة 2006، وكذا صمود فصائل المقاومة المسلحة مؤخرا في غزة وعلى رأسهم حركة حماس، وعجز إسرائيل على كسر إرادة المقاومة عند أهل غزة، فعلى المسلمين في العالم عدم الاستسلام للأمر القدري الذي أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، من حتمية انتصار المسلمين على اليهود والتنصل والتقاعس عن القيام بالواجب الشرعي الذي يأمر بالجهاد والمقاومة بغض النظر عن الأمر القدري الكائن لا محالة.
النقطة 15: حلول مقترحة لحل النزاع.
* قد يقول قائل من العالم الإسلامي أو الغربي، أليس هناك طريق غير طريق الجهاد والجلاد والدماء والأشلاء، الفجائع والفظائع، والرزايا والمنايا التي تهز العالم بسبب القضية الفلسطينية، التي طال أمدها ولم تجد حلا عادلا والتي مازالت تهدد الأمن والسلام العالمي وربما كانت سببا في اندلاع الحرب العالمية الرابعة والتي إن نشبت –لاسمح الله- فإنها لا تبقي ولا تذر، ونحن نقول أن الإسلام علمنا أن لا نتمنى لقاء العدو ولكن إذا لقيناه فقد أمرنا بالثبات، فالقتال عند المسلمين عبارة عن عملية جراحية لإنفاذ المريض ورد العدوان وردع الظلم والظالمين وكسر شوكة المستعمرين أمثال الصهاينة الغاصبين ورغم ذلك نقول أن هناك مجموعة من الحلول إذا أخذ بإحداها استطعنا أن نجنب العالم كارثة الكوارث وداهية الدواهي :
1- أن يعيش اليهود على أرض فلسطين تحت نظام إسلامي شرعي منتخب ولهم كامل حقوقهم المشروعة المتمثلة في حفظ كرامتهم الإنسانية وحقهم في الأمن على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وحقهم في التزام أحكام شريعتهم وحقهم في حرقة المعتقد وحقهم في العبادة وحقهم في التكافل الاجتماعي والتأمين الاجتماعي وحقهم في الوفاء بالعهود وحقهم في المعاملات الاقتصادية العادلة وحقهم في المساواة أمام القضاء وحقهم في التحاكم إلى محاكمهم الخاصة وسائر الحقوق المشروعة، ولنا قدوة صالحة في سيرة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما فتح بيت المقدس سنة 16هـ صالح وأقر أهل الكتاب من يهود ونصارى على أديانهم وحقوقهم المشروعة شرعا لاحيف ولا إكراه وقد حافظ سائر الخلفاء من بعده لأهل الأديان على حرية العقيدة والعبادة إلى غاية سقوط الخلافة العثمانية على يد يهود دونمة بقيادة كمال أتاتورك، وقد أثبت التاريخ الطويل أن اليهود غير أمناء على عقائد الناس وحقوقهم المشروعة ومقدساتهم، جاء في البروتوكول الثالث عشر "حينما نمكن لأنفسنا فتكون سادة الأرض لن نبيح مكان أي دين غير ديننا" بينما أنقذ المسلمون آلافا من اليهود الذين كانوا منتشرين في أقاليم الدولة الروسية وكانوا يقاسون ألوانا شتى من العذاب وهم الذين أنقذوهم من محنة محاكم التفتيش، واستقروا في أقطار المغرب ومنها الجزائر وتركتا، ورغم ذلك كله قلبوا لهم ظهر المجن وحاول تخريب البلدان الإسلامية من الداخل على جميع الأصعدة" ألم يحولوا كنيسة القيامة إلى محل للزبالة والقمامة ولما دخل قسطنطين في المسيحية، وجاءت أمه القدسية هيلانة القدس فأخبرت بشأن تلك المزلة، فأمرت هيلانة بتطهيرها وبناء كنيسة عليها وأطلق عليها الإسم المعروف اليوم، وها هي اليوم جماعة أمناء الهيكل المزعوم مع أكثر من 26 جماعة أصولية متطرفة المسموح لها بالعمل السياسي وتحت حماية الشرطة الإسرائيلية يعملون على إعادة بناء الهيكل الثالث المزعوم وإزالة الأقصى لتجميع يهود العالم حول رمز روحي وقد حدد بعضهم تاريخ إنجاز الهيكل بتاريخ 25 مارس 2010، قاتلهم الله ولذلك نقول أن الأقصى لم يمر بمرحلة أخطر مما يمر به اليوم وحكام العرب منشغلون بالتوافه، وعوض تحريك وسائل الإعلام العامة والخاصة لشحذ همة الأمة دعويا وسياسيا وإعلاميا لمناصرة بيت المقدس وما يتعرض له الأقصى، نرى وسائل الإعلام تخوض معركة هائلة حول المقابلة الرياضية التي ستجمع بين الجزائر ومصر ونشرات الأخبار تقدم الحدث الرياضي على الحدث السياسي وممارسة التحريش المهني عنه شرعا، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التحريض بين الديكة فما بالك بالتحريش بين الناس وبين الشعوب؟!!! أما ما يحدث في المسجد الأقصى فنجده في ذيل نشرات الأخبار، والحاصل أن اليهود من خلال تاريخهم الطويل قديما وحديثا ليسوا أمناء على مقدسات الأديان الأخرى بحكم أنهم شعب الله المختار، فأباحوا أموال النصارى وأعراضهم وسفكهم لدمائهم، وعداوتهم للإسلام وتآمرهم على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم وتحالفهم مع قريش وما يحدث اليوم من قتل للأطفال والشيوخ والنساء وهدم البيوت واقتلاع الأشجار والقتل المعنوي وهو أخطر عند العقلاء من محو لهوية الأمة ونشر للفساد الأخلاقي، أما صفحات التاريخ الإسلامي، تشهد بحسن معاملة أهل الكتاب والدفاع عنهم إذا تعرضوا للحيف أو الظلم وهذا من تسامح المسلمين مع غيرهم مما دفع ببعض أهل الكتاب عبر التاريخ تفضيل حكم الإسلام على حكم أهل دينهم لما رأوا من عدل الإسلام وسماحته وهذه حقيقة نبّه عليها المنصفين من علماء الغرب والمستشرقين ولو لا خشبة الإطالة لذكرت أقوالهم بحروفها وممن نبه إلى هذه الحقيقة من علماء جمعية العلماء الشيخ الإبراهيمي حيث قال في 09 فيفري 1948 "ويقولون إن فلسطين منسك للأديان الثلاثة وإنها قبلة لأهل تلك الأديان جميعا، فعنهم كان ما يقول حقا –وهو حق في ذاته- فإن أحق الناس بالائتمان عليها العرب، لأنهم مسلمون، والإسلام يوجب احترام الكتب والكاتيين، ويوجب الإيمان بجميع الأنبياء المرسلين، ويضمن لإقامة الشعائر لليهود والمسيحيين، لا اليهود الذين كذّبوا الأنبياء وقتلوهم وصلبوا –بزعمهم- المسيح الصادق، وشردوا حوارييه من فلسطين، وكفروا بمحمد بعدما جاءهم بالبيّنات، فلسطين وديعة محمد عندنا، وأمانة عمر في ذمتنا، وعهد الإسلام في أعناقنا، فلئن أخذها اليهود منا ونحن عصبة إنّا إذا لخاسرون".
وقال عضو جمعية العلماء توفيق المدني رحمه الله "حمى الإسلام تلك الرحاب من أيامه الأولى، وحمى جميع مقدسات جميع الملل وكف عادية بعضهم عن بعض وعاش اليهود تلك القرون الطويلة ينعمون برخاء العيش وحرية المعتقد واحترام المعاهد". وقال ""هذه هي الحالة العامة التي كانت عليها فلسطين ألوف السنين حتى جاء الزوجان المشؤومان الصهيونية والاستعمارية فكان البلاء على فلسطين كلها عربها ويهودها، فلسيت الخصومة بين كل عرب فلسطين ويهودها ولا بين كل مسلم ويهودي على وجه الأرض، بل الخصومة بين الصهيونية والاستعمار الإنكليزي من جهة والإسلام والعرب من جهة، والضحية فلسطين والشهداء حماة القدس الشريف، والميدان رحاب المسجد الأقصى" وقال " نقول، لقسم كبير من اليهود، لأن هناك من اليهود عددا كثيرا يستنكر هذا المأتى الجنوني الظلوم، ويعترف بجميل الإسلام والسعادة التي نعم بها اليهود ويهود القدس في ظله الوارف الأمين، فقد قدّم رئيس الطائفة السامرية إلى حاكم نابلس عريضة احتج فيها باسم الطائفة على الاعتداءات الأثيمة التي وقعت على العرب في القدس وحيفا ويافا هذا نصّها: "نحن أفراد الطائفة السامرية رجالا ونساء نستنكر بشدة أعمال الاعتداءات الفظيعة التي يقوم بها أشخاص من اليهود ضد قوم أبرياء في حيفا ويافا والقدس، ونطلب بشدة الحيلولة دون تكرار هذه الحوادث المروعة ونصرح بأننا –على أقليتنا- نعيش منذ ألوف السنين مع مواطنينا العرب في سلام، ولم يحدث أن اعتدى منهم أحد علينا أو حاول اضطهادنا" وقال " نحن-المسلمين- أعداء الظلم بطبيعتنا الإسلامية ونرحم المظلوم ولو كان هو ظالما لنا، منذ أيام كنت في حانوت تاجر مسلم وقد قرأ علي أخبار عن إضطهادات ألمانية جديدة على اليهود، فلما فرغ من القراءة قال لي"هذا يا شيخ حرام عندنا في الإسلام أحنا نخلي الناس كلهم يعيشوا بأموالهم" فقلت له نعم، وأخذت أبين له كيف عاش اليهود في ظل الإسلام، هذا عامي من أوساط الناس متمسك بدينه ومتألم من حالة القدس الشريف ويعرف أن بلاءها من مهاجرة يهود ألمانيا وغيرهم، ومع ذلك يستنكر ما يلحقهم من الظلم، وها هم اليهود قد شردتهم ألمانيا ومن قوانينها الجديدة عليهم بين أملاكهم ببرلين بالمزاد العام ومنعهم في المستقبل من الامتلاك، ومنعهم من صناعة الطب بتاتا، والحكومة اليونانية منعتهم من دخول أرضها ولو على سبيل السياحة، وإيطاليا أخذت في اضطهادهم بأساليب علمية دقيقة وسياسية قاتلة، وفرنسا أيضا قد هبت عليها هبات من هذه السموم ستصيب اليهود أو قد أصابهم شيء من لفحها هذا حالهم بين الأمم المسيحية وقد عادوا –أو كادوا- كما كانوا في القرون الوسطى لا يطمئنون على أزواجهم وأموالهم وثقافتهم إلا في بلاد الإسلام". وقال: وهاهم مع ذلك يستمرون على ظلم الإسلام في قدس الإسلام ولا نهي لهم ولا ناصح ممن يسمعون لنهيه ونصحه، وما يدريهم أن هذا البلاء الذي ابتدئ بصبه عليهم هو جزاء ظلمهم لفلسطين ظلم الفعل وظلم الرضا وظلم السكوت عن الاستنكار، وأن الله لتنتقم من الظالم بالظالم، ثم ينتقم من الجميع"
2- إن ترتبت معركة بين الفلسطينيين والصهاينة المغتصبين، على أرض مستوية وجها لوجه دون الاستعانة بأي قوة خارجية وتتم بأسلحة تقليدية عادية، يخوضها الرجال فقط بعيدا عن الأطفال والنساء والشيوخ حتى نجنب الأبرياء ويلات الحرب، وتجنب ضرب المساكين والمنشآت بوسائل الدمار وهذا الحل الطريف العجيب في هذه الألفية الثالثة يعيد إلينا عهد الفروسية وأخلاقيات الحروب وهو ما اقترحه الأمير عبد القادر رحمه الله على أحد جنرالات فرنسا فرفض العرض لأن الاستعمار جبان رعديد لا يقاتل إلا من وراء قرى محصنة أو عن طريق استخدام أسلحة غير متكافئة مع أسلحة الخصم كالقصف بالطائرات في مواجهة جنود يحملون أسلحة خفيفة وحبذا لو تنزع جميع الأسلحة التقليدية الحديثة وأسلحة الدمار الشامل والاقتصار على الأسلحة القديمة لتظهر الشجاعة والفروسية وأخلاقيات الحرب، وتجنيب الأبرياء ويلات الحروب، ولقد صرح خبراء الحروب أن مرد لجوء الجماعات المسلحة عبر العالم وعلى اختلاف مللهم ونحلهم إلى التفجيرات المروعة هو عدم تكافؤ الأسلحة، فالظالم يملك أسلحة غير تقليدية أو أسلحة الدمار الشامل أما المظلوم فيملك أسلحة خفيفة يحصل عليها بشق الأنفس، حتى قال قائلهم، لو أن عنترة بن شداد بُعث من قبره لاستطاع أي طفل صغير لا يتجاوز عمره 06 سنوات قتله بمسدس صغير بضغطة واحدة، لعدم المماثلة في أسلحة القنال هذا يملك سيفا وهذا يملك مسدسا، وهذا ما جعل الشهيد العربي بن مهيدي رحمه الله يقول لرجال الصحافة الفرنسية عندما ألقي عليه القبض، وعابوا على جبهة التحرير اللجوء إلى التفجيرات فقال :"أعطونا الطائرات ونعطيكم القفف" وهذا الحل الظريف الغريب والعجيب والمضحك عند البعض أشار إليه العلامة الشيخ الإبراهيمي بتاريخ 05 أفريل 1948، حيث قال: "احشدوا إلى فلسطين جيشا من الصهيونيين من نبت الشرق أو غرس الغرب ولا نشترط إلا أن يكونوا صهيونيين ، ونكل إليكم عدده، ونحشد نحن بإزائه جيشا من العرب ولكم علينا أن يكون أقل من جيش اليهود عددا إلى الثلثين على شريطة واحدة، وهي أن يكون سلاح الفريقين متكافئا في أنواعه وأصنافه وألوانه وأوصافه، ثم اضمنوا لنا البحر أن لا يقذف بمدد،ونضمن لكم الصحراء أن لا يتسرب منها أحد، ولتبقوا أنتم،ويهود العالم، وعرب العالم ،نظارة متفرجين لا إعانة ولا إمداد، ولا هجرة ولا جهاد،ثم نفوض إلى الجيشين حلّ المشكلة بالموت في ميقات يوم معلوم ،فإن غلب الصهيونيين سلمنا في فلسطين،وآمنا بالوطن القومي،وزدنا على ذلك تحية وسلاما وتهنئة وإكراما، وإن غلب العرب كان الجعل متواضعا يزينه الرجوع إلى الطبيعة وهو بقاء فلسطين عربية تظل اليهود الأصلاء بالرعاية والحماية،وتجلي اليهود الدخلاء الذين نجموا مع قرن الصهيونية ودخلوا فلسطين باسمها وعلى صوتها ودعوتها، إنها- كما ترون – مقامرة تنطوي على مغامرة، وإن فيها لكثير من المحاباة لليهود. ومع ذلك فقد رضينا ورضي العرب ...أقولها وأنا مسلم، والمسلمون يسعى بذمتهم أدناهم،وعربي والعرب هم الذي وضعوا "كلمة الشرف"للعالم وأفهموه معناها.فإن لم تفعلوا – فاعلموا أن أشنع ما يسجله التاريخ تألب أمم على أمة، وانتصار أقوياء لباطل، وأن أقبح ما تقع عليه العيون جان يتجنى وظالم يتظلم "يا له من حل كله شجاعة وفروسية ونبالة يذكرنا بعهود الحروب التاريخية، التي يسودها الشرف والخلق الحربي الكريم، وحبذا لو تجتمع الأمم المتحدة وبحضور جميع ممثلي الشعوب والأمم وتقرر نزع جميع أسلحة الدمار الشامل والأسلحة غير التقليدية من جميع الدول التي تملكه دفعة واحدة، ومنع بعض أنواع الأسلحة التقليدية التي تعتبر مغمزا في شجاعة مستخدمها ورجولته وبطولته، ولا يجوز خوض أي حرب إلا بأسلحة مماثلة، فإن كان الخصم لا يملك ذلك السلاح يجب أن يمكن منه ليخوض الحرب ثم يسترد منه بعد أن تضع الحرب أوزارها وإذا نشبت حرب بين دولتين يجب أن يكون على رأس الجيشين رؤساء أو زعماء تلك الدول مما يقلص اعتداء دولة على دولة أو التسرع في اتخاذ قرار الحرب لأن الزعماء سوف يخوضونها بأنفسهم، أما في حالة عدم نزع الأسلحة غير التقليدية أو المحرمة دوليا أو النووية فلا يمكن لدولة أو مجموعة من الدول منع دول أخرى من الحصول على تلك الأسلحة النووية أو المحرمة الدولية لضرورة الدفاع عن النفس وردع الظالمين وعجبا لبعض الدول العربية تطالب إيران بوقف برنامجها النووي ولا تطالب بذلك في حق أمريكا وبريطانيا وفرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل فمن خوّل هؤلاء الوصاية على العالم ولماذا استبدل حكام العرب العدو الحقيقي بعدو موهوم ولماذا يطالبون الذي لم يحصل على السلاح النووي بعد بعدم إجراء تجارب نووية؟!!! ويسكتون على من يملك ترسانة تبيد العالم بأسره؟!!!، فإما أن تنزع الأسلحة النووية في يوم واحد من جميع الدول الكبرى وإلا فمن حق جميع الدول الأخرى لأخذ بمبدأ الردع النووي والدفاع المشروع المسارعة إلى اكتساب هذا السلاح الذي تدفع إليه الضرورة القصوى والمعاملة بالمثل إذا حصل اعتداء على أي دولة بسلاح غير تقليدي ولتعلم دول الاستكبار العالمي أن عصر الوصاية على الشعوب والدول الأخرى قد مضى وانقضى.
3- الولايات المتحدة الأمريكة ودول الإتحاد الأوروبي تناصر الكيان الصهيوني وتدافع عنه بكل الوسائل السياسية والاقتصادية والإعلامية والعسكرية في كل المحافل الدولية العالمية فلماذا لا تسعى هذه الدول لإيجاد دولة لهم في أمريكا الواسعة الأرجاء أو في قارة أوروبا العجوز تليق بمقامهم، لاسيما، وهناك على سطح الكرة الأرضية أراضي شاسعة واسعة لم تطأها قدم إنسان، فلماذا لا تخصص لدولة الكيان الصهيوني وعلى العالم إمدادهم بما يحفظ كرامتهم الإنسانية ماديا ومعنويا.
ومن الحلول المقترحة أن يعود الذين هاجروا إلى أرض فلسطين إلى البلدان التي هاجروا منها مرة أخرى إلا من أثر البقاء تحت ظل حكم إسلامي شرعي رشيد، وعلى سائر الدول احترام حقوق اليهود المشروعة ولهم حق زيارة الأماكن المقدسة بهم سنويا، وهنالك حلولا أخرى نضرب عنها صفحا الآن.
* مما سبق بيانه وشرحه اتضح لنا بكل جلاء بعض ما قامت به جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لمناصرة القضية الفلسطينية وهي تحت سطوة الاستعمار الفرنسي اللعين وهو ما عجز عنه الكثير في ظل الاستقلال المغشوش حيث تحررت الأرض ولم يتحرر الإنسان وشتان بين التحرير والحرية، فعلى المسلمين في أصقاع العالم عدم الاستسلام للأوضاع المزرية اقتداء بما كانت عليه جمعية العلماء المسلمين أيام الاستعمار، وعليهم أن يجعلوا من نصرة بيت المقدس والمسجد الأقصى أهم فرائض الوقت الخارجية، لأن أرض الإسلام واحدة والدفاع عنها واجب على الجميع بغض النظر عن الحدود والسدود المصطنعة، كما قال الشاعر:
أما سليمان قلبي لا يطاوعنــي * على تجاهل أحبابي وإخوانــــي
إذا اشتكى مسلم في الهند أرقنـي * وإذا بكى مسلم في الصين أبكانــي
ومصر ريحانتي والشام نرجسـي * وفي الجزيرة تاريخي وعنوانـــي
أرى بخارى بلادي وهي نائيــة * وأستريح إلى ذكرى خرستــــان
فأينمــا ذكر اسم الله في بلــد * عددت ذلك الحمى من صلب أوطاني
شريعـة الله لمت شملنــا وبنت * لنا معالـــم إحسـان وإيمـــان
وليستحضر المسلمون في العالم الإسلامي قوله تعالى "هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، فاعتبروا يا أولي الأبصار"الحشر، وليعلموا أن القضية إسلامية ولذلك قال تعالى "وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة" الإسراء7، ولم يقل و"ليدخلوا فلسطين" مما يدل على أن المعركة هدفها تحرير المسجد الأقصى المبارك، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ
بن حاج علي
الهيئة الإعلامية
للشيخ علي بن حاج
تقدمالهيئةالإعلامية
للشيخعليبنحاج
http://www.alfalaq.com/images/aq7.jpghttp://www.fustat.com/image2/aqsa10.jpg
الجزائر الاثنين في 14 ذو القعدة 1430هـ
:الموافــق لـ 02 نوفمبر 2009م
أصد الشيخ علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ بيانا كشف فيه عن صفحة مشرقة ظلت مطوية عما قامت به جمعية علماء المسلمين الجزائريين في مناصرة القضية الفلسطينية بالرغم من وطأة الاستعمار الذي كان جاثما على صدر الشعب الجزائري مبديا أسفه الشديد من خذلان الأنظمة العربية وهي " مستقلة " ولها من الإمكانيات السياسية والاقتصادية والإعلامية التي تستطيع بها أن تضغط لحل القضية الفلسطينية وإنقاذ المسجد الأقصى المبارك مما يتعرض له . وهذه أهم النقاط التي وردت في بيانه
1:أن الشعوب العربية والإسلامية لا تقوى على المناصرة الإيجابية التي يطمح إليها إخواننا بأرض الرباط وعلى أكناف المسجد الأقصى إلا بالتخلص من أنظمة الاستبداد والطغيان والتخلص من سجون الأنظمة الرهيبة
2 : وبروز لفيف من أدعياء العلم الشرعي والفكر والثقافة والسياسة والإعلام همهم الوحيد التأصيل لفقه الاستبداد وللخضوع الداخلي والتأصيل للاستسلام والخنوع لهيمنة الاستكبار الخارجي
3: وليعلم الجميع أن في مرحلة الاستضعاف والقهر تتربى في رحم الأمة الطائفة المنصورة التي تتولى نصرة الدين ورفع شأن الأمة والدفاع عن مقدسات الأمة المعنوية والمادية
4: نصرة فلسطين فريضة إلا لمعذور
5: الذين يتحملون مسؤولية خذلان القضية الفلسطينية العادلة ملوك وأمراء وحكام الدول العربية الذين يحملون لواء "الإعتدال"
6: فعلى المسلمين في أصقاع العالم عدم الاستسلام للأوضاع المزرية اقتداء بما كانت عليه جمعية العلماء المسلمين أيام الاستعمار، وعليهم أن يجعلوا من نصرة بيت المقدس والمسجد الأقصى أهم فرائض الوقت الخارجية، لأن أرض الإسلام واحدة والدفاع عنها واجب على الجميع
واليكم نص البيان كامل
بيــان:نصرة في عزّ الاحتلال وخذلان في ظل الاستقلال!!
الحمد لله الذي وعد عباده الصالحين المصلحين بالنصر والتمكين وميراث الأرض قال جل جلاله:"وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني، لا يشركون بي شيئا" النور 55، وهي حقيقة ثابتة في جميع الكتب السماوية لمن استجمع شروطها قال تعالى:"ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون..." الأنبياء 105، "فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين * ولنسكننّكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد..." إبراهيم 13/14. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين الذي عيّن بنفسه تلك الفئة المنصورة وأهم صفاتها بل وحدد بنفسه الشريفة مكانها:"لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك" وفي حديث آخر:"لن يبرح هذا الدين قائماً يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة" وعندما سئل عن مكان تواجدها قال:"ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس". وبشّر الرسول الأكرم هذه الأمة بالنصر لمن أخلص دينه لله تعالى: "بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والنصر والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب"، وعلى آله وصحبه أجمعين الذين كانوا في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
* إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإن الوجدان ليهتاج وإن العقل الحصيف ليحتار لما يتعرض له الأشاوس المرابطون ببيت المقدس والمسجد الأقصى المبارك من المخاطر والاعتداء السافر من مطاردة وتعذيب وتنكيل وإهانة على يد الكيان الصهيوني اللعين وإن عموم الشعوب العربية والإسلامية لتشعر في قراره نفسها بالغم والهم! لعدم قدرتها على القيام بفريضة النصرة الشرعية لأنها شعوب مقهورة ومغلوبة على أمرها، تعاني أشد المعاناة من سجن الأنظمة العميلة المستبدة، ومن هذه الشعوب الشعب الجزائري الذي كان مضرب المثل في النجدة والغوث والمناصرة والمساندة لكل القضايا العادلة في العالم وعلى رأسها الدفاع عن بيت المقدس والمسجد الأقصى الشريف وهاهو الشعب الجزائري يرى إخوانه في بيت المقدس والمسجد الأقصى في ضيق وضنك وإهانة ولا يستطيع أن يمد له يد العون، بينما رؤوس السلطة في البلاد مشغولون باستقبال الوفود العسكرية والأمنية تارة من البنتاغون وتارة من وزارة الدفاع البريطانية، آخرها زيارة وزير الدفاع البريطاني بوب أينزورث لعقد صفقات عسكرية وأمنية مشبوهة لا يعرف الشعب ولا البرلمان تفاصيلها، كل ذلك يتم ضمن تنافس متسارع للدول الكبرى للتواجد في منطقة الساحل بدعوى مكافحة الإرهاب والقاعدة رغم أن السلطات الأمنية المختلفة تصرح يوميا أنها تقاوم فلول الإرهاب والبقية المتبقية منه؟!! والحاصل أن الشعوب العربية والإسلامية لا تقوى على المناصرة الإيجابية التي يطمح إليها إخواننا بأرض الرباط وعلى أكناف المسجد الأقصى إلا بالتخلص من أنظمة الاستبداد والطغيان والتخلص من سجون الأنظمة الرهيبة!!!.
* ومن المآسي الخطيرة التي يعاني منها العالم العربي والإسلامي ظهور وبروز لفيف من أدعياء العلم الشرعي والفكر والثقافة والسياسة والإعلام همهم الوحيد التأصيل لفقه الاستبداد وللخضوع الداخلي والتأصيل للاستسلام والخنوع لهيمنة الاستكبار الخارجي فراحوا يبثون اليأس في قلوب العامة وتوهين العزائم وتثبيط الهمم وتضخيم قدرة الأعداء، ومما زاد الطين بلة أن الأنظمة المستبدة فتحت لهم جميع منابر التوجيه والإعلام بما في ذلك المساجد والفضائيات إلا ما شد منها عن القاعدة، فترى أحدهم يصرح على بعض الفضائيات دون حياء أو خجل ودون وازع دين أو خلق أو وطنية، قائلا: أيها الناس ما دامت إسرائيل تحظى بالحماية والرعاية والمساندة من الإدارة الأمريكية فضلا عن تصاعد دعم الشعب الأمريكي لإسرائيل مؤخرا وكذا الدعم السياسي والمالي والإعلامي الذي تحظى به إسرائيل من الدول الأوروبية خاصة عميدة الدول الاستعمارية بريطانيا وفرنسا، الحاصلة على درجة الخبرة بأصول فقه الاستعمار فلا قيمة لنطح الصخور والحرث في البحر واستعراض العضلات التي لا تسمن ولا تغني من جوع إلى آخر ذلك الكلام المسموم الدال على حجم الهزيمة النفسية التي وصل إليها بعض قادة الفكر والسياسة عندنا وهؤلاء يساهمون في إضعاف روح المقاومة لدى الشعوب بمختلف أشكالها الإيجابية والسلبية.
* ونحن نقول بكل صراحة ووضوح أن الأمة الإسلامية تمدّ بمرحلة استضعاف على أكثر من صعيد فالأمة تعاني من ضعف ديني واستضعاف سياسي واقتصادي وضعف أخلاقي واستضعاف حضاري وثقافي وإعلامي وضعف علمي وإبداعي أي نعاني من استضعاف عام، وهذه حقيقة ثابتة ولكن رغم كل ذلك، لا يجوز شرعا ولا عقلا أن نتخذ من حالة الاستضعاف المؤقت في حياة الأمة الإسلامية ذريعة لزرع بذور اليأس في قلوب المسلمين وإلقاء الوهن في عزائمهم ولأننا نعلم من دروس التاريخ أنه ما استولى اليأس على أمة من الأمم إلا أخملها ولا خامر قلبها إلا أضعفها وأفقدها إرادة الحياة والمقاومة ومحاولة النهوض ولذلك قرن الله تعالى في كتابه اليأس بالكفر، فقال جل جلاله "ولا تيأسوا من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" ثم إن الدارس لتاريخ الشعوب والأمم باستطاعته أن يخلص إلى نتيجة مفادها أنه ما من أمة إلا مرت في مرحلة من مراحل حياتها إلى فترة استضعاف قد تطول وقد تقصر من أمة إلى أمة أخرى بحسب عوامل كثيرة متداخلة ومعقدة وعلى رأسها قوة الطغيان المسلط عليها إما من مستبد داخلي أو من عدو خارجي ولكن تبقى في كل أمة بقية في داخل تلك الأمة المستضعفة تعمل وتجتهد بكل الوسائل لاسترجاع الحقوق المهضومة أو تموت دونها وهؤلاء هم الذين تتشرف بهم الأمم وهم الذين يعيدون لها مكانتها ومجدها وعلو شأنها، ألم يستضعف فرعون الطاغية قوم موسى واستخف عقولهم فأطاعوه قال تعالى:"إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين" القصص 4، وهو عين ما تقوم به إسرائيل اليوم عندما انحرفت عن نهج موسى عليه السلام ولكن الاستضعاف ليس ضربة لازب لا فكاك منه قال تعالى بعد ذلك:"ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون" القصص 5/6. وقال موسى عليه السلام لقومه وهو الذي تولى الدفاع عنهم وتخليصهم من الأسر والعذاب:"قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين" الأعراف 128، وعندما استقاموا على الطريقة أورثهم الله الأرض وصفى فرعون وجنوده قال تعالى: "وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون" الأعراف 137، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه مستضعفين في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس ولكن لما استقاموا على الطريقة وجاهدوا في الله حق جهاده وأخلصوا دينهم لله تعالى حوّل الله استضعافهم إلى قوة قال تعالى:"واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره" الأنفال 26. "قالوا كنا مستضعفين في الأرض" النساء 97، وقال تعالى: "والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان" النساء 75، وقال تعالى:"وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديراً" الأحزاب 27، وقال جل جلاله:"كذلك وأورثناها قوماً آخرين" الدخان28، وليعلم الجميع أن في مرحلة الاستضعاف والقهر تتربى في رحم الأمة الطائفة المنصورة التي تتولى نصرة الدين ورفع شأن الأمة والدفاع عن مقدسات الأمة المعنوية والمادية ذلك أن حوادث التاريخ القديمة والحديثة علمتنا أن الشعوب والأمم ليست هي التي تقوم بالمواجهة وإنما يكون ذلك عن طريق طائفة منها تتولى ذلك وتتعرض هذه الطائفة للخذلان والمخالفة من عموم الأمة الغافلة لقصر نظرها أو للتدليس عليها من طرف علماء السوء والحكام العملاء الوكلاء لبني صهيون ولذلك عَظُمَ أجرها عند الله تعالى والأجر على قدر المشقة وذهب بعض شراح الحديث إلى أن كلمة الطائفة قد تطلق على الرجل الواحد والرسول صلى الله عليه وسلم كان دقيقا عندما قال:"لا تزال طائفة من أمتي" ولم يقل لا تزال أمتي أو كل أمتي، وهذه أمريكا ألم تكن مستضعفة تسام الخسف والظلم إلى أن قامت الثورة الأمريكية الكبرى المعروفة؟!! ألم تكن فرنسا في ذل وهوان واستضعاف إلى أن قامت الثورة الفرنسية المعروفة هي الأخرى وكذا اليابان وألمانيا والصين الخ... ثم انظر في شأن هذه الدول إلى ما صارت إليه بعد مرحلة الاستضعاف وهذه الجزائر ظلت تعاني من الإستعمار والاستضعاف طيلة 130 سنة، إلى أن قيض الله لها ثلة قليلة من رجالها حملوا لواء الجهاد والعزة والثورة وكان الاستقلال، وليعلم الجميع أن الله تعالى قادر على نصرة دينه بنا أو بغيرها أو بأقوام لا خلاق لهم أو بالرجل الفاجر، كما جاء في الحديث الصحيح، قال تعالى "فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا قوما ليسوا بها بكافرين"الأنعام89، وقال تعالى "من يرتد منكم عن دينه، فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم" المائدة54، بل أن الله تعالى قادر على يجعل الشاهد على الحق من أهل الباطل أنفسهم، قال تعالى "وشهد شاهد من أهلها" وذلك إمعانا منه تعالى في إقامة الحجة، فهاهو غلادستون وهو قاضي يهودي صهيوني شهد على بني جنسه بالعدوان والطغيان وارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية لا تزول بالتقادم وتعرّض مرتكبيها إلى المحاكم الدولية، لقد كانت غاية المؤمن الصادق أن يشرفه الله تعالى بنصرة الدين على يده أو يساهم في ذلك من قريب أو بعيد، لأن الفضل والمنّة من الله وحده تعالى "فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى"الأنفال17، وقال جل جلاله "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم"التوبة 14، فيا فوز من اختاره الله تعالى لنصرة دينه "ويتخذ منكم شهداء".
والحاصل أنه لا يجوز اتخاذ مرحلة الاستضعاف ذريعة لبث اليأس والإحباط في قلوب الناس، بل العكس هو الصحيح، ولقد كانت جمعية العلماء الجزائريين تناصر القضية الفلسطينية والجزائر في عز الاستضعاف وتعاني من ويلات الاستعمار الفرنسي الغاشم ومن الصفحات البيضاء الخالدة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين دفاع الجمعية على القضية الفلسطينية دفاعا قل نظيره، وهذا ما سنراه مفصلا في هذا البيان ليعرف العام والخاص والداخل والخارج ما قام به علماء الجمعية وهم تحت نير الاستعمار، لمناصرة القضية الفلسطينية، هذه القضية التي شغلت العالم بأسره منذ أن فتحت بريطانيا قنصلية لها في القدس عام 1838، أي بعد احتلال الجزائر بـ8 سنوات، وفي أول رسالة للقنصل في القدس طلبت الخارجية البريطانية منه توفير الحماية لليهود وظلت هذه القنصلية مركزا للدفاع عن مصالح اليهود إلى غاية نشوب الحرب العالمية الأولى 1914، وزادت الحماية لليهود من طرف بريطانيا بعد معاهدة سايس بيكو عام 1916 ووقعت فلسطين تحت الانتداب أو الاحتلال البريطاني من 1917 إلى 1948 وكانت نتيجة ذلك وعد فلفور في 02 نوفمبر 1917، ومن أجل تجلية موقف جمعية العلماء من القضية الفلسطينية نرى لزاما الإشارة إلى مجموعة من النقاط الهامة والله الموفق لكل خير.
النقطة 01: مكانة جمعية العلماء واهتمامها بالقضايا السياسية العامة.
* مما لا شك فيه أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كان لها بعد الله تعالى دور أساسي في الدفاع والمحافظة على مقومات الشعب الجزائري المسلم وهذا ما شهد به الخصوم ناهيك عن المنصفين من أهل الفكر والتاريخ، قال المؤرخ الفرنسي شارل أندري جوليان "العلماء هم الذين أيقظوا الرأي العام الأهلي الذي كان كمحكوم عليه بالإعدام في بيته ينتظر التنفيذ" وقال أجرون "إن تأثيرها –يقصد الجمعية- في ميلاد الوطنية الجزائرية وانتشارها يبدو أساسيا" وقال بيرنارد دروز "...حركة العلماء هي المؤسس الحقيقي للوطنية الجزائرية" وكان رئيس الجمعية العلامة ابن باديس رحمه الله يشمل عمله ونشاطه جميع المجالات منها المجال السياسي ولذلك كان يهتم بالقضايا السياسية الداخلية والخارجية وواهم من يظن أن الشيخ ابن باديس كان مجرد واعظ ديني همه العلم والتعليم والإرشاد الشرعي ولا شأن له بالقضايا السياسية فقد كان فهمه للإسلام كان يشمل جميع جوانب الحياة، والإسلام عنده لا يعترف بفصل الدين عن الدولة ولذلك نجد كبار علماء الجمعية اشتغلوا بالعمل الجماعي والنشاط السياسي على المستوى الداخلي والخارجي، ولقد وصف المجاهد الأديب الشيخ محمد صالح الصديق أطال الله في عمره الشيخ عبدالحميد ابن باديس بقوله:"وكان في كل مجال من مجالاته الكثيرة المتنوعة إماماً: إماماً في الدين وإماماً في التعليم وإماماً في التربية وإماماً في السياسة وإماماً في الوطنية وإماماً في الأخلاق والسلوك المثالي..." فالاشتغال بالعمل الجماعي والعمل السياسي والاهتمام بأحوال المسلمين داخلياً وخارجياً كان من صميم أعمال جمعية العلماء ولم يكن العمل السياسي الشرعي عند جمعية العلماء رجسا من عمل الشيطان كما يحاول بعض أدعياء العلم تصويره والترويج له قال الشيخ عبدالحميد بن باديس رحمه الله سنة 1933 أي بعد تأسيس الجمعية بعامين والتي كان ينص قانونها الأساسي عدم الاشتغال بالعمل السياسي ولكن اتضح بالممارسة الميدانية أن تلك المادة المنصوص عليها في القانون الأساسي وكانت من باب التقية السياسية للحصول على الترخيص وللمحافظة على الجمعية بعد التأسيس:"ثم ماهذا العيب الذي يعاب به العلماء المسلمون إذا شاركوا في السياسة؟ فهل خلت المجالس النيابية الكبرى والصغرى من رجال الديانات الأخرى؟ وهل كانت الأكاديمية الفرنسية خالية من أثار الوزير القسيس رشليو؟ أفيجوز الشيء ويحسن إذا كان هناك ويحرم ويقبح إذا كان من هنا؟ كلا لا عيب ولا ملامة وإنما لكل امرئ ما اختار ويمدح ويذم على حسب سلوكه في اختياره" وقال سنة 1937:"وكلامنا اليوم عن العلم والسياسة معاً، وقد يرى بعضهم أن هذا الباب صعب الدخول لأنهم تعودوا من العلماء الاقتصار على العلم والابتعاد عن مسالك السياسة مع أنه لابد لنا من الجمع بين السياسة والعلم، ولا ينهض العلم إلا إذا نهضت السياسة بجد" والأعمال السياسية التي قام بها ابن باديس كثيرة منها أنه كان وراء انعقاد المؤتمر الإسلامي سنة 1936 والذي حضره معظم رؤساء الأحزاب السياسية يومها وهو عمل سياسي من الطراز الأول لا يخفى عن البله ناهيك عن الفطناء وقام بسفرات سياسية دفاعاً عن القضية الجزائرية وقال الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله في 2 أكتوبر 1936 أي بعد تأسيس الجمعية بـ 5 سنوات رغم أن قانونها الأساسي يمنع العمل السياسي: "أيها الإخوان من الغلط أن يُقال أن جمعية العلماء جمعية دينية يجب أن ينحصر عملها في الإصلاح الديني بمعناه الذي عرفه الناس" وقال عن الشيخ ابن باديس رحمه الله في 12 جويلية 1936:"له آراء ناضجة حكيمة في السياسة الجزائرية وقد رفع صوته بها قبل أن يرتفع إي صوت آخر من أصوات اليوم"، وفي 8 أوت 1947 خاطب الاستعمار مباشرة قائلاً: "...ياحضرة الاستعمار إن جمعية العلماء تعمل للإسلام بإصلاح عقائده وتفهيم حقائقه وإحياء آدابه وتاريخه وتطالبك بتسبيم مساجده وأوقافه إلى أهلها وتطالبك باستقلال قضائه" إلى أن يقول:"... فإذا كانت هذه الأعمال تُعد - في فهمك ونظرك - سياسة فنحن سياسيون في العلانية لا في السر وبالصراحة لا بالجمجمة...". وقال في 3 جانفي 1944:"وأصول هذه الإصلاحات الثلاث وهي الإصلاح السياسي والإصلاح التعليمي والإصلاح الاقتصادي ..." وقال في 4 أفريل 1949 لفرنسا المستعمرة:"وليست الحياة الدينية هي كل حقوقنا بل هناك الحياة الدنيوية أو الحقوق السياسية وهي حق طبيعي أيضاً لنا ولكل إنسان أثبته الله ويريد الاستعمار محوه وما أثبته الله فما له من ماح" وقال في 20 جوان 1949:"...والدين والسياسة هما دعامتا الحياة ..." وقال سنة 1953:"..... نحن سياسيون لأن ديننا يعد السياسةجزءاً من العقيدة ولأن زماننا يعتبر السياسة هي الحياة ... ولأن السياسة نوع من الجهاد..." وقال أيضاً:"....والسياسة في نظر الإسلام هي من باب الدين لأنها حامية لشرائعه وشعائره وحدوده..." فهل يقال بعد كل هذا أن جمعية العلماء لم يكن لها شأن بالأمور السياسية وأن دورها كان منحصراً في التعليم والتربية فحسب؟!!! ومن هذا المنطلق كانت جمعية العلماء برئاسة الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ البشير الإبراهيمي رحمهما الله تعالى تتفاعل مع الأحداث السياسية داخلياً وخارجياً وتتخذ الموقف المناسب ولا شك أن على رأس القضايا القضية الفلسطينية التي دافعت عليها الجمعية بكل وعي وشجاعة وتارة بشراسة وقالت ما خرست عليه ألسنة الكثير وشحذت الهمم وعقدت التجمعات وجمعت الأموال وعالجت القضية من جميع النواحي وبصرت بالطريق الشرعي والحقيقي ولإنقاذ الأقصى وتحرير فلسطين وحددت المسؤوليات وكشفت المخذلين ورسمت الواجب على جميع الأطراف كما ستراه مفصلا في هذا البيان بعون الله تعالى.
النقطة 02: الجمعية وتصوير فضائع الكيان الصهيوني.
* لقد أصبحت فضائح وجرائم الكيان الصهيوني مشاهدة على المكشوف بحكم انتشار وسائل الإعلام المتطورة جدا وأصبحت جرائمهم موثقة بالصوت والصورة، غير أن هذه الجرائم لم تكن معروفة لدى الشعوب أيام الاستعمار البريطاني والفرنسي، أيام الانتداب البريطاني والاستعمار الصهيوني لانعدام وسائل الإعلام والفضائيات ولكن جمعية العلماء في الجزائر قامت بتصوير تلك الفظائع للشعب والرأي العام بقلم بليغ وكأنك تراها رأي العين، مما يحرك النفوس ويلهب العواطف، قال أحد كبار رجال جمعية العلماء أحمد المدني رحمه الله مصورا ما لحق بفلسطين من دمار وفظائع في مارس 1938» إن كانت الأمور قد هدأت ببلاد الكنانة، فليس الأمر كذلك من سوء الحظ ببلاد فلسطين. فهنالك يزداد الثائرون الأباة البواسل شدة مراس وعنفا في مقاومة الاستعماريين الانكليزي واليهودي، ويزداد الانكليز شدة وقسوة في قمع العصيان ومعاقبة رجال الثورة، والاعتداء على الحريات، وانتهاك الحرمات، وترويع الآمنين، وتحطيم القرى، وإحراق المداشر، بحيث إنّ ما يقع الآن في فلسطين لم يرو لنا التاريخ أن مثله وقع في العصور الحديثة. ولا يزال الفريقان يظهران العزيمة على استمرار هذه الحالة « وقال "في فلسطين لا تزال الدماء تهرق، والحرمات تنتهك، والديار تنسف، والقرى تدمر. هنالك الحرب قائمة على قدم وساق بين أنصار الحق وأنصار الباطل، أولئك يريدونها بلادا عربية حرة وهؤلاء يريدونها مستعمرة يهودية ذليلة، لكن العالم وهو في أزماته الحادة المتوالية لم يعر هذه القضية أي التفات"، فما أشبه الليلة بالبارحة وهو عين ما وقع لقطان غزة مؤخرا ممّا هزّ ضمير العالم حتى أن بعض اليهود استنكروا ذلك، وهناك من أحرق جواز سفره وشارك في مسيرات التنديد وقد وثق تلك الجرائم غلادستون في تقريره الذي سارعت بعض الدول العربية لتأجيله لولا هبة سكان فلسطين وبعض الشعوب الإسلامية المغلوبة على أمرها، لما تراجعت سلطة عباس العميلة عن قرارها وقد قيل أن الجزائر كانت مع التأجيل والدليل على ذلك أنها لم تعترض على التأجيل علنا وعن طريق وزارة الخارجية، فهل يليق بقيادة تزعم أنها من جيل نوفمبر تسكت عن هذه الجريمة السياسية من هذا العيار الثقيل ولا تندّد بأصحابها ولو كانوا من حكام العرب؟!!.
النقطة 03: الجمعية وبيان مكانة فلسطين في قلب الجزائري.
* فليعلم أهل الرباط على أكناف بيت المقدس المبارك أن أرض فلسطين تحتل في قلب كل جزائري مسلم مكانة عظيمة، فهي عندهم الدرّة الغاليةالنفيسة لأنها قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين ومما يشد إليها الرحال، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرض النبوة والأنبياء وبوابة الأرض إلى السماء، والصلاة في بيت المقدس تعادل 500 صلاة فيما سواه من مساجد الأرض عدا المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وفيها مراقد بعض الصحابة الأجلاء وهي موضع رباط الطائفة المنصورة التي ستظل تدافع عن كرامة الأمة ومقدساتها لا يضرها من خالفها ولا من خذلها حتى يأتي أمر الله تعالى، ومن خيرية هذه الأمة أنها مهما كانت فيها من علل وأمراض وتقاعس وتخاذل لنصرة الحق وأهله فستظل بعون الله وحكمته تلد الطائفة المنصورة التي تجاهد وتقاوم أعداء الإسلام والمسلمين نيابة عنهم. وفلسطين فتحها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح رحمة وعدل وأقرّ كل ذي دين على دينه دون إكراه أو قسر، وأعطاهم على ذلك المواثيق المغلظة الموثقة، ولكن عندما غزاها الإفرنجة وأهل الصليب عاثوا فيها فسادا وإفسادا لمدة قاربت 100 سنة حتى طهرها بطل من أبطال الإسلام العظام ألا وهو صلاح الدين الأيوبي رحمه الله من الإفرنج الصليبيين الذين عاثوا فيها فسادا حتى غاصت الركب في الدماء وعامل أعداءه معاملة أهل النبالة والشرف وأخلاق الفروسية الإسلامية الصحيحة، وخير من بين مكانة فلسطين في قلب كل جزائري صادق الإسلام رئيس جمعية العلماء الإبراهيمي رحمه الله:
"يا فلسطين! إنّ في قلب كل مسلم جزائري من قضيتك جروحا دامية، وفي جفن كل مسم جزائري من محنتك عبرات هامية، وعلى لسان كل مسلم جزائري في حقك كلمة مترددة هي: فلسطين قطعة من وطني الإسلامي الكبير قبل أن تكون قطعة من وطني العربي الصغير، وفي عنق كل مسلم جزائري لك- يا فلسطين- حق واجب الأداء، وذمام متأكد الرعاية، فإن فرط في جنبك، أو ضاع بعض حقك، فما الذنب ذنبه، وإنما هو ذنب الاستعمار الذي يحول بين المرء وأخيه، والمرء وداره،والمسلم وقبلته، يا فلسطين! إذا كان حب الأوطان من أثر الهواء والتراب، والمآرب التي يقضيها الشباب، فإن هوى المسلم لك أن فيك أولى القبلتين، وأنّ فيك المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله،وإنك كنت نهاية المرحلة الأرضية،وبداية المرحلة السماوية، من تلك الرحلة الواصلة بين السماء والأرض صعودا، بعد رحلة آدم الواصلة بينهما هبوطا، وإليك إليك ترامت همم الفاتحين،وترامت الأينُق الذلل بالفاتحين، تحمل الهدى والسلام، وشرائع الإسلام، وتنقل النبوّة العامة إلى أرض النبوات الخاصة".
وإذا كان الشيخ الإبراهيمي حمّل الاستعمار ذنب التقصير، فالشعوب الإسلامية اليوم تحمّل الذنب للحكام الطغاة وبعض علماء السوء الذين يساندون هؤلاء الحكام المستبدين الذين يقمعون الشعوب ويمنعونها من التعبير الحر والسلمي لمساندة ومناصرة القضايا العادلة وعلى رأسها بيت المقدس، وقال أيضا "إنّ الجزائر وطنكم الصغير، وإنّ إفريقيا الشمالية وطنكم الكبير، وإنّ فلسطين قطعة من جزيرة العرب التي هي وطنكم الأكبر، وإن الرجل الصحيح الوطنية هو الذي لا تلهيه الأحداث عن القيام بواجبات وطنيه الأصغر والأكبر" وقال أيضا "ولفلسطين على كل مسلم حق، وفي عنق كل عربي عهد، فقامت "البصائر" ببعض الواجب على مسلمي الجزائر" .وقال أحد رجالات جمعية العلماء الشيخ توفيق المدني رحمه الله سنة 1938 ""رحاب القدس الشريف مثل رحاب مكة والمدينة، وقد قال الله في المسجد الأقصى في سورة الإسراء "الذي باركنا حوله" ليعرفنا بفضل تلك الرحاب، فكل ما وقع بها كأنه واقع برحاب المسجد الحرام ومسجد طيبة"
النقطة 04: الجمعية وذكر نصرة الجزائريين لفلسطين رغم الإستعمار.
* لقد قام الشعب الجزائري المسلم بمناصرة القضية الفلسطينية وهو تحت نير الاستعمار الفرنسي الغاشم في حدود الاستطاعة وما تسمح به ظروفه المتقلبة، قال العلامة البشير الإبراهيمي رحمه الله (أما الجزائر وغيرها من بقية أقطار العروبة فهي ميادين شعور وعطف وأخوة وتضامن، يشعر فيها العربي بمحنة أخيه في فلسطين فيعطف عليه ويحمله العطف على مواساته بما استطاع مما يخفف محنته أو يعينه على ظالمه)، وقال بتاريخ 05 سبتمبر 1947 (أيظن الظانُّون أن الجزائر بعراقتها في الإسلام والعروبة تنسى فلسطين ، أو تضعها في غير منزلتها التي وضعها الإسلام من نفسها،لا ولله ، ويأبى لها ذلك شرف الإسلام ومجد العروبة، ووشائج القربى، ولكن الاستعمار الذي عقد العقدة لمصلحته، وأبى حلها لمصلحته، وقايض بفلسطين لمصلحته،هو الذي يباعد بين أجزاء الإسلام لئلا تلتئم،ويقطع أوصال العروبة كيلا تلتحم و هيهات هيهات لما يروم) وهاجم الحكومة الفرنسية الني تسمح لليهود بإعانة إخوانهم اليهود وتمنع ذلك عن الجزائري المسلم وتضيق على الشعب إعانة إخوانهم في أرض الإسراء والمعراج، فقال رحمه الله في 05 أفريل 1948 "ويجمع اليهود عشرات الملايين باسم فلسطين لتكون في السلم أدوات تعمير، وفي الحرب آلات تقتيل وتدمير، فلا يحول بينهم وبين ذلك قانون ولا كانون، ولو أراد العرب شيئا من ذلك لوجدوا أمامهم القوانين العائقة، والإجراءات الخانق، بعض الإنصاف يا أصحاب هذه الضمائر المظلمة، فإنا لا نسألكم الإنصاف كله، أتعذرون اليهود في إجلابهم على فلسطين،وجمعهم الأموال للاستيلاء على فلسطين، وتسليحهم لإخوانهم في فلسطين ، ولا تعذرون العرب إذ هم فعلوا مع إخوانهم في فلسطين شيئا من ذلك؟ أترخّص حكوماتكم ليهود العالم في الهجرة إلى فلسطين ، وتيسّر لهم سبلها، وتبيح لهم خرق القوانين الدولية المسطورة،فإذا حاول العربي شيئا من ذلك رُدّ وصُدّ ،وإذا دعا داعي العرب إلى شيئا من ذلك عد مشوشا ومتعصبا وعنصريا ،والذي طواكم على هذه الضمائر ما أرتنا الحقيقة إلا أنكم أئمة العنصرية وأقطابها، وما أرتنا التجربة إلا أن كل شعب بنى حياته على العنصرية كانت هي علة موته" ذلك شأن الاستعمار أما شأن حكام العرب في هذه الأيام النحسات فهو المنع والقمع مما يثلج صدر الصهاينة الذين علموا أن لهم كلاب حراسة في البلاد العربية والإسلامية يذودون عن حياضهم. فهل يعقل في أرض الشهداء والشهادة أن تقوم وزارة الدفاع التي يتولى أمرها رئيس الجمهورية رسميا وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة بمناورات بحرية مع البحرية الأمريكية ثم تنتقل الفرقاطة من الجزائر لتشارك في مناورات مع إسرائيل؟!! في الوقت الذي تحتل فيه أمريكا العراق وتقصف إخواننا في الدين بأفغانستان والباكستان وتساند الكيان الصهيوني وتقوم بحماية من اقترف جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب من قادة الكيان الصهيوني وتصوّت ضد تقرير غلادستون وتهدد باستخدام الفيتو، فهل يعقل أن تكون مناورات بحرية والأقصى محاصر والقيام بلقاءات عسكرية مع أمريكا وبريطانيا مشبوهة مع 5+5، ما أظن أن الرئيس الراحل بومدين لو كان حيا يقدم على ذلك طرفة عين.
النقطة 05: نصرة فلسطين فريضة إلا لمعذور.
* كان الشيخ الإبراهيمي رحمه الله يرى أن إعانة الشعب الفلسطيني فريضة شرعية يجب أدائها حسب الطاقة والاستعداد لاسيما والجزائر تحت الإستعمار الغاشم الذي يعرقل أداء تلك الفريضة الشرعية حيث قال سنة 1948 (إعانة فلسطين فريضة مؤكدة على كل عربي وعلى كل مسلم، فمن قام به أدى ما عليه من حق لعروبته ولإسلامه، ومن لم يؤدّه فهو دين في ذمته لا يبرأ منه إلا بأدائه .ومن سبق فله فضيلة السبق ومن تأخر شفعت له المعاذير القائمة حتى تزول، فإذا زالت تعلق الطلب ووجب البدار، وقد قامت الأمم العربية والإسلامية بهذا الواجب: كل أمة على قدر استعدادها وعلى حسب الظروف المحيطة بها لا على حسب الشعور والوجدان، فالشعور قدر مشترك بين الجميع لا يفضل فيه عربي عربيا ولا يفوق فيه مسلم مسلما لأن مرجعه إلى العروبة، والعروبة رحم موصولة. وإلى الدين،والدين عهد الهي لا ينقض. وقد يكون الشعور عند الأمم الغربية أو الإسلامية البعيدة الدار، أو التي تحول بينها وبين فلسطين الحوائل أقوى منه عند الأمم القريبة الجوار، المتصلة الأسباب، الميسّرة المآرب، لقاعدة يعرفها علماء النفس وهي أن الحرمان يذكي الشعور، والأمة الجزائرية العربية المسلمة من هذا القبيل فهي بعيدة الدار أسيرة في قبضة الاستعمار. يعد عليها الآهة تتأوهها والكلمة تقولها والبث تستريح إليه فضلا عما فوق ذلك، ولكن الاستعمار لم يستطع أن يصل بكيده وقهره إلى مقر الإيمان بعروبة فلسطين ومستودع الشعور نحو عرب فلسطين.وهذان هما كل ما تملك الأمة الجزائرية من ذخيرة معنوية، وإذا تأخرت الأمة الجزائرية عن إعانة فلسطين بالممكن الميسور فعذرها أنها كانت منهمكة في المطالبة بحقها في الحياة،وكانت من أجل ذلك في صراع مستمر مع الاستعمار وكانت بتدبير الاستعمار – موزعة القوى بين أحزاب متناحرة صارفة أكثر همها إلى الفوز في الانتخابات و الحظوة بكراسي النيابات. صماء عن الدعوة إلى التآخي والاتحاد. إلى أن لعب الاستعمار بجميعهم وضربهم تلك الضربة في انتخابات المجلس الجزائري الأخيرة. تلك الضربة التي لا يحمل وزرها ومسؤوليتها إلا من هيأ للحكومة أن تقدم على تلك الفضيحة" فإذا كان الإبراهيمي يعتذر عن التقصير في حق فلسطين بالاستعمار فبماذا نعتذر نحن اليوم ونحن في ظل الاستقلال؟!!! وخزائن الأموال والأسلحة مملوءة، بماذا نعتذر اليوم وجيوشنا مدججة بجميع أنواع الأسلحة؟!!! وصفقات الأسلحة المتطورة تفوق الخيال، ولماذا يتحمس النظام الجزائري لنصرة قضية الصحراء الغربية ويبحث لها عن دعم متزايد في المحافل الدولية ويقيم الدنيا ولا يقعدها ويندد بالانتهاكات حقوق الإنسان الصحراوي، وهو الذي يخرقها داخليا بشكل أفظع مما كان عليه الاستعمار؟!!! ومتى أصبحت الصحراء الغربية مقدمة على نصرة بيت المقدس ولها الأولوية؟!!! فهل الصحراء الغربية أعز من بيت المقدس ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مالكم كيف تحكمون ؟!!! ألا لعنة الله على جيوش أُسدٌ على قمع شعوبها وإذلالها نعاج خائفة على أعدائها، قال الإبراهيمي رحمه الله في 05 أفريل 1948، ونرجع إلى عرب الشمال الإفريقي ...إنّ عليهم لفلسطين حقا لتسقطه المعاذير، ولا تقف في طريقه القوانين مهما جارت، ومهما كانت فرنسية من ماركة "خصوصي للمستعمرات" هذا الحق هو الإمداد بالمال ،ومن أعان بالمال فقد قام من الواجب بأثقل شطريه، إنّ فلسطين ليست في حاجة إلى آرائنا، فلها من آراء مداره العرب ماهو كرؤية العين حسّن، وكأخذ اليد لمسا، وكفلق الصبح إشراقا وكشفا، وليست في حاجة على رجالنا ،فلها من أشبالها وممن والاهم عديد الحصى، وما فيهم إلاّ من يعتقد أن موته حياة لوطنه،وان نقصه من عديد قومه زيادة فيهم، ومهما استمدّ الصهيونيون الرجال من أوروبا فأمدّتهم بالأخلاط والأنباط والعباديد والرعاديد،ومن ربائب النعيم،وعشّاق الحياة،أمشاج النسب وأمساخ الحضارة،استمدّوا الجزيرة فأمدّتهم بكل مصداق لقول قائلة :
ومخرّق عنه القميص تخاله وسط البيوت من الحياء سقيما
حتى إذا رفع اللواء رأيته تحت اللواء على الخميس زعيما.
وبكل مصدق لقول الأول"فأيّ رجال بادية ترانا"
النقطة 06: الجمعية: الإفصاح على أن الشعب الجزائري أعرف بنفسية باليهود.
وما أكثر الدوافع التي تدفع بالشعب الجزائري لمناصرة القضية الفلسطينية، ومن جملة تلك الدوافع أنهم أعرف الناس بنفسية اليهود، ومكرهم وخداعهم، ولقد ذاق الشعب الجزائري من شراذم اليهود الصاب والعلقم عبر التاريخ الطويل ولسنا الآن بصدد ذكر ما فعله اليهود بالشعب الجزائري عبر التاريخ رغم أن الشعب الجزائري أحسن إليهم يوم كانوا مطاردين من محاكم التفتيش بعد سقوط الأندلس والدارس للتاريخ الجزائري يعرف كيف ساهم اليهود في احتلال الجزائري وكيف هللوا لجحافل الغزو الاستعماري الفرنسي سنة 1830 وكيف حاربوا الثورة التحريرية وجيش التحرير وكيف وقفت إسرائيل إلى جانب المستعمر الغاشم طوال مدة الثورة إلى غاية الإستقلال 1962، وكلنا يذكر كييف هللت إسرائيل عبر وسائل إعلامها لحل وقمع الجبهة الإسلامية للإنقاذ وكلنا يتذكر المصافحة الشهيرة للمجرم باراك من قبل ملك الجمهورية والأخطر من ذلك أن هناك الآن تنسيق أمني بين الجزائر وإسرائيل عبر قنوات خاصة بدعوى محاربة الإرهاب، وعبر حلف الناتو والموضوع يحتاج إلى كتاب قائم بذاته ليعرف جيل الاستقلال العلاقة بين اليهود والشعب الجزائري عبر التاريخ، لقد كان الشعب الجزائري من أعرف الشعوب بنفسية اليهود لأنه احتك بهم في مواطن كثيرة، عبر التاريخ الطويل قبل الإسلام وبعد الإسلام، وأثناء محنة الأندلس ومحاكم التفتيش، قال الشيخ الإبراهيمي رحمه الله في أوائل 1954 " فنحن الجزائريين بلونا من تلك المكائد ما جعلنا أفقه الناس في تلك المخزيات التي يأتيها اليهود في العالم، وتلك الطرائق في امتصاص أموالهم و تسخيرهم بالمال، وبرعايتهم في الدعاية والتظليل وإنفاقهم الملايين في بث الفتن وإفساد الأخلاق، نحن أفقه الناس في الطبيعة اليهودية لأن يهود الجزائر من بقايا الجالية اليهودية التي هاجرت مع العرب عند الجلاء عن الأندلس. وقد عاشوا مع العرب المسلمين في الأندلس قرونا فرأوا فيها من حسن الرعاية ومن صنوف البر والتكريم ما وصلوا به إلى مراتب الكرامة وولاية الوزارة.وعاملهم المسلمون في أيام ملكهم معاملة الأخوة فلم يُمنعوا عن مال ولا جاه، فلما جاء طور الانتقام نالهم منهم ما نال المسلمين، وكانت النزعة المسيحية في عداوة أعداء المسيح الأول على أشدّها"
وممن كشف عن نفسية اليهود الماكرة والمراوغة والإنتهازية، المصلح الثائر عمر راسم رحمه الله حيث قال عنهم في مقالة هامة كتبها وهو وراء القضبان بسجن سركاجي سنة 1916، جاء فيها "...اليهود أمة قاسية القلب لا يلذ لها عيش ولا تطيب لها الحياة إلا بأذيتها لغيرها..." وهاهو المجرم الصهيوني ناتنياهو يقول بكل وقاحة أن جرائم غزة الفظيعة إنما هي دفاع شرعي ضد إرهاب حماس ولم يجد من حكام العرب من يرد عليه الصاع صاعين!!! ويقول له أن إسرائيل كيان استعماري يقوده عصابات الحاخامات، ولكن اليهود قوم بهت.
بل قال بعض قادة إسرائل يوم تصويت 25 دولة لصالح تقرير غلادستون نحن نظام لم نعذب مواطنينا داخليا ولم نمنعهم من حقوقهم السياسية، كما تفعل بعض الدول المصوّتة على تقرير غلادستون ممن اقترفوا جرائم إنسانية ضد شعوبهم، وقال آخر، إن بعض الدول المصوتة على التقرير تنسق معنا أمنيا ومع حلفائنا أمريكا وأوروبا ودول الجوار وإنما فعلت ذلك علنا خوفا من افتضاح أمرهم أمام شعوبهم علانية فقط، وإلا فهي تنسق معنا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
النقطة 07: الجمعية تنصح بأخذ العبرة من الخصم!
* على المسلمين في العالم الإسلام بطوله وعرضه أخذ العبرة من مسلك يهود العالم الذين يتنادون من كل حدب وصوب لإعانة الكيان الصهيوني المغتصب بكل أنواع الدعم لتثبيت أقدامهم على أرض الإسلام والمسلمين ومسرى الرسول الأكرم، أليس من الأوجب شرعا وعقلا على المسلمين مناصرة إخوانهم المرابطين على أكناف بين المقدس، ألا يتذكر المسلمون عبر العالم ما قام به اليهود بتركيا سنة 1909 حيث أسسوا جمعية يهودية لجمع الأموال لشراء الأراضي الفلسطينية أطلقا عليها اسم جمعية حزب الله، وقد أشار إلى ذلك عمر راسم رحمه الله بتاريخ 27/08/1909 ولم يترك الأمر يمر دون تنديد، مما يدل دلالة قاطعة على أن قادة الفكر والدعوة والسياسة في الجزائر اهتموا بالقضية الفلسطينية وهو تحت الاستعمار الفرنسي وحتى قبل الانتداب البريطاني وقد دعا الشيخ الإبراهيمي رحمه الله بتاريخ 21 جوان 1948 المسلمين إلى مساندة إخوانهم في فلسطين كما يفعل اليهود " ويعتقد أن فلسطين وطن عربي كل الحق فيه للعرب، فيرد دعوى المدعين ودعاية الداعين بالحجة والمنطق، ويسمع كلمة الباطل في قومه فينقضها بكلمة الحق، ويرى مواطنه اليهودي يزوّد إخوانه في فلسطين أو يجهّز مقاتلتهم فيفعل مثل ما فعل، وكما أننا لا نلوم يهود العالم على إظهار عواطفهم نحو إخوانهم في فلسطين، لا نقبل اللوم من شخص أو من حكومة على إظهار عواطفنا نحو إخواننا عرب فلسطين، ولا نقبل التحجير علينا فيما نستطيع إعانتهم به، ولا نرضى أن يكون حراما علينا ما هو حلال لليهود. ومن أنصفنا أنصفناه وزدنا" وهو نفس الموقف الذي دعا إليه المجاهد الفضيل الورتلاني رحمه الله : "اقتدوا بخصومكم أيها العرب"، لعل أبرز صفة في اليهود وأقواها على نجاح سياستهم العالمية هي المهارة في استغلال الفرص بل وفي خلقها في كثير من الأحيان، فما من حادثة ذات أهمية تقع في جانب من جوانب الكرة الأرضية إلا وتجدهم أسبق الناس إلى دراستها ومحاولة الاستفادة من آثارها الحسنة أو السيئة على السواء وعلى العكس من ذلك، فلعل أبلد الناس في هذا المعنى بالذات هم حكام العرب" وممن حث المسلمين على ذلك الشيخ أحمد توفيق المدني رحمه الله في مارس 1938 "لكن اليهود في الدنيا بأسرها يؤيدون الحكومة الانكليزية ويؤيدون إخوانهم هناك. فهل المسلمون والعرب يؤيدون مثل ذلك إخوانهم سكان فلسطين...؟
فهل يعقل يا خلق الله ويا معشر المسلمين أن يعمل الصهاينة على جمع يهود العالم حول ضرورة إحياء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى ويتهاون حكام العرب والمسلمين على تحريض المسلمين في جميع أنحاء العالم لحماية والدفاع عن المسجد الأقصى المهدد بالخطر نتيجة الأنفاق وعمليات الحفر التي تتم تحته؟!!!.
النقطة 08: الجمعية وذكر بعض صور مناصرة وإعانة الشعب الفلسطيني.
* ولقد ساهم الشعب الجزائري في مناصرة القضية الفلسطينية أيما مساهمة وهو في قلب المعاناة وويلات الاستعمار وقد اتخذ رجال الدعوة والإصلاح وبعض قادة العمل السياسي الحزبي يومها عدة مواقف مساندة ومناصرة للقضية الفلسطينية رغم قلة اليد والحيلة، قال الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله في جوان 1948 "ووصلت فلسطين إلى الدرجة التي يجب فيها العون على كل عربي وعلى كل مسلم وإن بعدت الدار وتكالب الاستعمار، فجددنا الدعوة إلى الإتحاد منذ أسابيع وكنا البادئين بالدعوة لا كما تزوره بعض البلاغات الحزبية، واتخذنا من قضية فلسطين وسيلة جديدة للإتحاد عسى أن يجتمع عليها ما تشتت من القلوب النافرة، وكان للأخ الشيخ الطيب العقبي مساع محمودة في هذا السبيل" وشكلت هيئة عليا لهذا الغرض تضم كل من الإبراهيمي وعباس فرحات والطيب العقبي وابراهيم بيوض "ثم تآلفت لجنة تنفيذية بالعاصمة من رجال العلم والثقافة ورجال الأعمال والاقتصاد وشباب العمل، وبدأت الهيئة العليا بإرسال برقية تأييد لسعادة عبد الرحمن عزام باشا، الأمين العام لجامعة الدول العربية وبرقيات احتجاج واستنكار للحكومات المسؤولة، قد جاءنا منها نصوص البرقيات مع بلاغ، ونحن ننشر الجميع –كما يراه القارئ- في هذا العدد" وقال في 18 أكتوبر 1948 " أن (الهيئة العليا لإعانة فلسطين) تم تكوينها في ذلك اليوم، وقامت على أربعة دعائم قوية متينة تتمتع بالثقة التامة في الماليات، وفي ذلك اليوم تكونت اللجنة التنفيذية من أهل العلم والفضل والجاه من الأمة، واحتفظنا للهيئة باسمها الأصلي، وأطلقنا عليها وصف (هيئة الإتحاد)، وجعلنا شعارها الحكمة والصمت، ثم شرعنا في العمل في خواتم رمضان المبارك، فاجتمع لدينا من هيئات المحسنين عدة ملايين من الفرنكات أبلغناها إلى مأمنها في فلسطين، واستلمنا الشهادة القاطعة على وصولها، ورفعنا رأس الجزائر، ومحونا عتها بعض التقصير، وما زلنا جادين في عملنا الصامت لا ضوضاء ولا جلبة" وقد أعجب بعض قادة الفكر في العالم العربي والإسلامي بالمقالات التي ناصرت القضية وساهمت في شحذ الهمم وتحريض الأمة على المناصرة والمساندة والقيام بالواجب، قال الشيخ الإبراهيمي في 11 أكتوبر 1948 "وكتب إلينا طائفة من أدباء الشرق ومفكريه يثنون ويعجبون، كتب إلينا كاتب من النجف، وآخر من الموصل، وثالث من طرابلس الشام، ورابع من جبل عامل، وخمسة من فلسطين، وجماعة من مصر، وكاتبان من ليبيا، رسائل كلها إعجاب، وثناء مستطاب. وقال الأستاذ فائز الصانع أستاذ الفلسفة بالجامعة الأمريكية ببيروت حين قرأ مقالة "يا فلسطين" في العدد الخامس من "البصائر"، ما معناه: إنه لم يكتب مثلها من يوم جرت الأقلام في قضية فلسطين، وقد ختمت تلك المقالات ببيان حق فلسطين على العرب، ونحن منهم، فبينت أن أول واجب علينا هو بذل المال".
وهناك بعض الأصوات ارتفعت في وجه جمعية العلماء لتثنيها عن مناصرة فلسطين بحجة أن الجزائر مستعمرة وتعاني من المآسي ولكن الجمعية لم تلتفت إلى ذلك وظلت تقوم بواجبها داخليا وخارجيا، في حدود قدرتها واستطاعتها "فاتقوا الله ما استطعتم"، وهذا ما أشار إليه الإبراهيمي رحمه الله بقوله "وأما حركة الانتصار للحريات الديمقراطية فقد قال قائلهم عندما دعوا لأول مرة: إن فلسطين هنا في الجزائر ولا شأن لنا بفلسطين أخرى، لأن أبناء الأمة في السجون، وعائلاتهم تعاني ألم الحاجة والجوع"
النقطة 09: الجمعية وتذكير كل طرف بواجبه الشرعي نحو فلسطين.
* وخير من فصل واجب لجميع الأطراف نحو القضية الفلسطينية العلامة الإٌبراهيمي رحمه الله بقوله وذلك في 23 فيفري 1948 " إن الواجب على العرب لفلسطين يتألف من جزأين:المال والرجال، وإن حظوظهم من هذا الواجب متفاوتة بتفاوتهم في القرب و البعد، ودرجات الإمكان وحدود الاستطاعة ووجود المقتضيات وانتفاء الموانع، وإن الذي يستطيعه الشرق العربي هو الواجب كاملا بجزأيه لقرب الصريخ، وتيسر الإمداد، فبين فلسطين ومصر غلوة رام، وبينها وبين أجزاء الجزيرة خطوط وهمية خطتها يد الاستعمار، وإذا لم تمحها الجامعة فليس للجامعة معنى. وإذا لم تهتبل لمحوها هذا اليوم فيوشك أن لا يوجد الزمان عليها بيوم مثله، واجب الدول العربية:التصميم الذي لا يعرف الهوادة،والاعتزام الذي لا يلتقي بالهوينا، والحسم الذي يقضي على التردد، والنظام الذي ينفي الفوضى والخلل، والرأي الذي يرد ليل الحوادث صبحا، والإجماع الذي لا ينخرق بحياة "عبد الله" ولا بموت "يحي" وواجب زعماء العرب: أن يتفقوا في الرأي ولا يختلفوا، وأن يتوقعوا عيوب الزعامة ونقائصها من تطلع لرياسة عاجلة،أو تشوف لرئاسة آجلة، وأن يوجهوا بنفوذهم جميع قوى العرب الروحية والمادية إلى جهة واحدة وهي فلسطين، وأن لا يفتتنوا بما يفتحه عليهم العدو من ثغر في اليمن أو في شرق الأردن، ليشغلهم بالجزئيات عن الكليات وليجعل بأسهم بينهم، وأن يكونوا على اتصال وتعاون مع الحكومات العربية، وواجب كتاب العرب وشعرائهم وخطبائهم أن يلمسوا مواقع الإحساس ومكامن الشعور من نفوس العرب، وأن يؤججوا نار النخوة والحمية والحفاظ فيها، وأن يغمزوا عروق الشرف و الكرامة والإباء منها، وأن يثيروا الهمم الراكدة، والمشاعر الراقدة منها، وأن ينفخوا فيها روحا جديدة، فيها كل ما في السيال الكهرباء من نار ونور، وواجب شعوب الشرق العربي أن تندفع كالسيل، وتُصبح صهيون وأنصاره بالويل، وأن تبذل لفلسطين كل ما تملك من أموال وأقوات، وما قيمة الأموال المدخرة لنوائب الزمن إذا لم تبذل في نائبة النوائب؟وما قيمة الأقوات المحتكرة لمصائب القحط إذا لم تدفع بها مصيبة المصائب؟، ووالله يمينا برّة لو أن هذه القوى-روحيها ومادّيها-انطلقت من عقلها، تظاهرت وتضافرت، وتوافت على فلسطين وتوافرت، لدفنت صهيون ومطامعه وأحلامه إلى الأبد، ولأزعجت أنصاره المصوتين إزعاجا يطير صوابهم، ويحبط ثوابهم، ويطيل صماتهم ويكبت أصواتهم،ولأحدثت في العالم اغربي تفسيرا جديدا لكلمة "عربي"، أما عرب الشمال الأفريقي فهم عرب ولا فخر، وواجبهم في إنقاذ فلسطين هو واجب جميع العرب مع اعتبار العذر. ولكن...الله لعرب الشمال الأفريقي وما يلقون من ظلم الجار، وبعد الدار، وعنت الاستعمار، يتجاورون مع اليهود في وطن ، ولكل منهما في فلسطين هوّى ملح يصهر الجوانح، ولكن أحد الفريقين يعلن هواه إلى حد العربدة فيعذر ولا يعذل،والآخر يخفي هواه ويخشى أن تنمّ عليه نأمة فيناقش الحساب".
النقطة 10: الجمعية: استنكار أسلوب الاقتصار على مجرد الكلام.
* ليكن في علم الجميع، العالم العربي والإسلامي أن لغة الشجب والعويل والصراخ وحدها لا تكفي لمناصرة القضية الفلسطينية وهذا ما أرشد إليه علماء الجزائر منذ زمن بعيد، قال الفضيل الورتلاني رحمه الله ""أيها العرب أيها المسلمون، إليكم أسوم الكلام مرة أخرى عن فلسطين وأما أعلم أنكم قد مللتم الكلام عن فلسطين لأنكم ألفتموه من عشرات السنين حتى ما بقي ضرب من ضروب البيان في النظم والنثر إلا وقد مر على أسماعكم يحمل إسم فلسطين، ومأساة فلسطين، وكارثة فلسطين، والدعوة إلى التضحية بالمال والأنفس في سبيل فلسطين وإلى غير ذلك من صراخ وبكاء وعويل على فلسطين، على أننا نقوم بملء الفضاء بتك الصيحات من الأقوال مزهوين، كان اليهود يملأونه بالأفعال صامتين متواضعين.."
ويرون أن اللغة الوحيدة التي يفهمها المستعمر الغاشم إنما هي قانون القوة فقط ومن ظن غير ذلك فهو واهم، ومغالط لنفسه ولغيره، قال أحمد توفيق المدني رحمه الله في جوان 1930 " هنالك حقيقة في هذه الدنيا، يجب علينا أن نعترف بها علنا، ولا نقبل مغالطة النظريين الفلاسفة الذين يريدون أن يسدلوا بيننا وبين الوقائع المحسوسة ستارا كثيفا. تلك الحقيقة الثابتة هي أن الحق إذا لم يعتمد على القوة المتينة فهو الباطل، وأن الباطل المعتمد على القوة المتينة هو الحق المبين، إن العالم يسير حسب دستور محكم هو المسمى بالنواميس الطبيعية، وذلك الدستور يقول لك بنص صريح: إن أردت الحياة فكن قويا وإن كنت ضعيفا فمآلك الموت والفناء". وأوضح البشير الإبراهيمي رحمه الله في فيفري 1948 أن أمر التقسيم لم يمت إلا لأن العرب اقتصروا على الكلام فقط "إن الأقوياء الذي تولوا أمر التقسيم،وحملوا أولئك الضعفاء بالوعد والوعيد على التصويت عليه، ما ارتكبوا تلك الجريمة الشنعاء وغمطوا حق العرب،إلا بعد أن غمزوا مواقع الإحساس من العرب، فرأوهم جادين كالهازلين، ورأوا منهم، ناكثين كالغازلين، ورأوا في أمرائهم المقاومين على أعنف ما تكون المقاومة، والمساومين على أخس ما تكون المساومة، وفي شعوبهم الجاهل والذاهل، والمتشدد والمتساهل، فبنوا مقدمات الحكم على هذا التفاوت في الكيان العربي، وغرّهم بالعرب الغرور" وقال المؤرخ توفيق المدني رحمه الله "لكننا لا نكتم أمتنا العربية أن كل هذه الاحتجاجات القولية لا تجدي نفعا، وإن انكلترا دولة لا تعبد إلا المادة ولا تتأخر إلا أمام القوة. فإن وجدت أن المسلمين لا ينصرون فلسطين إلا بكلمات تنشر فوق أعمدة الصحف، أو أقوال ترتجل فوق أعواد المنابر، فإنها ستستمر على إعانة الصهيونية وستنفذ طوعا أو كرها برنامج التقسيم.انكلترا لا ترهب إلا القوة، وهي في مواقفها الحاضرة أشد رهبة من القوة، منها في أي وقت آخر، فليكشّر المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها عن أنيابهم لانكلترا، ويبرهنوا لها على أنهم قوة فعالة متضامنة تستطيع أن تضر وتستطيع أن تنفع، وعندئذ فقط يمكن لانكلترا أن تتراجع أو تترك الصهيونيين وشأنهم. أما ما دام الصهيونيين يقبضون على ناصية القوة والمال، والمسلمون يقبضون على ناصية الاحتجاج والأقوال فيا ويل فلسطين من الذين يتكلمون ولا يعلمون".
النقطة 11: الجمعية: تحمّل المسؤولية التاريخية لبريطانيا في نكبة فلسطين:
* من المعلوم تاريخيا أن أكبر الدول استعمارية في العالم خدمت اليهود والكيان الصهيوني إنما هي بريطانيا، فهي عندما فتحت قنصلية لها في القدس سنة 1838 طلبت من قنصلها توفير الحماية لليهود، والدفاع عن مصالحهم، وبعد أن احتلت بريطانيا فلسطين باسم الإنتداب (1917-1948)، بعد معاهدة سايس بيكو 1916 جاء وعد بلفور المسيحي الصهيوني سنة 1917 بوطن قومي لليهود، ولم يسبقهم إلى مثل هذا الوعد لا في عهد نابليون سنة 1806 ولم ينجز، أما بريطانيا فقد حولت الوعد إلى برنامج حكومي نافذ للتمكين لليهود، وكلنا يعلم أن بريطانيا هي التي حرضت بعض الحكام العرب على الخروج على الدولة العثمانية سنة 1914 ولم يرفع الإنتداب سنة 1948 حتى ضرب سرطان الكيان الصهيوني بجيرانه بأرض الإسراء والمعراج ولذلك حمّل علماء الجمعية بريطانيا نكبة فلسطين إلى يوم الناس هذا وعلى رأس هؤلاء العلماء العلامة ابن باديس رحمه الله، قال سنة 1938 " يريد الإستعمار الإنكليزي الغاشم أن يستعمل الصهيونية الشرهة لقسم الجسم العربي وحط قدس الإسلام فيملأ فلسطين بالصهيونيين المنبوذين من أمم العالم، ولأجل هذه الغاية الظالمة تجند الجنود الإنكليز، وتجمع أموال الصهيونيين، وتسفك الدماء البريئة، وتلطخ بها الرحاب المقدسة" قال أيضا:" تزاوج الاستعمار الإنكليزي الغاشم بالصهيونية الشرسة فأنتجا لقسم كبير من اليهود الطمع الأعمى الذي أنساهم كل ذلك الجميل وقذف بهم على فلسطين الآمنة والرحاب المقدسة فأحالوها جحيما لا يطاق وجرحوا قلب الإسلام والعرب جرحا لا يندمل" وقال الشيخ الإبراهيمي رحمه الله " بتاريخ 23 فيفري 1948 : إن الانكليز هم أول الشر ووسطه وآخره،وإنهم كالشيطان، منهم يبتدئ الشر ومنهم ينتهي، وإنهم ليزيدون على الشيطان بأن همزاتهم صور مجسمة تؤلم وتؤذي وتقتل، وجنادل مسمومة تهشم وتحطم وتخرب، لا لمّة تلم ثم تنجلي، وطائف يمس ثم يخنس، ووسوسة تلابس ثم تفارق، ويزيدون عليه بأنهم لا يطردون بالاستعاذة، وتذكر القلب،ويقظة الشواعر، وإنما يُطردون بما يُطرد به اللص الوقح من الصفع والدفع والأحجار والمدر، ويُدفعون بما يدفع به العدو المواثب، بالثبات المتين للصدمة، والعزم المصمم على القطيعة وبت الحبال،والإرادة المصرة على المقاطعة في الأعمال، والإجماع المعقود على كلمة واحدة ككلمة الإيمان "إنّ الإنكليز لكم عدو فاتخذوهم عدوا".يرددها كل عربي بلسانه،ويجعلها عقيدة جنانه، وربيطة وجدانه،وخير ما يقدمه من قربانه، قد غركم أول الانكليز فأعيذكم أن تغتروا بآخره بعد أن صرح شره،وافتضح سره، وانكشف لكم لينه،عن الأحساك والأشواك ،وقد تمرس بكم فعرف الموالج والمخارج من نفوسكم، قبل أن يعرف أمثالها من بلادكم، وحلل معادن النفوس منكم قبل أن يحلل معادن الأرض من وطنكم وعجم أمراءكم، فوجد أكثرهم من ذلك الصنف الذي تلين أنابيبه للعاجم،وتدين عروبته للأعاجم، وقد علمتم هو الذي وعد صهيون فقوّى أمله، ولولا وعده لكانت الصهيونية اليوم – كما كانت بالأمس-حلما من الأحلام يستغله(الشطار)ويتعلل به الأغرار، وقال أيضا " وعلمتم أن الانكليز هم الذين سنوا الهجرة بعد الفتح ليكاثروكم بالصهيونيين على هذه الرقعة من أرضكم، فلما انتبهتم للخطر غالطوكم بالمشروع منها وغير المشروع،ومتى هجرة الوباء والطاعون مشروعة إلا في دين الإنكليز؟،" أما الشيخ العلامة الطيب العقبي رحمه الله، فقد حمل الإنجليز وعصبة الأمم نكبة فلسطين حيث قال في 13 أوت 1937 ولم يقع اتهام العقبي للإنكليز وحدهم بالمأساة الفلسطينية، بل اتهم التواطؤ العالمي المتمثل في عصبة الأمم التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى لمعالجة القضايا العالمية سلميا، وقد أشار إلى ذلك بقوله، "كل هذا من الإنجليز الظلمة، وتحت نظر وبموافقة جمعية قالوا عنها أنها جمعية الأمم وعصبة الشعوب المتمدينة" وأرسلت الهيئة العليا إعانة فلسطين برقية إلى جامعة الدول العربية جاء فيها "إن لجنة إعانة فلسطين..تحتج على ما مس العالم الإسلامي من عدوان صريح قامت به الصهيونية وهي تحاول إقامة دول يهودية فوق أرض فلسطين، اللجدنة تعتقد أن هذه المحاولة تناقض ميثاق الأمم المتحدة، وتمثل تهديدا صريحا للسلام العالمي" " وقال توفيق المدني" ... والانكليز يريدون أن ينتقموا من الضعيف لشرفهم الذي أضاعوه أمام القوي، فهم يسلمون لايطاليا بصغار جميع ما طلبته، وينسفون بأيديهم المبادئ التي أقاموها بالأمس معقلا منيعا، ثم هم يتنمرون أمام بضعة آلاف من مسلمي فلسطين يذودون عن حماهم ويحمون ذمارهم . ويصدون الاستعمار أن يجوس خلال ديارهم."
* ولقد أسهبنا في هذه النقطة عن عمد ليعرف العالم العربي والإسلامي أن بريطانيا تتحمل المسؤولية الكبرى في نكبة فلسطين وكان الواجب عليها نبذ الروح الاستعمارية القديمة وانتهاز فرصة تقرير غلادستون الذي أدان الجرائم الإنسانية التي قام بها الكيان الصهيوني لتكفر عن جريمتها وخطيئتها التاريخية الكبرى وما ترتب عليها من مآسي وفظائع إلى يوم الناس هذا، ولكن الحكومة البريطانية الحديثة آثرت الوفاء لماضيها الإستعماري القديم. إن الوقفة المخزية لبريطانيا من تقرير غلادستون كشفت غطرسة الثالوث الاستعماري، بريطانيا وفرنسا وأمريكا الذي دمر العالم والبشرية في الوقت الذي نرى بريطانيا بقيادة براون ترسل لجنة بريطانية تطالب بالتعويض لعائلات بريطانيا التي تضررت من هجمات منظمة إيرا الايرلندية التي كانت تجد الدعم المالي والعسكري من نظام القذافي، وعملا بالمثل يجب على جميع الدول الغربية وعلى رأسهم بريطانيا تقديم تعويضا لكل عائلات ضحايا الأنظمة الإستبداية التي تمدها الدول الغربية بالأسلحة المتطورة للقضاء على المعارضة السلمية والمسلحة، وعليه لابد من تجريم كل الدول التي تعقد صفقات أسلحة مع أنظمة استبدادية بوليسية الطابع، فاقدة للشرعية بكل المعايير.
النقطة 12: الجمعية وتحميل حكام العرب مسؤولية الخذلان.
* على رأس الذين يتحملون مسؤولية خذلان القضية الفلسطينية العادلة ملوك وأمراء وحكام الدول العربية الذين يحملون لواء "الإعتدال" زعموا، ولذلك عندما سئل الشقيري رحمه الله رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الأسبق، متى تتوقعون تحرير فلسطين، فقال بكل مرارة "عندما تتحرر الأمة العربية" إن حكام العرب جميعا اليوم لا يملكون شرو نقير من شهامة وشجاعة وبعد نظر آخر خلفاء بني عثمان السلطان عبد الحميد رحمه الله، الذي تقوّل عليه أشباه الرجال والعملاء الكثير، والذي رفض بكل شمم أن يسلم في شبر واحد من أرض الإسراء والمعراج رغم القلائل والزلازل التي كانت تهدد عرشه وملكه المترامي الأطراف، ففي سنة 1901 حاول وفد صهيوني برئاسة هرتزل مقابلة السلطان عبد الحميد ليعرض عليه تسديد ديون الدولة العثمانية مقابل السماح لليهود في استيطان فلسطين، فرفض المقابلة وقال "أنصح الدكتور هيرتزل بأن يحتفظ علاينيه وإلا تتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع، إني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين فهي ليست ملكي بيميني بل هي ملك شعبي" وقال أيضا "إن بلادنا –يعني فلسطين- التي حصلنا على كل شبر منها ببذل دماء أجدادنا لا يمكن أن نفرط منها دون أن نبذل أكثر مما بذلنا من دماء في سبيلها" وقال "ولكن إقامة دولة يهودية في فلسطين التي فتحناها بدماء أجدادنا العظام فلا...." ولم يكتف بالكلام بل اتخذ إجراءات عملية للدفاع عن أرض فلسطين وبيت المقدس منها أنه أصدر فرمانا منع فيه الاستيطان اليهودي، ومنها منع بناء المستوطنات اليهودية في فلسطين ومنها فصل بيت المقدس عن ولاية سوريا وإخضاعها لإدارته مباشرة، ذلك موقف السلطان عبد الحميد الذي نعت بشتى النعوت المنفرة، كالسلطان الأحمر..الخ ولكن كشفت الوثائق بعد مدة براءته مما نُسب إليه بل شهدت له بالذكاء والبراعة السياسية مما يجعله أحد أساطين السياسة الدولية في ذلك الوقت، والأغرب أن هرتزل صاحب كتاب الدولة اليهودية، شهد له بالبطولة في مذكراته عندما نقل كلمة السلطان عبد الحميد "فإني لست مستعدا أن أتخلى عن شبر واحد من هذه البلاد لتذهب إلى الغير، فالبلاد ليست ملكي بل هي ملك شهبي روى ترابها بدمائه فليحتفظ اليهود بملايينهم من الذهب، فإن الدولية العلية لا يمكن أن تختبئ وراء حصون بنيت بأموال أعداء الإسلام، لست مستعدا لأن أتحمل في التاريخ وصمة بيع بيت المقدس لليهود وخيانة الأمانة التي كلفني المسلمون بحمايتها، إن ديون الدولة ليست عارا لأن غيرها من الدول الأخرى مدين مثل فرنسا، إن بيت المقدس قد افتتحه المسلمون أول مرة، بخلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولست مستعدا أن أتحمل في التاريخ وصمة بيعها لليهود وخيانة الأمانة" وقد أورد هذا هرتزل في مذكراته التي طبعت في تل أبيب عام 1924، وفي ذلك اليوم قرر هرتزل والصهاينة بضرورة سقوط الخلافة العثمانية لأنها الطريق الوحيد إلى فلسطين، رغم نقائصها إلا أنها استطاعت أن تحمي العالم الإسلامي من غزو صليبي لمدة 400 عام، لقد عرضوا عليه قرض بخمسين مليون جنيه لتسديد ديون الدولة، وخمس ملايين جنيه لخزانتة الخاصة، وبناء أسطول كامل للدفاع عن أراضي الدولة العلية فرفض كل ذلك، فأين حكام الاعتلال العرب اليوم من شهامة هذا السلطان العثماني الرهيب الذي دوّخ التحالف الأوروبي المسيحي ورغم ما قيل فيه لقد رفض بكل عزة الرشوة التي تثبت عرشه على حساب بيت المقدس والأقصى المبارك، فقد دفعوا الأموال الطائلة لإنقاذ الاقتصاد العالمي المنهار القائم على الربا والاحتكار والاغتصاب من أجل بقائهم في السلطة والسماح لهم بتوريث الحكم لأبنائهم آخرهم ابن قائد الثورة الليبية سيف الإسلام الذي لولا والده لما سمعنا له ركزا في دنيا الناس ليصبح مشرفا على البرلمان والحكومة بصلاحيات أكبر، إن حكام العرب لم يفرطوا في القدس والأقصى، بل سمحوا للصهاينة باختراق شعوبهم ليس بهويات إسرائيلية واضحة، وإنما تحت عناوين مختلفة، تارة باسم الخبراء وتارة باسم المتعاونين وتارة باسم الاستثمار بل هناك مستثمرين كبار في البلاد العربية أصولهم يهودية وبعضهم جواسيس لأمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وتارة باسم التنسيق العالمي ضد الإرهاب، وتارة باسم تبادل الخبرات، وهكذا أصبح الصهاينة يصولون ويجولون في طول البلاد وعرضها تحت جنسيات مختلفة أوروبية وأمريكية والأدهى من ذلك أنهم اخترقوا سائر أجهزة الأنظمة العربية وأصبحوا هم ربان السفينة، وأصبح الحكام عبارة عن طراطير أو كلاب حراسة، لقد أدرك هرتزل صلابة السلطان عبد الحميد ومناعته من التورط في رشوة تذهب معها زهرة المدائن لبني صهيون، فقال "إن فتح أبواب الشرق لليهود في فلسطين ليتوقف بالدرجة الأولى على تدمير الخلافة العثمانية، ومن ساهم في سقوط الخلافة بعض حكام وملوك العرب الذين كان ملكهم الباطني غير المتوج لورانس" والدارس للتاريخ يدرك دور اليهود وبعض الأسر الحاكمة العربية في سقوط الخلافة العثمانية وإذا كان حمدان خوجة الجزائري يقول لصديقه أحمد بوضرسة سنة 1836 بعد استعمار الجزائر بست سنوات "اللهم ظلم الأتراك ولا عدل الفرنسيين" لأن كل ما تعهدت به فرنسا أثناء غزو الجزائر 1830، حيث زعمت أنها ستخلص الجزائر من طغيان الأتراك وأنها تحترم الإسلام ولكن بمرور الأيام والسنوات ظهر زيف تلك الدعاوى وظهر للجميع بالمقارنة والمعاينة رحمة الأتراك، وقسوة فرنسا وحقدها على الإسلام، ألم يقل الكاردينال لافيجري سنة 1868 "علينا أن نخلص هذا الشعب –يقصد الجزائر- ونحرره من قرآنه، علينا أن نعتني بالأطفال لننشئهم على مبادئ غير التي شب عليها أجدادهم، فإن واجب فرنسا هو تعليمهم الانحلال أو طردهم إلى أقاص الصحراء" وهو عين ما يفعله الصهاينة في فلسطين اليوم من طمس لمعالم الهوية الإسلامية وتهويد القدس وتهجير المواطنين العرب والمسيحيين بالقوة وتغيير أسماء المدن والمعالم، وعوض أن يحاربوا نجد العميل المدسوس عباس يصف أبطال الجهاد والمقاومة بالظلاميين ويتطاول على المجاهدين مستقويا عليهم بالإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني وحكام الإعتلال الذين جعلوا من بلادهم مستعمرات غير معلنة أمريكا وأوروبا إسرائيل بما في ذلك النظام الجزائري الفاقد للشرعية والمصداقية الشعبية، وها نحن نقول "اللهم ظلم سلاطين بني عثمان ولا اعتلال حكام العرب الأقنان"، وها هي سوريا القومية تقرر فتح الحدود مع تركيا والاقتصار على بطاقة الهوية فهل من مدّكر؟!!! فمتى تفتح الحدود في سائر بلدان المغرب العربي الكبير رغم أن من أهداف ثورة نوفمبر وحدة المغرب العربي؟!!!
* ومن زمن بعيد وأهل العلم والفكر والسياسة من أبناء جمعية العلماء يحمّلون الحكام والأمراء والملوك مسؤولية خذلان القضية الفلسطينية وعلى رأس هؤلاء العلامة ابن باديس رحمه الله، حيث قال بتاريخ 1938 "يجري كل هذا وترتفع له أصوات العالم الإسلامي، والعالم العربي بالاحتجاج والاستنكار ويخاطب ملوك العرب والإسلام حكومة الإنكليز فلا تزيد آذانها إلا صمما ولا قلبها إلا تحجرا، نقول العالم الإسلامي والعالم العربي، لأننا لم نر ولم نسمع من غيرهما احتجاجا جديدا واستنكارا صارخا حتى الذين يقيمون الدنيا ويقعدونها بصراخهم ويبذلون من مساعداتهم في أوطان أخرى لم نرهم إزاء فلسطين الشهيدة إلا سكوتا أو شبه سكوت، وشتان بين من يريد المقاومة ومن يريد رفع الملام" وممن حملهم المسؤولية العلامة الإبراهيمي حيث قال" وكتبت تلك المقالات التي قلما كتبت صحيفة مثلها، ونعت على العرب وملوكهم تواكلهم وتخاذلهم واغترارهم، وأنذرتهم سوء المصير، فلما وقعت النكبة التي سجلت على المسلمين جزي الأبد، ووسمت العرب سمة الذل التي لا تمحى، جف الريق والمداد، وأغضينا الجفون على القذى، وفي النفس من الحزن لواعج، وفيها زفرات مكبوتة، لا تكون –إذا انفجرت- من باب: أوسعتهم سبا وراحوا بالإبل، وإنما تكون صرصرا عاتية على أمراء العرب وكبرائهم الذين لم يأكلوا تراث العروبة ولكن أضاعوه، وبم يحفظوا مجد الإسلام بل باعوه، وتكون حربا على هذه الأخلاق الدخيلة على الدم العربي التي هيأته للذل والعبودية والهوان، وما زالت هذه الزفرات تعتلج وتتصاعد، حتى انبرى كاهن الحي لنقد ملوك العرب وأخلاق العرب بأسلوبه الذي رجع بالعربية إلى عهود الجاهلية، فقضى بعض الحق وشفى شيئا مما في النفس، وقد أخبرنا الكاهن بأن للكهانة فترات قسرية، وأنه سيجول –حي يعاوده نجيه- في أقطار العرب، ويتناول قادتهم وعلماءهم بما هم أهله، إن تلك العاقبة الشنعاء لقضية فلسطين يعود وزرها على ملوك العرب وحكوماتهم، وأحزابهم، وأنهم لا يعذرون فيها ولا يستعتبون، وإن كارثة المشردين هي العورة التي لا توارى في الجسم العربي، وهي الفضيحة السوداء في تاريخهم، وإن ويلات اللاجئين كلها مكتوبة في صحائف أولئك القادة والأمراء... وستقاضى من كتبت له الحياة من أولئك اللاجئين ثأرهم من قادة العرب وأمراء العرب وويل للطاعمين الناعمين من الجياع الظماء"، وقال"ووقفت من قضية فلسطين موقف المجاهد المستبسل الكرار واتت في القضية بما لم تأته صحيفة عربية، وجلت من وجوه الرأي الصريح ما لم يجله مفكر عربي، وسددت سهام النقد إلى المتخاذلين من قادة العرب، فكشفت دخائلهم وقبحت سيرهم وأعمالهم وانخداعهم لدسائس أوروبا وأحيت معهم سنن السلف الناصحين من نصيحة صادعة، وكلمة حق قارعة، وقالت لهم ما يغضبهم ولكنه يرضي الله" وقال في 1947 " إن الصهيونية فيما بلونا من ظاهر أمرها وباطنه نظام يقوم على الحاخام و الصيرفي والتاجر، ويتسلح بالتوراة والبنك والمصنع،وغايتها جمع طائفة قدر لها أن تعيش أوزاعا بلا وازع، وقدر لها أن تعيش بلا وطن – ولكن جميع الأوطان لها – فجاءت الصهيونية تحاول جمعها في وطن تسميه قولا فلسطين،ثم نفسره فعلا بجزيرة العرب كلها،ف هو في حقيقته استعمار من طراز جديد في أسلوبه ودواعيه وحججه وغاياته ، يجتمع مع الاستعمار المعروف في أشياء، وتفرق بينهما فوارق، منها الصهيونية تعتمد قبل كل شيء على الذهب، تشتري به الضمائر والأرض والسلاح، وتشتري به السكوت والنطق، وتشتري به الحكومات والشعوب، تعتمد عليه وعلى الحيلة والمكر والتباكي والتصاغر في حينه، وعلى التنمّر والإرهاب في فرصته"، ومن أروع ما قال في 1948 قوله" أيها العرب :إن الذنب في نفسه ذنب،وإن عدم الاعتراف به يصيره ذنبين ،ولكن التوبة الصادقة المصحوبة بالعمل تمحوهما معا، فتعالوا نعترف بم يعلمه الله منا فإن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، ألستم أنتم الذين أضعتم فلسطين، بجهلكم وتجاهلكم مرة، وخذلكم وتخاذلكم ثانية، وباغتراركم وتغافلكم ثالثة ، وبقبولكم للهدنة رابعة، وباختلاف ساستكم وقادتكم خامسة، وبعدم الاستعداد سادسة ، وبخيانة بعضكم سابعة، وبما عدوكم أعلم به منكم ثامنة؟ وفي أثناء ذلك كتب عليكم الحفيظان من الموبقات ما يملأ السجلاّت، كانت نتيجة النتائج لذلك كله أن أضعتم فلسطين وأضعتم معها شرفكم ودفنتم في أرضها مجد العرب وعزّ الإسلام وميراث الإسلام وضاعفتم البلاء على نصف العرب في المغرب العربي كانوا ينتظرون انتصارهم في المعترك السياسي على اثر انتصاركم في المعترك الحربي،ولكنهم باؤوا من عاقبة خذلانكم بشد الخناق وشدة الإرهاق وكان من النتائج المخزية تشريد مليون عربي عن ديارهم، ولو أن عشرهم كان مسلّحا لما ضاع شبر من فلسطين ولو أن العشر وجد السلاح اليوم لاسترجاع فلسطين، وهاهم أولاء يتردّدون على حافات فلسطين تتقاذفهم المصائب ويتخطفهم من كل جانب لكنه موت الجوع والعري والبرد لا موت الذياد والشرف" وكأنّ الإبراهيمي حيّ بيننا يشاهد ويعاين ويحلل ويصف العلة ويشخص الداء ويضع الدواء، وهذا من نفاذ البصيرة وبعد النظر والمعرفة بعلل الأمم وتجارب التاريخ رحمة الله عليه واسعة، وكم كان شجاعا عندما أبان بكل جلاء من كانوا وراء ضياع فلسطين حيث يقول " ومن التزوير على التاريخ إن يقال إن اليهود احتلوا فلسطين بالقوة العسكرية كما يحتل القوي الغالب أرض عدوه الضعيف المغلوب، ألا إن كلمة الحق التي يقف الواقع بجنبها شاهدا لا يكذب هي أن ملوك العرب وزعماءهم المتحكمين في مصائرهم المنفذين لإرادة المستعمر هم الذين سلموا فلسطين لليهود سائغة هنية وحققوا للإنجليز غايتهم وما شرطه اليهود عليهم من تسليم فلسطين فارغة من العرب كما تسلم الدار المبيعة فارغة من الساكن، فاصنعوا لذلك التسليم المقرر وسائل وأعذارا من التخاذل والمشاكسات بين القادة العسكريين حتى تم الأمر بذلك التسليم المهين، وكل ذلك تم وفق خطة مدبرة متصلة الحلقات من الإنكليز وأعوانهم منا في مقابلة نفع مادي شخصي زائل ومناصب مضمونة لعدة رجال من العبيد باعوا قومهم بتلك الوظائف، وما زلنا نراهم رأي العين يتقلبون في تلك الوظائف الذليلة وينفّذون أغراض الاستعمار ويدافعون عنها،وقد حنّ لهم الدهر فنالوا ما نالوا ، فيا ويحهم إن عقّهم الدهر وصحا من تلك اللوثة، وما صحوا منها ببعيد،وما مصرع فاروق وعبد الله ببعيد من الذين باعوا فلسطين بالثمن الزهيد ومهما تكن تلك الوظائف مضمونة من الانجليز وراءها الموت والعار والسبّة الخالدة ووراءها هبة الشعوب وثورات المكبوتين". قال ذلك في 1954 في أول اندلاع الثورة الجزائرية ولا شك أنه سوف يأتي ذلك اليوم الذي تثور فيه الشعوب على جلاديها العملاء الذين باعوها بثمن بخس في سوق النخاسة العالمية فصبرا جميلا "إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا" وهو القائل" ووقفت من قضية فلسطين موقف المجاهد المستبسل الكرار واتت في القضية بما لم تأته صحيفة عربية، وجلت من وجوه الرأي الصريح ما لم يجله مفكر عربي، وسددت سهام النقد إلى المتخاذلين من قادة العرب، فكشفت دخائلهم وقبحت سيرهم وأعمالهم وانخداعهم لدسائس أوروبا وأحيت معهم سنن السلف الناصحين من نصيحة صادعة، وكلمة حق قارعة،وقالت لهم ما يغضبهم ولكنه يرضي الله." وممّن حمّل قادة العرب المسؤولية الشيخ المؤرخ توفيق المدني رحمه الله، حيث قال في العديد من المرات" "الكلمة اليوم لم تبق للعرب وهم على تفرقهم وتخاذلهم القديم، بل الكلمة اليوم أصبحت لأمراء العرب الذين يمثلون البلاد المستقلة العربية والشبيهة بالمستقلة، فمنذ كان أهل فلسطين الأحرار الأباة يعلنون ثورتهم العنيفة، وعندما رأت انكلترا أنها لا قبل لها بتحمل تلك الثورة دعت إلى وضع السلاح، لكي تترك لجنة البحث تقوم بأعمالها بغاية الحرية وفي جو هادئ، لم يرد المجلس الإسلامي الأعلى أن يتحمل التبعة وحده، تبعة وضع السلاح، بل وأصر على وجوب تدخل أمراء وملوك المسلمين في الأمر، وما وضع السلاح وانتهى أمر الثورة إلا بعد تدخل الملك غازي العراقي ، والملك ابن السعود النجدي والإمام يحي اليمني والأمير عبد الله الأردني وطلبوا إلى أهل فلسطين أن يضعوا السلاح لمحاولة حل المشكل بالطرق السلمية، فأما والمسألة لم يتم حلها بالطرق السلمية، وبواسطة اللجان، فإن المجلس الإسلامي الأعلى خاطب الملوك والأمراء السابقي الذكر، لكي يتخذوا مسؤوليتهم اليوم إزاء هذا الإخفاق، كما اتخذوها من قبل إزاء وقف الثورة. وعليهم هم الآن أن يقوموا إلى جانب المجلس الإسلامي الأعلى بواجب الاعتراض، ولو أدى الأمر بهم إلى الوقوف في وجه انكلترا موقف المعادي، لكي تفهم هذه الدولة أنها لن تستطيع أن تعتمد في المستقبل على صداقة العرب عندما ينفخ في صورة الحرب المقبلة وهي قاب قوسين أو أدنى. ونحن نرى أن مشكل فلسطين قد دخل الآن في دوره النهائي، وأنا أقول أن الفصل فيه سيكون للعرب وملوكهم لا غير. فإن وقف هؤلاء موقف الجد و الصرامة، وأظهروا حقيقة عواطفهم وهددوا بالعداء النهائي، فإن انكلترا تنظر في طريقة ثانية للتخلص من المشكل اليهودي الذي فتحت بابه ثم عجزت عن إيصاده. ولن تقدم أبدا على إغضاب العرب وتغير عواطفهم بصورة قاسية، لأنها تعلم أن حاجتها إليهم أثناء الحرب المقبلة عظيمة، وأن انضمامهم إلى أعدائها خلال تلك الحرب سيكون من أسباب اندحارها وانحلالها، أما أن هي أنست من ملوك العرب الجمود، ومن جماعات العرب الخمود. فهي ستمعن في سياستها الصهيونية ، وتستمر على نصرة هذه الفئة القليلة الغنية الفعالة التي تعرف كيف تنفع وكيف تضر، وسنرى خلال هذا الشهر كيف يكون موقف أمراء العرب، وخاصتهم وعامتهم، وهل العرب يستحقون بتآلفهم وتضامنهم واتحادهم البقاء، هم يستحقون باختلافهم وتفكك أجزائهم الفناء و الاضمحلال" وقال أيضا " ثم إننا لا نفهم إلى هذه الساعة ماهي هذه المواقف الضعيفة المخجلة التي يقفها ملوك العرب وأوامرهم اتجاه هذا الموقف الخطر، العظيم، فهل يكفي لأمثال يحي والملك عبد العزيز بن مسعود أن يحتجوا ببرقيات يرسلونها إلى لندر وإلى البيت المقدس ثم يسكنوا كأنهم قد أدوا الواجب المفروض عليهم؟ ومتى يجوز لهم أن ينذروا الانكليز بقطع سائر العلاقات السياسية والاقتصادية معهم، وفتح مذكرات مع أعدائهم المعروفين في البحر المتوسط، إن لم يكن هذا الوقت وقت هذا العمل؟" وقال في سنة 1938 "إن قدر الله وضاعت فلسطين فإنها والله لن تذهب ضحية الصهيونيين، بل هي تذهب ضحية المسلمين الجامدين، وضحية ملوك المسلمين المتغافلين، فيا عامة المسلمين ويا خاصتهم، ويا ملوكهم وأمرائهم وقادتهم، هذه فلسطين الشهيدة ضائعة متلاشية فماذا أنتم فاعلون" ولقد كان أمر الحكام العرب ملتبسا على أغلب الشعوب يومها أما اليوم فالأمر لا يحتاج إلى برهان أو دليل أو عالم خطيب، فأبسط الناس في العالم العربي والإسلامي عندما تسأله من هو العائق دون استرجاع فلسطين يقول لك : حكام العرب العملاء، وهذه بشرى خير والحمد لله، وهل يعقل أن مصر التي كانت توظف إذاعة صوت العرب وسائر وسائلها الإعلامية للمساهمة في مناصرة قضايا التحرر في العالم وعلى رأسها القضية الجزائرية فضلا عن القضية الفلسطينية وتوعية الجماهير وإلهاب مشاعرهم أصبحت وسائل إعلامها المختلفة مشغولة بالتفاهات وسفاسف الأمور ونشر الفساد والانحلال الأخلاقي ونشر الكراهية والحقد من أجل مقابلة في كرة القدم؟!! وتعمل على تخدير وعي الشعوب وإلقاء الوهن فيها عبر"علماء" و"مفكرين" و"ساسة" همهم نشر روح الانهزامية وهل يعقل أن يسكت شيخ السلطة الطنطاوي عما يتعرض له المسجد الأقصى من مداهمات واعتقالات للمرابطين وتمتد يده إلى نقاب فتاة صغيرة لينزعه عنها ويتعالم عليها، وإذا كان موضوع النقاب مسألة خلافية بين أهل العلم قديما وحديثا، فإن التبرج والسفور والعري أمر مجمع على تحريمه في جميع الديانات السماوية، فهل يستطيع شيخ السلطة المصرية غير المنتخب أن يقول لسوزان مبارك احتجبي كما أمر الله تعالى، وهل يستطيع أن يقف على أبواب مدينة السينما المصرية ويمنع الفواحش ما ظهر منها وما بطن؟!!! وهل يعقل أن السعودية التي استنفرت العالم الإسلامي بكل ما تملك لتحرير أفغانستان من الروس تخرس في استنفار العالم مرة ثانية لتحرير بيت المقدس، أم أن أفغانستان أعظم منزلة عندها من المسجد الأقصى، لاسيما وفلسطين احتلت منذ 1948 ؟!!! مع العلم أن أفغانستان تحتاج إلى نصرة ومساندة وكذا كل أرض تقع فريسة لاحتلال كافر؟!! لكن الأولوية كان الواجب أن تكون لثالث الحرمين.
تنبيهان هامان:
1- نحن وإن كنا نحمل المسؤولية التاريخية لعميدة الإستعمار العالمي بريطانيا، ولحكام العرب الذين أصبحوا وكلاء لقوى الإستعمار والهيمنة العالمية، فإننا لا نعفي عموم الشعوب الإسلامية من المسؤولية، قال الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله "وكل مسلم مسؤول أعظم المسؤولية عند الله تعالى على كل ما يجري هنالك من أرواح تزهق وصغار تيتّم ونساء ترمّل وأموال تهتك، وديار تخرّب وحرمات تنتهك كما لو كان ذلك كله واقعا بمكة أو المدينة إن لم يعمل لرفع ذلك الظلم الفظيع بما استطاع" وفي بيانات سابقة فصلنا الأمر فيما يخص وجوب نصرة القضية الفلسطينية من طرف العلماء والدعاة وحكام المسلمين وسائر الشعوب الإسلامية.
2- مما لا شك فيه عندنا أن القضية الفلسطينية في جوهرها قضية دينية إسلامية، والأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على ذلك أكثر من أن تحصر، وقد أشرنا إلى هذه الحقيقة في بيان "تذكير عموم المسلمين ببطلان شرعية حل الدولتين" بتاريخ 11/08/2009، ولكن حكام العرب في هذه الأيام يريدون إقصاء الدول الإسلامية وعلى رأسها إيران بدعوى أن القضية الفلسطينية قضية عربية ونحن لا ننكر أن القضية الفلسطينية قضية عربية، يجب على العرب حكاما وشعوبا نصرتها بحكم أن فلسطين قطعة عزيزة من أرض العرب قد بناها اليابيسيون بحوالي 40 قرنا قبل الميلاد، وهي أرض عربية قبل قدوم إبراهيم عليه السلام بحوالي 21 قرنا قبل الميلاد و19 قرنا قبل ميلاد سيدنا موسى عليه السلام، ولم يدم ملك بني إسرائيل فيها عنوة إلا حوالي 450 سنة في القرن 10 قبل الميلاد، وأجمع المؤرخون أن فلسطين كان يطلق عليها أرض كنعان، ولسوء حظ اليهود أن هذه الحقيقة مذكورة باسمها في التوراة، وهذا أكبر دليل على أن اليهود عندما دخلوا الأرض المقدسة وجدوها مسكونة وأقاموا بها مدة ثم هاجروها وتفرقوا قي الأرض، وإذا كان كل شعب عبر التاريخ أقام في مكان ما عبر التاريخ الغابر تثبت له حق العودة إلى تلك الأرض فعلى هيئة الأمم المتحدة أن تعيد توزيع الشعوب من جديد على الكرة الأرضية وأن يعاد كل جنس أو كل شعب إلى موطنه الأصلي وأن تعود أمريكا إلى الهنود الحمر، لأنهم أصحاب الأرض الأصليين وهكذا، وإذا اتخذت الأمم المتحدة هذا القرار فلا نجد شعبا يبقى في مكانه الحالي، والحاصل أن أرض فلسطين، أرض عربية، قال الإبراهيمي رحمه الله في 05 سبتمبر 1947 "إن فلسطين أرض عربية لأنها قطعة من جزيرة العرب، وموطن عريق لسلائل من العرب، استقر فيها اليهود، وتمكن فيها الإسلام أكثر مما تمكنت اليهودية، وغلب عليها القرآن أكثر مما غلبت التوراة، وسادت فيها العربية أكثر مما سادت العبرية" ولكن حكام العرب العملاء بعد أن استبعدوا الحل الشرعي الإسلامي للقضية الفلسطينية هاهم يفشلون في حل القضية تحت لواء القومية العربية ولم تتحرك فيهم نخوة العرب لإنقاذها من براثين الصهاينة، بل بعضهم كان مع تأجيل تقرير غولدستون الذي يتهم إسرائل بممارسة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهكذا فشلوا في حل القضية إسلاميا وعربيا وحقوقيا وإنسانيا ودوليا،...فأين تذهبون يا ولاة القهر والاستبداد؟!!! وهل تطمعون بعد كل هذا الخذلان أن ندعو لكم على أعواد المنابر ونطلق عليكم ولاة الأمر؟!!
النقطة 13: الجمعية ترى أن التضحية والجهاد طريق الاستقلال.
إن الجرائم البشعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة الصامدة وما تقوم به من انتهاكات ببيت المقدس والمسجد الأقصى يعتبر عدوانا، واستعمارا غاشما لا يمكن دحره إلا عن طريق الجهاد الشرعي بجميع أنواعه وأشكاله، فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام وما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا، وقد كان السلف الصالح الأوائل يعلمون أبنائهم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يعلمونهم السورة من القرآن، قال اسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه "كان أبي يعلمنا المغازي والسرايا ويقول، يابني شرف أبائكم فلا تضيعوا ذكرها"، وقال زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنه "كنا نعلم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلم السورة من القرآن " والجزائر لم تتحرر إلا بالجهاد، فالجهاد هو الطريق الوحيد لإنقاذ فلسطين من نير الاستعمار الصهيوني وقد أجمع العلماء قديما وحديثا على وجوب الدفاع عن أراضي المسلمين إذا ما تعرضت للعدوان مهما تباعدت ديارهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "إذا دخل العدو بلاد المسلمين فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب، إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة" وقد نص أهل العلم أن طريق الجهاد والاستشهاد واستخدام القوة هو السبيل الوحيد لتحرير الأرض من دنس الاستعمار لاسيما والكيان الصهيوني يعمل جاهدا على تهويد القدس وتهجير المواطنين المسلمين والمسيحيين وتبديل أسماء فلسطين وإصدار قانون الولاء اليهودي، ولذلك نرى أن الشيخ الطيب العقبي رحمه الله أرسل برسالة إلى عزام باشا الممثل للجامعة العربية بتاريخ 07 أكتوبر1947 حيث قال "الشعب المسلم الجزائري يؤكد لكم إخلاصه العميق وارتباطه المتين قلبا وقالبا بكم...وارتفعت أصواتهم بالاحتجاج الصارخ ضد مشروع التقسيم، أعلنوا عن رغبة ولهفة استجابة لكل قضية، واستعدادهم التام للانخراط في صفوف المتطوعين للدفاع عن فلسطين وحماية تلك البلاد المقدسة عن عدوان المعتدين، وإني شخصيا قد عزمت عزما أكيدا على رفع راية الجهاد على رأس هؤلاء الآلاف من المضحين تلبية لداعي الإيمان بمبدأ ديمقراطية الإسلام، الحق ومقاومة الصهيونية الباغية المتقمصة لثوب الاستعمار..وقد عبر أمين الحسيني عن تشكراته العميقة للموقف الجزائري المشرف تجاه القضية الجزائرية" وقال عن نفسه أنه مستعد للتضحية بكل غال في سبيل فلسطين ثالث الحرمين وأولى القبلتين، حتى تستعيد إسلامها وعروبتها، أبرز ذلك بقوله"...لإظهار الإتحاد العملي والتضامن الفعلي سأحمل راية الجهاد وأذهب بنفسي تاركا الأهل والولد" والشيخ توفيق المدني رحمه الله في جوان 1930" قلب صفحات التاريخ العالمي، وانظر في ذلك السجل الأمين، هل تجد أمة غلبت على أمرها، ونكبت ورزئت في الاستقلال ثم نالت حريتها منحة من الغاضب، وتنازلا من المستبد، ومنة من المستعبد؟ اللهم كلا، فما عهدنا حرية تعطى، إنما عهدنا حرية تؤخذ، وما علمنا الاستقلال يمنح ويوهب، إنما علمنا الاستقلال ينال بالجهاد والاستماتة والتضحية". وقال أيضا "وما رأينا التاريخ يسجل بين دفتي حوادثه خيبة للمجاهد، إنما رأيناه يسجل خيبات للمستجدي، فإذا أنار التاريخ في هذا السبيل بصائرنا، رأينا أن إخفاق الوفد المصري في لندرا أمرا طبيعيا وأن إخفاق الوفد الفلسطيني أمر محتم، فكلاهما ذهب يلتمس من المستبد مرحمة وكلاهما ذهب يفاوض الغاصب على إرجاع البعض مما اغتصب" وقال سنة 1938 "إن كانت الأمور قد هدأت ببلاد الكنانة . فليس الأمر كذلك من سوء الحظ ببلاد فلسطين. فهنالك يزداد الثائرون الأباة البواسل شدة مراس وعنفا في مقاومة الاستعماريين الانكليزي واليهودي، ويزداد الانكليز شدة وقسوة في قمع العصيان ومعاقبة رجال الثورة، والاعتداء على الحريات، وانتهاك الحرمات، وترويع الآمنين، وتحطيم القرى، وإحراق المداشر، بحيث إنّ ما يقع الآن في فلسطين لم يرو لنا التاريخ أن مثله وقع في العصور الحديثة. ولا يزال الفريقان يظهران العزيمة على استمرار هذه الحالة" وقال الشيخ الإبراهيمي رحمه الله سنة 1948 " كذبتم المخيلة أيها الأقوياء!...إن العرب إذا سيموا الحيف حكموا السيف، وإنهم سيأخذون حقهم بالدم الأحمر في حين أراد اليهود استلابه منهم بالذهب الأصفر. وإنّ الزمان سيأخذكم بهذه الدماء المراقة، أخذ الأرض لفرس سُراقة، وإن التاريخ سيعصب عارها بكم عارها وشنارها، وسيئاتها وأوزارها، وويح الجميع!...إن غرس صهيون في فلسطين لا ينبت،وإن نبت فانه لا يثبت فانتظروا إنا معكم من المنتظرين".
* وليكن في علم العام والخاص أن الكيان الصهيوني لا يؤمن بالحوار أو المفاوضات وإنما يؤمن في قرارة نفسه بالقوة والإرهاب منهجا، قال بن غريون "خير مفسر ومعلق على التوراة هو الجيش، فهو الذي يساعد الشعب على الاستيطان على ضفاف نهر الأردن مفسرا بذلك ومحققا كلمات أبنياء العهد القديم" ومعنى ذلك أن الجيش له عقيدة دينية يدافع عنها، وقال ميخا يوسف بيرد "إن كلا من السيف والكتاب يناقض الآخر بل يقضي عليه كليا...يعيش الرجال والأمم بالسيف وليس بالكتاب...." وقال بيغن "إن قوة التقدم في تاريخ العالم ليست للقلم بل للسيف...." وقال الفيلسوف الصهيوني مارتن بوبر "إن أغلبية الشعب اليهودي قد فضلت أن تتعلم من هتلر أكثر مما تعلمت من موسى ذلك أن هتلر أثبت أن التاريخ ليس من نصيب من يملك الإيمان ولكنه نصيب من يملك القوة، وإذا ملك القوة فإنه يستطيع أن يقتل دون حياء" وقالت جولد مايئر "إن الذي يريد انتزاع أرض غيره –وهذا اعتراف منها بالاغتصاب للأرض- ويسكنها ويتملكها، عليه أن يكون مستعدا لجميع الطوارئ والصعوبات..." فالكيان الصهيوني لا يؤمن إلا بالقوة وأفاعيله منذ 1948 تشهد بذلك ومثل هؤلاء لا يجوز مقابلتهم إلا بالقوة والجهاد، وفرنسا لم تخرج من أرض الجزائر إلا بقوة السلاح بعد فشل جميع المحاولات السلمية، كما نص بيان أول نوفمبر.
النقطة 14: الجمعية وتحديد ميدان المعركة الحقيقية:
يجب على العلماء والدعاة والصادقين من الساسة وقادة الفكر شحذ همة الأمة لإنقاذ بيت المقدس والمسجد الأقصى من نير الاستعمار الصهيوني اللعين وأن تكون أرض فلسطين ميدان الصراع الحقيقي للأمة الإسلامية، وكم كان البشير الإبراهيمي رحمه الله بعيد النظر عندما حدد أرض المعركة الحقيقية بقوله في 21 جوان 1948 "نحن نعتقد أن ميدان القتال بين العرب وبين اليهود هي فلسطين" ومن أراد أن يعرف مصداقية الشيخ الإبراهيمي فليعرف جيدا مكانة الهيكل المزعوم عند كل من اليهود والنصارى والصهيونية والماسونية.
أما اليهود، فهم يؤمنون بأرض الميعاد وإعادة بناء الهيكل الثالث ويستدلون على ذلك من نصوص التوراة والتلمود ولسنا الآن بصدد ذكر تلك النصوص وربما عدنا إلى ذلك مرة أخرى إن شاء الله تعالى، ومن أجل هذه العقيدة المستحكمة في قلوبهم وعقولهم ووجدانهم، رفض الصهاينة ما عُرض عليهم من قبل قوى الاستعمار في العالم من مناطق في العالم رفضوا الأرجنتين وأوغندا التي تتفجر منها منابع النيل وعرض عليهم وسط روسيا وليبيا وقبرص أو سيناء أو الطور، فأبوا كل ذلك إلا أرض فلسطين أرض الميعاد وأرض الأجداد التي وعدهم بها الرب كما يقولون، قال بن عزيون "لا قيمة لإسرائيل بدون القدس ولا قيمة للقدس بدون هيكل" وقد أجتمع في المؤتمر العالمي بمدينة بال بسويسرا 1897 حوالي 50 جمعية يهودية كلها تؤمن بأرض الميعاد وإعادة بناء الهيكل لاعتقادهم أن مسيح اليهود المنتظر يبعث بعد بناء الهيكل، أما النصارى فيعتقدون أن العهد الجديد إنما هو امتداد للعهد القديم ويعتقدون أن إعادة بناء الهيكل سيؤدي إلى ظهور المسيح مرة ثانية، ولهذا فهم يتعاونون مع اليهود من أجل الوصول إلى هذا الهدف ولا يمكن بناء الهيكل إلا على أنقاض بيت المقدس وعليه، فلابد من هدم الأقصى والصخرة ثم بناء الهيكل لظهور المسيح الذي سيدخل اليهود في دينه، قالت الكاتبة الأمريكية جريس هالسيل "أن أحد اليهود قال للمسيحيين "إنكم تنتظرون مجيء المسيح للمرة الثانية ونحن ننتظر مجيئه للمرة الأولى فلنبدأ أولا ببناء الهيكل وبعد مجيء المسيح ورؤيته نسعى لحل القضايا المتبقية سويا" وساسة النصارى في العالم يساندون إسرائيل ليس بدافع سياسي أو إنساني كما يزعمون، وإنما بدافع ديني، وأما المغفلون من أبناء جلدتنا من المفكرين والساسة يريدون إبعاد العامل الديني من الصراع، ألم يقل وايزمان في مذكراته " أن من الأسباب الرئيسية لفوز اليهود بوعد بلفور هو شعور الشعب البريطاني المتأثر بالثورة وتغنيه بالشوق الكبير لأرض الميعاد" ألم يقل الرئيس كارتر 1979 "إن علاقة أمريكا بإسرائيل أكثر من مجرد علاقة خاصة، لقد كانت ولا تزال علاقة فريدة وهي علاقة لا يمكن تقويضها لأنها متأصلة في وجدان وأخلاق وديانة معتقدات الشعب الأمريكي نفسه" وقال برجنسكي، المسؤول عن الأمن القومي الأمريكي بكل صراحة "إن على العرب أن يفهموا أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لا يمكن أن تكون متوازنة مع العلاقات العربية لأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية علاقات حميمية على التراث التاريخي والروحي"، ثم إن من العقائد المشتركة بين اليهود والنصارى كما جاء في العهد القديم والجديد أن معركة هائلة ستشب بين قوى الخير والشر على أرض فلسطين وذلك بعد بناء الهيكل وجلوس المسيح على عرش داود واسم المعركة "الهرمجدون" وبعد انتهاء المعركة يحكم بنوا إسرائيل العالم من أورشليم جاء في التلمود "قبل أن يحكم اليهود نهائيا لا بد من قيام حرب بين الأمم –أي حرب عالمية رابعة- يهلك خلالها ثلث العالم.." وهذا ما يؤمن به كبار القادة السياسيين في الكيان الصهيوني والأمريكي والأوروبي وأكتفي ببعض النقول، قال الرئيس الأمريكي ريجان "أجد في التوراة أن الله سيلم شمل بني إسرائيل في أرض الميعاد وقد حدث هذا بعد قرابة ألفي سنة ولأول مرة في التاريخ فإن كل شيء مهيأ لمعركة "مجدو" والمجيء الثاني للمسيح" والأغرب أننا لا نجد حاكما إسلاميا أو عربيا يعلن عما جاء في فضل بيت المقدس وإن الله تعالى سوف يحررها على يد الطائفة المنصورة حتى حاكم السعودية الذي يزعم أنه إمام المسلمين وخادم الحرمين، ولا الملك المغربي الذي يزعم أن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عبد الله ملك الأردن الذي يزعم أنه سليل العائلة الهاشمية ولا حسني مبارك، المشغول بتوريث إبنه، لماذا نبعد الإسلام من المعركة المصيرية التي تنتظر المسلمين والإسلام؟!!! ألم يقل المبشر "أوين" : "إن إرهابيين يهودا سينسفون المكان المقدس عند المسلمين ويستفزون العالم الإسلامي للدخول في حرب مقدسة مدمرة مع إسرائيل ترغم المسيح المنتظر على التدخل أن اليهود يعتقدون أن قدومه سيكون الأول ونحن المسيحيين نعلم بأن هذه ستكون زيارته الثانية..نعم لا بد بالتأكيد من أن يكون هناك هيكل ثالث" والماسونية كما عرفها المستشرق الهولندي "دوزي" "جمهور كبير من مذاهب مختلفة يعملون لغاية واحدة هي إعادة الهيكل الذي هو رمز دولة إسرائيل" والماسونية في حقيقة أمرها أداة في يد الصهيونية، وقد أشار البروتوكول العاشر والثالث عشر لحكماء صهيون، إلى أنه سوف تختفي الأديان إلا اليهودية وأن العالم سيحكم من الهيكل!!! فهل بعد كل هذا يقال أن القضية الفلسطينية قضية عربية لا دخل للدين فيها؟!!! فما أبصر بصيرة الشيخ الإبراهيمي عندما قال "أن ميدان القتال بين العرب وبين اليهود هي فلسطين" لماذا لا تشحذ الهمم بكل الوسائل المتاحة لنصرة أرض الإسراء والعراج، وعلى المسلمين في أصقاع الدنيا أن يعلموا مكانة بيت المقدس في الكتاب والسنة وفضل الجهاد فيها، والهجرة إليها فبيت المقدس فيها المسجد الأقصى أول قبلة المسلمين وثالث الحرمين وثاني مسجد وضع في الأرض بعد الكعبة بـ40 عاما وأرضه وما حولها مباركة وبيت المقدس أرض الأنبياء وأرض الإسراء وهي عقر دار الإسلام وقت اشتداد المحن والفتن وهي أرض المحشر والمنشر، وعن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت، يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، فقال "ائتوه فصلوا فيه فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله"، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله على الله عليه وسلم "ستخرج نار من حضرموت أو من بحر حضرموت قبل يوم القيامة تحشر النار، قال، فقلنا يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال عليكم بالشام"، وعن عبد الله بن حوالة الأزدي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ستجدون أجنادا، جندا في الشام، وجندا في العراق، وجندا باليمن، قال قلت يا رسول الله خر لي، قال عليك بالشام..." وفي رواية يا رسول الله خر لي بلدا أكون فيه، فلو أعلم أنك تبقى لم أختر على قربك شيئا، قال عليك بالشام، فلما رأى كراهتي للشام، قال أتدري ما يقول الله تعالى في الشام؟ إن الله تعالى يقول يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل فيك خيرتي من عبادي، إن الله تعالى تكفل لي بالشام وأهله..." وقال عبد الله بن عمرو بن العاص "ليأتين على الناس لا يبقى على الأرض مؤمن إلا لحق بالشام" وبيت المقدس لا يدخلها الدجال، والمهدي ينزل ببيت المقدس وهي مهبط عيسى عليه السلام لنصرة الدين عند خروج الأعور الكذاب، والشام تشمل فلسطين ودمشق وبعض الأردن ولبنان، قال العز بن عبد السلام رحمه الله في فضلها في كتاب ترغيب أهل الإسلام في سكنى الشام "فإن الله تعالى جعلنا من أهل الشام الذي بارك فيه للعالمين وأسكنه الأنبياء والمرسلين والأولياء والمخلصين والعباد الصالحين وحفه بملائكته المقربين وجعله في كفالة رب العالمين وجعل أهله على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم إلى يوم الدين، وجعله معقل المؤمنين وملجأ الهاربين ولاسيما دمشق المحروسة الموصوفة في القرآن المبين بأنهار ربوة ذات قرار ومعين وكذلك روي عن سيد المرسلين وجماعة من المفسرين وبها ينزل عيسى بن مريم عليه السلام لإعزاز الدين ونصرة الموحدين وقتل الكافرين وإبادة الملحدين وبغوطتها عند الملاحم فسطاط المسلمين" قال ابن تيمية رحمه الله "فكان الإسلام في الزمان الأول ظهوره بالحجاز أعظم ودلت الدلائل المذكورة على أن –ملك النبوة- بالشام والحشر إليها، فإلى بيت المقدس وما حوله يعود الخلق والأمر وهناك يحشر الخلق والإسلام في آخر الزمان يكون أظهر بالشام وكما أن مكة أفضل من بيت المقدس فأول الأمة خير من آخرها كما أنه في آخر الزمان يعود الأمر إلى الشام كما أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى..." وقال أيضا "تثبت للشام وأهله مناقب بالكتاب والسنة وآثار العلماء وهي أحد ما اعتمدته في تخصيص المسلمين على غزو التتار وأمري لهم بلزوم دمشق ونهيي لهم عن الفرار إلى مصر، واستدعائي العسكر المصري إلى الشام وتثبيت الشامي فيه، وفي هذه المناقب أمور، أحدها البركة وتثبت بخمس آيات من كتاب الله، ...وفيها المسجد الأقصى وفيها مبعث أنبياء بني إسرائيل وإليها مسرى نبينا صلى الله عليه وسلم، ومنها معراجه ومنها ملكه وعمود دينه وكتابه وطائفة منصورة من أمته وإليها المحشر والمعاد كما أن من مكة المبدأ، فمكة أم القرى من تحتها دحيت الأرض والشام إليها يحشر الناس كما في قوله تعالى (لأول الحشر) حيث نبه على الحشر الثاني فمكة مبدأ وإيلياء معاد في الخلق وكذلك في الأمر، فإنه أسرى بالرسول صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى إيلياء ومبعثه ومخرج دينه من مكة وكمال دينه وظهوره وتمامه بالشام، فمكة هي الأول والشام هي الآخرة في الخلق والأمر في الكلمات الكونية والدينية..." وأرض المعارك الفاصلة مع اليهود ستكون على أرض فلسطين، قال عليه الصلاة والسلام "لتقاتلن اليهود فلتقتلنهم حتى يقول الحجر، يا مسلم ها يهودي فتعال فاقتله" وهذا لا يكون إلا بعودة المسلمين إلى دينهم الحق ورفع راية الجهاد وتناصر المسلمين من جميع أنحاء العالم والزحف إلى أرض الشام وتكسير الحواجز التي يضعها الحكام العملاء الخونة للوصول إلى بيت المقدس ومن لم يستطع فليقدم إعانة ولو بسيطة "فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله" فضلا عن الدعاء والإعانة بما أمكن ولو بشق تمرة، قال عليه الصلاة والسلام "إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم" فكل من يستطيع الوصول إلى أرض الشام وبيت المقدس فليفعل وكل من كان فيها فلا يخرج منها والأرض المستعمرة تحتاج إلى الرجال الصامدين المرابطين الذين لا يفرون من الزحف وأولى الناس بالبقاء في الأرض المستعمرة –أي أرض مستعمرة-ناهيك عن بيت المقدس هم العلماء والدعاة وقادة الفكر والسياسة الصادقين، ففي سنة 1913 فكر الشيخ ابن باديس في الهجرة من الوطن نهائيا إلى الحجاز ولكن هناك من العلماء من نصحه بالعدول عن هذا القرار، قال الشيخ رحمه الله "أذكر أنني لما زرت المدينة المنورة واتصلت فيها بشيخي الأستاذ حمدان الونيسي وشيخي أحمد الهندي، أشار عليّ الأول بالهجرة إلى المدينة وقطع كل علاقة بالوطن، وأشار عليّ الثاني –وكان عالما حكيما- بالعودة إلى الوطن وخدمة الإسلام والعربية فيها بقدر الجهد فحقق الله الرأي الثاني ورجعنا إلى الوطن قصد خدمته، فنحن لا نهاجر نحن حراس الإسلام والعربية في هذا الوطن" وهذا الشيخ الشهيد العربي تبسي نصحه غير واحد بالاختفاء أو الهجرة من الجزائر بعد أن أصبح هدفا للاستعمار لتحريضه على الجهاد، فقال رحمه الله "إذا كنا سنخرج كلنا خوفا من الموت فمن يبقى مع الشعب؟ وقال أيضا: "إن خروجي اليوم والوطن في حرب يعد فرارا من الزحف، أنا لو كنت خارج الوطن ووقع هذا فيه لدخلت فورا" والحاصل، لابد من المرابطة على أرض بيت المقدس وعدم الهجرة منها لاسيما للعلماء والدعاة وعلى المسلمين عبر العالم الإسلامي مساندة ومناصرة أهل الرباط والجهاد ببيت المقدس قياما بواجب المناصرة الشرعية.
* لقد أطلنا النفس في بيان مكانة الأرض المقدسة عند اليهود والنصارى والصهاينة وذكر مزاعمهم الباطلة كما أوضحنا مكانة بيت المقدس عند جماهير العالم الإسلامي وأن ميدان المعركة الحقيقية سوف تكون على أرض فلسطين وبلاد الشام ولكن السؤال المطروح، من هو الجيل الذي سوف يحرر بيت المقدس والمسجد الأقصى من الاستعمار الإسرائيلي؟!!! - نحن نعتقد أن طليعة الجهاد والمجاهدين إنما هم الطائفة المنصورة، ونعتقد أن الجيل الذي سوف يحقق الله تعالى على يده النصر والانتصار ودحر الاستعمار الغاشم هو ذلك الجيل الذي تكون طليعته ونواته الصلبة، هم الطائفة المنصورة المذكورة في الأحاديث الصحيحة لأنهم يقاتلون على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم من الحكام العملاء وعلماء السوء أو الجماهير الغافلة المتخاذلة الواقعة بين استبداد الحكام وقهرهم وتضليل علماء السوء، فهم الذين سيتصدون بالجهاد الشرعي الصادق وهم رأس الحربة في المقاومة، الصامدة منصورة بظهور الحجة والبيان وبظهور السف والسنان لقوله صلى الله عليه وسلم "على الحق ظاهرين" وقوله "يقاتلون على الحق" فهم دعاة للحق بالحجة ومجاهدون ومقاتلون عليه ولو خالفهم أو خذلهم الناس ولقد فسر بعض أهل العلم الطائفة المنصورة بأهل الحديث شيخ البخاري علي بن المديني وابن المبارك وابن حبان وقال الإمام أحمد بن حنبل "إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أرى من هم" ولكن القاضي عياض بين مراد الإمام أحمد فقال "إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل السنة والجماعة" فدل على أن أهل الحديث والطائفة المنصورة ليست محصورة في مجرد فئة تشتغل بعلم الحديث ومصطلحه فدائرتهم أوسع من حصرها في ذلك، وهو مجرد تفسير أما الأحاديث الصحيحة فقد حددت أهم صفات الطائفة المنصورة كما سبق ذكره، ولذلك وسع الإمام النووي رحمه الله مفهوم الطائفة المنصورة خلافا لما يريد حصرها في فئة معينة فقال "يحتمل أن هذه الطائفة متفرقة بين أنواع المؤمنين منهم شجعان مقاتلون ومنهم فقهاء محدثون ومنهم زهاد آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونوا متفرقين في أقطار الأرض" وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية عرف أهل الحديث ومن يشملهم هذا الوصف فقال "ونحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه أو كتابته أو روايته بل نعني بهم كل من كان أحق بحفظه ومعرفته وفهمه ظاهرا وباطنا وإتباعه باطنا وظاهرا، وكذلك أهل القرآن وأدنى خصلة من هؤلاء محبة القرآن والحديث والبحث عنها وعن معانيها والعمل بما علموه من توجيهها ففقهاء الحديث أخبر بالرسول من فقهاء غيرهم، وصوفيتهم أتبع للرسول من صوفية غيرهم وأمراؤهم أحق بالسياسة النبوية من غيرهم، وعامتهم أحق بموالاة الرسول من غيرهم" وهذا يدل دلالة قاطعة أن اعتقاد أهل السنة والجماعة هو اعتقاد أهل الحديث الذي هو اعتقاد الطائفة المنصورة، أما عن مكان تواجد الطائفة المنصورة فقد جاء في الحديث الصحيح عندما سئل عن مكانهم، قالوا: أين هم يا رسول الله. قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس" وفي رواية "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله" ولكن هذا لا يعني حصرهم في قطر واحد دون سواه فتارة يكونون في مكة والمدينة وتارة في المغرب العربي وتارة في العراق وتارة في بلاد الشام وتارة في مصر وتارة في بلاد الأعاجم والتاريخ أكبر شاهد على ذلك غير أنه في آخر الزمان واحتدام الفتن والمحن يكونون في بيت المقدس وبلاد الشام، قال الإمام عبد الرحمن بن حسين رحمه الله "إن أهل الحق والسنة في زمن الأئمة الأربعة وتوافر العلماء في ذلك الزمان وقبله وبعده، لم يكونوا في محل واحد بل هم في غالب الأمصار في الشام منهم أئمة وفي الحجاز وفي مصر وفي العراق واليمن وكلهم على الحق يناضلون ويجاهدون أهل البدع..." وليس معنى تواجدها ببيت المقدس خلو ديار المسلمين الأخرى من هذه الطائفة غير أن الطائفة المتواجدة في بينت المقدس وبلاد الشام هي رأس الحرب وطليعة الجهاد والمقاومة ريثما تتوفر لهم الفرصة السانحة لاجتماعهم على أرض الإسراء والمعراج لخوض المعركة الفاصلة التي تهزم فيها إسرائيل هزيمة نكراء كما جاء في الأحاديث الصحيحة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم، "ستخرج نار في آخر الزمان من حضرموت تحشر الناس قلما فماذا تأمرنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عليكم بالشام" وفي الحديث الصحيح "ينزل عيسى بن مريم عليهما السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم،"إذا وقعت الملاحم بعث الله من دمشق بعثا من الموالي أكرم العرب فرسا وأجودهم سلاحا يؤيد الله بهم الدين" ولا شك أنه قبل المعركة الفاصلة ستكون معارك قبلها الأيام فيها دول تارة علينا وتارة لنا فحرب أكتوبر 1973 محت عار هزيمة 1967 لو لا خيانة حاكم مصر السادات الذي حول الانتصار العسكري إلى هزيمة سياسية وكذا انتصار حزب الله في جنوب لبنان على إسرائيل بشهادة إسرائيل ذاتها سنة 2006، وكذا صمود فصائل المقاومة المسلحة مؤخرا في غزة وعلى رأسهم حركة حماس، وعجز إسرائيل على كسر إرادة المقاومة عند أهل غزة، فعلى المسلمين في العالم عدم الاستسلام للأمر القدري الذي أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، من حتمية انتصار المسلمين على اليهود والتنصل والتقاعس عن القيام بالواجب الشرعي الذي يأمر بالجهاد والمقاومة بغض النظر عن الأمر القدري الكائن لا محالة.
النقطة 15: حلول مقترحة لحل النزاع.
* قد يقول قائل من العالم الإسلامي أو الغربي، أليس هناك طريق غير طريق الجهاد والجلاد والدماء والأشلاء، الفجائع والفظائع، والرزايا والمنايا التي تهز العالم بسبب القضية الفلسطينية، التي طال أمدها ولم تجد حلا عادلا والتي مازالت تهدد الأمن والسلام العالمي وربما كانت سببا في اندلاع الحرب العالمية الرابعة والتي إن نشبت –لاسمح الله- فإنها لا تبقي ولا تذر، ونحن نقول أن الإسلام علمنا أن لا نتمنى لقاء العدو ولكن إذا لقيناه فقد أمرنا بالثبات، فالقتال عند المسلمين عبارة عن عملية جراحية لإنفاذ المريض ورد العدوان وردع الظلم والظالمين وكسر شوكة المستعمرين أمثال الصهاينة الغاصبين ورغم ذلك نقول أن هناك مجموعة من الحلول إذا أخذ بإحداها استطعنا أن نجنب العالم كارثة الكوارث وداهية الدواهي :
1- أن يعيش اليهود على أرض فلسطين تحت نظام إسلامي شرعي منتخب ولهم كامل حقوقهم المشروعة المتمثلة في حفظ كرامتهم الإنسانية وحقهم في الأمن على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وحقهم في التزام أحكام شريعتهم وحقهم في حرقة المعتقد وحقهم في العبادة وحقهم في التكافل الاجتماعي والتأمين الاجتماعي وحقهم في الوفاء بالعهود وحقهم في المعاملات الاقتصادية العادلة وحقهم في المساواة أمام القضاء وحقهم في التحاكم إلى محاكمهم الخاصة وسائر الحقوق المشروعة، ولنا قدوة صالحة في سيرة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما فتح بيت المقدس سنة 16هـ صالح وأقر أهل الكتاب من يهود ونصارى على أديانهم وحقوقهم المشروعة شرعا لاحيف ولا إكراه وقد حافظ سائر الخلفاء من بعده لأهل الأديان على حرية العقيدة والعبادة إلى غاية سقوط الخلافة العثمانية على يد يهود دونمة بقيادة كمال أتاتورك، وقد أثبت التاريخ الطويل أن اليهود غير أمناء على عقائد الناس وحقوقهم المشروعة ومقدساتهم، جاء في البروتوكول الثالث عشر "حينما نمكن لأنفسنا فتكون سادة الأرض لن نبيح مكان أي دين غير ديننا" بينما أنقذ المسلمون آلافا من اليهود الذين كانوا منتشرين في أقاليم الدولة الروسية وكانوا يقاسون ألوانا شتى من العذاب وهم الذين أنقذوهم من محنة محاكم التفتيش، واستقروا في أقطار المغرب ومنها الجزائر وتركتا، ورغم ذلك كله قلبوا لهم ظهر المجن وحاول تخريب البلدان الإسلامية من الداخل على جميع الأصعدة" ألم يحولوا كنيسة القيامة إلى محل للزبالة والقمامة ولما دخل قسطنطين في المسيحية، وجاءت أمه القدسية هيلانة القدس فأخبرت بشأن تلك المزلة، فأمرت هيلانة بتطهيرها وبناء كنيسة عليها وأطلق عليها الإسم المعروف اليوم، وها هي اليوم جماعة أمناء الهيكل المزعوم مع أكثر من 26 جماعة أصولية متطرفة المسموح لها بالعمل السياسي وتحت حماية الشرطة الإسرائيلية يعملون على إعادة بناء الهيكل الثالث المزعوم وإزالة الأقصى لتجميع يهود العالم حول رمز روحي وقد حدد بعضهم تاريخ إنجاز الهيكل بتاريخ 25 مارس 2010، قاتلهم الله ولذلك نقول أن الأقصى لم يمر بمرحلة أخطر مما يمر به اليوم وحكام العرب منشغلون بالتوافه، وعوض تحريك وسائل الإعلام العامة والخاصة لشحذ همة الأمة دعويا وسياسيا وإعلاميا لمناصرة بيت المقدس وما يتعرض له الأقصى، نرى وسائل الإعلام تخوض معركة هائلة حول المقابلة الرياضية التي ستجمع بين الجزائر ومصر ونشرات الأخبار تقدم الحدث الرياضي على الحدث السياسي وممارسة التحريش المهني عنه شرعا، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التحريض بين الديكة فما بالك بالتحريش بين الناس وبين الشعوب؟!!! أما ما يحدث في المسجد الأقصى فنجده في ذيل نشرات الأخبار، والحاصل أن اليهود من خلال تاريخهم الطويل قديما وحديثا ليسوا أمناء على مقدسات الأديان الأخرى بحكم أنهم شعب الله المختار، فأباحوا أموال النصارى وأعراضهم وسفكهم لدمائهم، وعداوتهم للإسلام وتآمرهم على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم وتحالفهم مع قريش وما يحدث اليوم من قتل للأطفال والشيوخ والنساء وهدم البيوت واقتلاع الأشجار والقتل المعنوي وهو أخطر عند العقلاء من محو لهوية الأمة ونشر للفساد الأخلاقي، أما صفحات التاريخ الإسلامي، تشهد بحسن معاملة أهل الكتاب والدفاع عنهم إذا تعرضوا للحيف أو الظلم وهذا من تسامح المسلمين مع غيرهم مما دفع ببعض أهل الكتاب عبر التاريخ تفضيل حكم الإسلام على حكم أهل دينهم لما رأوا من عدل الإسلام وسماحته وهذه حقيقة نبّه عليها المنصفين من علماء الغرب والمستشرقين ولو لا خشبة الإطالة لذكرت أقوالهم بحروفها وممن نبه إلى هذه الحقيقة من علماء جمعية العلماء الشيخ الإبراهيمي حيث قال في 09 فيفري 1948 "ويقولون إن فلسطين منسك للأديان الثلاثة وإنها قبلة لأهل تلك الأديان جميعا، فعنهم كان ما يقول حقا –وهو حق في ذاته- فإن أحق الناس بالائتمان عليها العرب، لأنهم مسلمون، والإسلام يوجب احترام الكتب والكاتيين، ويوجب الإيمان بجميع الأنبياء المرسلين، ويضمن لإقامة الشعائر لليهود والمسيحيين، لا اليهود الذين كذّبوا الأنبياء وقتلوهم وصلبوا –بزعمهم- المسيح الصادق، وشردوا حوارييه من فلسطين، وكفروا بمحمد بعدما جاءهم بالبيّنات، فلسطين وديعة محمد عندنا، وأمانة عمر في ذمتنا، وعهد الإسلام في أعناقنا، فلئن أخذها اليهود منا ونحن عصبة إنّا إذا لخاسرون".
وقال عضو جمعية العلماء توفيق المدني رحمه الله "حمى الإسلام تلك الرحاب من أيامه الأولى، وحمى جميع مقدسات جميع الملل وكف عادية بعضهم عن بعض وعاش اليهود تلك القرون الطويلة ينعمون برخاء العيش وحرية المعتقد واحترام المعاهد". وقال ""هذه هي الحالة العامة التي كانت عليها فلسطين ألوف السنين حتى جاء الزوجان المشؤومان الصهيونية والاستعمارية فكان البلاء على فلسطين كلها عربها ويهودها، فلسيت الخصومة بين كل عرب فلسطين ويهودها ولا بين كل مسلم ويهودي على وجه الأرض، بل الخصومة بين الصهيونية والاستعمار الإنكليزي من جهة والإسلام والعرب من جهة، والضحية فلسطين والشهداء حماة القدس الشريف، والميدان رحاب المسجد الأقصى" وقال " نقول، لقسم كبير من اليهود، لأن هناك من اليهود عددا كثيرا يستنكر هذا المأتى الجنوني الظلوم، ويعترف بجميل الإسلام والسعادة التي نعم بها اليهود ويهود القدس في ظله الوارف الأمين، فقد قدّم رئيس الطائفة السامرية إلى حاكم نابلس عريضة احتج فيها باسم الطائفة على الاعتداءات الأثيمة التي وقعت على العرب في القدس وحيفا ويافا هذا نصّها: "نحن أفراد الطائفة السامرية رجالا ونساء نستنكر بشدة أعمال الاعتداءات الفظيعة التي يقوم بها أشخاص من اليهود ضد قوم أبرياء في حيفا ويافا والقدس، ونطلب بشدة الحيلولة دون تكرار هذه الحوادث المروعة ونصرح بأننا –على أقليتنا- نعيش منذ ألوف السنين مع مواطنينا العرب في سلام، ولم يحدث أن اعتدى منهم أحد علينا أو حاول اضطهادنا" وقال " نحن-المسلمين- أعداء الظلم بطبيعتنا الإسلامية ونرحم المظلوم ولو كان هو ظالما لنا، منذ أيام كنت في حانوت تاجر مسلم وقد قرأ علي أخبار عن إضطهادات ألمانية جديدة على اليهود، فلما فرغ من القراءة قال لي"هذا يا شيخ حرام عندنا في الإسلام أحنا نخلي الناس كلهم يعيشوا بأموالهم" فقلت له نعم، وأخذت أبين له كيف عاش اليهود في ظل الإسلام، هذا عامي من أوساط الناس متمسك بدينه ومتألم من حالة القدس الشريف ويعرف أن بلاءها من مهاجرة يهود ألمانيا وغيرهم، ومع ذلك يستنكر ما يلحقهم من الظلم، وها هم اليهود قد شردتهم ألمانيا ومن قوانينها الجديدة عليهم بين أملاكهم ببرلين بالمزاد العام ومنعهم في المستقبل من الامتلاك، ومنعهم من صناعة الطب بتاتا، والحكومة اليونانية منعتهم من دخول أرضها ولو على سبيل السياحة، وإيطاليا أخذت في اضطهادهم بأساليب علمية دقيقة وسياسية قاتلة، وفرنسا أيضا قد هبت عليها هبات من هذه السموم ستصيب اليهود أو قد أصابهم شيء من لفحها هذا حالهم بين الأمم المسيحية وقد عادوا –أو كادوا- كما كانوا في القرون الوسطى لا يطمئنون على أزواجهم وأموالهم وثقافتهم إلا في بلاد الإسلام". وقال: وهاهم مع ذلك يستمرون على ظلم الإسلام في قدس الإسلام ولا نهي لهم ولا ناصح ممن يسمعون لنهيه ونصحه، وما يدريهم أن هذا البلاء الذي ابتدئ بصبه عليهم هو جزاء ظلمهم لفلسطين ظلم الفعل وظلم الرضا وظلم السكوت عن الاستنكار، وأن الله لتنتقم من الظالم بالظالم، ثم ينتقم من الجميع"
2- إن ترتبت معركة بين الفلسطينيين والصهاينة المغتصبين، على أرض مستوية وجها لوجه دون الاستعانة بأي قوة خارجية وتتم بأسلحة تقليدية عادية، يخوضها الرجال فقط بعيدا عن الأطفال والنساء والشيوخ حتى نجنب الأبرياء ويلات الحرب، وتجنب ضرب المساكين والمنشآت بوسائل الدمار وهذا الحل الطريف العجيب في هذه الألفية الثالثة يعيد إلينا عهد الفروسية وأخلاقيات الحروب وهو ما اقترحه الأمير عبد القادر رحمه الله على أحد جنرالات فرنسا فرفض العرض لأن الاستعمار جبان رعديد لا يقاتل إلا من وراء قرى محصنة أو عن طريق استخدام أسلحة غير متكافئة مع أسلحة الخصم كالقصف بالطائرات في مواجهة جنود يحملون أسلحة خفيفة وحبذا لو تنزع جميع الأسلحة التقليدية الحديثة وأسلحة الدمار الشامل والاقتصار على الأسلحة القديمة لتظهر الشجاعة والفروسية وأخلاقيات الحرب، وتجنيب الأبرياء ويلات الحروب، ولقد صرح خبراء الحروب أن مرد لجوء الجماعات المسلحة عبر العالم وعلى اختلاف مللهم ونحلهم إلى التفجيرات المروعة هو عدم تكافؤ الأسلحة، فالظالم يملك أسلحة غير تقليدية أو أسلحة الدمار الشامل أما المظلوم فيملك أسلحة خفيفة يحصل عليها بشق الأنفس، حتى قال قائلهم، لو أن عنترة بن شداد بُعث من قبره لاستطاع أي طفل صغير لا يتجاوز عمره 06 سنوات قتله بمسدس صغير بضغطة واحدة، لعدم المماثلة في أسلحة القنال هذا يملك سيفا وهذا يملك مسدسا، وهذا ما جعل الشهيد العربي بن مهيدي رحمه الله يقول لرجال الصحافة الفرنسية عندما ألقي عليه القبض، وعابوا على جبهة التحرير اللجوء إلى التفجيرات فقال :"أعطونا الطائرات ونعطيكم القفف" وهذا الحل الظريف الغريب والعجيب والمضحك عند البعض أشار إليه العلامة الشيخ الإبراهيمي بتاريخ 05 أفريل 1948، حيث قال: "احشدوا إلى فلسطين جيشا من الصهيونيين من نبت الشرق أو غرس الغرب ولا نشترط إلا أن يكونوا صهيونيين ، ونكل إليكم عدده، ونحشد نحن بإزائه جيشا من العرب ولكم علينا أن يكون أقل من جيش اليهود عددا إلى الثلثين على شريطة واحدة، وهي أن يكون سلاح الفريقين متكافئا في أنواعه وأصنافه وألوانه وأوصافه، ثم اضمنوا لنا البحر أن لا يقذف بمدد،ونضمن لكم الصحراء أن لا يتسرب منها أحد، ولتبقوا أنتم،ويهود العالم، وعرب العالم ،نظارة متفرجين لا إعانة ولا إمداد، ولا هجرة ولا جهاد،ثم نفوض إلى الجيشين حلّ المشكلة بالموت في ميقات يوم معلوم ،فإن غلب الصهيونيين سلمنا في فلسطين،وآمنا بالوطن القومي،وزدنا على ذلك تحية وسلاما وتهنئة وإكراما، وإن غلب العرب كان الجعل متواضعا يزينه الرجوع إلى الطبيعة وهو بقاء فلسطين عربية تظل اليهود الأصلاء بالرعاية والحماية،وتجلي اليهود الدخلاء الذين نجموا مع قرن الصهيونية ودخلوا فلسطين باسمها وعلى صوتها ودعوتها، إنها- كما ترون – مقامرة تنطوي على مغامرة، وإن فيها لكثير من المحاباة لليهود. ومع ذلك فقد رضينا ورضي العرب ...أقولها وأنا مسلم، والمسلمون يسعى بذمتهم أدناهم،وعربي والعرب هم الذي وضعوا "كلمة الشرف"للعالم وأفهموه معناها.فإن لم تفعلوا – فاعلموا أن أشنع ما يسجله التاريخ تألب أمم على أمة، وانتصار أقوياء لباطل، وأن أقبح ما تقع عليه العيون جان يتجنى وظالم يتظلم "يا له من حل كله شجاعة وفروسية ونبالة يذكرنا بعهود الحروب التاريخية، التي يسودها الشرف والخلق الحربي الكريم، وحبذا لو تجتمع الأمم المتحدة وبحضور جميع ممثلي الشعوب والأمم وتقرر نزع جميع أسلحة الدمار الشامل والأسلحة غير التقليدية من جميع الدول التي تملكه دفعة واحدة، ومنع بعض أنواع الأسلحة التقليدية التي تعتبر مغمزا في شجاعة مستخدمها ورجولته وبطولته، ولا يجوز خوض أي حرب إلا بأسلحة مماثلة، فإن كان الخصم لا يملك ذلك السلاح يجب أن يمكن منه ليخوض الحرب ثم يسترد منه بعد أن تضع الحرب أوزارها وإذا نشبت حرب بين دولتين يجب أن يكون على رأس الجيشين رؤساء أو زعماء تلك الدول مما يقلص اعتداء دولة على دولة أو التسرع في اتخاذ قرار الحرب لأن الزعماء سوف يخوضونها بأنفسهم، أما في حالة عدم نزع الأسلحة غير التقليدية أو المحرمة دوليا أو النووية فلا يمكن لدولة أو مجموعة من الدول منع دول أخرى من الحصول على تلك الأسلحة النووية أو المحرمة الدولية لضرورة الدفاع عن النفس وردع الظالمين وعجبا لبعض الدول العربية تطالب إيران بوقف برنامجها النووي ولا تطالب بذلك في حق أمريكا وبريطانيا وفرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل فمن خوّل هؤلاء الوصاية على العالم ولماذا استبدل حكام العرب العدو الحقيقي بعدو موهوم ولماذا يطالبون الذي لم يحصل على السلاح النووي بعد بعدم إجراء تجارب نووية؟!!! ويسكتون على من يملك ترسانة تبيد العالم بأسره؟!!!، فإما أن تنزع الأسلحة النووية في يوم واحد من جميع الدول الكبرى وإلا فمن حق جميع الدول الأخرى لأخذ بمبدأ الردع النووي والدفاع المشروع المسارعة إلى اكتساب هذا السلاح الذي تدفع إليه الضرورة القصوى والمعاملة بالمثل إذا حصل اعتداء على أي دولة بسلاح غير تقليدي ولتعلم دول الاستكبار العالمي أن عصر الوصاية على الشعوب والدول الأخرى قد مضى وانقضى.
3- الولايات المتحدة الأمريكة ودول الإتحاد الأوروبي تناصر الكيان الصهيوني وتدافع عنه بكل الوسائل السياسية والاقتصادية والإعلامية والعسكرية في كل المحافل الدولية العالمية فلماذا لا تسعى هذه الدول لإيجاد دولة لهم في أمريكا الواسعة الأرجاء أو في قارة أوروبا العجوز تليق بمقامهم، لاسيما، وهناك على سطح الكرة الأرضية أراضي شاسعة واسعة لم تطأها قدم إنسان، فلماذا لا تخصص لدولة الكيان الصهيوني وعلى العالم إمدادهم بما يحفظ كرامتهم الإنسانية ماديا ومعنويا.
ومن الحلول المقترحة أن يعود الذين هاجروا إلى أرض فلسطين إلى البلدان التي هاجروا منها مرة أخرى إلا من أثر البقاء تحت ظل حكم إسلامي شرعي رشيد، وعلى سائر الدول احترام حقوق اليهود المشروعة ولهم حق زيارة الأماكن المقدسة بهم سنويا، وهنالك حلولا أخرى نضرب عنها صفحا الآن.
* مما سبق بيانه وشرحه اتضح لنا بكل جلاء بعض ما قامت به جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لمناصرة القضية الفلسطينية وهي تحت سطوة الاستعمار الفرنسي اللعين وهو ما عجز عنه الكثير في ظل الاستقلال المغشوش حيث تحررت الأرض ولم يتحرر الإنسان وشتان بين التحرير والحرية، فعلى المسلمين في أصقاع العالم عدم الاستسلام للأوضاع المزرية اقتداء بما كانت عليه جمعية العلماء المسلمين أيام الاستعمار، وعليهم أن يجعلوا من نصرة بيت المقدس والمسجد الأقصى أهم فرائض الوقت الخارجية، لأن أرض الإسلام واحدة والدفاع عنها واجب على الجميع بغض النظر عن الحدود والسدود المصطنعة، كما قال الشاعر:
أما سليمان قلبي لا يطاوعنــي * على تجاهل أحبابي وإخوانــــي
إذا اشتكى مسلم في الهند أرقنـي * وإذا بكى مسلم في الصين أبكانــي
ومصر ريحانتي والشام نرجسـي * وفي الجزيرة تاريخي وعنوانـــي
أرى بخارى بلادي وهي نائيــة * وأستريح إلى ذكرى خرستــــان
فأينمــا ذكر اسم الله في بلــد * عددت ذلك الحمى من صلب أوطاني
شريعـة الله لمت شملنــا وبنت * لنا معالـــم إحسـان وإيمـــان
وليستحضر المسلمون في العالم الإسلامي قوله تعالى "هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، فاعتبروا يا أولي الأبصار"الحشر، وليعلموا أن القضية إسلامية ولذلك قال تعالى "وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة" الإسراء7، ولم يقل و"ليدخلوا فلسطين" مما يدل على أن المعركة هدفها تحرير المسجد الأقصى المبارك، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ
بن حاج علي
الهيئة الإعلامية
للشيخ علي بن حاج