اللجنة الإخبارية
2009-11-01, 07:40 PM
لسان الحال أبلغ من لسان المقال
في الدلالة على ما في القلوب من الزيغ والضلال
الحمدلله لله القائل " تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ " والصلاة والسلام على رسول الله القائل " أَرْبَعُ خِلَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا " وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد ..
فإن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ..
وإن أهل السنة لا يكفرون أحدا بالذنب والمعصية ما لم يستحله ( هذا مالم يكن الذنب كفرا أو شركا بذاته فيكفر بعد انطباق الشروط وانتفاء الموانع )وإن تكرار المعصية لا يعد استحلالا ما دام العاصي يظهر الخوف من الله ويرجو مغفرته ويقر بذنبه !
ولكن هل " لسان الحال أبلغ من لسان المقال " كما يقول العلماء؟
يقول العلامة قاضي القضاة عز الدين المقدسي الحنبلي : (( فرأيت كلا ناطقاً بلسان حاله ولسان قاله، لكنّي رأيت لسان الحال أفصح من لسان القال، وأصدق من كل مقال، لأن لسان الخبر يحتمل التكذيب والتصديق، ولسان الحال لا ينطق إلا بالتحقيق. بالناطق بلسان الحال مخاطب لذوي الأحوال، والناطق بلسان القال مقابل لأهل الصحة والاعتلال }
قال الشيخ المحدث ناصر الدين الألباني : يعني التعبير قد يكون بلسان القال أو بلسان الحال،اهـ. من ( الوجه الثاني) من الشريط الأول من (الكفر كفران) رقم (820) من (سلسلة الهدى والنور)
يقول إمام المفسرين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري . ت:310هـ ** ... بعد أن روى حديث البراء بن عازب رضي الله عنه بسنده: (وفيه أَنَّ النَّبيّ َ - صلى الله عليه وسلم - بعث عمَّ البراء ليقتل رجلاً تزوَّج امرأةَ أبيه ويأخذَ مالَه وفي رواية و يخمِّس مالَه )
ثم قال : (( وكان الذي عرَّس بزوجة أبيه ، متخطِّياً بفعله حرمتين ، وجامعاً بين كبيرتين من معاصي الله :
... إحداهما : عقد نكاحٍ على من حرَّم الله ...
... والثانية : إتيانه فرجاً محرماً عليه إتيانه ، وأعظم من ذلك ، تقدّمه على ذلك بمشهدٍ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإعلانه عقد النكاح على من حرَّم الله عليه عقده عليه بنصِّ كتابه الذي لا شبهةَ في تحريمها عليه ، وهو حاضره .
... فكان فعله ذلك من أدلِّ الدَّليل على تكذيبِه رسولَ الله? فيما آتاه به عن الله تعالى ذكره ، ووجوده آية محكمة في تنزيله . فكان بذلك من فعله كذلك ، عن الإسلام- إنْ كان قد كان للإسلام مُظْهِراً -مُرتَدَّاً ... وذلك أَنَّ فاعل ذلك على علمٍ منه بتحريم الله ذلك على خلقِه إِنْ كان من أهلِ الإسلام، إِنْ لم يكُنْ مسلوكاً به في العقوبة سبيل أهل الرِّدَّة بإعلانِه استحلالَ ما لا لَبْسَ فيه على ناشيءٍ نشأ في أرض الإسلام أَنَّه حرام ... )) ( نقلا عن كتاب التوسط والاقتصاد لعلوي السقاف وراجع تهذيب الآثار للطبري )(والحديث صحيح . رواه احمد في "المسند" (4/292). وأبو داود في الحدود باب : الرجل يزني بحريمه. و النسائي في النّكاح. باب: نكاح ما نكح الآباء ... وغيرهم . وانظر تخريجه في "الإرواء" (8/18 رقم 2351) .
وقال البيهقي في معرفة السنن (( قال أصحابنا : وضرب العنق لا يجب نفس النكاح دون الاستحلال ، فكأنه استحله بعد اعتقاد تحريمه فصار به مرتدا فوجب به ضرب عنقه وأخذ ماله فيئا ، والله أعلم } انتهى
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ))
قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري عن الحديث " .. ذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ يَحْتَمِل أَنَّ الْمُتَّصِف بِذَلِكَ هُوَ مَنْ اِعْتَادَ ذَلِكَ وَصَارَ لَهُ دَيْدَنًا . قَالَ : وَيَدُلّ عَلَيْهِ التَّعْبِير بِإِذَا ، فَإِنَّهَا تَدُلّ عَلَى تَكَرُّر الْفِعْل . كَذَا قَالَ . وَالْأَوْلَى مَا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : إِنَّ حَذْف الْمَفْعُول مِنْ " حَدَّثَ " يَدُلّ عَلَى الْعُمُوم ، أَيْ : إِذَا حَدَّثَ فِي كُلّ شَيْء كَذَبَ فِيهِ . أَوْ يَصِير قَاصِرًا ، أَيْ : إِذَا وَجَدَ مَاهِيَّة التَّحْدِيث كَذَبَ . وَقِيلَ هُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْخِصَال وَتَهَاوَنَ بِهَا وَاسْتَخَفَّ بِأَمْرِهَا ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فَاسِد الِاعْتِقَاد غَالِبًا "
وقال النووي " قَالَ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء : الْمُرَاد بِهِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثُوا بِإِيمَانِهِمْ ، وَكَذَبُوا ، وَاُؤْتُمِنُوا عَلَى دِينهمْ فَخَانُوا ، وَوَعَدُوا فِي أَمْر الدِّين وَنَصْره فَأَخْلَفُوا ، وَفَجَرُوا فِي خُصُومَاتهمْ . وَهَذَا قَوْل سَعِيد بْن جُبَيْر ، وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح . وَرَجَعَ إِلَيْهِ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّه بَعْد أَنْ كَانَ عَلَى خِلَافه . وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَابْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ ، وَرَوَيَاهُ أَيْضًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه : وَإِلَيْهِ مَال كَثِير مِنْ أَئِمَّتنَا ."
وقال الألوسي في تفسيره " وقيل : إن الأخبار الواردة في هذا الباب إنما هي فيمن كانت تلك الخصال غالبة عليه غير مكترث بها ولا نادم على ارتكابها ومثله لا يبعد أن يكون منافقاً حقيقة ،"
وروى الفريابي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : (( ثلاث إذا كن في عبد فلا تتحرج أن تشهد عليه أنه منافق إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان )) .. انتهى
يقول الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين في شرح رياض الصالحين (( هناك قسم ثالث فاسق مارد ماجن يتحدث بالزنا افتخارا والعياذ بالله يقول إنه سافر إلى البلد الفلاني وإلى البلد الفلاني وفجر وفعل وزنى بعدة نساء وما أشبه ذلك يفتخر بهذا هذا يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل لأن الذي يفتخر بالزنا مقتضى حاله أنه استحل الزنا والعياذ بالله ومن استحل الزنا فهو كافر.} ( طبعة دار العقيدة بالاسكندرية ج1 ص 76 .. وهو موافق للشرح الصوتي من موقع الشيخ رحمه الله )
يقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (( أَنَّ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الْقَوَانِينَ الْوَضْعِيَّةَ الَّتِي شَرَعَهَا الشَّيْطَانُ عَلَى أَلْسِنَةِ أَوْلِيَائِهِ مُخَالَفَةً لِمَا شَرَعَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ لَا يَشُكُّ فِي كُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ إِلَّا مَنْ طَمَسَ اللَّهُ بَصِيرَتَهُ ، وَأَعْمَاهُ عَنْ نُورِ الْوَحْيِ مِثْلَهُمْ ))
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (( بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْإِيمَانَ لَهُ لَوَازِمُ وَلَهُ أَضْدَادٌ مَوْجُودَةٌ يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ لَوَازِمِهِ وَانْتِفَاءَ أَضْدَادِهِ وَمِنْ أَضْدَادِهِ مُوَادَّةُ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمِنْ أَضْدَادِهِ اسْتِئْذَانُهُ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ ثُمَّ صَرَّحَ بِأَنَّ اسْتِئْذَانَهُ إنَّمَا يَصْدُرُ مِنْ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ...
وقال رحمه الله : سُئِلَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التستري عَنْ الْإِيمَانِ مَا هُوَ ؟ فَقَالَ : قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ وَسُنَّةٌ لِأَنَّ الْإِيمَانَ إذَا كَانَ قَوْلًا بِلَا عَمَلٍ فَهُوَ كُفْرٌ وَإِذَا كَانَ قَوْلًا وَعَمَلًا بِلَا نِيَّةٍ فَهُوَ نِفَاقٌ وَإِذَا كَانَ قَوْلًا وَعَمَلًا وَنِيَّةً بِلَا سُنَّةٍ فَهُوَ بِدْعَةٌ ....
وقال رحمه الله : فَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ صَالِحًا بِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيمَانِ عِلْمًا وَعَمَلًا قَلْبِيًّا لَزِمَ ضَرُورَةُ صَلَاحِ الْجَسَدِ بِالْقَوْلِ الظَّاهِرِ وَالْعَمَلِ بِالْإِيمَانِ الْمُطْلَقِ كَمَا قَالَ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ : قَوْلٌ وَعَمَلٌ قَوْلٌ بَاطِنٌ وَظَاهِرٌ وَعَمَلٌ بَاطِنٌ وَظَاهِرٌ وَالظَّاهِرُ تَابِعٌ لِلْبَاطِنِ لَازِمٌ لَهُ مَتَى صَلَحَ الْبَاطِنُ صَلَحَ الظَّاهِرُ وَإِذَا فَسَدَ فَسَدَ ؛..
وقال رحمه الله : وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ خَطَأُ قَوْلِ " جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ " وَمَنْ اتَّبَعَهُ حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ وَعِلْمِهِ لَمْ يَجْعَلُوا أَعْمَالَ الْقَلْبِ مِنْ الْإِيمَانِ وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْإِنْسَانُ مُؤْمِنًا كَامِلَ الْإِيمَانِ بِقَلْبِهِ وَهُوَ مَعَ هَذَا يَسُبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُعَادِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُعَادِي أَوْلِيَاءَ اللَّهِ وَيُوَالِي أَعْدَاءَ اللَّهِ وَيَقْتُلُ الْأَنْبِيَاءَ وَيَهْدِمُ الْمَسَاجِدَ وَيُهِينُ الْمَصَاحِفَ وَيُكْرِمُ الْكُفَّارَ غَايَةَ الْكَرَامَةِ وَيُهِينُ الْمُؤْمِنِينَ غَايَةَ الْإِهَانَةِ قَالُوا : وَهَذِهِ كُلُّهَا مَعَاصٍ لَا تُنَافِي الْإِيمَانَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ بَلْ يَفْعَلُ هَذَا وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِنٌ!
وقال رحمه الله : وَقَدْ كَفَّرَ السَّلَفُ - كَوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ - مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ . وَقَالُوا : إبْلِيسُ كَافِرٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا كُفْرُهُ بِاسْتِكْبَارِهِ وَامْتِنَاعِهِ عَنْ السُّجُودِ لِآدَمَ لَا لِكَوْنِهِ كَذَّبَ خَبَرًا .
وقال رحمه الله : قَالَ تَعَالَى : ** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ** فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } ** وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ } . وَالْمُفَسِّرُونَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ قَوْمٍ مِمَّنْ كَانَ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَفِي قَلْبِهِ مَرَضٌ خَافَ أَنْ يَغْلِبَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ فَيُوَالِي الْكُفَّارَ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ لِلْخَوْفِ الَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ ؛ لَا لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ مُحَمَّدًا كَاذِبٌ وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى صَادِقُونَ..
ونقل رحمه الله عن معقل أنه قدم المدينة وقال لنافع ( يكلمه عن المرجئة ) :قُلْت : إنَّهُمْ يَقُولُونَ : نَحْنُ نُقِرُّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فَرْضٌ وَلَا نُصَلِّي ؛ وَبِأَنَّ الْخَمْرَ حَرَامٌ وَنَشْرَبُهَا ؛ وَأَنَّ نِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ حَرَامٌ وَنَحْنُ نَنْكِحُ . فَنَثَرَ يَدَهُ مِنْ يَدِي ( أي نافع ) وَقَالَ : مَنْ فَعَلَ هَذَا فَهُوَ كَافِرٌ ....
وقال شيخ الاسلام رحمه الله : فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِمَّا أُمِرَ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَيَفْعَلُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ مِثْلَ الصَّلَاةِ بِلَا وُضُوءٍ وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَنِكَاحِ الْأُمَّهَاتِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُؤْمِنٌ فِي الْبَاطِنِ ؛ بَلْ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا لِعَدَمِ الْإِيمَانِ الَّذِي فِي قَلْبِهِ وَلِهَذَا كَانَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ يُكَفِّرُونَ أَنْوَاعًا مِمَّنْ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ وَيَجْعَلُونَهُ مُرْتَدًّا بِبَعْضِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ ...
وقال رحمه الله : وَالْقُرْآنُ يُبَيِّنُ أَنَّ إيمَانَ الْقَلْبِ يَسْتَلْزِمُ الْعَمَلَ الظَّاهِرَ بِحَسَبِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى . ** وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ } ** وَإِذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ } ** وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إلَيْهِ مُذْعِنِينَ } إلَى قَوْلِهِ : ** إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } فَنَفَى الْإِيمَانَ عَمَّنْ تَوَلَّى عَنْ طَاعَةِ الرَّسُولِ وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ سَمِعُوا وَأَطَاعُوا ؛ فَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ ....
ونقل أقوال الامام أحمد فقال : وَ " الثَّالِثَةُ " أَنَّهُ كَافِرٌ بِتَرْكِ الزَّكَاةِ أَيْضًا . وَ " الرَّابِعَةُ " أَنَّهُ يَكْفُرُ بِتَرْكِ الزَّكَاةِ إذَا قَاتَلَ الْإِمَامَ عَلَيْهَا دُونَ مَا إذَا لَمْ يُقَاتِلْهُ .. ( انظر كيف جعل قتال الإمام دليل على الاستحلال)
وقال شيخ الاسلام رحمه الله : وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مُمْسِيًا أَصْبَحَ مُشْرِكًا وَمَنْ شَرِبَهُ مُصْبِحًا أَمْسَى مُشْرِكًا فَقِيلَ لِإِبْرَاهِيمَ النخعي : كَيْفَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : لِأَنَّهُ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَخْنَسُ فِي كِتَابِهِ : مَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْإِيمَانِ ..
وقال شيخ الاسلام في جامع المسائل (( ومُرَّ على النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجنازةٍ فأَثنوا عليها خيرًا، فقال: "وَجَبَتْ وَجَبَتْ"، ومُرَّ عليه بجنازةٍ فأثنوا عليها شَرًّا، فقال: "وَجبتْ وَجَبَتْ"، قالوا: يا رسولَ الله! ما قولك وَجَبتْ؟ قال: "هذه الجنازة أثنيتُم عليها خيرًا فقلتُ وَجَبَتْ لها الجَنَّةُ، وهذه الجنازة أثنيتُم عليها شَرًّا فقلتُ وَجَبَتْ لها النَّارُ، أنتُم شُهَدَاءُ الله في الأرض" .
فمن شَهِدَ له عُمُومُ المؤمنين بالخيرِ كان مِن أهل الخير، ومَن شُهِدَ له بالشَّرِّ كان من أهل الشَّرِّ. } انتهى
والسؤال المطروح !
رجل مرابي وزاني يقول: ما يهمني الربا حرام .. ولو ! مع ذلك سأرابي .. ما يفرق معي !! والزنا وتكون حرام ! .. لكن سأزني ما يهمني ! ولو حرام .. سأزني .. ما يفرق معي .. ( ينصحه صاحبه : خاف ربك .. هذا حرام ما يصير ) يرد عليه : تمتع بحياتك وخلك من سوالف المطاوعة !! كل شي عندهم حرام وما يجوز !!
فما حكم هذا الرجل ؟؟ وماذا يدل لسان حاله ؟؟
ورجل يقال له ادفع الزكاة فهي فرض عليك .. يرد ويقول فرض واجب .. ما اهتم .. ما أدفعها ولو حبسوني وضربوني ! أنا أتعب وأحصل الأموال .. ثم يأتي هذا الدني جالس في بيته ويريد أعطيه من أموالي زكاة .. أنا أحق بأموالي .. !! انتهى .
ما حكم هذا الرجل ؟؟ وماذا يدل لسان حاله ؟؟
أرجو ان يكون الموضوع نافعا وعذارا على الإطالة
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
في الدلالة على ما في القلوب من الزيغ والضلال
الحمدلله لله القائل " تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ " والصلاة والسلام على رسول الله القائل " أَرْبَعُ خِلَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا " وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد ..
فإن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ..
وإن أهل السنة لا يكفرون أحدا بالذنب والمعصية ما لم يستحله ( هذا مالم يكن الذنب كفرا أو شركا بذاته فيكفر بعد انطباق الشروط وانتفاء الموانع )وإن تكرار المعصية لا يعد استحلالا ما دام العاصي يظهر الخوف من الله ويرجو مغفرته ويقر بذنبه !
ولكن هل " لسان الحال أبلغ من لسان المقال " كما يقول العلماء؟
يقول العلامة قاضي القضاة عز الدين المقدسي الحنبلي : (( فرأيت كلا ناطقاً بلسان حاله ولسان قاله، لكنّي رأيت لسان الحال أفصح من لسان القال، وأصدق من كل مقال، لأن لسان الخبر يحتمل التكذيب والتصديق، ولسان الحال لا ينطق إلا بالتحقيق. بالناطق بلسان الحال مخاطب لذوي الأحوال، والناطق بلسان القال مقابل لأهل الصحة والاعتلال }
قال الشيخ المحدث ناصر الدين الألباني : يعني التعبير قد يكون بلسان القال أو بلسان الحال،اهـ. من ( الوجه الثاني) من الشريط الأول من (الكفر كفران) رقم (820) من (سلسلة الهدى والنور)
يقول إمام المفسرين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري . ت:310هـ ** ... بعد أن روى حديث البراء بن عازب رضي الله عنه بسنده: (وفيه أَنَّ النَّبيّ َ - صلى الله عليه وسلم - بعث عمَّ البراء ليقتل رجلاً تزوَّج امرأةَ أبيه ويأخذَ مالَه وفي رواية و يخمِّس مالَه )
ثم قال : (( وكان الذي عرَّس بزوجة أبيه ، متخطِّياً بفعله حرمتين ، وجامعاً بين كبيرتين من معاصي الله :
... إحداهما : عقد نكاحٍ على من حرَّم الله ...
... والثانية : إتيانه فرجاً محرماً عليه إتيانه ، وأعظم من ذلك ، تقدّمه على ذلك بمشهدٍ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإعلانه عقد النكاح على من حرَّم الله عليه عقده عليه بنصِّ كتابه الذي لا شبهةَ في تحريمها عليه ، وهو حاضره .
... فكان فعله ذلك من أدلِّ الدَّليل على تكذيبِه رسولَ الله? فيما آتاه به عن الله تعالى ذكره ، ووجوده آية محكمة في تنزيله . فكان بذلك من فعله كذلك ، عن الإسلام- إنْ كان قد كان للإسلام مُظْهِراً -مُرتَدَّاً ... وذلك أَنَّ فاعل ذلك على علمٍ منه بتحريم الله ذلك على خلقِه إِنْ كان من أهلِ الإسلام، إِنْ لم يكُنْ مسلوكاً به في العقوبة سبيل أهل الرِّدَّة بإعلانِه استحلالَ ما لا لَبْسَ فيه على ناشيءٍ نشأ في أرض الإسلام أَنَّه حرام ... )) ( نقلا عن كتاب التوسط والاقتصاد لعلوي السقاف وراجع تهذيب الآثار للطبري )(والحديث صحيح . رواه احمد في "المسند" (4/292). وأبو داود في الحدود باب : الرجل يزني بحريمه. و النسائي في النّكاح. باب: نكاح ما نكح الآباء ... وغيرهم . وانظر تخريجه في "الإرواء" (8/18 رقم 2351) .
وقال البيهقي في معرفة السنن (( قال أصحابنا : وضرب العنق لا يجب نفس النكاح دون الاستحلال ، فكأنه استحله بعد اعتقاد تحريمه فصار به مرتدا فوجب به ضرب عنقه وأخذ ماله فيئا ، والله أعلم } انتهى
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ))
قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري عن الحديث " .. ذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ يَحْتَمِل أَنَّ الْمُتَّصِف بِذَلِكَ هُوَ مَنْ اِعْتَادَ ذَلِكَ وَصَارَ لَهُ دَيْدَنًا . قَالَ : وَيَدُلّ عَلَيْهِ التَّعْبِير بِإِذَا ، فَإِنَّهَا تَدُلّ عَلَى تَكَرُّر الْفِعْل . كَذَا قَالَ . وَالْأَوْلَى مَا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : إِنَّ حَذْف الْمَفْعُول مِنْ " حَدَّثَ " يَدُلّ عَلَى الْعُمُوم ، أَيْ : إِذَا حَدَّثَ فِي كُلّ شَيْء كَذَبَ فِيهِ . أَوْ يَصِير قَاصِرًا ، أَيْ : إِذَا وَجَدَ مَاهِيَّة التَّحْدِيث كَذَبَ . وَقِيلَ هُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْخِصَال وَتَهَاوَنَ بِهَا وَاسْتَخَفَّ بِأَمْرِهَا ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فَاسِد الِاعْتِقَاد غَالِبًا "
وقال النووي " قَالَ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء : الْمُرَاد بِهِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثُوا بِإِيمَانِهِمْ ، وَكَذَبُوا ، وَاُؤْتُمِنُوا عَلَى دِينهمْ فَخَانُوا ، وَوَعَدُوا فِي أَمْر الدِّين وَنَصْره فَأَخْلَفُوا ، وَفَجَرُوا فِي خُصُومَاتهمْ . وَهَذَا قَوْل سَعِيد بْن جُبَيْر ، وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح . وَرَجَعَ إِلَيْهِ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّه بَعْد أَنْ كَانَ عَلَى خِلَافه . وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَابْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ ، وَرَوَيَاهُ أَيْضًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه : وَإِلَيْهِ مَال كَثِير مِنْ أَئِمَّتنَا ."
وقال الألوسي في تفسيره " وقيل : إن الأخبار الواردة في هذا الباب إنما هي فيمن كانت تلك الخصال غالبة عليه غير مكترث بها ولا نادم على ارتكابها ومثله لا يبعد أن يكون منافقاً حقيقة ،"
وروى الفريابي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : (( ثلاث إذا كن في عبد فلا تتحرج أن تشهد عليه أنه منافق إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان )) .. انتهى
يقول الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين في شرح رياض الصالحين (( هناك قسم ثالث فاسق مارد ماجن يتحدث بالزنا افتخارا والعياذ بالله يقول إنه سافر إلى البلد الفلاني وإلى البلد الفلاني وفجر وفعل وزنى بعدة نساء وما أشبه ذلك يفتخر بهذا هذا يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل لأن الذي يفتخر بالزنا مقتضى حاله أنه استحل الزنا والعياذ بالله ومن استحل الزنا فهو كافر.} ( طبعة دار العقيدة بالاسكندرية ج1 ص 76 .. وهو موافق للشرح الصوتي من موقع الشيخ رحمه الله )
يقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (( أَنَّ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الْقَوَانِينَ الْوَضْعِيَّةَ الَّتِي شَرَعَهَا الشَّيْطَانُ عَلَى أَلْسِنَةِ أَوْلِيَائِهِ مُخَالَفَةً لِمَا شَرَعَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ لَا يَشُكُّ فِي كُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ إِلَّا مَنْ طَمَسَ اللَّهُ بَصِيرَتَهُ ، وَأَعْمَاهُ عَنْ نُورِ الْوَحْيِ مِثْلَهُمْ ))
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (( بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْإِيمَانَ لَهُ لَوَازِمُ وَلَهُ أَضْدَادٌ مَوْجُودَةٌ يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ لَوَازِمِهِ وَانْتِفَاءَ أَضْدَادِهِ وَمِنْ أَضْدَادِهِ مُوَادَّةُ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمِنْ أَضْدَادِهِ اسْتِئْذَانُهُ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ ثُمَّ صَرَّحَ بِأَنَّ اسْتِئْذَانَهُ إنَّمَا يَصْدُرُ مِنْ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ...
وقال رحمه الله : سُئِلَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التستري عَنْ الْإِيمَانِ مَا هُوَ ؟ فَقَالَ : قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ وَسُنَّةٌ لِأَنَّ الْإِيمَانَ إذَا كَانَ قَوْلًا بِلَا عَمَلٍ فَهُوَ كُفْرٌ وَإِذَا كَانَ قَوْلًا وَعَمَلًا بِلَا نِيَّةٍ فَهُوَ نِفَاقٌ وَإِذَا كَانَ قَوْلًا وَعَمَلًا وَنِيَّةً بِلَا سُنَّةٍ فَهُوَ بِدْعَةٌ ....
وقال رحمه الله : فَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ صَالِحًا بِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيمَانِ عِلْمًا وَعَمَلًا قَلْبِيًّا لَزِمَ ضَرُورَةُ صَلَاحِ الْجَسَدِ بِالْقَوْلِ الظَّاهِرِ وَالْعَمَلِ بِالْإِيمَانِ الْمُطْلَقِ كَمَا قَالَ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ : قَوْلٌ وَعَمَلٌ قَوْلٌ بَاطِنٌ وَظَاهِرٌ وَعَمَلٌ بَاطِنٌ وَظَاهِرٌ وَالظَّاهِرُ تَابِعٌ لِلْبَاطِنِ لَازِمٌ لَهُ مَتَى صَلَحَ الْبَاطِنُ صَلَحَ الظَّاهِرُ وَإِذَا فَسَدَ فَسَدَ ؛..
وقال رحمه الله : وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ خَطَأُ قَوْلِ " جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ " وَمَنْ اتَّبَعَهُ حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ وَعِلْمِهِ لَمْ يَجْعَلُوا أَعْمَالَ الْقَلْبِ مِنْ الْإِيمَانِ وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْإِنْسَانُ مُؤْمِنًا كَامِلَ الْإِيمَانِ بِقَلْبِهِ وَهُوَ مَعَ هَذَا يَسُبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُعَادِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُعَادِي أَوْلِيَاءَ اللَّهِ وَيُوَالِي أَعْدَاءَ اللَّهِ وَيَقْتُلُ الْأَنْبِيَاءَ وَيَهْدِمُ الْمَسَاجِدَ وَيُهِينُ الْمَصَاحِفَ وَيُكْرِمُ الْكُفَّارَ غَايَةَ الْكَرَامَةِ وَيُهِينُ الْمُؤْمِنِينَ غَايَةَ الْإِهَانَةِ قَالُوا : وَهَذِهِ كُلُّهَا مَعَاصٍ لَا تُنَافِي الْإِيمَانَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ بَلْ يَفْعَلُ هَذَا وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِنٌ!
وقال رحمه الله : وَقَدْ كَفَّرَ السَّلَفُ - كَوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ - مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ . وَقَالُوا : إبْلِيسُ كَافِرٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا كُفْرُهُ بِاسْتِكْبَارِهِ وَامْتِنَاعِهِ عَنْ السُّجُودِ لِآدَمَ لَا لِكَوْنِهِ كَذَّبَ خَبَرًا .
وقال رحمه الله : قَالَ تَعَالَى : ** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ** فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } ** وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ } . وَالْمُفَسِّرُونَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ قَوْمٍ مِمَّنْ كَانَ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَفِي قَلْبِهِ مَرَضٌ خَافَ أَنْ يَغْلِبَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ فَيُوَالِي الْكُفَّارَ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ لِلْخَوْفِ الَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ ؛ لَا لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ مُحَمَّدًا كَاذِبٌ وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى صَادِقُونَ..
ونقل رحمه الله عن معقل أنه قدم المدينة وقال لنافع ( يكلمه عن المرجئة ) :قُلْت : إنَّهُمْ يَقُولُونَ : نَحْنُ نُقِرُّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فَرْضٌ وَلَا نُصَلِّي ؛ وَبِأَنَّ الْخَمْرَ حَرَامٌ وَنَشْرَبُهَا ؛ وَأَنَّ نِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ حَرَامٌ وَنَحْنُ نَنْكِحُ . فَنَثَرَ يَدَهُ مِنْ يَدِي ( أي نافع ) وَقَالَ : مَنْ فَعَلَ هَذَا فَهُوَ كَافِرٌ ....
وقال شيخ الاسلام رحمه الله : فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِمَّا أُمِرَ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَيَفْعَلُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ مِثْلَ الصَّلَاةِ بِلَا وُضُوءٍ وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَنِكَاحِ الْأُمَّهَاتِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُؤْمِنٌ فِي الْبَاطِنِ ؛ بَلْ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا لِعَدَمِ الْإِيمَانِ الَّذِي فِي قَلْبِهِ وَلِهَذَا كَانَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ يُكَفِّرُونَ أَنْوَاعًا مِمَّنْ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ وَيَجْعَلُونَهُ مُرْتَدًّا بِبَعْضِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ ...
وقال رحمه الله : وَالْقُرْآنُ يُبَيِّنُ أَنَّ إيمَانَ الْقَلْبِ يَسْتَلْزِمُ الْعَمَلَ الظَّاهِرَ بِحَسَبِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى . ** وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ } ** وَإِذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ } ** وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إلَيْهِ مُذْعِنِينَ } إلَى قَوْلِهِ : ** إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } فَنَفَى الْإِيمَانَ عَمَّنْ تَوَلَّى عَنْ طَاعَةِ الرَّسُولِ وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ سَمِعُوا وَأَطَاعُوا ؛ فَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ ....
ونقل أقوال الامام أحمد فقال : وَ " الثَّالِثَةُ " أَنَّهُ كَافِرٌ بِتَرْكِ الزَّكَاةِ أَيْضًا . وَ " الرَّابِعَةُ " أَنَّهُ يَكْفُرُ بِتَرْكِ الزَّكَاةِ إذَا قَاتَلَ الْإِمَامَ عَلَيْهَا دُونَ مَا إذَا لَمْ يُقَاتِلْهُ .. ( انظر كيف جعل قتال الإمام دليل على الاستحلال)
وقال شيخ الاسلام رحمه الله : وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مُمْسِيًا أَصْبَحَ مُشْرِكًا وَمَنْ شَرِبَهُ مُصْبِحًا أَمْسَى مُشْرِكًا فَقِيلَ لِإِبْرَاهِيمَ النخعي : كَيْفَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : لِأَنَّهُ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَخْنَسُ فِي كِتَابِهِ : مَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْإِيمَانِ ..
وقال شيخ الاسلام في جامع المسائل (( ومُرَّ على النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجنازةٍ فأَثنوا عليها خيرًا، فقال: "وَجَبَتْ وَجَبَتْ"، ومُرَّ عليه بجنازةٍ فأثنوا عليها شَرًّا، فقال: "وَجبتْ وَجَبَتْ"، قالوا: يا رسولَ الله! ما قولك وَجَبتْ؟ قال: "هذه الجنازة أثنيتُم عليها خيرًا فقلتُ وَجَبَتْ لها الجَنَّةُ، وهذه الجنازة أثنيتُم عليها شَرًّا فقلتُ وَجَبَتْ لها النَّارُ، أنتُم شُهَدَاءُ الله في الأرض" .
فمن شَهِدَ له عُمُومُ المؤمنين بالخيرِ كان مِن أهل الخير، ومَن شُهِدَ له بالشَّرِّ كان من أهل الشَّرِّ. } انتهى
والسؤال المطروح !
رجل مرابي وزاني يقول: ما يهمني الربا حرام .. ولو ! مع ذلك سأرابي .. ما يفرق معي !! والزنا وتكون حرام ! .. لكن سأزني ما يهمني ! ولو حرام .. سأزني .. ما يفرق معي .. ( ينصحه صاحبه : خاف ربك .. هذا حرام ما يصير ) يرد عليه : تمتع بحياتك وخلك من سوالف المطاوعة !! كل شي عندهم حرام وما يجوز !!
فما حكم هذا الرجل ؟؟ وماذا يدل لسان حاله ؟؟
ورجل يقال له ادفع الزكاة فهي فرض عليك .. يرد ويقول فرض واجب .. ما اهتم .. ما أدفعها ولو حبسوني وضربوني ! أنا أتعب وأحصل الأموال .. ثم يأتي هذا الدني جالس في بيته ويريد أعطيه من أموالي زكاة .. أنا أحق بأموالي .. !! انتهى .
ما حكم هذا الرجل ؟؟ وماذا يدل لسان حاله ؟؟
أرجو ان يكون الموضوع نافعا وعذارا على الإطالة
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين