تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فى المسارعين فى الكفر


اللجنة الإخبارية
2009-10-31, 03:42 AM
فى المسارعين فى الكفر

بحث حول قوله تعالى (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر)........ سورة المائدة
منهج البحث هو
تجميع أقوال المفسرين فى تفسير هذه الايات وأسباب النزول
ووضع مقارنة بسيطة بين الواقعة سبب نزول الايات وما حواه القانون الوضعى فى هذه المناسبة مع ايراد بعض مواد القانون فى ذلك مع أقوال مختصرة عن بعض القانونين والعلمانين .....
يقول الحافظ ابن كثير فى تفسير قوله تعالى... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم......
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عظيم
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَات الْكَرِيمَات فِي الْمُسَارِعِينَ فِي الْكُفْر الْخَارِجِينَ عَنْ طَاعَة اللَّه وَرَسُوله الْمُقَدِّمِينَ آرَاءَهُمْ وَأَهْوَاءَهُمْ عَلَى شَرَائِع اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " مِنْ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبهمْ" أَيْ أَظْهَرُوا الْإِيمَان بِأَلْسِنَتِهِمْ وَقُلُوبُهُمْ خَرَاب خَاوِيَة مِنْهُ وَهَؤُلَاءِ هُمْ الْمُنَافِقُونَ " مِنْ الَّذِينَ هَادُوا " أَعْدَاء الْإِسْلَام وَأَهْله وَهَؤُلَاءِ كُلّهمْ " سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ "
سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ
أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
أَيْ مُسْتَجِيبُونَ لَهُ مُنْفَعِلُونَ عَنْهُ " سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوك " أَيْ يَسْتَجِيبُونَ لِأَقْوَامٍ آخَرِينَ لَا يَأْتُونَ مَجْلِسك يَا مُحَمَّد وَقِيلَ الْمُرَاد أَنَّهُمْ يَتَسَمَّعُونَ الْكَلَام وَيَنْهُونَهُ إِلَى قَوْم آخَرِينَ مِمَّنْ لَا يَحْضُر عِنْدك مِنْ أَعْدَائِك " يُحَرِّفُونَ الْكَلِم مِنْ بَعْد مَوَاضِعه " أَيْ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْر تَأْوِيله وَيُبَدِّلُونَهُ مِنْ بَعْد مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا " قِيلَ نَزَلَتْ فِي أَقْوَام مِنْ الْيَهُود قَتَلُوا قَتِيلًا وَقَالُوا : تَعَالَوْا حَتَّى نَتَحَاكَم إِلَى مُحَمَّد فَإِنْ حَكَمَ بِالدِّيَةِ فَاقْبَلُوهُ وَإِنْ حَكَمَ بِالْقِصَاصِ فَلَا تَسْمَعُوا مِنْهُ وَالصَّحِيح أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ زَنَيَا وَكَانُوا قَدْ بَدَّلُوا كِتَاب اللَّه الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَمْر بِرَجْمِ مَنْ أُحْصِنَ مِنْهُمْ فَحَرَّفُوهُ وَاصْطَلَحُوا فِيمَا بَيْنهمْ عَلَى الْجَلْد مِائَة جَلْدَة وَالتَّحْمِيم وَالْإِرْكَاب عَلَى حِمَارَيْنِ مَقْلُوبَيْنِ فَلَمَّا وَقَعَتْ تِلْكَ الْكَائِنَة بَعْد الْهِجْرَة قَالُوا فِيمَا بَيْنهمْ تَعَالَوْا حَتَّى نَتَحَاكَم إِلَيْهِ فَإِنْ حَكَمَ بِالْجَلْدِ وَالتَّحْمِيم فَخُذُوا عَنْهُ وَاجْعَلُوهُ حُجَّة بَيْنكُمْ وَبَيْن اللَّه وَيَكُون نَبِيّ مِنْ أَنْبِيَاء اللَّه قَدْ حَكَمَ بَيْنكُمْ بِذَلِكَ وَإِنْ حَكَمَ بِالرَّجْمِ فَلَا تَتَّبِعُوهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ وَرَدَتْ الْأَحَادِيث بِذَلِكَ فَقَالَ مَالِك عَنْ نَافِع عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ الْيَهُود جَاءُوا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَة زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة فِي شَأْن الرَّجْم ؟ فَقَالُوا نَفْضَحهُمْ وَيُجْلَدُونَ قَالَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْم فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدهمْ يَده عَلَى آيَة الرَّجْم فَقَرَأَ مَا قَبْلهَا وَمَا بَعْدهَا فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّه بْن سَلَام اِرْفَعْ يَدك فَرَفَعَ يَده فَإِذَا آيَة الرَّجْم فَقَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّد فِيهَا آيَة الرَّجْم فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا فَرَأَيْت الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَة يَقِيهَا الْحِجَارَة أَخْرَجَاهُ وَهَذَا لَفْظ الْبُخَارِيّ وَهُوَ لَفْظ لَهُ قَالَ لِلْيَهُودِ مَا تَصْنَعُونَ بِهِمَا ؟ قَالُوا نُسَخِّمُ وُجُوههمْ وَنُخْزِيهِمَا قَالَ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَجَاءُوا فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِنْهُمْ مِمَّنْ يَرْضَوْنَ أَعْوَرَ : اِقْرَأْ فَقَرَأَ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى مَوْضِع مِنْهَا فَوَضَعَ يَده عَلَيْهِ فَقَالَ اِرْفَعْ يَدك فَرَفَعَ فَإِذَا آيَة الرَّجْم تَلُوح قَالَ يَا مُحَمَّد إِنَّ فِيهَا آيَة الرَّجْم وَلَكِنَّا نَتَكَاتَمهُ بَيْننَا فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا وَعِنْد مُسْلِم أَنَّ رَسُول اللَّه أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّة قَدْ زَنَيَا فَانْطَلَقَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ يَهُودَ فَقَالَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة عَلَى مَنْ زَنَى ؟ قَالُوا نُسَوِّد وُجُوههمَا وَنُحَمِّمهَا وَنَحْمِلهُمَا وَنُخَالِف بَيْن وُجُوههمَا وَيُطَاف بِهِمَا قَالَ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالَ فَجَاءُوا بِهَا فَقَرَءُوهَا حَتَّى إِذَا مَرَّ بِآيَةِ الرَّجْم وَضَعَ الْفَتَى الَّذِي يَقْرَأ يَده عَلَى آيَة الرَّجْم وَقَرَأَ مَا بَيْن يَدَيْهَا وَمَا وَرَاءَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّه بْن سَلَام وَهُوَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهُ فَلْيَرْفَعْ يَده فَرَفَعَ يَده فَإِذَا تَحْتهَا آيَة الرَّجْم فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا قَالَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر كُنْت فِيمَنْ رَجَمَهُمَا فَلَقَدْ رَأَيْته يَقِيهَا مِنْ الْحِجَارَة بِنَفْسِهِ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سَعِيد الْهَمْدَانِيّ حَدَّثَنَا اِبْن وَهْب حَدَّثَنَا هِشَام بْن سَعْد أَنَّ زَيْد بْن أَسْلَمَ حَدَّثَهُ عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : أَتَى نَفَر مِنْ الْيَهُود فَدَعَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْقُفّ فَأَتَاهُمْ فِي بَيْت الْمُدَارِس فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِم إِنَّ رَجُلًا مِنَّا زَنَى بِامْرَأَةٍ فَاحْكُمْ قَالَ وَوَضَعُوا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِسَادَة فَجَلَسَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ اِئْتُونِي بِالتَّوْرَاةِ فَأُتِيَ بِهَا فَنَزَعَ الْوِسَادَة مِنْ تَحْته وَوَضَعَ التَّوْرَاة عَلَيْهَا وَقَالَ : آمَنْت بِك وَبِمَنْ أَنْزَلَك ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِئْتُونِي بِأَعْلَمِكُمْ فَأُتِيَ بِفَتًى شَابّ ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّة الرَّجْم نَحْو حَدِيث مَالِك عَنْ نَافِع وَقَالَ الزُّهْرِيّ : سَمِعْت رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَة مِمَّنْ يَتَّبِع الْعِلْم وَيَعِيه وَنَحْنُ عِنْد اِبْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ زَنَى رَجُل مِنْ الْيَهُود بِامْرَأَةٍ فَقَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ اِذْهَبُوا إِلَى هَذَا النَّبِيّ فَإِنَّهُ بُعِثَ بِالتَّخْفِيفِ فَإِنْ أَفْتَانَا بِفُتْيَا دُون الرَّجْم قَبِلْنَا وَاحْتَجَجْنَا بِهَا عِنْد اللَّه قُلْنَا فُتْيَا نَبِيّ مِنْ أَنْبِيَائِك قَالَ فَأَتَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِس فِي الْمَسْجِد فِي أَصْحَابه فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِم مَا تَقُول فِي رَجُل وَامْرَأَة مِنْهُمْ زَنَيَا ؟ فَلَمْ يُكَلِّمهُمْ كَلِمَة حَتَّى أَتَى بَيْت مُدَارِسهمْ فَقَامَ عَلَى الْبَاب فَقَالَ أَنْشُدكُمْ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ قَالُوا يُحَمَّم وَيُجْبَه وَيُجْلَد وَالتَّجْبِيَة أَنْ يُحْمَل الزَّانِيَانِ عَلَى حِمَار وَتُقَابَل أَقْفِيَتهمَا وَيُطَاف بِهِمَا قَالَ وَسَكَتَ شَابّ مِنْهُمْ فَلَمَّا رَآهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَتَ أَلَظَّ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّشْدَة فَقَالَ اللَّهُمَّ إِذْ نَشَدْتنَا فَإِنَّا نَجِد فِي التَّوْرَاة الرَّجْم فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا أَوَّل مَا ارْتَخَصْتُمْ أَمْر اللَّه فَقَالَ زَنَى ذُو قَرَابَة مِنْ مَلِك مِنْ مُلُوكنَا فَأَخَّرَ عَنْهُ الرَّجْم ثُمَّ زَنَى رَجُل فِي إِثْره مِنْ النَّاس فَأَرَادَ رَجْمه فَحَالَ قَوْمه دُونه وَقَالُوا لَا نَرْجُم صَاحِبنَا حَتَّى تَجِيء بِصَاحِبِك فَتَرْجُمهُ فَاصْطَلَحُوا هَذِهِ الْعُقُوبَة بَيْنهمْ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَحْكُم بِمَا فِي التَّوْرَاة فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَالَ الزُّهْرِيّ بَلَغَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيهِمْ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاة فِيهَا هُدًى وَنُور يَحْكُم بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا فَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ رَوَاهُ أَحْمَد وَأَبُو دَاوُدَ وَهَذَا لَفْظه وَابْن جَرِير وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُرَّة عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب قَالَ مَرَّ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيّ مُحَمَّم مَجْلُود فَدَعَاهُمْ فَقَالَ أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدّ الزَّانِيَة و فِي كِتَابكُمْ فَقَالُوا نَعَمْ فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ : أَنْشُدك بِاَلَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدّ الزَّانِي فِي كِتَابكُمْ فَقَالَ لَا وَاَللَّه وَلَوْلَا أَنَّك نَشَدْتنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْك نَجِد حَدّ الزَّانِي فِي كِتَابنَا الرَّجْم وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيف تَرَكْنَاهُ وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيف أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدّ فَقُلْنَا تَعَالَوْا حَتَّى نَجْعَل شَيْئًا نُقِيمهُ عَلَى الشَّرِيف وَالْوَضِيع فَاجْتَمَعْنَا عَلَى التَّحْمِيم وَالْجَلْد فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّل مَنْ أَحْيَا أَمْرك إِذْ أَمَاتُوهُ قَالَ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيّهَا الرَّسُول لَا يَحْزُنك الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر .انتهى (ابن كثير)
(ملاحظة ومقارنة)
= والملاحظ ها هنا من هذه الحادثة التى نزلت فيها هذه الايات
1- أن اليهود لم يغيروا كون الزنا حرام (ولم يقولوا عنه حرية شخصية) (لم يلغوا التحريم)
2- بل أعتبروه جريمة كما هو فى التوراة (لم يلغوا التجريم)
3- وضعوا له عقوبة ولكن خففوا الحكم من الرجم الى الجلد والتحميم وقال الله فيهم(يَا أَيّهَا الرَّسُول لَا يَحْزُنك الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ) .
فكانوا مسارعين فى الكفر وكان ايمانهم هو مجرد زعم باللسان وقلوبهم كافرة (مما يعنى كفرهم فى الظاهر والباطن. بفعل ظاهر منضبط وذلك لأن الظاهر والباطن متلازمان لا ينفكان حكما وان تغايرا مفهوما كما ذكر شيخ الاسلام)
نأتى لما حوته القوانين الوضعية(مع وضوح تعديها لما هو أبعد من الحادثة سبب نزول الايات)
1- لم يحرم القانون الوضعى الزنا (بل أعتبره حرية شخصية)(الا فى حالات خاصة)
2- ولم يعتبره جريمة بالتالى
3- ولم يضع له بالتالى عقوبة
= الا فى حالة الزنا للمرأة مقابل المال (داعرة) (فى القانون المصرى) والرجل شاهد فى القضية فى كل الاحوال فيأتى امام النيابة وامام القاضى ويعترف انه زنا بها وأعطاها مبلغ من المال نظير هذا الفعل ثم يرجع الى بيته لا جناح عليه فى هذا عندهم واذا كان الزنا وقع ببيت الزوجية او خارجه وحدث التلبس فليس لأحد حق رفع الدعوى القضائية الا الزوج وله ان يتنازل عن الدعوى ولو بعد حكم القاضى ويخرجها من السجن وترجع الى بيتها . لا شىء عليها فالشكوى هي حق شخصي للزوج وحده، مما يقتضي انقضاء الحق في الشكوى في حالة وفاته ،ولا ينتقل هذا الحق إلى الورثة = قانون العقوبات المصرى= والدكتورة مني ذو الفقار أعدت بحثاعن التمييزضد المرأة وقدمته للمجلس القومي للمرأة ،ومن بين ما جاء فيه أن عقوبة الزني تختلف في حالة الرجل عنها في حالة المرأة، ففي حين تعاقب المادة (274) من قانون العقوبات الزانية بالحبس لمدة لا تزيد علي سنتين، تعاقب المادة (277) الزاني بالحبس لمدة لا تزيد علي ستة أشهر، كما تختلف أركان الجريمة أيضا، ففي حين لا يشترط لنسبة جريمة الزني الي المرأة سوي إتيان الجريمة فقط بغض النظر عن مكان وقوعها، فإن القانون يقصر شروط نسبتها الي الرجل علي وقوع جريمة الزني في منزل الزوجية( مما يعنى لو قام بالزنى خارج بيت الزوجية فلا عقوبة). بالإضافة الي ذلك، تنص الـمادة (237) علي انه إذا فاجأ الرجل زوجته في حالة زني وقتلها في الحال تعتبر جنحة تعاقب بالحبس فقط، أي لمدة لا تزيد علي ثلاث سنوات، تعاطفا مع مصابه وصدمته، وذلك استثناء من أحكام المادة (234)، أما إذا فعلت الزوجة نفس الشيء فضبطت زوجها متلبسا بخيانتها وقتلته، فتعتبر جناية عقوبتها إما السجن المؤبد أو المشدد أي السجن لمدة لا تتجاوز 15 سنة، وفقا لأحكام المادة (234) والتي تسري علي المرأة. وأخيرا فقد أجازت المادة (274) للزوج وقف تنفيذ الحكم النهائي الصادر بإدانة الزوجة الزانية، بينما لم يسمح القانون للزوجة بهذا الحق، في حالة إدانة زوجها بجريمة الزني بموجب حكم نهائي.
العقوبات فيما يتعلق بالدعارة حيث ينص القانون 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة تمييزا ضد المرأة، فقد نصت المادة 9 (ج) علي معاقبة كل من اعتاد ممارسة الفجور والدعارة، دون تمييز ظاهر ضد المرأة، إلا ان التطبيق جري علي معاقبة المرأة التي ترتكب الجريمة بالحبس لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر الي ثلاث سنوات والغرامة، دون معاقبة شريكها الرجل، أي أن تطبيق القانون في الواقع العملي يعتبر المرأة وحدها الجاني وهي وحدها محل العقاب، بل وقد يشهد عليها شريكها الرجل ويغادر قاعة المحكمة حراً، لا يري المشرع المصرى في سلوكه أي جريمة، رغم أن أركان الجريمة ما كانت تتم بدونه. وهذا أمر شديد التناقض والتمييز ضد المرأة كما أنه لا يؤدي إلي مكافحة الدعارة ولا يحقق الهدف من القانون. انتهى(ويعتبر دعاة تحرير المرأة هذه القوانين تميز بين الرجل لكونه رجل والمرأة لكونها أمرأة ويعتبرون ذلك ظلم للمرأة ولابد من المساواة بينهم فى حرية الزنا خارج فراش الزوجية فلا تعاقب المرأة ويترك الرجل بلا عقوبة. ويطالبون ألا يعاقب الطرفين كما قالت امينة السعيد)!!!. وهذه القوانين هى بالطبع أشنع مما فعل اليهود كما هو ظاهر لكل زى عينين فاذا كان اليهود مسارعين فى الكفر فما هو حكم أصحاب الفعل الاشنع ؟ (أضافة) معلوم أيضا من أصول الفقه فى الشريعة الاسلامية والقانون الوضعى أنه أذا سكت المشرع عن أمرمن الامور فيعنى ذلك الاباحة (وقد سكت المشرع المصرى عن جريمة اللواط) فيعنى هذا انه مباح فى القانون المصرى وهذا ايضا أشنع . . وبعد هذه المقارنة البسيطه بين فعل اليهود وفعل الانظمة التى تتحاكم وتحكم بغيرشرع الله هناك سؤال .............
فأذا كان اليهود مسارعين فى الكفر فما هو حكم الانظمة المبدلة لحكم الله عز وجل با لكلية .؟
واليكم طائفة من أقوال المفسرين فى هذه الايات.
يقول الاستاذ شهيد الاسلام سيد قطب فى تفسير( فى ظلال القرأن)
يقول الله تعالى....
يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعهيقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخره عذاب عظيم سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئاً وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين وكيف يحكمونك وعندهم التوراه فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين. هذه الآيات تشي بأنها مما نزل في السنوات الأولى للهجرة ; حيث كان اليهود ما يزالون بالمدينه أي قبل غزوة الأحزاب على الأقل وقبل التنكيل ببني قريظه إن لم يكن قبل ذلك أيام أن كان هناك بنو النضير وبنو قينقاع وأولاهما أجليت بعد أحد والثانيه أجليت قبلها ففي هذه الفترة كان اليهود يقومون بمناوراتهم هذه ; وكان المنافقون يأرزون إليهم كما تأرز الحيه إلى الجحر وكان هؤلاء وهؤلاء يسارعون في الكفر ; ولو قال المنافقون بأفواههم آمنا وكان فعلهم هذا يحزن الرسول ص ويؤذيه والله سبحانه يعزي رسوله ص ويواسيه ; ويهون عليه فعال القوم ويكشف للجماعه المسلمه حقيقة المسارعين في الكفر من هؤلاء وهؤلاء ; ويوجه الرسول ص إلى المنهج الذي يسلكه معهم حين يأتون إليه متحاكمين ; بعد ما يكشف له عما تآمروا عليه قبل أن يأتوا إليه وما بيتوه يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا روي أن هذه الآيات نزلت في قوم من اليهود ارتكبوا جرائم تختلف الروايات في تحديدها منها الزنا ومنها السرقه وهي من جرائم الحدود في التوراة ; ولكن القوم كانوا قد اصطلحوا على غيرها ; لأنهم لم يريدوا أن يطبقوها على الشرفاء فيهم في مبدأ الأمر ثم تهاونوا فيها بالقياس إلى الجميع وأحلوا محلها عقوبات أخرى من عقوبات التعازير كما صنع الذين يزعمون أنهم مسلمون في هذا الزمان فلما وقعت منهم هذه الجرائم في عهد الرسول ص تآمروا على أن يستفتوه فيها فإذا أفتى لهم بالعقوبات التعزيريه المخففه عملوا بها وكانت هذه حجه لهم عند الله فقد أفتاهم بها رسول وإن حكم فيها بمثل ما عندهم في التوراة لم يأخذوا بحكمه فدسوا بعضهم يستفتيه ومن هنا حكاية قولهم إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا وهكذا بلغ منهم العبث وبلغ منهم الاستهتار وبلغ منهم الالتواء أيضاً في التعامل مع الله والتعامل مع رسول الله ص هذا المبلغ وهي صورة تمثل أهل كل كتاب حين يطول عليهم الأمد فتقسو قلوبهم ; وتبرد فيها حرارة العقيده وتنطفى ء شعلتها ; ويصبح التفصي من هذه العقيده وشرائعها وتكاليفها هو الهدف الذي يبحث له عن الوسائل ; ويبحث له عن الفتاوي لعلها تجد مخرجاً وحيله ; أليس الشأن كذلك اليوم بين الذين يقولون إنهم مسلمون من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم أليسوا يتلمسون الفتوى للاحتيال على الدين لا لتنفيذ الدين أليسوا يتمسحون بالدين احياناً لكي يقر لهم أهواءهم ويوقع بالموافقه عليها فأما إن قال الدين كلمة الحق وحكم الحق فلا حاجة بهم إليه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه ; وإن لم تؤتوه فاحذروا إنه الحال نفسه ولعله لهذا كان الله سبحانه يقص قصة بني إسرائيل بهذا الإسهاب وهذا التفصيل لتحذر منها أجيال المسلمين وينتبه الواعون منها لمزالق الطريقوالله سبحانه يقول لرسوله في شأن هؤلاء المسارعين بالكفر وفي شأن هؤلاء المتآمرين المبيتين لهذه الألاعيب لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر فهم يسلكون سبيل الفتنه وهم واقعون فيها وليس لك من الأمر شيء وما أنت بمستطيع أن تدفع عنهم الفتنه وقد سلكوا طريقها ولجوا فيها ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً وهؤلاء دنست قلوبهم فلم يرد الله أن يطهرها وأصحابها يلجون في الدنس أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم وسيجزيهم بالخزي في الدنيا والعذاب العظيم في الآخره لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم فلا عليك منهم ولا يحزنك كفرهم ولا تحفل بأمرهم فهو أمر مقضي فيه ثم يمضي في بيان حال القوم وما انتهوا إليه من فساد في الخلق والسلوك قبل أن يبين لرسول الله ص كيف يتعامل معهم إذا جاءوا إليه متحاكمين سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئاً وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين كرر أنهم سماعون للكذب مما يشي بأن هذه أصبحت خصله لهم تهش نفوسهم لسماع الكذب والباطل وتنقبض لسماع لحق والصدق وهذه طبيعة القلوب حين تفسد وعادة الأرواح حين تنطمس ما أحب كلمة الباطل والزور في المجتمعات المنحرفه وما أثقل كلمة الحق والصدق في هذه المجتمعات وما أروج الباطل في هذه الآونه وما أشد بوار الحق في هذه الفترات الملعونه وهؤلاء سماعون للكذب أكالون للسحت والسحت كل مال حرام والربا والرشوه وثمن الكلمه والفتوى في مقدمة ما كانوا يأكلون وفي مقدمة ما تأكله المجتمعات التي تنحرف عن منهج الله في كل زمان وسمي الحرام سحتاً لأنه يقطع البركه ويمحقها وما اشد أنقطاع البركه وزوالها من المجتمعات المنحرفه كما نرى ذلك بأعيننا في كل مجتمع شارد عن منهج الله وشريعة الله ويجعل الله الأمر للرسول بالخيار في أمرهم إذا جاءوه يطلبون حكمه فإن شاء أعرض عنهم ولن يضروه شيئاً وإن شاء حكم بينهم فإذا اختار أن يحكم حكم بينهم بالقسط غير متأثر بأهوائهم وغير متأثر كذلك بمسارعتهم في الكفر ومؤامراتهم ومناوراتهم إن الله يحب المقسطين والرسول ص والحاكم المسلم والقاضي المسلم إنما يتعامل مع الله في هذا الشأن ; وإنما يقوم بالقسط لله لأن الله يحب المقسطين فإذا ظلم الناس وإذا خانوا وإذا انحرفوا فالعدل فوق التأثر بكل ما يصدر منهم لإنه ليس عدلاً لهم ; وإنما هو لله وهذا هو الضمان الأكيد في شرع الإسلام وقضاء الإسلام في كل مكان وفي كل زمان وهذا التخيير في أمر هؤلاء اليهود يدل على نزول هذا الحكم في وقت مبكر إذ أنه بعد ذلك أصبح الحكم والتقاضي لشريعة الإسلام حتمياً فدار الإسلام لا تطبق فيها إلا شريعة الله وأهلها جميعاً ملزمون بالتحاكم إلى هذه الشريعه مع اعتبار المبدأ الإسلامي الخاص بأهل الكتاب في المجتمع المسلم في دار الإسلام ; وهوألا يجبروا إلا على ما هو وارد في شريعتهم من الأحكام ; وعلى ما يختص بالنظام العام فيباح لهم ما هو مباح في شرائعهم كامتلاك الخنزير وأكله وتملك الخمر وشربه دون بيعه للمسلم ويحرم عليهم التعامل الربوي لأنه محرم عندهم وتوقع عليهم حدود الزنا والسرقه لأنها وارده في كتابهم وهكذا كما توقع عليهم عقوبات الخروج على النظام العام والإفساد في الأرض كالمسلمين سواء لأن هذا ضروري لأمن دار الإسلام وأهلها جميعاً مسلمين وغير مسلمين فلا يتسامح فيها مع أحد من أهل دار الإسلام وفي تلك الفتره التي كان الحكم فيها على التخيير كانوا يأتون ببعض قضاياهم إلى رسول الله ص ; مثال ذلك ما رواه مالك عن نافع عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما إن اليهود جاءوا إلى رسول الله ص فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله ص ما تجدون في التوراه في شأن الرجم فقالوا نفضحهم ويجلدون قال عبدالله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آيه الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال عبدالله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا آية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله ص فرجما فرأيت الرجل يحني على المرأه يقيها الحجاره أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري ومثال ذلك ما رواه الإمام أحمد بإسناده عن ابن عباس قال أنزلها الله في الطائفتين من اليهود وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهليه حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتلته العزيزة من الذليلة فديته خمسون وسقا وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق فكانوا على ذلك حتى قدم النبي ص فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا فأرسلت العزيزة إلى الذليلة أن ابعثوا لنا بمائة وسق فقالت الذليلة وهل كان في حيين دينهما واحد ونسبهما واحد وبلدهما واحد دية بعضهم نصف دية بعض إنما أعطيناكم هذا ضميا منكم لنا وفرقا منكم فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم فكادت الحرب تهيج بينهما ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله ص حكما بينهم ثم ذكرت العزيزة فقالت والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ولقد صدقوا ما أعطونا هذا إلا ضيما منا وقهرا لهم فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه فدسوا إلى رسول الله ص ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله ص فلما جاءوا رسول الله ص أخبر الله رسوله ص بأمرهم كله وما أرادوا فأنزل الله تعالى يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إلى قوله الفاسقون ففيهم والله أنزل وإياهم عنى الله عز وجل أخرجه أبو داود من حديث أبى الزناد عن أبيه وفي رواية لابن جرير عين فيها العزيزة وهي بنو النضير والذليلة وهي بنو قريظة مما يدل كما قلنا على أن هذه الآيات نزلت مبكرة قبل إجلائهم والتنكيل بهم وقد عقب السياق بسؤال استنكاري على موقف يهود سواء كان في هذه القضية أو تلك فهو موقف عام منهم وتصرف مطرد فقال وكيف يحكمونك وعندهم التواره فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك فهي كبيرة مستنكرة أن يحكموا رسول الله ص فيحكم بشريعة الله وحكم الله وعندهم إلى جانب هذا التوراة فيها شريعة الله وحكمه ; فيتطابق حكم رسول الله صوما عندهم في التوراة ; مما جاء القرآن مصدقا له ومهيمنا عليه ثم من بعد ذلك يتولون ويعرضون سواء كان التولي بعدم التزام الحكم ; أو بعدم الرضى به ولا يكتفي السياق بالاستنكار ولكنه يقرر الحكم الإسلامي في مثل هذا الموقف وما أولئك بالمؤمنين فما يمكن أن يجتمع الإيمان وعدم تحكيم شريعة الله أو عدم الرضى بحكم هذه الشريعة والذين يزعمون لأنفسهم أو لغيرهم أنهم مؤمنون ثم هم لا يحكمون شريعة الله في حياتهم أو لا يرضون حكمها إذا طبق عليهم إنما يزعمون دعوى كاذبة ; وإنما يصطدمون بهذا النص القاطع وما أولئك بالمؤمنين فليس الأمر في هذا هو أمر عدم تحكيم شريعة الله من الحكام فحسب ; بل إنه كذلك عدم الرضى بحكم الله من المحكومين يخرجهم من دائرة الإيمان مهما ادعوه باللسان وهذا النص هنا يطابق النص الآخر في سورة النساء فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليمًا فكلاهما يتعلق بالمحكومين لا بالحكام وكلاهما يخرج من الإيمان وينفي صفة الإيمان عمن لا يرضى بحكم الله ورسوله ومن يتولى عنه ويرفض قبوله ومرد الأمر كما قلنا في مطلع الحديث عن هذا الدرس أن القضية هي قضية الإقرار بألوهية الله وحده وربوبيته وقوامته على البشر أو رفض هذا الإقرار وأن قبول شريعة الله والرضى بحكمها هو مظهر الإقرار بألوهيته وربوبيته وقوامته ; ورفضها والتولي عنها هو مظهر رفض هذا الإقرار.( شهيد الاسلام سيد قطب.)
---------------------------------------------------------------
ويقول الامام الطبرى رحمه الله تعالى.... تفسير الطبري ( جامع البيان عن تأويل آي القرآن (
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ)
حَدَّثَنَا هَنَّاد وَأَبُو كُرَيْب , قَالَا : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني الزُّهْرِيّ , قَالَ : سَمِعْت رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَة يُحَدِّث عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة حَدَّثَهُمْ , أَنَّ أَحْبَار يَهُود اِجْتَمَعُوا فِي بَيْت الْمِدْرَاس حِين قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة , وَقَدْ زَنَى رَجُل مِنْهُمْ بَعْد إِحْصَانه بِامْرَأَةٍ مِنْ يَهُود قَدْ أُحْصِنَتْ . فَقَالُوا : اِنْطَلِقُوا بِهَذَا الرَّجُل وَبِهَذِهِ الْمَرْأَة إِلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاسْأَلُوهُ كَيْفَ الْحُكْم فِيهِمَا فَوَلُّوهُ الْحُكْم عَلَيْهِمَا , فَإِنْ عَمِلَ فِيهِمَا بِعَمَلِكُمْ مِنْ التَّحْمِيم , وَهُوَ الْجَلْد بِحَبْلٍ مِنْ لِيف مَطْلِيّ بِقَارٍ , ثُمَّ يُسَوِّد وُجُوههمَا , ثُمَّ يُحْمَلَانِ عَلَى حِمَارَيْنِ وَتُحَوَّل وُجُوههمَا مِنْ قِبَل دُبُر الْحِمَار , فَاتَّبِعُوهُ , فَإِنَّمَا هُوَ مَلِك . وَإِنْ هُوَ حَكَمَ فِيهِمَا بِالرَّجْمِ فَإِنَّهُ نَبِيّ فَاحْذَرُوهُ عَلَى مَا فِي أَيْدِيكُمْ أَنْ يَسْلُبكُمُوهُ . فَأَتَوْهُ فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد هَذَا الرَّجُل قَدْ زَنَى بَعْد إِحْصَانه بِامْرَأَةٍ قَدْ أُحْصِنَتْ , فَاحْكُمْ فِيهِمَا , فَقَدْ وَلَّيْنَاك الْحُكْم فِيهِمَا ! فَمَشَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى أَحْبَارهمْ فِي بَيْت الْمِدْرَاس , فَقَالَ : " يَا مَعْشَر الْيَهُود أَخْرِجُوا إِلَيَّ أَعْلَمكُمْ ! " فَأَخْرَجُوا إِلَيْهِ عَبْد اللَّه بْن صُورِيَّا الْأَعْوَر . وَقَدْ رَوَى بَعْض بَنِي قُرَيْظَة أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا إِلَيْهِ يَوْمئِذٍ مَعَ اِبْن صُورِيَّا أَبَا يَاسِر بْن أَخْطَب وَوَهْب بْن يَهُودَا , فَقَالُوا : هَؤُلَاءِ عُلَمَاؤُنَا ! فَسَأَلَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى حَصَلَ أَمْرهمْ , إِلَى أَنْ قَالُوا لِابْنِ صُورِيَّا : هَذَا أَعْلَم مَنْ بَقِيَ بِالتَّوْرَاةِ . فَخَلَا بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ غُلَامًا شَابًّا مِنْ أَحْدَثهمْ سِنًّا , فَأَلَظَّ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَة , يَقُول : " يَا اِبْن صُورِيَّا أَنْشُدك اللَّه وَأُذَكِّرك أَيَادِيه عِنْد بَنِي إِسْرَائِيل , هَلْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه حَكَمَ فِيمَنْ زَنَى بَعْد إِحْصَانه بِالرَّجْمِ فِي التَّوْرَاة ؟ " فَقَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ ! أَمَا وَاَللَّه يَا أَبَا الْقَاسِم إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ أَنَّك نَبِيّ مُرْسَل , وَلَكِنَّهُمْ يَحْسُدُونَك . فَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا عِنْد بَاب مَسْجِده فِي بَنِي عُثْمَان بْن غَالِب بْن النَّجَّار . ثُمَّ كَفَرَ بَعْد ذَلِكَ اِبْن صُورِيَّا , فَأَنْزَلَ اللَّه : ** يَا أَيّهَا الرَّسُول لَا يَحْزُنك الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر مِنْ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبهمْ } . 9316 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي ( ح ) , وَحَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش ( ح ) , وَحَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا عُبَيْدَة بْن عُبَيْد , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُرَّة , عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب , قَالَ : مُرَّ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّم مَجْلُود , فَدَعَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ , فَقَالَ : " أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدّ الزَّانِي فِيكُمْ ؟ " قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : " فَأَنْشُدك بِاَلَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى , أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدّ الزَّانِي فِيكُمْ " ؟ قَالَ : لَا , وَلَوْلَا أَنَّك نَشَدْتنِي بِهَذَا لَمْ أُحَدِّثك , وَلَكِنَّ الرَّجْم , وَلَكِنْ كَثُرَ الزِّنَا فِي أَشْرَافنَا , فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيف تَرَكْنَاهُ وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيف أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدّ , فَقُلْنَا تَعَالَوْا نَجْتَمِع فَنَضَع شَيْئًا مَكَان الرَّجْم فَيَكُون عَلَى الشَّرِيف وَالْوَضِيع , فَوَضَعْنَا التَّحْمِيم وَالْجَلْد مَكَان الرَّجْم . فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَنَا أَوَّل مَنْ أَحْيَا أَمْرك إِذْ أَمَاتُوهُ ! " فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : ** لَا يَحْزُنك الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر } الْآيَة . 9317 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : كُنْت جَالِسًا عِنْد سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَعِنْد سَعِيد , رَجُل يُوَقِّرهُ , فَإِذَا هُوَ رَجُل مِنْ مُزَيْنَة كَانَ أَبُوهُ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَة وَكَانَ مِنْ أَصْحَاب أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : كُنْت جَالِسًا عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ح ) , وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح كَاتِب اللَّيْث , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني عُقَيْل , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : أَخْبَرَنِي رَجُل مِنْ مُزَيْنَة مِمَّنْ يَتَّبِع الْعِلْم وَيَعِيه , حَدَّثَ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة قَالَ : بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذْ جَاءَهُ رَجُل مِنْ الْيَهُود , وَكَانُوا قَدْ أَشَارُوا فِي صَاحِب لَهُمْ زَنَى بَعْد مَا أُحْصِنَ , فَقَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : إِنَّ هَذَا النَّبِيّ قَدْ بُعِثَ , وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنْ قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ الرَّجْم فِي التَّوْرَاة فَكَتَمْتُمُوهُ وَاصْطَلَحْتُمْ بَيْنكُمْ عَلَى عُقُوبَة دُونه , فَانْطَلِقُوا فَنَسْأَل هَذَا النَّبِيّ , فَإِنْ أَفْتَانَا بِمَا فَرَضَ عَلَيْنَا فِي التَّوْرَاة مِنْ الرَّجْم تَرَكْنَا ذَلِكَ , فَقَدْ تَرَكْنَا ذَلِكَ فِي التَّوْرَاة , فَهِيَ أَحَقّ أَنْ تُطَاع وَتُصَدَّق . فَأَتَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِم إِنَّهُ زَنَى صَاحِب لَنَا قَدْ أُحْصِنَ , فَمَا تَرَى عَلَيْهِ مِنْ الْعُقُوبَة ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : فَلَمْ يَرْجِع إِلَيْهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ , فَانْطَلَقَ يَوْم مِدْرَاس الْيَهُود حَتَّى أَتَاهُمْ , فَوَجَدَهُمْ يَتَدَارَسُونَ التَّوْرَاة فِي بَيْت الْمِدْرَاس , فَقَالَ لَهُمْ : " يَا مَعْشَر الْيَهُود أَنْشُدكُمْ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى مَاذَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة مِنْ الْعُقُوبَة عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ " ؟ قَالُوا : إِنَّا نَجِدهُ يُحَمَّم وَيُجْلَد . وَسَكَتَ حَبْرهمْ فِي جَانِب الْبَيْت . فَلَمَّا رَأَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَمْته أَلَظَّ بِهِ النِّشْدَة , فَقَالَ حَبْرهمْ : اللَّهُمَّ إِذْ نَشَدَنَا فَإِنَّا نَجِد عَلَيْهِمْ الرَّجْم . فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَمَاذَا كَانَ أَوَّل مَا تَرَخَّصْتُمْ بِهِ أَمْر اللَّه " ؟ قَالَ : زَنَى اِبْن عَمّ مَلِك فَلَمْ يَرْجُمهُ , ثُمَّ زَنَى رَجُل آخَر فِي أُسْرَة مِنْ النَّاس , فَأَرَادَ ذَلِكَ الْمَلِك رَجْمه , فَقَامَ دُونه قَوْمه , فَقَالُوا : وَاَللَّه لَا تَرْجُمهُ حَتَّى تَرْجُم فُلَانًا اِبْن عَمّ الْمَلِك ! فَاصْطَلَحُوا بَيْنهمْ عُقُوبَة دُون الرَّجْم , وَتَرَكُوا الرَّجْم . فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِنِّي أَقْضِي بِمَا فِي التَّوْرَاة " . فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ : ** يَا أَيّهَا الرَّسُول لَا يَحْزُنك الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر } إِلَى قَوْله : ** وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ } انتهى
------------------------------------------------------
ويقول الامام القرطبى(رحمه الله تعالى)(تفسير الجامع لأحكام القرأن)
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ)........
فِي خَمْس مَسَائِل الْأُولَى : الْآيَة فِي سَبَب نُزُولهَا ثَلَاثَة أَقْوَال : قِيلَ نَزَلَتْ فِي بَنِي قُرَيْظَة وَالنَّضِير ; قَتَلَ قُرَظِيّ نَضِيرِيًّا وَكَانَ بَنُو النَّضِير إِذَا قَتَلُوا مِنْ بَنِي قُرَيْظَة لَمْ يُقِيدُوهُمْ , وَإِنَّمَا يُعْطُونَهُمْ الدِّيَة عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه , فَتَحَاكَمُوا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَكَمَ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْن الْقُرَظِيّ وَالنَّضِيرِيّ , فَسَاءَهُمْ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْبَلُوا . وَقِيلَ ; إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْن أَبِي لُبَابَة حِين أَرْسَلَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَة فَخَانَهُ حِين أَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ الذَّبْح , وَقِيلَ : إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي زِنَى الْيَهُودِيَّيْنِ وَقِصَّة الرَّجْم ; وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَال ; رَوَاهُ الْأَئِمَّة مَالِك وَالْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد . قَالَ أَبُو دَاوُد عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ ( اِئْتُونِي بِأَعْلَم رَجُلَيْنِ مِنْكُمْ ) فَجَاءُوا بِابْنَيْ صُورِيَّا فَنَشَدَهُمَا اللَّه تَعَالَى ( كَيْفَ تَجِدَانِ أَمْر هَذَيْنِ فِي التَّوْرَاة ) ؟ قَالَا : نَجِد فِي التَّوْرَاة إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَة أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَره فِي فَرْجهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَة رُجِمَا . قَالَ : ( فَمَا يَمْنَعكُمْ أَنْ تَرْجُمُوهُمَا ) , قَالَا : ذَهَبَ سُلْطَاننَا فَكَرِهْنَا الْقَتْل . فَدَعَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّهُودِ , فَجَاءُوا فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَره فِي فَرْجهَا مِثْل الْمِيل فِي الْمُكْحُلَة , فَأَمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِمَا , وَفِي غَيْر الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ : زَنَى رَجُل مِنْ أَهْل فَدَك , فَكَتَبَ أَهْل فَدَك إِلَى نَاس مِنْ الْيَهُود بِالْمَدِينَةِ أَنْ سَلُوا مُحَمَّدًا عَنْ ذَلِكَ , فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالْجَلْدِ فَخُذُوهُ , وَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالرَّجْمِ فَلَا تَأْخُذُوهُ ; فَسَأَلُوهُ فَدَعَا بِابْنِ صُورِيَّا وَكَانَ عَالِمهمْ وَكَانَ أَعْوَرَ ; فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنْشُدك اللَّه كَيْفَ تَجِدُونَ حَدّ الزَّانِي فِي كِتَابكُمْ ) , فَقَالَ اِبْن صُورِيَّا : فَأَمَا إِذْ نَاشَدْتنِي اللَّه فَإِنَّا نَجِد فِي التَّوْرَاة أَنَّ النَّظَر زَنْيَة , وَالِاعْتِنَاق زَنْيَة , وَالْقُبْلَة زَنْيَة , فَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَة بِأَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَره فِي فَرْجهَا مِثْل الْمِيل فِي الْمُكْحُلَة فَقَدْ وَجَبَ الرَّجْم . فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هُوَ ذَاكَ ) , وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب قَالَ : مُرَّ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا , فَدَعَاهُمْ فَقَالَ : هَكَذَا تَجِدُونَ حَدّ الزَّانِي فِي كِتَابكُمْ ) قَالُوا : نَعَمْ . فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ : ( أَنْشُدك بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدّ الزَّانِي فِي كِتَابكُمْ ) قَالَ : لَا - وَلَوْلَا أَنَّك نَشَدْتنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرك - نَجِدهُ الرَّجْم , وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيف تَرَكْنَاهُ , وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيف أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدّ , قُلْنَا : تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَيْء نُقِيمهُ عَلَى الشَّرِيف وَالْوَضِيع , فَجَعَلْنَا التَّحْمِيم وَالْجَلْد مَكَان الرَّجْم ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّل مَنْ أَحْيَا أَمْرك إِذْ أَمَاتُوهُ ) فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ ; فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " يَا أَيّهَا الرَّسُول لَا يَحْزُنك الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر " إِلَى قَوْله : " إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ " يَقُول : اِئْتُوا مُحَمَّدًا , فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْد فَخُذُوهُ وَإِنْ أَفْتَاكُمْبِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا ,فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : " وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ " [ الْمَائِدَة 44 ] , " وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ " [ الْمَائِدَة : 45 ] , " وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ " [ الْمَائِدَة : 47 ] فِي الْكُفَّار كُلّهَا . هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة ( مُرَّ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) , وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر : أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّة قَدْ زَنَيَا فَانْطَلَقَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ يَهُودَ , قَالَ : ( مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة عَلَى مَنْ زَنَى ) الْحَدِيث , وَفِي رِوَايَة ; أَنَّ الْيَهُود جَاءُوا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَة قَدْ زَنَيَا , وَفِي كِتَاب أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر قَالَ : أَتَى نَفَر مِنْ الْيَهُود , فَدَعَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْقُفّ فَأَتَاهُمْ فِي بَيْت الْمِدْرَاس فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِم , إِنَّ رَجُلًا مِنَّا زَنَى بِامْرَأَةٍ فَاحْكُمْ بَيْننَا , وَلَا تَعَارُض فِي شَيْء مِنْ هَذَا كُلّه , وَهِيَ كُلّهَا قِصَّة وَاحِدَة , وَقَدْ سَاقَهَا أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة سِيَاقَة حَسَنَة فَقَالَ : زَنَى رَجُل مِنْ الْيَهُود وَامْرَأَة , فَقَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : اِذْهَبُوا بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيّ , فَإِنَّهُ نَبِيّ بُعِثَ بِالتَّخْفِيفَاتِ , فَإِنْ أَفْتَى بِفُتْيَا دُون الرَّجْم قَبِلْنَاهَا وَاحْتَجَجْنَا بِهَا عِنْد اللَّه , وَقُلْنَا فُتْيَا نَبِيّ مِنْ أَنْبِيَائِك ; قَالَ : فَأَتَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِس فِي الْمَسْجِد فِي أَصْحَابه ; فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِم مَا تَرَى فِي رَجُل وَامْرَأَة مِنْهُمْ زَنَيَا ؟ فَلَمْ يُكَلِّمهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى بَيْت مِدْرَاسِهِمْ , فَقَامَ عَلَى الْبَاب , فَقَالَ : ( أَنْشُدكُمْ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ ) , فَقَالُوا : يُحَمَّم وَجْهه وَيُجَبَّه وَيُجْلَد , وَالتَّجْبِيَة أَنْ يُحْمَل الزَّانِيَانِ عَلَى حِمَار وَتُقَابَل أَقْفِيَتهمَا وَيُطَاف بِهِمَا ; قَالَ : وَسَكَتَ شَابّ مِنْهُمْ , فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَتَ أَلَظَّ بِهِ النِّشْدَة ; فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِذْ نَشَدْتنَا فَإِنَّا نَجِد فِي التَّوْرَاة الرَّجْم . وَسَاقَ الْحَدِيث إِلَى أَنْ قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِنِّي أَحْكُم بِمَا فِي التَّوْرَاة ) فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَا (انتهى)
--------------------------------------------------------------
وجاء فى تفسير الجلالين (جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (المتوفى : 864هـ) و جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (المتوفى : 911هـ) رحمهما الله
----------------------
أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَاب عظيم....
"يَا أَيّهَا الرَّسُول لَا يَحْزُنك" صُنْع "الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر" يَقَعُونَ فِيهِ بِسُرْعَةٍ أَيْ يُظْهِرُونَهُ إذَا وَجَدُوا فُرْصَة "مِنْ" لِلْبَيَانِ "الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ" بِأَلْسِنَتِهِمْ مُتَعَلِّق بِقَالُوا "وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبهمْ" وَهُمْ الْمُنَافِقُونَ "وَمِنْ الَّذِينَ هَادُوا" قَوْم "سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ" الَّذِي افْتَرَتْهُ أَحْبَارهمْ سَمَاع قَبُول "سَمَّاعُونَ" مِنْك "لِقَوْمٍ" لِأَجْلِ قَوْم "آخَرِينَ" مِنْ الْيَهُود "لَمْ يَأْتُوك" وَهُمْ أَهْل خَيْبَر زَنَى فِيهِمْ مُحْصَنَانِ فَكَرِهُوا رَجْمهمَا فَبَعَثُوا قُرَيْظَة لِيَسْأَلُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حُكْمهمَا "يُحَرِّفُونَ الْكَلِم" الَّذِي فِي التَّوْرَاة كَآيَةِ الرَّجْم "مِنْ بَعْد مَوَاضِعه" الَّتِي وَضَعَهُ اللَّه عَلَيْهَا أَيْ يُبَدِّلُونَهُ "يَقُولُونَ" لِمَنْ أَرْسَلُوهُمْ "إنْ أُوتِيتُمْ هَذَا" الْحُكْم الْمُحَرَّف أَيْ الْجَلْد الَّذِي أَفْتَاكُمْ بِهِ مُحَمَّد "فَخُذُوهُ" فَاقْبَلُوهُ "وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ" بَلْ أَفْتَاكُمْ بِخِلَافِهِ "فَاحْذَرُوا" أَنْ تَقْبَلُوهُ "وَمَنْ يُرِدْ اللَّه فِتْنَته" إضْلَاله "فَلَنْ تَمْلِك لَهُ مِنْ اللَّه شَيْئًا" فِي دَفْعهَا "أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّه أَنْ يُطَهِّر قُلُوبهمْ" مِنْ الْكُفْر وَلَوْ أَرَادَهُ لَكَانَ "لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْي" ذُلّ بِالْفَضِيحَةِ وَالْجِزْيَة ...... انتهى
---------------------------------------------------------------------
وجاء فى تفسيرمعالم التنزيل(البغوى)
محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (المتوفى : 510هـ (رحمه الله)
قوله تعالى: ** يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ } أي: في موالاة الكفار فإنهم لم يعجزوا الله، ** مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ } وهم المنافقون، ** وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا } يعني: اليهود، ** سَمَّاعُونَ } أي: قوم سماعون، ** لِلْكَذِبِ } أي: قائلون للكذب، كقول المصلي: سمع الله لمن حمده، أي: قبل الله، وقيل: سماعون لأجل الكذب، أي يسمعون منك ليكذبوا عليك، وذلك أنهم كانوا يسمعون من الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يخرجون ويقولون سمعنا منه كذا ولم يسمعوا ذلك منه، ** سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوك } أي هم جواسيس، يعني: بني قريظة لقوم آخرين، وهم أهل خيبر.
وذلك أن رجلا وامرأة من أشراف أهل خيبر زنيا وكانا محصنين، وكان حدهما الرجم في التوراة، فكرهت اليهود رجمهما لشرفهما، فقالوا: إن هذا الرجل الذي بيثرب ليس في كتابه الرجم ولكنه الضرب، فأرسلوا إلى إخوانكم من بني قريظة فإنهم جيرانه وصلح له فليسألوه عن ذلك. فبعثوا رهطا منهم مستخفين وقالوا لهم: سلوا محمدا عن الزانيين إذا أحصنا ما حدهما؟ فإن أمركم بالجلد فاقبلوا منه، وإن أمركم بالرجم فاحذروه ولا تقبلوا منه، وأرسلوا معهم الزانيين فقدم الرهط حتى نزلوا على بني قريظة والنضير فقالوا لهم: إنكم جيران هذا الرجل ومعه في بلده وقد حدث، فينا حدث فلان وفلانة قد فَجَرَا وقد أحصنا، فنحب أن تسألوا لنا محمدا عن قضائه فيه، فقالت لهم قريظة والنضير: إذًا والله يأمركم بما تكرهون.
ثم انطلق قوم، منهم كعب بن الأشرف وكعب بن أسد وسعية بن عمرو ومالك بن الصيف وكنانة بن أبي الحقيق وغيرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد أخبرنا عن الزاني والزانية إذا أحصنا ما حدهما في كتابك؟
فقال صلى الله عليه وسلم: هل ترضون بقضائي؟ قالوا: نعم، فنزل جبريل عليه السلام بالرجم فأخبرهم بذلك
فأبوا أن يأخذوا به.
فقال له جبريل عليه السلام: اجعل بينك وبينهم ابن صوريا، ووصفه له.
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تعرفون شابا أمرد أعور يسكن فدك يقال له ابن صوريا؟ قالوا: نعم، قال: فأي رجل هو فيكم؟ فقالوا: هو أعلم يهودي بقي على وجه الأرض بما أنزل الله سبحانه وتعالى على موسى عليه السلام في التوراة.
قال: فأرسلوا إليه، ففعلوا فأتاهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت ابن صوريا"؟ قال: نعم، قال: وأنت أعلم اليهود؟ قال: كذلك يزعمون، قال: أتجعلونه بيني وبينكم؟ قالوا: نعم.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أنشدك بالله الذي لا إله إلا هو، الذي أنزل التوراة على موسى عليه السلام وأخرجكم من مصر، وفلق لكم البحر وأنجاكم وأغرق آل فرعون، والذي ظلل عليكم الغمام وأنزل عليكم المن والسلوى، وأنزل عليكم كتابه وفيه حلاله وحرامه هل تجدون في كتابكم الرجم على من أحصن؟".
قال ابن صوريا: نعم والذي ذكرتني به لولا خشية أن تحرقني التوراة إن كذبت أو غيّرت ما اعترفت لك، ولكن كيف هي في كتابك يا محمد؟ قال: "إذا شهد أربعة رهط عدول أنه قد أدخله فيها كما يدخل الميل في المكحلة وجب عليه الرجم"، فقال ابن صوريا: والذي أنزل التوراة على موسى هكذا أنزل الله عز وجل في التوراة على موسى عليه السلام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "فما كان أول ما ترخصتم به أمر الله؟"، قال: كنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فكثر الزنا في أشرافنا حتى زنا ابن عم ملك لنا فلم نرجمه، ثم زنى رجل آخر من الناس فأراد ذلك الملك رجمه فقام دونه قومه، فقالوا: والله لا ترجمه حتى يرجم فلان -لابن عم الملك -فقلنا: تعالوا نجتمع فلنضع شيئا دون الرجم يكون على الوضيع والشريف، فوضعنا الجلد والتحميم، وهو أن يجلد أربعين جلدة بحبل مطلي بالقار ثم يسود وجوههما، ثم يحملان على حمارين ووجوههما من قبل دبر الحمار ويطاف بهما، فجعلوا هذا مكان الرجم، فقالت اليهود [لابن صوريا] (1) ما أسرع ما أخبرته به، وما كنا لما أثنينا عليك بأهل ولكنك كنت غائبا فكرهنا أن نغتابك، فقال لهم: إنه قد أنشدني بالتوراة ولولا خشية التوراة أن تهلكني لما أخبرته، فأمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم فرجما عند باب مسجده، وقال: اللهم
إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه، فأنزل الله عز وجل ** يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ } (1) .انتهى
-------------------------------------------------------------
وجاء فى تفسير السعدى (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)........ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (المتوفى : 1376هـ) (رحمه الله تعالى)
** 41 - 44 } ** يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } .
كان الرسول صلى الله عليه وسلم من شدة حرصه على الخلق يشتد حزنه لمن يظهر الإيمان، ثم يرجع إلى الكفر، فأرشده الله تعالى، إلى أنه لا يأسى ولا يحزن على أمثال هؤلاء. فإن هؤلاء لا في العير ولا في النفير. إن حضروا لم ينفعوا، وإن غابوا لم يفقدوا، ولهذا قال مبينا للسبب الموجب لعدم الحزن عليهم - فقال: ** مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ } فإن الذين (1) يؤسى ويحزن عليهم، من كان معدودا من المؤمنين، وهم المؤمنون ظاهرا وباطنا، وحاشا لله أن يرجع هؤلاء عن دينهم ويرتدوا، فإن الإيمان -إذا خالطت بشاشته القلوب- لم يعدل به صاحبه غيره، ولم يبغ به بدلا.
** وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا } أي: اليهود ** سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ } أي: مستجيبون ومقلدون لرؤسائهم، المبني أمرهم على الكذب والضلال والغي. وهؤلاء الرؤساء المتبعون ** لَمْ يَأْتُوكَ } بل أعرضوا عنك، وفرحوا بما عندهم من الباطل وهو تحريف الكلم عن مواضعه، أي: جلب معان للألفاظ ما أرادها الله ولا قصدها، لإضلال الخلق ولدفع الحق، فهؤلاء المنقادون للدعاة إلى الضلال، المتبعين للمحال، الذين يأتون بكل كذب، لا عقول لهم ولا [ ص 232 ] همم. فلا تبال أيضا إذا لم يتبعوك، لأنهم في غاية النقص، والناقص لا يؤبه له ولا يبالى به.
** يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا } أي: هذا قولهم عند محاكمتهم إليك، لا قصد لهم إلا اتباع الهوى.
يقول بعضهم لبعض: إن حكم لكم محمد بهذا الحكم الذي يوافق أهواءكم، فاقبلوا حكمه، وإن لم يحكم لكم به، فاحذروا أن تتابعوه على ذلك، وهذا فتنة واتباع ما تهوى الأنفس.
** وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا } كقوله تعالى: ** إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } .
** أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ } أي: فلذلك صدر منهم ما صدر. فدل ذلك على أن من كان مقصوده بالتحاكم إلى الحكم الشرعي اتباع هواه، وأنه إن حكم له رضي، وإن لم يحكم له سخط، فإن ذلك من عدم طهارة قلبه، كما أن من حاكم وتحاكم إلى الشرع ورضي به، وافق هواه أو خالفه، فإنه من طهارة القلب، ودل على أن طهارة القلب، سبب لكل خير، وهو أكبر داع إلى كل قول رشيد وعمل سديد.
** لَهُم فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ } أي: فضيحة وعار ** وَلَهُم فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } هو: النار وسخط الجبار.انتهى
-----------------------------------------------------
وجاء ايضا فى تفسير(فتح القدير الجامع بين فني الرواية و الدراية من علم التفسير)
محمد بن علي بن محمد الشوكاني (المتوفى : 1250هـ)
(رحمه الله تعالى)
ورد فى تفسيره لهذه الايات
** ياأَيُّهَا الرسول لاَ يَحْزُنكَ } إلى قوله : ** وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكافرون } ثم قال فيهم : « والله أنزلت وإياهم عني » . وأخرج عبد الرزاق ، وأحمد وعبد بن حميد ، وأبو داود وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة ، قال : أوّل مرجوم رجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود زنى رجل منهم وامرأة ، فقال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى هذا النبيّ ، فإنه نبيّ بعث بالتخفيف ، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله وقلنا : فتيا نبيّ من أنبيائك ، قال : فأتوا النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وهو جالس في المسجد وأصحابه ، فقالوا : يا أبا القاسم ما ترى في رجل وامرأة منهم زنيا ، فلم يكلمهم حتى أتى بيت مدراسهم ، فقام على الباب فقال : « أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ، ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن؟ » قالوا : يحمم ويجبه ويجلد ، والتجبية : أن يحمل الزانيان على حمار وتقابل أقفيتهما ويطاف بهما ، وسكت شاب منهم ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم سكت ألظ به النشدة فقال : اللهم إذ نشدتنا نجب فإنا نجد في التوراة الرجم ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم :
« فما أوّل ما ارتخصتم أمر الله؟ » قال : زنى رجل ذو قرابة من ملك من ملوكنا ، فأخر عنه الرجم ، ثم زنى رجل في أسرة من الناس فأراد رجمه ، فحال قومه دونه ، وقالوا : والله لا ترجم صاحبنا حتى تجىء بصاحبك فترجمه ، فاصطلحوا هذه العقوبة بينهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : « فإني أحكم بما في التوراة » ، فأمر بهما فرجما . قال الزهري : فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم ** إِنَّا أَنزَلْنَا التوراة فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النبيون الذين أَسْلَمُواْ } فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم منهم . وأخرجه ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر ، والبيهقي في سننه من طريق أخرى عن أبي هريرة ، وذكر فيه أن الشاب المذكور هو عبد الله بن صوريا . وأخرج نحو حديث أبي هريرة أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث البراء بن عازب .
وأخرج البخاري ومسلم ، وغيرهما ، من حديث عبد الله بن عمر : أن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما تجدون في التوراة؟ » قالوا : نفضحهم ويجلدون ، قال عبد الله بن سلام : كذبتم إن فيها آية الرجم ، فأتوا بالتوراة فنشروها ، فوضع أحدهم يده على آية الرجم ، فقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال عبد الله بن سلام : ارفع يدك ، فرفع يده فإذا آية الرجم ، قالوا صدق ، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما .
وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن جابر بن عبد الله في قوله : ** وَمِنَ الذين هِادُواْ سماعون لِلْكَذِبِ } قال : يهود المدينة ** سماعون لِقَوْمٍ ءاخَرِينَ لَمْ يَأْتُوك } قال : يهود فدك ** يُحَرّفُونَ الكلم } قال : يهود فدك يقولون ليهود المدينة ** إِنْ أُوتِيتُمْ هذا } الجلد ** فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فاحذروا } الرجم . وأخرج أبو داود ، وابن ماجه ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عنه قال : زنى رجل من أهل فدك ، فكتب أهل فدك إلى ناس من اليهود بالمدينة أن سلوا محمداً ، وذكر القصة .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : ** أكالون لِلسُّحْتِ } قال : أخذوا الرشوة في الحكم وقضوا بالكذب . وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن مسعود قال : السحت الرشوة في الدين . قال سفيان : يعني في الحكم . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن مسعود أيضاً قال : من شفع لرجل ليدفع عنه مظلمة أو يردّ عليه حقاً فأهدى له هدية فقبلها ، فذلك السحت فقيل له : يا أبا عبد الرحمن إنا كنا نعدّ السحت الرشوة في الحكم ، فقال ذلك الكفر ** وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكافرون } وقد روي نحو هذا عنه من طرق ، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : رشوة الحكام حرام . انتهى

وجاء ايضا فى تفسير: الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى : 911هـ(رحمه الله تعالى)
بأختصار.........قوله تعالى
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41)
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن أبي هريرة « أن أحبار اليهود اجتمعوا في بيت المدراس حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وقد زنى رجل بعد احصانه بامرأة من اليهود وقد أحصنت ، فقالوا : ابعثوا هذا الرجل وهذه المرأة إلى محمد فاسألوه كيف الحكم فيهما وولوه الحكم فيهما ، فإن حكم بعملكم من التجبية ، والجلد بحبل من ليف مطلي بقار ، ثم يسود وجوههما ، ثم يحملان على حمارين وجوههما من قبل أدبار الحمار ، فاتبعوه فإنما هو ملك سيد القوم ، وإن حكم فيهما بالنفي فإنه نبي
فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكم .
فأتوه فقالوا : يا محمد . هذا رجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت ، فاحكم فيهما فقد وليناك الحكم فيهما ، فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى أحبارهم في بيت المدراس فقال : يا معشر يهود ، أخرجوا إليَّ علماءكم ، فأخرجوا إليه عبد الله بن صوريا ، وياسر بن أخطب ، ووهب بن يهودا ، فقالوا : هؤلاء علماؤنا . فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم حصل أمرهم إلى أن قالوا لعبد الله بن صوريا : هذا أعلم من بقي بالتوراة ، فخلا رسول الله صلى الله عليه وسلم به وشدد المسألة وقال : يا ابن صوريا ، أنشدك الله وأذكرك أيامه عند بني إسرائيل ، هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة؟ فقال : اللهم نعم ، أما والله يا أبا القاسم ، إنهم ليعرفون أنك مرسل ولكنهم يحسدونك ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بهما فرجما عند باب المسجد ، ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا وجحد نبوّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله ** يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } الآية « .

هذا ما يسره المعين والحمد لله رب العالمين
أبو أحمد
كامل كامل عبد الله