الأستاذ أبو يوسف
2012-06-08, 04:32 PM
.lang_bar {float:right; margin:20px 20px; clear:both; width:745px}
التقاعد ...!
نبذة :
موضوع هام وشائك ....حير الكثيرين ...هاجس لكثير من الناس ...لنتصفح سويا ...مطوية التقاعد ...
(http://www.wathakker.info/images/matwyat_box/top_left.jpg) (http://www.wathakker.info/images/matwyat_box/top_right.jpg) (http://www.wathakker.info/images/matwyat_box/left.jpg) (http://www.wathakker.info/images/matwyat_box/right.jpg) (http://www.wathakker.info/images/matwyat_box/bottom_left.jpg) (http://www.wathakker.info/images/matwyat_box/bottom_right.jpg)
http://www.madinahx.com/up/download.php?img=6097 (http://www.madinahx.com/up/download.php?img=6097)
نص المطوية :
أيُّها المسلمون:
في استـطلاع للرَّأي أُجري في فرنسا منذ عدَّة سنوات حول العوامل الَّتي تجعل الإنسان سعيدًا... فكانت النَّتيجة أنَّ العمل احتلَّ (60%) من تلك الأسباب.
أيُّها الأحِبَّة: الهدف من العمل في الأساس هو الحصول على مورد رزقٍ يَسُدُّ الانسان به حاجته اليوميِّة من: طعامٍ .. وشرابٍ... وسكنٍ.. ودواءٍ... وعلاجٍ... ولباسٍ... وسائر حاجاته الأُخرى ولكن هذا العمل يُصبح في مرحلة من المراحل هدفًا بذاته... بعد تحقيق الكفاية والحاجات اليوميِّة... وإلَّا لَمَا رأينا الأغنياء يعملون ويمارسون نشاطاتهم التِّجاريَّة... وغيرها.. إذاً فالعمل:
1- مجال لتحقيق الذَّات.
2- لإثبات الوجود.
3- لشعور الإنسان بكيانه.
4- أنَّه كائنٌ حيُّ مؤثِّرٌ.
أخي الحبيب: في مُعظم دول العالم تُسَنُّ أنظمة وقوانين تنصُّ على وجوب إحالة العامل إلى التَّقاعد بعد بلوغه السِّتِّين.. أو بعد خدمته في وظيفته: ثلاثين.. أو خمسة وعشرين عامًا.. على أن تكفل الدَّولة له راتبًا بنسبة (75%) من راتبه الأصلي (في معظم دول العالم) مع كامل بدلاته الَّتي يَسْتحِقُّها .. وذلك لقاء:
1- خدمته في وظيفته
2- استقطاعات شهريِّة تُخصم من راتبه اعتبارًا منَ الرَّاتب الأوَّل الَّذي قبضه.
أيُّها المسلمون: ما هي نظرة الغرب إلى التَّقاعد...!!
نقول نظرة الغرب إلى التَّقاعد على أنَّه: من حقِّ كلِّ إنسانٍ أن يرتاح بعد فترة من العمل... ويَخْلُدَ للرَّاحه.. ويتستمتع بباقي حياته...!! وغالباً ما تكون بعد بلوغ العامل أو الموظف (60 سنة).
العمل في الشَّريعة الاسلاميَّة:
من المعروف أنَّ الإسلام حضَّ على العمل.. ورغَّب فيه قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «ما أكل أحدٌ طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده» [رواه البخاري 2072].
وجعله نوعًا من العبادة... وجهادًا في سبيل الله -عزَّ وجلَّ- إنِ ابتغى به وجه الله -تعالى-... قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إنَّما الأعمال بالنِّيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» [رواه البخاري 1].
العمل مع القصد المشروع: عبادة.
وحذَّر (الإسلام) من ترك العمل الَّذي يفضي إلى سؤال النَّاس.. قال -صلَّى الله عليم وسلَّم-: «والَّذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله، فيحتطب على ظهره، خيرٌ له من أن يأتي رجلًا فيسأله أعطاه أو منعه» [رواه البخاري]. ولم يرد في الشَّريعة الاسلاميَّة تقييد لدعوته إلى العمل: 1- لا بزمان.. 2- ولا بمكان..
فالمسلم مطالب بالعمل طالما هو قادرٌ عليه: 1- ينفع نفسه... 2- وينفع غيره...
وكذلك كان السَّلف الصَّالح.. ومن سار على نهجهم من: العلماء والصَّالحين -رحمهم الله عزَّ وجلَّ-.
إذاً فالإسلام لا يعرف سنًّا معينةً لترك العمل..!! أو ما يسمونه اليوم: التَّقاعد..!! ولا يدعو إلى ذلك... بل يحاربه... قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «احرص على ما ينفعُك واستعن بالله، ولا تعجز» [رواه مسلم 2664]، وكان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يدعو قائلًا: «اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من العَجْز والكسل» [متَّفقٌ عليه].
******
من بعض مضار وسلبيات: التَّقاعد...!!
أوَّلاً: على الصَّعيد النَّفسي:
أثبتت دراساتٌ كثيرةٌ أُجريت على المتقاعدين (ونقصد بهم الَّذين تركوا أعمالهم ولم يزاولوا أعمالًا جديدةً). أنَّ هذه الشَّريحة من النَّاس -غالبًا- ما يصابون بأمراضٍ وعوارضَ نفسيَّةٍ شديدةٍ من:
1- الاكتئاب.
2- اليأس.
3- الإحباط.
4- السَّوداوية.
5- فقدان الثِّقة بالنَّفس، ويشعر وكأنَّه لا قيمة له.. وغيرها.
ثانيًا: على الصَّعيد الاجتماعي:
1- يُلاحظ كثرة المشاكل الزَّوجيَّة بين المتقاعد وزوجه (وزوجته) عموماً...!!
2- كما يلاحظ كثرة المشاكل الأسريَّة -أيضًا- بين المتقاعد وأبنائه...!! وغيرهم...!! ولا سيما في الفترة الَّتي تعقب ترك العمل مُباشرةً...
ريثما يتأقلم التَّقاعد ومن يحيط به مع الوضع الجديد...!! وذلك بسبب شعوره بقلِّة أهميته فيلجأ الى افتعال المشاكل ليثبت للنَّاس: 1- أنَّه لا زال موجودًا....!!
2- أنـَّه صاحب القرار الأصلي....!!
ثالثًا: على الصَّعيد الصِّحِّي:
1- نسبة الأمراض ترتفع فجأةً... وبشكلٍ كبيرٍ لدى الإنسان المُتقاعد... حيث أنَّ ترك العمل يؤدِّي إلى:
أ- انخفاض في اللياقة البدنية (غالبًا).
ب- يُضْعِفُ المناعة... وبالتَّالي يصبح الجسم مهيأً لانتشار الأمراض فيه.
2- ترك العمل يورثُ الانسان يقينًا في قرارة نفسه بأنَّ الأمراض سوف تداهمه.. لأنَّه أصبح في سنِّ الشَّيخوخه.. وإنَّ هذا الأثر النَّفسي يؤثِّر بشكلٍ عضويٍّ على المتقاعد...
3- لوحظ استفحال مرض الزَّهايمر بين المتقاعدين (وهو مرض الخَرَفْ)، الَّذي يبدأ المريض فيه بالمعاناة منَ النِّسيان... إلى فقدان الذَّاكرة تمامًا.. وغيرها من الأعراض...!!
بينما الَّذي: يعمل.... لا تظْهَر عليه مثل هذه العوارض (غالبًا).
رابعًا: على الصَّعيد الاقتصادي:
1- من الحُجج الَّتي يتمسك بها مؤيِّدو التَّقاعد هي:
أ- إيجاد فرصة عملٍ جديدةٍ....!!
ب- إتاحة المجال للأجيال النَّاشئة...!!
وهذه الحُجَجُ واهيةٌ جدًّا....
فالقضاء على البطالة لا يكون: بتسريح العمال والموظفين (الكبار في السِّنِّ)...!!
وإنَّما يكون: بإيجاد فرص عملٍ جديدةٍ...
وتسريح العمال والموظفين علاج المُقصرين من: الحُكّام...!! والوزراء...!! وغيرهم -غالبًا- الَّذين يريدون إخفاء تقصيرهم بهذا الأسلوب...!!
2- العامل أو الموظف بعد كل هذه السَّنوات يُعتبر ثروةٌ غاليةٌ.. فكم أُنفق عليه حتَّى وصل إلى هذا المستوى من الخبرة.. فيأتي التَّقاعد:
1- ليقتل هذه الخبرة الطّويلة..!!
2- ويهدر تلك الأوقات...
3- ويُضيٍّع الأموال الَّتي صُرفت في التَّدريب والتَّأهيل.. للحصول على تلك الخبرات...بينما العامل...!! أو الموظف الجديد...!! بحاجةٍ إلى كثير من الوقت والمال حتَّى يَسُدَّ الثَّغرة التي يَسُدُّها الموظف الخبير القديم...!! ولا سيما بلادنا الَّتي تُعاني كثيرًا من المشاكل الاقتصاديَّة...
فالتَّقاعد يُلقي بمزيد من الأعباء الاقتصاديَّة على خزينة الدَّولة -المرهقة أصلًا- من هذه الحيثيَّة، ومن حيثيَّة تأمين رواتب المُتقاعدين فهؤلاء يُصبحون مستهلكين غير منتجين.. والحلُّ يجب أن يتمّ بالتَّوازي بين: العمَّال القدماء.. والجُدُد.. حتَّى لا يحدث خَللٌ وثغرات (أي توظِّف ولا تسرَّح).
ملاحظة: لو هجرنا الأنظمة الوضعيِّة أو ما يسمونه بالتَّقاعد... وعدنا إلى قواعد الإسلام: 1- لوفرنا المليارات.
2- وقضينا على كثير من المشاكل.
3- وخفَّفنا كثيرًا من الأزَمات.
وأخيرًا... أيُّها الأحبَّة: التَّاريخ يُحدِّثُنا عن عظماء من البشر كانوا يؤدون أعمالهم بشكل مبدعٍ وممتازٍ..!! وهم في سنٍّ متأخرةٍ..!! وعلى رأسهم الأنبياء والمرسلين -عليهم الصَّلاة والسَّلام- ولا سيما نبيِّنا محمَّدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم- الَّذي بقي يعمل.. ويُمارس جميع نشاطاته.. في الدَّعوة إلى الله -عزَّ وجلَّ-.. وقتال المشركين.. ويعمل كقائدٍ: سياسيٍّ.. وعسكريٍّ.. ومرشدٍ اجتماعيٍّ للأمَّة.. ولم يتوقف لحظةً عن العمل.. حتَّى لَحِق بالرَّفيق الأعلى.
ومنهم الخليفة الرَّاشد عثمان بن عفان أمير المؤمنين -رضي الله عنه-...
كان عمره يوم استشهاده ثلاثًا وثمانين سنة..!! ومنهم أنس بن مالك -رضي الله عنه- الَّذي جاوز المئة من عمره..!! ولم ينس حديثًا واحدًا من أحاديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-...!! وكذلك الأمير الفاتح يوسف بن تاشفين -رحمه الله عزَّ وجلَّ-... حيث كان أميرًا مجاهدًا وقائدًا عسكريًّا عبقريًّا... وشجاعًا... وقد جاوز الثَّالثة والثَّمانين من عمره...!! وغيرهم الكثير... ولو كانوا يطبِّقون تلك القوانين (الخاطئة)... لَحُرِمْنا من كثير من تلك الخبرات.. والفتوحات... الَّتي صنعها أولئك الأفذاذ بفضل الله -عزَّ وجلَّ-.
وأخيرًا لدينا عدَّة تساؤلاتٍ.. وملاحظاتٍ.. منها:
أوَّلًا: لو كان تقدُّد عمر الإنسان يُقلِّل من كفاءة وقدرة العامل.. أوِ الموظف على العمل (كما يدعون)، فلماذا لا يُطَبَّق التَّقاعد على:
الملوك...!!؟؟ والأمراء..!!؟؟ والرُّؤساء...!!؟؟ والوزراء...!!؟؟ وكبار الموظفين...!! وغيرهم...!!؟؟
ثانيًا: نلاحظ أنَّ أصحاب الشَّركات الخاصَّة وغيرهم ممكن يعملون في القطاع الخاصِّ... نلاحظ.. أنَّهم يؤدُّون أعمالهم بشكلٍ ممتازٍ ورائعٍ.. رغم تقدُّم سنِّ كثيرٍ منهم.
ثالثًا: لماذا لا يكون التَّقاعد اختياريًّا...!!؟؟
رابعًا: لماذا لا تعيِّن لجنة للنَّظر في كفاءة كُلِّ عاملٍ على حدَّةٍ كما عند التَّعيين..!!؟؟ بدلًا من تطبيقٍ قانونٍ: عامٍّ.. وجامدٍ... فيه كثير من: الظُّلم...!! والخطأ...!! والانحراف...!!
خامسًا: نلاحظ أنَّ معظم المتقاعدين يبحثون عن أعمالٍ أخرى...!! ولو كانوا مكتفين ماليًّا..!! وبأي أجرٍ كان...!! ممَّا يدلُّ أنَّ: العمل يُشَكِّل سعادةً خاصَّةً في نفوسهم...!!
وختاماً: التَّقاعد فكرةٌ غربيَّةٌ ثبت: خطأها... وانحرافها... وضررها... وينبغي علينا كمسلمين أن لا نلهث وراء الغرب في كلِّ ما يصدر عنه...
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يهدينا وإيَّاكم -وجميع المسلمين- إلى سواء السَّبيل... إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه... وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربُّ العالمين.
التقاعد ...!
نبذة :
موضوع هام وشائك ....حير الكثيرين ...هاجس لكثير من الناس ...لنتصفح سويا ...مطوية التقاعد ...
(http://www.wathakker.info/images/matwyat_box/top_left.jpg) (http://www.wathakker.info/images/matwyat_box/top_right.jpg) (http://www.wathakker.info/images/matwyat_box/left.jpg) (http://www.wathakker.info/images/matwyat_box/right.jpg) (http://www.wathakker.info/images/matwyat_box/bottom_left.jpg) (http://www.wathakker.info/images/matwyat_box/bottom_right.jpg)
http://www.madinahx.com/up/download.php?img=6097 (http://www.madinahx.com/up/download.php?img=6097)
نص المطوية :
أيُّها المسلمون:
في استـطلاع للرَّأي أُجري في فرنسا منذ عدَّة سنوات حول العوامل الَّتي تجعل الإنسان سعيدًا... فكانت النَّتيجة أنَّ العمل احتلَّ (60%) من تلك الأسباب.
أيُّها الأحِبَّة: الهدف من العمل في الأساس هو الحصول على مورد رزقٍ يَسُدُّ الانسان به حاجته اليوميِّة من: طعامٍ .. وشرابٍ... وسكنٍ.. ودواءٍ... وعلاجٍ... ولباسٍ... وسائر حاجاته الأُخرى ولكن هذا العمل يُصبح في مرحلة من المراحل هدفًا بذاته... بعد تحقيق الكفاية والحاجات اليوميِّة... وإلَّا لَمَا رأينا الأغنياء يعملون ويمارسون نشاطاتهم التِّجاريَّة... وغيرها.. إذاً فالعمل:
1- مجال لتحقيق الذَّات.
2- لإثبات الوجود.
3- لشعور الإنسان بكيانه.
4- أنَّه كائنٌ حيُّ مؤثِّرٌ.
أخي الحبيب: في مُعظم دول العالم تُسَنُّ أنظمة وقوانين تنصُّ على وجوب إحالة العامل إلى التَّقاعد بعد بلوغه السِّتِّين.. أو بعد خدمته في وظيفته: ثلاثين.. أو خمسة وعشرين عامًا.. على أن تكفل الدَّولة له راتبًا بنسبة (75%) من راتبه الأصلي (في معظم دول العالم) مع كامل بدلاته الَّتي يَسْتحِقُّها .. وذلك لقاء:
1- خدمته في وظيفته
2- استقطاعات شهريِّة تُخصم من راتبه اعتبارًا منَ الرَّاتب الأوَّل الَّذي قبضه.
أيُّها المسلمون: ما هي نظرة الغرب إلى التَّقاعد...!!
نقول نظرة الغرب إلى التَّقاعد على أنَّه: من حقِّ كلِّ إنسانٍ أن يرتاح بعد فترة من العمل... ويَخْلُدَ للرَّاحه.. ويتستمتع بباقي حياته...!! وغالباً ما تكون بعد بلوغ العامل أو الموظف (60 سنة).
العمل في الشَّريعة الاسلاميَّة:
من المعروف أنَّ الإسلام حضَّ على العمل.. ورغَّب فيه قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «ما أكل أحدٌ طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده» [رواه البخاري 2072].
وجعله نوعًا من العبادة... وجهادًا في سبيل الله -عزَّ وجلَّ- إنِ ابتغى به وجه الله -تعالى-... قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إنَّما الأعمال بالنِّيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» [رواه البخاري 1].
العمل مع القصد المشروع: عبادة.
وحذَّر (الإسلام) من ترك العمل الَّذي يفضي إلى سؤال النَّاس.. قال -صلَّى الله عليم وسلَّم-: «والَّذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله، فيحتطب على ظهره، خيرٌ له من أن يأتي رجلًا فيسأله أعطاه أو منعه» [رواه البخاري]. ولم يرد في الشَّريعة الاسلاميَّة تقييد لدعوته إلى العمل: 1- لا بزمان.. 2- ولا بمكان..
فالمسلم مطالب بالعمل طالما هو قادرٌ عليه: 1- ينفع نفسه... 2- وينفع غيره...
وكذلك كان السَّلف الصَّالح.. ومن سار على نهجهم من: العلماء والصَّالحين -رحمهم الله عزَّ وجلَّ-.
إذاً فالإسلام لا يعرف سنًّا معينةً لترك العمل..!! أو ما يسمونه اليوم: التَّقاعد..!! ولا يدعو إلى ذلك... بل يحاربه... قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «احرص على ما ينفعُك واستعن بالله، ولا تعجز» [رواه مسلم 2664]، وكان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يدعو قائلًا: «اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من العَجْز والكسل» [متَّفقٌ عليه].
******
من بعض مضار وسلبيات: التَّقاعد...!!
أوَّلاً: على الصَّعيد النَّفسي:
أثبتت دراساتٌ كثيرةٌ أُجريت على المتقاعدين (ونقصد بهم الَّذين تركوا أعمالهم ولم يزاولوا أعمالًا جديدةً). أنَّ هذه الشَّريحة من النَّاس -غالبًا- ما يصابون بأمراضٍ وعوارضَ نفسيَّةٍ شديدةٍ من:
1- الاكتئاب.
2- اليأس.
3- الإحباط.
4- السَّوداوية.
5- فقدان الثِّقة بالنَّفس، ويشعر وكأنَّه لا قيمة له.. وغيرها.
ثانيًا: على الصَّعيد الاجتماعي:
1- يُلاحظ كثرة المشاكل الزَّوجيَّة بين المتقاعد وزوجه (وزوجته) عموماً...!!
2- كما يلاحظ كثرة المشاكل الأسريَّة -أيضًا- بين المتقاعد وأبنائه...!! وغيرهم...!! ولا سيما في الفترة الَّتي تعقب ترك العمل مُباشرةً...
ريثما يتأقلم التَّقاعد ومن يحيط به مع الوضع الجديد...!! وذلك بسبب شعوره بقلِّة أهميته فيلجأ الى افتعال المشاكل ليثبت للنَّاس: 1- أنَّه لا زال موجودًا....!!
2- أنـَّه صاحب القرار الأصلي....!!
ثالثًا: على الصَّعيد الصِّحِّي:
1- نسبة الأمراض ترتفع فجأةً... وبشكلٍ كبيرٍ لدى الإنسان المُتقاعد... حيث أنَّ ترك العمل يؤدِّي إلى:
أ- انخفاض في اللياقة البدنية (غالبًا).
ب- يُضْعِفُ المناعة... وبالتَّالي يصبح الجسم مهيأً لانتشار الأمراض فيه.
2- ترك العمل يورثُ الانسان يقينًا في قرارة نفسه بأنَّ الأمراض سوف تداهمه.. لأنَّه أصبح في سنِّ الشَّيخوخه.. وإنَّ هذا الأثر النَّفسي يؤثِّر بشكلٍ عضويٍّ على المتقاعد...
3- لوحظ استفحال مرض الزَّهايمر بين المتقاعدين (وهو مرض الخَرَفْ)، الَّذي يبدأ المريض فيه بالمعاناة منَ النِّسيان... إلى فقدان الذَّاكرة تمامًا.. وغيرها من الأعراض...!!
بينما الَّذي: يعمل.... لا تظْهَر عليه مثل هذه العوارض (غالبًا).
رابعًا: على الصَّعيد الاقتصادي:
1- من الحُجج الَّتي يتمسك بها مؤيِّدو التَّقاعد هي:
أ- إيجاد فرصة عملٍ جديدةٍ....!!
ب- إتاحة المجال للأجيال النَّاشئة...!!
وهذه الحُجَجُ واهيةٌ جدًّا....
فالقضاء على البطالة لا يكون: بتسريح العمال والموظفين (الكبار في السِّنِّ)...!!
وإنَّما يكون: بإيجاد فرص عملٍ جديدةٍ...
وتسريح العمال والموظفين علاج المُقصرين من: الحُكّام...!! والوزراء...!! وغيرهم -غالبًا- الَّذين يريدون إخفاء تقصيرهم بهذا الأسلوب...!!
2- العامل أو الموظف بعد كل هذه السَّنوات يُعتبر ثروةٌ غاليةٌ.. فكم أُنفق عليه حتَّى وصل إلى هذا المستوى من الخبرة.. فيأتي التَّقاعد:
1- ليقتل هذه الخبرة الطّويلة..!!
2- ويهدر تلك الأوقات...
3- ويُضيٍّع الأموال الَّتي صُرفت في التَّدريب والتَّأهيل.. للحصول على تلك الخبرات...بينما العامل...!! أو الموظف الجديد...!! بحاجةٍ إلى كثير من الوقت والمال حتَّى يَسُدَّ الثَّغرة التي يَسُدُّها الموظف الخبير القديم...!! ولا سيما بلادنا الَّتي تُعاني كثيرًا من المشاكل الاقتصاديَّة...
فالتَّقاعد يُلقي بمزيد من الأعباء الاقتصاديَّة على خزينة الدَّولة -المرهقة أصلًا- من هذه الحيثيَّة، ومن حيثيَّة تأمين رواتب المُتقاعدين فهؤلاء يُصبحون مستهلكين غير منتجين.. والحلُّ يجب أن يتمّ بالتَّوازي بين: العمَّال القدماء.. والجُدُد.. حتَّى لا يحدث خَللٌ وثغرات (أي توظِّف ولا تسرَّح).
ملاحظة: لو هجرنا الأنظمة الوضعيِّة أو ما يسمونه بالتَّقاعد... وعدنا إلى قواعد الإسلام: 1- لوفرنا المليارات.
2- وقضينا على كثير من المشاكل.
3- وخفَّفنا كثيرًا من الأزَمات.
وأخيرًا... أيُّها الأحبَّة: التَّاريخ يُحدِّثُنا عن عظماء من البشر كانوا يؤدون أعمالهم بشكل مبدعٍ وممتازٍ..!! وهم في سنٍّ متأخرةٍ..!! وعلى رأسهم الأنبياء والمرسلين -عليهم الصَّلاة والسَّلام- ولا سيما نبيِّنا محمَّدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم- الَّذي بقي يعمل.. ويُمارس جميع نشاطاته.. في الدَّعوة إلى الله -عزَّ وجلَّ-.. وقتال المشركين.. ويعمل كقائدٍ: سياسيٍّ.. وعسكريٍّ.. ومرشدٍ اجتماعيٍّ للأمَّة.. ولم يتوقف لحظةً عن العمل.. حتَّى لَحِق بالرَّفيق الأعلى.
ومنهم الخليفة الرَّاشد عثمان بن عفان أمير المؤمنين -رضي الله عنه-...
كان عمره يوم استشهاده ثلاثًا وثمانين سنة..!! ومنهم أنس بن مالك -رضي الله عنه- الَّذي جاوز المئة من عمره..!! ولم ينس حديثًا واحدًا من أحاديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-...!! وكذلك الأمير الفاتح يوسف بن تاشفين -رحمه الله عزَّ وجلَّ-... حيث كان أميرًا مجاهدًا وقائدًا عسكريًّا عبقريًّا... وشجاعًا... وقد جاوز الثَّالثة والثَّمانين من عمره...!! وغيرهم الكثير... ولو كانوا يطبِّقون تلك القوانين (الخاطئة)... لَحُرِمْنا من كثير من تلك الخبرات.. والفتوحات... الَّتي صنعها أولئك الأفذاذ بفضل الله -عزَّ وجلَّ-.
وأخيرًا لدينا عدَّة تساؤلاتٍ.. وملاحظاتٍ.. منها:
أوَّلًا: لو كان تقدُّد عمر الإنسان يُقلِّل من كفاءة وقدرة العامل.. أوِ الموظف على العمل (كما يدعون)، فلماذا لا يُطَبَّق التَّقاعد على:
الملوك...!!؟؟ والأمراء..!!؟؟ والرُّؤساء...!!؟؟ والوزراء...!!؟؟ وكبار الموظفين...!! وغيرهم...!!؟؟
ثانيًا: نلاحظ أنَّ أصحاب الشَّركات الخاصَّة وغيرهم ممكن يعملون في القطاع الخاصِّ... نلاحظ.. أنَّهم يؤدُّون أعمالهم بشكلٍ ممتازٍ ورائعٍ.. رغم تقدُّم سنِّ كثيرٍ منهم.
ثالثًا: لماذا لا يكون التَّقاعد اختياريًّا...!!؟؟
رابعًا: لماذا لا تعيِّن لجنة للنَّظر في كفاءة كُلِّ عاملٍ على حدَّةٍ كما عند التَّعيين..!!؟؟ بدلًا من تطبيقٍ قانونٍ: عامٍّ.. وجامدٍ... فيه كثير من: الظُّلم...!! والخطأ...!! والانحراف...!!
خامسًا: نلاحظ أنَّ معظم المتقاعدين يبحثون عن أعمالٍ أخرى...!! ولو كانوا مكتفين ماليًّا..!! وبأي أجرٍ كان...!! ممَّا يدلُّ أنَّ: العمل يُشَكِّل سعادةً خاصَّةً في نفوسهم...!!
وختاماً: التَّقاعد فكرةٌ غربيَّةٌ ثبت: خطأها... وانحرافها... وضررها... وينبغي علينا كمسلمين أن لا نلهث وراء الغرب في كلِّ ما يصدر عنه...
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يهدينا وإيَّاكم -وجميع المسلمين- إلى سواء السَّبيل... إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه... وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربُّ العالمين.