أحمد صلاح الحفني
2012-04-11, 11:39 AM
يتم الاحتفال بيوم الصحة العالمي في السابع من إبريل من كل عام وفي كل عام يتم اختيار موضوع مختلف للاحتفال به وفي هذا العام تم اختيار موضوع ( الشيخوخة والصحة ) وشعاره هو "الصحة الجيدة تضيف حياةً إلى السنين". ويتمثّل محور التركيز في بيان الكيفية التي يمكن أن يسهم بها التمتع بصحة جيدة طوال العمر في مساعدة الرجال والنساء على العيش حياة زاخرة ومنتجة وعلى أن يكونوا مورداً بالنسبة لأسرهم ومجتمعاتهم المحلية. والشيخوخة من المسائل التي تعني كل واحد منا- شباباً أو مسنين، وذكوراً أو إناثاً، وأغنياء أو فقراء- أياً كان المكان الذي نعيش فيه. ونحن في مجتمعاتنا الشرقية والإسلامية لا يزال المسنون والحمد لله يحظون بقدر كبير من الاحترام إلا أنه لا نستطيع في نفس الوقت أن ننكر أن مجتمعاتنا تتأثر بما يجري في العالم الغربي من فقدان لبعض القيم والأخلاقيات ولقد قمت بتجميع المادة العلمية التالية من موقع منظمة الصحة العالمية :
عالمنا في تغيّر
الحقائق الرئيسية
-ارتفع عدد الأشخاص البالغين من العمر 60 عاماً فما فوق بنسبة الضعف منذ عام 1980.
-سيشهد عدد الأشخاص البالغين من العمر 80 عاماً، من الآن وحتى عام 2050، زيادة بنسبة أربعة أضعاف تقريباً ليبلغ 395 مليون نسمة.
-في غضون الأعوام الخمس القادمة سيتجاوز عدد الأشخاص من الفئة العمرية 65 سنة فما فوق عدد الأطفال دون سن الخامسة.
-بحلول عام 2050، سيتجاوز عدد أولئك المسنين عدد جميع الأطفال دون سن الرابعة عشرة.
-تعيش النسبة الكبرى من المسنين في البلدان المرتفعة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. وسترتفع تلك النسبة لتبلغ 80% بحلول عام 2050.
-هناك، في القرن الحادي والعشرين، مجموعة واسعة من الاتجاهات الاجتماعية التي تؤثر في الصحة وتتأثر بها. فمن الملاحظ اتخاذ الاقتصادات أبعاداً عالمية، وتزايد عدد من يعيشون ويعملون في المدن، وتغيّر الأنماط الأسرية، وسرعة تطوّر التكنولوجيا. ومن أكبر التحوّلات الاجتماعية تشيّخ السكان. وسيشهد العالم، في القريب، عدداً من المسنين يفوق عدد الأطفال وتزايد عدد الطاعنين في السن بصورة لم يسبق لها مثيل.
1. سيشهد العالم، أكثر من أي وقت مضى، مزيداً من الأشخاص الذين يعيشون حتى يبلغوا سن الثمانين أو التسعين.
فسيعرف عدد الأشخاص البالغين من العمر 80 عاماً أو أكثر، مثلاً، زيادة بنسبة تناهز أربعة أضعاف، مقارنة بالعدد المُسجّل في عام 2000، ليبلغ 395 مليون نسمة بحلول عام 2050. ولا توجد أيّة سابقة في التاريخ عن وجود بالغين في متوسط العمر أو بالغين مسنين لهم آباء على قيد الحياة، كما هو الحال فعلاً اليوم. وسيعرف مزيد من الأطفال أجدادهم وحتى آباء أجدادهم، لاسيما أمهات جداتهم. ذلك أنّ النساء يعشن، في المتوسط، ستة إلى ثمانية أعوام أكثر من الرجال.
2. شهد القرن الماضي تحسّناً ملحوظاً في متوسط العمر المأمول.
ففي عام 1910، كان متوسط العمر المأمول فيما يخص المرأة الشيلية لا يتعدى 33 عاماً؛ أمّا اليوم، وبعد مضي قرن واحد، فقد بلغ ذلك المتوسط 82 عاماً. وذلك يمثّل قفزة عظيمة مكّنت من كسب 50 عاماً من العمر في قرن واحد، وتمت إلى حد كبير بفضل التحسينات التي شهدتها الصحة العمومية.
3. سيشهد العالم، في القريب، عدداً من المسنين يفوق عدد الأطفال.
ففي غضون الأعوام الخمس القادمة، ولأوّل مرّة في تاريخ البشرية، سيتجاوز عدد الأشخاص من الفئة العمرية 65 سنة- فما فوق عدد الأطفال دون سن الخامسة. وبحلول عام 2050، سيتجاوز عدد أولئك المسنين عدد جميع الأطفال دون سن الرابعة عشرة.
4. سكان العالم يهرمون بسرعة.
ستشهد نسبة سكان العالم الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاماً، في الفترة بين عامي 2000 و2050، زيادة بنسبة الضعف، أي من 11% إلى 22%. ومن المتوقع، على مدى الفترة ذاتها، أن يرتفع العدد المطلق للأشخاص البالغين من العمر 60 عاماً فما فوق من 605 ملايين نسمة إلى ملياري نسمة.
5. ستشهد البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل أسرع وأكبر تحوّل ديمغرافي.
فقد استغرق ارتفاع عدد سكان فرنسا البالغين من العمر 65 عاماً فما فوق بنسبة الضعف، أي من 7% إلى 14%، مدة قوامها 100 عام. وعلى عكس ذلك سيستغرق بلوغ تلك النسبة، في بلدان مثل البرازيل والصين، مدة تقل عن 25 عاماً.
محددات التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة
1. هناك علاقة بين التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة والحالة الصحية السائدة في مراحل مبكّرة من العمر.
فقد يزيد سوء التغذية في الرحم، مثلاً، من مخاطر الإصابة بالأمراض عند الكبر، مثل الأمراض الدورانية والسكري. وقد تزيد أنواع العدوى التنفسية التي تحدث في مرحلة الطفولة من مخاطر الإصابة بالتهاب القصبات عند الكبر. كما يواجه الأطفال أو المراهقون الذين يعانون من السمنة أو فرط الوزن مخاطر الإصابة، عند الكبر، بأمراض مزمنة من قبيل السكري والأمراض الدورانية والسرطان والاضطرابات التنفسية والاضطرابات العضلية الهيكلية.
2. مع ذلك، يتوقف مدى التقدم في السن على عوامل عديدة.
فمن المعروف أنّ القدرة الوظيفية لنظام الفرد البيولوجي تزيد في السنوات الأولى من العمر، وتبلغ ذروتها في مرحلة الشباب وتنخفض بعد ذلك. وتعتمد وتيرة الانخفاض، جزئياُ على الأقلّ، على السلوكيات التي نتبعها وأشكال تعرّضنا لمختلف العوامل المؤثّرة طيلة حياتنا. ويشمل ذلك أنواع المأكولات التي نتناولها ومدى قيامنا بنشاط بدني ومدى تعرّضنا للمخاطر الصحية، مثل التدخين أو تعاطي الكحول على نحو ضار أو التعرّض للمواد السامّة.
التغيرات الديمغرافية (التركيبة السكانية)والتحديات الجديدة :
1. حتى في البلدان الفقيرة يموت معظم المسنين بسبب الأمراض غير السارية.
حتى في البلدان الفقيرة يموت معظم المسنين بسبب الأمراض غير السارية مثل أمراض القلب والسرطان والسكري، بدلاً من أنواع العدوى والأمراض الطفيلية. كما يعاني المسنون، في غالب الأحيان، من عدة مشكلات صحية في آن واحد، مثل السكري وأمراض القلب.
2. يشهد عدد المعوقين ارتفاعاً بسبب تشيّخ السكان ونظراً لزيادة مخاطر الإصابة بمشكلات صحية مزمنة في مرحلة الشيخوخة.
فمن الملاحظ، مثلاً، أنّ نحو 65% من مجموع الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر يبلغون من العمر 50 عاماً فما فوق، علماً بأنّ هذه الفئة العمرية تشمل قرابة 20% من سكان العالم. ومع تزايد عدد الطاعنين في السن في كثير من البلدان سيواجه مزيد من الناس خطر الإصابة بضعف البصر الناجم عن التقدم في السن.
3. يواجه كثير من المسنين على الصعيد العالمي مخاطر إساءة المعاملة.
لقد شهد 4% إلى 6% من المسنين في البلدان المتقدمة شكلاً من أشكال إساءة المعاملة في البيت. ومن الأفعال المسيئة التي تسجّل في المؤسسات تقييد المرضى جسدياً، وحرمانهم من الكرامة (بتركهم ، مثلاً، في ملابس متسخة) والنزوع، عن قصد، إلى عدم توفير الرعاية الكاملة لهم (كتركهم حتى يُصابون بقروح الضغط على سبيل المثال). ويمكن أن تؤدي إساءة معاملة المسنين إلى تعرّضهم لإصابات جسدية وخيمة وآثار نفسية طويلة الأجل.
4. الحاجة إلى الرعاية في تزايد.
من المتوقع أن يشهد عدد المسنين غير القادرين على الاعتناء بأنفسهم زيادة بنسبة أربعة أضعاف في البلدان النامية بحلول عام 2050. فكثير من الطاعنين في السن يفقدون القدرة على العيش بصورة مستقلة بسبب محدودية الحركة أو الوهن أو غير ذلك من المشكلات التي تصيب الصحة الجسدية أو النفسية. وكثير منهم بحاجة إلى شكل من أشكال الرعاية الطويلة الأجل، التي يمكن أن تشمل التمريض المنزلي والرعاية المجتمعية والمساعدة على العيش والرعاية في مراكز الإقامة والمكوث في المستشفيات لمدة مطوّلة.
5. سيشهد العالم زيادة هائلة في عدد المصابين بأشكال الخرف، مثل داء ألزهايمر، لأنّ الناس باتوا يعمّرون مدة أطول.
تزيد مخاطر الإصابة بأشكال الخرف، بشكل كبير، مع التقدم في السن والتقديرات تشير إلى أنّ 25% إلى 30% ممّن يبلغون 85 عاماً أو أكثر يعانون من شكل من أشكال تدهور القدرات المعرفية. ولا يستفيد المسنون المصابون بالخرف في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، عموماً، من خدمات الرعاية الطويلة الأجل والزهيدة التكلفة التي قد تتطلبها حالتهم الصحية. ولا تتلقى أسر هؤلاء الأشخاص، في غالب الأحيان، الدعم المالي اللازم من السلطات العمومية لمساعدتهم على توفير الرعاية المناسبة لهؤلاء المسنين في البيت.
6. يمكن أن يصبح المسنون عرضة للخطر بوجه خاص في حالات الطوارئ.
فعندما تنزح المجتمعات المحلية بسبب الكوارث الطبيعية أو النزاعات المسلّحة قد لا يقدر المسنون على الفرار أو قطع مسافات طويلة ممّا قد يؤدي إلى التخلي عنهم. ولكن يمكنهم أيضاً، في كثير من الحالات، أن يكونوا مورداً قيّماً بالنسبة لمجتمعاتهم المحلية وبالنسبة لعملية المعونة الإنسانية عندما يتم إشراكهم بوصفهم قيادات مجتمعية.
محاربة الصور النمطية "السلبية" :
إنّنا نقدّر جميعاً ونحترم المسنين الذين نعزّهم أو نعرفهم جيداً. ولكن سلوكنا تجاه المسنين الآخرين ضمن المجتمع المحلي عموماً قد يكون مختلفاً. وفي كثير من المجتمعات التقليدية يحظى المسنون بالاحترام بوصفهم "شيوخاً عقلاء". غير أنّ المسنين قد لا يحظون، في مجتمعات أخرى، بالقدر نفسه من الاحترام. ويمكن أن يكون تهميشهم هيكلياً، مثل إجبارهم على التقاعد في سنّ محدّدة، أو غير رسمي، مثل نزوع أصحاب العمل المحتملين إلى اعتبارهم أقلّ نشاطاً وأقلّ قيمة. وتلك السلوكيات إنّما هي أمثلة على "التمييز الممارس ضدّ كبار السن"- وهو تشكيل صور نمطية عن أفراد أو مجموعات وممارسة تمييز ضدّهم بسبب عمرهم. ويمكن أن تصف تلك السلكويات المسنين بأنّهم أناس ضعفاء أو "مضى عهدهم" أو غير قادرين على العمل أو ضعفاء جسدياً أو متأخرين عقلياً أو معوقين أو مغلوب على أمرهم. ويمثّل ذلك التمييز الممارس ضدّ كبار السن وسيلة تسبّب الانقسام بين الشباب والمسنين.
ويمكن أن تحول تلك الصور النمطية دون مشاركة المسنين والمسنات، على نحو كامل، في الأنشطة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والروحية والمدنية وغير ذلك من الأنشطة. وقد يؤثّر الشباب أيضاً في ذلك من خلال السلوكيات التي ينتهجونها حيال المسنين، أو حتى من خلال عرقلة مشاركتهم.
ويمكننا تجنّب هذه الحلقة المفرغة بكسر تلك الصور النمطية وتغيير سلوكياتنا تجاه المسنين. وفيما يلي بعض الأمثلة.
الصورة النمطية 1: المسنون "مضى عهدهم"
في حين يُفترض، في غالب الأحيان، أنّ كبار السن من العاملين أقلّ إنتاجاً من العاملين الشباب وتبيّن الدراسات انخفاضاً طفيفاً في وتيرة معالجة المعلومات ودرجة الانتباه مع التقدم في السن، فإنّ معظم الأشخاص يحتفظون جيداً بمؤهلاتهم العقلية وقدرتهم على التعلم عند الكبر. كما يتميّزون عن غيرهم بما يمتلكونه من خبرة وذاكرة مؤسسية. وقد يكون تدهور القدرات الجسدية أقلّ بكثير ممّا هو مفترض. ففي 16 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2011، أصبح فوجا سينغ، وهو مواطن بريطاني، أوّل شخص يبلغ 100 عام ويشارك في منافسة الماراتون، إذ استطاع أن يكمل سباق ماراتون تورونتو واترفرونت بكندا.
الصورة النمطية 2: المسنون مغلوب على أمرهم
كون المسنين معرّضين للخطر بشكل خاص في حالات الطوارئ لا يعني أنّه مغلوب على أمرهم عموماً. فبعد إعصار سيدر الذي ضرب بنغلاديش في عام 2007، اضطلعت لجان المسنين بدور نشط وقامت بتعميم رسائل الإنذار المبكّر على الأشخاص والأسر الأكثر عرضة للخطر، وتحديد الفئات الأكثر تضرّراً، وتجميع قائمة المستفيدين وإبلاغهم بتوقيت ومكان تلقي سلع الإغاثة. وعقب الزلزال والتسونامي اللّذين وقعا في اليابان بادر المسنون والمتقاعدون إلى التطوّع في مواقع الكارثة النووية، وقالوا إنّهم لا يخافون من التعرّض للأشعة النووية. فقد كانوا، بحكم تقدمهم في السن، أقلّ تخوفاً من غيرهم من الآثار الطويلة الأجل لذلك التعرّض.
الصورة النمطية 3: المسنون سيخرفون في آخر المطاف
هفوات الذاكرة التي تحدث بشكل عارض من الظواهر الشائعة في كل المراحل العمرية. وعلى الرغم من أنّ مخاطر الإصابة بأعراض الخرف ترتفع بشكل حاد مع السن لدى من تزيد أعمارهم على 60 عاماً، فإنّ علامات الخرف المحتملة (فقدان القدرات الذهنية)، مثل الشك في كيفية القيام بالوظائف البسيطة وصعوبة إكمال الجمل والتخليط بين الشهور أو الفصول، ليست من العلامات العادية للشيخوخة. فمعظم المسنين قادرين على تدبير شؤونهم المالية وحياتهم اليومية. ويمكنهم الموافقة عن سابق علم على العلاج أو التدخلات الطبية التي قد يحتاجونها. والواقع أنّ بعض الأشكال من ذاكرتنا تظلّ على حالها، بل تتطوّر مع التقدم في السن، مثل ذاكرتنا الدلالية، التي تمثّل القدرة على تذكّر المفاهيم والوقائع العامة غير المرتبطة بتجارب معيّنة.
الصورة النمطية 4: المسنات أقلّ قيمة من النساء الأصغر سناً
كثيراً ما يربط الناس قيمة المرأة بجمالها وشبابها وقدرتها على إنجاب الأطفال. ويتم، في غالب الأحيان، إغفال الدور الذي تؤديه المسنات في أسرهن ومجتمعاتهن المحلية والمتمثّل في الاعتناء بعشرائهن وآبائهن وأطفالهن وأحفادهن. وفي معظم البلدان تنزع النساء إلى تولي مسؤولية رعاية الأسرة. وكثير منهن يعتني بأكثر من جيل واحد. وفي غالب الأحيان تكون أولئك النسوة أنفسهن في سن متقدمة. ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، على سبيل المثال، تتولى 20% من نساء الأرياف البالغات من العمر 60 عاماً فما فوق دور الراعي الرئيسي لأحفادهن.
الصورة النمطية 5: المسنون لا يستحقون الرعاية الصحية
كثيراً ما يتم إغفال أو تجاهل ما يصيب المسنين من أمراض أو علل قابلة للعلاج واعتباره "جزءاً عادياً من الشيخوخة". والسن لا يتسبّب، بالضرورة، في إحداث الألم، والطعون في السن بشكل بالغ هو وحده المرتبط بمحدودية الوظائف الجسدية. والحق في التمتع بأفضل مستوى صحي ممكن لا يقلّ مع التقدم في السن: فالمجتمع هو الذي يميل، أساساً، إلى وضع حدود عمرية فيما يخص الحصول على العلاجات المعقدة أو التأهيل المناسب و الوقاية الثانوية من المرض والعجز.
وليس العمر هو الذي يحدّ من صحة المسنين وقدرتهم على المشاركة. بل إنّ الأفكار الخاطئة التي تدور في أذهان الأفراد والمجتمعات وأشكال التمييز والإيذاء هي التي تحول دون تمتع المسنين بالنشاط وحظيهم بالتقدير والاحترام.
عالمنا في تغيّر
الحقائق الرئيسية
-ارتفع عدد الأشخاص البالغين من العمر 60 عاماً فما فوق بنسبة الضعف منذ عام 1980.
-سيشهد عدد الأشخاص البالغين من العمر 80 عاماً، من الآن وحتى عام 2050، زيادة بنسبة أربعة أضعاف تقريباً ليبلغ 395 مليون نسمة.
-في غضون الأعوام الخمس القادمة سيتجاوز عدد الأشخاص من الفئة العمرية 65 سنة فما فوق عدد الأطفال دون سن الخامسة.
-بحلول عام 2050، سيتجاوز عدد أولئك المسنين عدد جميع الأطفال دون سن الرابعة عشرة.
-تعيش النسبة الكبرى من المسنين في البلدان المرتفعة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. وسترتفع تلك النسبة لتبلغ 80% بحلول عام 2050.
-هناك، في القرن الحادي والعشرين، مجموعة واسعة من الاتجاهات الاجتماعية التي تؤثر في الصحة وتتأثر بها. فمن الملاحظ اتخاذ الاقتصادات أبعاداً عالمية، وتزايد عدد من يعيشون ويعملون في المدن، وتغيّر الأنماط الأسرية، وسرعة تطوّر التكنولوجيا. ومن أكبر التحوّلات الاجتماعية تشيّخ السكان. وسيشهد العالم، في القريب، عدداً من المسنين يفوق عدد الأطفال وتزايد عدد الطاعنين في السن بصورة لم يسبق لها مثيل.
1. سيشهد العالم، أكثر من أي وقت مضى، مزيداً من الأشخاص الذين يعيشون حتى يبلغوا سن الثمانين أو التسعين.
فسيعرف عدد الأشخاص البالغين من العمر 80 عاماً أو أكثر، مثلاً، زيادة بنسبة تناهز أربعة أضعاف، مقارنة بالعدد المُسجّل في عام 2000، ليبلغ 395 مليون نسمة بحلول عام 2050. ولا توجد أيّة سابقة في التاريخ عن وجود بالغين في متوسط العمر أو بالغين مسنين لهم آباء على قيد الحياة، كما هو الحال فعلاً اليوم. وسيعرف مزيد من الأطفال أجدادهم وحتى آباء أجدادهم، لاسيما أمهات جداتهم. ذلك أنّ النساء يعشن، في المتوسط، ستة إلى ثمانية أعوام أكثر من الرجال.
2. شهد القرن الماضي تحسّناً ملحوظاً في متوسط العمر المأمول.
ففي عام 1910، كان متوسط العمر المأمول فيما يخص المرأة الشيلية لا يتعدى 33 عاماً؛ أمّا اليوم، وبعد مضي قرن واحد، فقد بلغ ذلك المتوسط 82 عاماً. وذلك يمثّل قفزة عظيمة مكّنت من كسب 50 عاماً من العمر في قرن واحد، وتمت إلى حد كبير بفضل التحسينات التي شهدتها الصحة العمومية.
3. سيشهد العالم، في القريب، عدداً من المسنين يفوق عدد الأطفال.
ففي غضون الأعوام الخمس القادمة، ولأوّل مرّة في تاريخ البشرية، سيتجاوز عدد الأشخاص من الفئة العمرية 65 سنة- فما فوق عدد الأطفال دون سن الخامسة. وبحلول عام 2050، سيتجاوز عدد أولئك المسنين عدد جميع الأطفال دون سن الرابعة عشرة.
4. سكان العالم يهرمون بسرعة.
ستشهد نسبة سكان العالم الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاماً، في الفترة بين عامي 2000 و2050، زيادة بنسبة الضعف، أي من 11% إلى 22%. ومن المتوقع، على مدى الفترة ذاتها، أن يرتفع العدد المطلق للأشخاص البالغين من العمر 60 عاماً فما فوق من 605 ملايين نسمة إلى ملياري نسمة.
5. ستشهد البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل أسرع وأكبر تحوّل ديمغرافي.
فقد استغرق ارتفاع عدد سكان فرنسا البالغين من العمر 65 عاماً فما فوق بنسبة الضعف، أي من 7% إلى 14%، مدة قوامها 100 عام. وعلى عكس ذلك سيستغرق بلوغ تلك النسبة، في بلدان مثل البرازيل والصين، مدة تقل عن 25 عاماً.
محددات التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة
1. هناك علاقة بين التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة والحالة الصحية السائدة في مراحل مبكّرة من العمر.
فقد يزيد سوء التغذية في الرحم، مثلاً، من مخاطر الإصابة بالأمراض عند الكبر، مثل الأمراض الدورانية والسكري. وقد تزيد أنواع العدوى التنفسية التي تحدث في مرحلة الطفولة من مخاطر الإصابة بالتهاب القصبات عند الكبر. كما يواجه الأطفال أو المراهقون الذين يعانون من السمنة أو فرط الوزن مخاطر الإصابة، عند الكبر، بأمراض مزمنة من قبيل السكري والأمراض الدورانية والسرطان والاضطرابات التنفسية والاضطرابات العضلية الهيكلية.
2. مع ذلك، يتوقف مدى التقدم في السن على عوامل عديدة.
فمن المعروف أنّ القدرة الوظيفية لنظام الفرد البيولوجي تزيد في السنوات الأولى من العمر، وتبلغ ذروتها في مرحلة الشباب وتنخفض بعد ذلك. وتعتمد وتيرة الانخفاض، جزئياُ على الأقلّ، على السلوكيات التي نتبعها وأشكال تعرّضنا لمختلف العوامل المؤثّرة طيلة حياتنا. ويشمل ذلك أنواع المأكولات التي نتناولها ومدى قيامنا بنشاط بدني ومدى تعرّضنا للمخاطر الصحية، مثل التدخين أو تعاطي الكحول على نحو ضار أو التعرّض للمواد السامّة.
التغيرات الديمغرافية (التركيبة السكانية)والتحديات الجديدة :
1. حتى في البلدان الفقيرة يموت معظم المسنين بسبب الأمراض غير السارية.
حتى في البلدان الفقيرة يموت معظم المسنين بسبب الأمراض غير السارية مثل أمراض القلب والسرطان والسكري، بدلاً من أنواع العدوى والأمراض الطفيلية. كما يعاني المسنون، في غالب الأحيان، من عدة مشكلات صحية في آن واحد، مثل السكري وأمراض القلب.
2. يشهد عدد المعوقين ارتفاعاً بسبب تشيّخ السكان ونظراً لزيادة مخاطر الإصابة بمشكلات صحية مزمنة في مرحلة الشيخوخة.
فمن الملاحظ، مثلاً، أنّ نحو 65% من مجموع الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر يبلغون من العمر 50 عاماً فما فوق، علماً بأنّ هذه الفئة العمرية تشمل قرابة 20% من سكان العالم. ومع تزايد عدد الطاعنين في السن في كثير من البلدان سيواجه مزيد من الناس خطر الإصابة بضعف البصر الناجم عن التقدم في السن.
3. يواجه كثير من المسنين على الصعيد العالمي مخاطر إساءة المعاملة.
لقد شهد 4% إلى 6% من المسنين في البلدان المتقدمة شكلاً من أشكال إساءة المعاملة في البيت. ومن الأفعال المسيئة التي تسجّل في المؤسسات تقييد المرضى جسدياً، وحرمانهم من الكرامة (بتركهم ، مثلاً، في ملابس متسخة) والنزوع، عن قصد، إلى عدم توفير الرعاية الكاملة لهم (كتركهم حتى يُصابون بقروح الضغط على سبيل المثال). ويمكن أن تؤدي إساءة معاملة المسنين إلى تعرّضهم لإصابات جسدية وخيمة وآثار نفسية طويلة الأجل.
4. الحاجة إلى الرعاية في تزايد.
من المتوقع أن يشهد عدد المسنين غير القادرين على الاعتناء بأنفسهم زيادة بنسبة أربعة أضعاف في البلدان النامية بحلول عام 2050. فكثير من الطاعنين في السن يفقدون القدرة على العيش بصورة مستقلة بسبب محدودية الحركة أو الوهن أو غير ذلك من المشكلات التي تصيب الصحة الجسدية أو النفسية. وكثير منهم بحاجة إلى شكل من أشكال الرعاية الطويلة الأجل، التي يمكن أن تشمل التمريض المنزلي والرعاية المجتمعية والمساعدة على العيش والرعاية في مراكز الإقامة والمكوث في المستشفيات لمدة مطوّلة.
5. سيشهد العالم زيادة هائلة في عدد المصابين بأشكال الخرف، مثل داء ألزهايمر، لأنّ الناس باتوا يعمّرون مدة أطول.
تزيد مخاطر الإصابة بأشكال الخرف، بشكل كبير، مع التقدم في السن والتقديرات تشير إلى أنّ 25% إلى 30% ممّن يبلغون 85 عاماً أو أكثر يعانون من شكل من أشكال تدهور القدرات المعرفية. ولا يستفيد المسنون المصابون بالخرف في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، عموماً، من خدمات الرعاية الطويلة الأجل والزهيدة التكلفة التي قد تتطلبها حالتهم الصحية. ولا تتلقى أسر هؤلاء الأشخاص، في غالب الأحيان، الدعم المالي اللازم من السلطات العمومية لمساعدتهم على توفير الرعاية المناسبة لهؤلاء المسنين في البيت.
6. يمكن أن يصبح المسنون عرضة للخطر بوجه خاص في حالات الطوارئ.
فعندما تنزح المجتمعات المحلية بسبب الكوارث الطبيعية أو النزاعات المسلّحة قد لا يقدر المسنون على الفرار أو قطع مسافات طويلة ممّا قد يؤدي إلى التخلي عنهم. ولكن يمكنهم أيضاً، في كثير من الحالات، أن يكونوا مورداً قيّماً بالنسبة لمجتمعاتهم المحلية وبالنسبة لعملية المعونة الإنسانية عندما يتم إشراكهم بوصفهم قيادات مجتمعية.
محاربة الصور النمطية "السلبية" :
إنّنا نقدّر جميعاً ونحترم المسنين الذين نعزّهم أو نعرفهم جيداً. ولكن سلوكنا تجاه المسنين الآخرين ضمن المجتمع المحلي عموماً قد يكون مختلفاً. وفي كثير من المجتمعات التقليدية يحظى المسنون بالاحترام بوصفهم "شيوخاً عقلاء". غير أنّ المسنين قد لا يحظون، في مجتمعات أخرى، بالقدر نفسه من الاحترام. ويمكن أن يكون تهميشهم هيكلياً، مثل إجبارهم على التقاعد في سنّ محدّدة، أو غير رسمي، مثل نزوع أصحاب العمل المحتملين إلى اعتبارهم أقلّ نشاطاً وأقلّ قيمة. وتلك السلوكيات إنّما هي أمثلة على "التمييز الممارس ضدّ كبار السن"- وهو تشكيل صور نمطية عن أفراد أو مجموعات وممارسة تمييز ضدّهم بسبب عمرهم. ويمكن أن تصف تلك السلكويات المسنين بأنّهم أناس ضعفاء أو "مضى عهدهم" أو غير قادرين على العمل أو ضعفاء جسدياً أو متأخرين عقلياً أو معوقين أو مغلوب على أمرهم. ويمثّل ذلك التمييز الممارس ضدّ كبار السن وسيلة تسبّب الانقسام بين الشباب والمسنين.
ويمكن أن تحول تلك الصور النمطية دون مشاركة المسنين والمسنات، على نحو كامل، في الأنشطة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والروحية والمدنية وغير ذلك من الأنشطة. وقد يؤثّر الشباب أيضاً في ذلك من خلال السلوكيات التي ينتهجونها حيال المسنين، أو حتى من خلال عرقلة مشاركتهم.
ويمكننا تجنّب هذه الحلقة المفرغة بكسر تلك الصور النمطية وتغيير سلوكياتنا تجاه المسنين. وفيما يلي بعض الأمثلة.
الصورة النمطية 1: المسنون "مضى عهدهم"
في حين يُفترض، في غالب الأحيان، أنّ كبار السن من العاملين أقلّ إنتاجاً من العاملين الشباب وتبيّن الدراسات انخفاضاً طفيفاً في وتيرة معالجة المعلومات ودرجة الانتباه مع التقدم في السن، فإنّ معظم الأشخاص يحتفظون جيداً بمؤهلاتهم العقلية وقدرتهم على التعلم عند الكبر. كما يتميّزون عن غيرهم بما يمتلكونه من خبرة وذاكرة مؤسسية. وقد يكون تدهور القدرات الجسدية أقلّ بكثير ممّا هو مفترض. ففي 16 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2011، أصبح فوجا سينغ، وهو مواطن بريطاني، أوّل شخص يبلغ 100 عام ويشارك في منافسة الماراتون، إذ استطاع أن يكمل سباق ماراتون تورونتو واترفرونت بكندا.
الصورة النمطية 2: المسنون مغلوب على أمرهم
كون المسنين معرّضين للخطر بشكل خاص في حالات الطوارئ لا يعني أنّه مغلوب على أمرهم عموماً. فبعد إعصار سيدر الذي ضرب بنغلاديش في عام 2007، اضطلعت لجان المسنين بدور نشط وقامت بتعميم رسائل الإنذار المبكّر على الأشخاص والأسر الأكثر عرضة للخطر، وتحديد الفئات الأكثر تضرّراً، وتجميع قائمة المستفيدين وإبلاغهم بتوقيت ومكان تلقي سلع الإغاثة. وعقب الزلزال والتسونامي اللّذين وقعا في اليابان بادر المسنون والمتقاعدون إلى التطوّع في مواقع الكارثة النووية، وقالوا إنّهم لا يخافون من التعرّض للأشعة النووية. فقد كانوا، بحكم تقدمهم في السن، أقلّ تخوفاً من غيرهم من الآثار الطويلة الأجل لذلك التعرّض.
الصورة النمطية 3: المسنون سيخرفون في آخر المطاف
هفوات الذاكرة التي تحدث بشكل عارض من الظواهر الشائعة في كل المراحل العمرية. وعلى الرغم من أنّ مخاطر الإصابة بأعراض الخرف ترتفع بشكل حاد مع السن لدى من تزيد أعمارهم على 60 عاماً، فإنّ علامات الخرف المحتملة (فقدان القدرات الذهنية)، مثل الشك في كيفية القيام بالوظائف البسيطة وصعوبة إكمال الجمل والتخليط بين الشهور أو الفصول، ليست من العلامات العادية للشيخوخة. فمعظم المسنين قادرين على تدبير شؤونهم المالية وحياتهم اليومية. ويمكنهم الموافقة عن سابق علم على العلاج أو التدخلات الطبية التي قد يحتاجونها. والواقع أنّ بعض الأشكال من ذاكرتنا تظلّ على حالها، بل تتطوّر مع التقدم في السن، مثل ذاكرتنا الدلالية، التي تمثّل القدرة على تذكّر المفاهيم والوقائع العامة غير المرتبطة بتجارب معيّنة.
الصورة النمطية 4: المسنات أقلّ قيمة من النساء الأصغر سناً
كثيراً ما يربط الناس قيمة المرأة بجمالها وشبابها وقدرتها على إنجاب الأطفال. ويتم، في غالب الأحيان، إغفال الدور الذي تؤديه المسنات في أسرهن ومجتمعاتهن المحلية والمتمثّل في الاعتناء بعشرائهن وآبائهن وأطفالهن وأحفادهن. وفي معظم البلدان تنزع النساء إلى تولي مسؤولية رعاية الأسرة. وكثير منهن يعتني بأكثر من جيل واحد. وفي غالب الأحيان تكون أولئك النسوة أنفسهن في سن متقدمة. ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، على سبيل المثال، تتولى 20% من نساء الأرياف البالغات من العمر 60 عاماً فما فوق دور الراعي الرئيسي لأحفادهن.
الصورة النمطية 5: المسنون لا يستحقون الرعاية الصحية
كثيراً ما يتم إغفال أو تجاهل ما يصيب المسنين من أمراض أو علل قابلة للعلاج واعتباره "جزءاً عادياً من الشيخوخة". والسن لا يتسبّب، بالضرورة، في إحداث الألم، والطعون في السن بشكل بالغ هو وحده المرتبط بمحدودية الوظائف الجسدية. والحق في التمتع بأفضل مستوى صحي ممكن لا يقلّ مع التقدم في السن: فالمجتمع هو الذي يميل، أساساً، إلى وضع حدود عمرية فيما يخص الحصول على العلاجات المعقدة أو التأهيل المناسب و الوقاية الثانوية من المرض والعجز.
وليس العمر هو الذي يحدّ من صحة المسنين وقدرتهم على المشاركة. بل إنّ الأفكار الخاطئة التي تدور في أذهان الأفراد والمجتمعات وأشكال التمييز والإيذاء هي التي تحول دون تمتع المسنين بالنشاط وحظيهم بالتقدير والاحترام.