المعلم المتميز
2011-07-28, 03:05 PM
هذا الموضوع من طالبة2/ث
وتــخـــليـــــت عــــن المعــطـــف الأبــيـــض
استيقظت كعادتي اليومية على صوت والدتي وهي تقول بابتسامتها المعتادة رحاب يا ابنتي هيا استيقظي اليوم استلام شهادتك الثانوية نهضت من سريري بكسل ،واتجهت إلى النافذة نظرت إلى الأفق بتأمل , وأنا أفكر ياالله مرت اثني عشر سنة كسرعة البرق لم أحس بها بالأمس أول مرة أسرح شعري استعدادا لها,وكم كنت خائفة من دخول المدرسة ، و ممسكة بعباءة أمي على بابــــها أبكي بفـزع أحمـل حقيـبـة ,لأذهــب مع صـديقـاتي .
نظرت من حولي فلمحت سجادتي ،وتذكرت معلمتي الغالية عند ما علمتني كيف أصلي وأقرأ كتاب ربي، وكيف عرفت أنطق بالشهادتين ،وأنا موقنة بها ، وتذكرت أول مخالفة لي وتذكرت كيف وكيف .............
قطعت علي أمي حبل أفكاري عندما دخلت بصينية الفطور ابتسمت لذكرى أول فطور لي ،ونظرت بشوق إلى مريولي الثانوي ،وأنا ألبسه لآخر مرة. اليوم ..سأستلم نتيجة تعبي ،وجهدي طوال تلك السنين نظرت إلى المرآة وأرسلت إلى نفسي ابتسامة تفاءٌل "وأخيراً سأحقق حلم الدكتوراه" ..
* * * *
دخلت إلى المنزل في الساعة العاشرة صباحاً وأنا أبكي، وأغلقت باب غرفتي طوال اليوم رغم محاولات أمي الفاشلة ، لإرغامي على الخروج وإخبارها بما حدث ولكن لاجدوى ، وعند حلول السابعة مساءً نظرت من حولي فوجدت غرفتي في حالة من الفوضى فذكرياتي مع صديقاتي هنا ، وهناك دفتري المدرسي المحمل بمعلومات علمية ، وهنالك تذكار من معلمتي الغالية .
اتجهت بضيق إلى باب غرفتي، وشاهدت أمي وملامح القلق تعتري محياها أخبرتها وأنا ابتسم ابتسامة باهتة :لقد نجحت ياأمي ومجموعي يؤهلني لدخول الطب .
سألتني أمي بعتب :ولم هذه الدموع يا بُنيتي؟!
أجبتها بحزن :اليوم يا أمي فارقت العديد من أخواتي اللواتي عاشرتهن طوال تلك السنين إنني اليوم ولأول مرة أحس بروحي تفارق جسدي من لوعة فراقهم.
ابتسمت أمي براحة وربتت على كتفي قائلة:يا بنيتي هذا حال الدنيا تضع في طريقنا أناس نجهلهم من قبل فنحبهم ، ونتعلق بهم ،ولكن سرعان ما تفجعنا بأخذهم من طريقنا . ستفترقون حتما و ستظل ذكراكم كالغيث كلما تساقط على الأرض أنبت الكلأ ،وأنتم كلما تذكرتم بعضكم البعض ستلهج ألسنتكم بالدعاء أليس كذلك؟
أجبتها : نعم هــو كذلك.
* * * *
و بعد عدة أيام أقام والدي وليمة عشاء بمناسبة تخرجي أحسست يومها بأن الكون جميعه مبتهجا بفرحة نجاحي...أحسست بأن حلمي أقترب ، ولم يتبق سوى القليل خصوصا أنني حققت مجموعاً رائعاً في اختبار القدرات .. وبعد مشاركة الجميع لي فرحتي ،و خروج أقاربي وصديقاتي .أتى والدي إلي غرفتي ،وطبع على جبيني قبلة هادئة كطبعه دائماً، وقدم لي هدية تخرجي نظرت إليه بفرح قائلة: شكراً يا أبي
أجابني:بل الشكر لك يا ابنتي ،اليوم فقط عرفت كيف يكون فخر الأب
بإنجازات أبنائه .
ابتسمت له وأكمل قائلاً:الآن وبعد تخرجك بأي كلية ستلتحقين؟ و ماذا ستتخصصين بة؟!
أجبت وعيني تلمعان بشغف:نعم يا أبي ... سأكمل دراستي ،لأحقق حلم حياتي
"الــــــــــــــــــــطــــــــــــــب"
نظرت إلية لا تفاجأ باختفاء ابتسامته وأجد محلها العبوس: الطب!!! هل أنت متأكدة؟؟
نعم .. وما الضرر في ذلك؟؟
تحدث أبي وهو يطلق رصاصته الأخيرة: الأقسام كثيرة ومتعددة اختاري غيره وخرج ، وتركني ألملم ما تبقى من حلمي المنكسر، وأمسح دموع أبت أن تبقى سجينة عيني .
* * * *
زفــــرت بضيق ..وأنا أخبر أمي بما حدث لأتفاجأ بأن أمي تخبرني بيأس ، وقلة حيلة بأن أبي لا يريد الحديث في هذا الموضوع مطلقاً حاولت مراراً وتكراراً بلا فائدة تذكر..لم أ يا س من رفض والدي ,فذهبت إلى عمي الأكبر ورجوته أن يحدث أبي عن مستقبلي ,ولكن هو الأخر ردعني بحجة العادات والتقاليد وكلام الناس .
:ولكن يا عمي الناس تحدثت عمن في قبره فكيف بمن يعيش بيننا؟!!
دعك من هذا الكلام أي بنيه الطب فساد للمرأة ،ومدعاة للاختلاط قبل أن تفكري بنفسك ،وتحقيق أحلامك فكري بوالدك( بفعلتك هذه) سوف تنقصين من قدره بين الناس .
:الناس .. الناس وماذا استفدنا من الناس سوى الكلام السيء .
تابعت محاولة إقناعه وتغيير فكرته الخاطئة: عمي الفتاة المحافظة لو وضعت بين ألف رجل لن تفرط بشرفها وسمعتها مادام والدها قد أحسن تربيتها وتهذيب أخلاقها .
أجاب عمي بجبروت وهو يحسم الجدال: رحاب.. لا تعاندي وتخوضين حرب خاسرة مذ بدايتها لن تدخلي الطب حتى لو كلف الأمر حياتي..
* * * *
تدخــل جميع معارفي والنتيجة أن التسجيل فاتني ، وعمي وأبي مصرين على رأيهــما.
لماذا العادات والتقاليد حرمتـني من حلمي الكبير ؟ولماذا أبي تحول فجأة إلى إنسان منغلق لا يفكر بمشاعري وطموحاتي؟؟ أليس هو من كان يشجعني طوال تلك السنين على التفوق لكي أحقق مطلبي؟ لِم لم يفكر بما سأخسر ؟! تباً لتلك العادات وسحقا لتلك التقاليد .
* * * *
بــــعـــــد عــــدة ســـنــــوات....
جلســت رحاب أمام البحر مستمتعة بلونه وجماله الساحر تتأمل منظرا صوره الخالق البديع أمواج بحر متلاطمة تداعبها خيوط الشمس راحلة .
وفي هذه الأثناء التفت إلى صغيرتها تلعب برماله الذهبية، وهي تنشر ضحكاتها البريئة في أرجاء المكان, فتحدثت مبادرة بصوتها الطفولي: أمي لم أنت حزينة؟
نظرت بتمعن لابنتها ،وهي تتذكر الأمس البعيد , و ذكريات أبت أن ترحل مع الماضي
:"رنا.. ما الذي تفكرين به أنت؟!
أجابت ببراءة وهي تحرك يديها بحماس: عندما أكبر أريد أن أصبح كأخت فاتن الكبرى "طبيبة"
قالت لها أمها متعجبة: رنا تريدين الطب حلم والدتك المقتول؟!
هزت رنا رأسها دلالة على موافقتها، أخذت رحاب تضحك من سخرية الأحداث, وهي تقول في نفسها :"لن أدعك تتمادي في حلم لن يتحقق يا ابنتي فوالدك ابــن من ساهم في تدمير حلمي إنه ابن عمي الذي قتل طموحي، وهو متمسك بعاداتهم لن أجعلك تنطقين الكلمة التي كرهتها.. لن أجعلك تقولين :
"وتــخــلــيــت عــن الـمــعــطف الأبـيـض "..
بقلم / ملاك لافي الأحمدي .
2/ث
وتــخـــليـــــت عــــن المعــطـــف الأبــيـــض
استيقظت كعادتي اليومية على صوت والدتي وهي تقول بابتسامتها المعتادة رحاب يا ابنتي هيا استيقظي اليوم استلام شهادتك الثانوية نهضت من سريري بكسل ،واتجهت إلى النافذة نظرت إلى الأفق بتأمل , وأنا أفكر ياالله مرت اثني عشر سنة كسرعة البرق لم أحس بها بالأمس أول مرة أسرح شعري استعدادا لها,وكم كنت خائفة من دخول المدرسة ، و ممسكة بعباءة أمي على بابــــها أبكي بفـزع أحمـل حقيـبـة ,لأذهــب مع صـديقـاتي .
نظرت من حولي فلمحت سجادتي ،وتذكرت معلمتي الغالية عند ما علمتني كيف أصلي وأقرأ كتاب ربي، وكيف عرفت أنطق بالشهادتين ،وأنا موقنة بها ، وتذكرت أول مخالفة لي وتذكرت كيف وكيف .............
قطعت علي أمي حبل أفكاري عندما دخلت بصينية الفطور ابتسمت لذكرى أول فطور لي ،ونظرت بشوق إلى مريولي الثانوي ،وأنا ألبسه لآخر مرة. اليوم ..سأستلم نتيجة تعبي ،وجهدي طوال تلك السنين نظرت إلى المرآة وأرسلت إلى نفسي ابتسامة تفاءٌل "وأخيراً سأحقق حلم الدكتوراه" ..
* * * *
دخلت إلى المنزل في الساعة العاشرة صباحاً وأنا أبكي، وأغلقت باب غرفتي طوال اليوم رغم محاولات أمي الفاشلة ، لإرغامي على الخروج وإخبارها بما حدث ولكن لاجدوى ، وعند حلول السابعة مساءً نظرت من حولي فوجدت غرفتي في حالة من الفوضى فذكرياتي مع صديقاتي هنا ، وهناك دفتري المدرسي المحمل بمعلومات علمية ، وهنالك تذكار من معلمتي الغالية .
اتجهت بضيق إلى باب غرفتي، وشاهدت أمي وملامح القلق تعتري محياها أخبرتها وأنا ابتسم ابتسامة باهتة :لقد نجحت ياأمي ومجموعي يؤهلني لدخول الطب .
سألتني أمي بعتب :ولم هذه الدموع يا بُنيتي؟!
أجبتها بحزن :اليوم يا أمي فارقت العديد من أخواتي اللواتي عاشرتهن طوال تلك السنين إنني اليوم ولأول مرة أحس بروحي تفارق جسدي من لوعة فراقهم.
ابتسمت أمي براحة وربتت على كتفي قائلة:يا بنيتي هذا حال الدنيا تضع في طريقنا أناس نجهلهم من قبل فنحبهم ، ونتعلق بهم ،ولكن سرعان ما تفجعنا بأخذهم من طريقنا . ستفترقون حتما و ستظل ذكراكم كالغيث كلما تساقط على الأرض أنبت الكلأ ،وأنتم كلما تذكرتم بعضكم البعض ستلهج ألسنتكم بالدعاء أليس كذلك؟
أجبتها : نعم هــو كذلك.
* * * *
و بعد عدة أيام أقام والدي وليمة عشاء بمناسبة تخرجي أحسست يومها بأن الكون جميعه مبتهجا بفرحة نجاحي...أحسست بأن حلمي أقترب ، ولم يتبق سوى القليل خصوصا أنني حققت مجموعاً رائعاً في اختبار القدرات .. وبعد مشاركة الجميع لي فرحتي ،و خروج أقاربي وصديقاتي .أتى والدي إلي غرفتي ،وطبع على جبيني قبلة هادئة كطبعه دائماً، وقدم لي هدية تخرجي نظرت إليه بفرح قائلة: شكراً يا أبي
أجابني:بل الشكر لك يا ابنتي ،اليوم فقط عرفت كيف يكون فخر الأب
بإنجازات أبنائه .
ابتسمت له وأكمل قائلاً:الآن وبعد تخرجك بأي كلية ستلتحقين؟ و ماذا ستتخصصين بة؟!
أجبت وعيني تلمعان بشغف:نعم يا أبي ... سأكمل دراستي ،لأحقق حلم حياتي
"الــــــــــــــــــــطــــــــــــــب"
نظرت إلية لا تفاجأ باختفاء ابتسامته وأجد محلها العبوس: الطب!!! هل أنت متأكدة؟؟
نعم .. وما الضرر في ذلك؟؟
تحدث أبي وهو يطلق رصاصته الأخيرة: الأقسام كثيرة ومتعددة اختاري غيره وخرج ، وتركني ألملم ما تبقى من حلمي المنكسر، وأمسح دموع أبت أن تبقى سجينة عيني .
* * * *
زفــــرت بضيق ..وأنا أخبر أمي بما حدث لأتفاجأ بأن أمي تخبرني بيأس ، وقلة حيلة بأن أبي لا يريد الحديث في هذا الموضوع مطلقاً حاولت مراراً وتكراراً بلا فائدة تذكر..لم أ يا س من رفض والدي ,فذهبت إلى عمي الأكبر ورجوته أن يحدث أبي عن مستقبلي ,ولكن هو الأخر ردعني بحجة العادات والتقاليد وكلام الناس .
:ولكن يا عمي الناس تحدثت عمن في قبره فكيف بمن يعيش بيننا؟!!
دعك من هذا الكلام أي بنيه الطب فساد للمرأة ،ومدعاة للاختلاط قبل أن تفكري بنفسك ،وتحقيق أحلامك فكري بوالدك( بفعلتك هذه) سوف تنقصين من قدره بين الناس .
:الناس .. الناس وماذا استفدنا من الناس سوى الكلام السيء .
تابعت محاولة إقناعه وتغيير فكرته الخاطئة: عمي الفتاة المحافظة لو وضعت بين ألف رجل لن تفرط بشرفها وسمعتها مادام والدها قد أحسن تربيتها وتهذيب أخلاقها .
أجاب عمي بجبروت وهو يحسم الجدال: رحاب.. لا تعاندي وتخوضين حرب خاسرة مذ بدايتها لن تدخلي الطب حتى لو كلف الأمر حياتي..
* * * *
تدخــل جميع معارفي والنتيجة أن التسجيل فاتني ، وعمي وأبي مصرين على رأيهــما.
لماذا العادات والتقاليد حرمتـني من حلمي الكبير ؟ولماذا أبي تحول فجأة إلى إنسان منغلق لا يفكر بمشاعري وطموحاتي؟؟ أليس هو من كان يشجعني طوال تلك السنين على التفوق لكي أحقق مطلبي؟ لِم لم يفكر بما سأخسر ؟! تباً لتلك العادات وسحقا لتلك التقاليد .
* * * *
بــــعـــــد عــــدة ســـنــــوات....
جلســت رحاب أمام البحر مستمتعة بلونه وجماله الساحر تتأمل منظرا صوره الخالق البديع أمواج بحر متلاطمة تداعبها خيوط الشمس راحلة .
وفي هذه الأثناء التفت إلى صغيرتها تلعب برماله الذهبية، وهي تنشر ضحكاتها البريئة في أرجاء المكان, فتحدثت مبادرة بصوتها الطفولي: أمي لم أنت حزينة؟
نظرت بتمعن لابنتها ،وهي تتذكر الأمس البعيد , و ذكريات أبت أن ترحل مع الماضي
:"رنا.. ما الذي تفكرين به أنت؟!
أجابت ببراءة وهي تحرك يديها بحماس: عندما أكبر أريد أن أصبح كأخت فاتن الكبرى "طبيبة"
قالت لها أمها متعجبة: رنا تريدين الطب حلم والدتك المقتول؟!
هزت رنا رأسها دلالة على موافقتها، أخذت رحاب تضحك من سخرية الأحداث, وهي تقول في نفسها :"لن أدعك تتمادي في حلم لن يتحقق يا ابنتي فوالدك ابــن من ساهم في تدمير حلمي إنه ابن عمي الذي قتل طموحي، وهو متمسك بعاداتهم لن أجعلك تنطقين الكلمة التي كرهتها.. لن أجعلك تقولين :
"وتــخــلــيــت عــن الـمــعــطف الأبـيـض "..
بقلم / ملاك لافي الأحمدي .
2/ث