تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اتق شر من احسنت اليه


غروب حزينه
2011-05-27, 02:44 AM
(http://www.madinahx.com/files/03770907690309777.jpg)
(اتق شّر من أحسنت إليه) حكمة عظيمة أصبحت شعاراً للكثيرين يرفعونه في مواجهة غدر الإنسان ..ولؤم طباعه. فحب العطاء، والبذل، والإيمان بأن خير الناس أنفعهم للناس. كلها محرّكات تدفعنا نحو مساعدة الناس، وحب الخير لهم ومواساتهم في ألمهم، وإدخال السرور إلى قلوبهم، ومؤازرتهم عندما تنزل بهم الشدائد، وتقديم المساعدة لهم عندما يكونون في أمس الحاجة لها وقد أغلقت الأبواب أمامهم فجئت أنت وفتحت لهم باباً، وأضأت لهم أملا لا تبتغي منهم لا جزاء ولا شكورا. لأنك تقدّم الخير والمعروف واثقا من أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء.
لكنك تعتقد أيضا أن فعل المعروف لابد أن يُصان.. وتظن أن من قدّمت له معروفاً لابد سيظل يذكره لك.
تكون أصعب لحظة تعيشها هي تلك التي يسـّدد إليك فيها سهم النكران والجحود!.
فتجد نفسك تتساءل.. أين الخلل فيما فعلت ؟.
وأ يكون جزاء الإحسان غير الإحسان؟..
وتجد نفسك تراجع نفسك .. كيف لمن أنكر معروفك أن يفعل ذلك ولا تجد عزاء لنفسك سوى أن تردد قول المتنبي..
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا..
مواسياً نفسك أنك لسوء حظك وقعت مع لئيم الطباع خسيسها.
لقد أمرنا رسول الله بمكافأة من يصنع لنا معروفاً بقوله صلى الله عليه وسلم :(من صنع إليكم معروفا فكافـئوه. فإن لم تجـدوا ما تكافـئونه فـادعـوا له حتى تروا أنكم كافـأتمـوه )
وإذا كانت عدم مكافأة المحسن قبحاً.. فمن الأقبح والأسوأ أن يقابل الإنسان الإحسان بالإساءة.
ونكران المعروف.. وجحوده دليل خسة الطباع ولؤمها..
فالكريم يحفظ ودّ ساعة. واللئيم يجحد كل خير ومعروف قـُدّم إليه..
وقد برع الشاعر في نقل تجربته مع ناكر المعروف بقوله:
أعلـّمــه الرمــايـة كـــل يـوم
فــلمـا اشـتـد سـاعــده رمــانـــى..
وكـم عـلـّمـــته نـظـم القـوافـي
فـلــمـا قال قــافـيـة هــجــانــي
والمؤلم في سلوك بعض من نقدّم لهم المعروف هو حرصهم على تسديد سهم الغدر والنكران وكأن الضمير لديهم قد مات . وهذه من أخطر علل الشخصية وأخفاها..
وتزداد سوءاً حينما تقترن مع قلة الحياء مع الله ومع الناس ..أو غياب الحياء تماماً مع قدر من الوقاحة.. فلا يبالى بالكذب وقلب الحقائق .. والنفاق الاجتماعي الذي يوظّفه لصالحه.. مستخدماً الأقنعة الاجتماعية التي تخدم خسة طبعه.
فلا تجد نفسك إلاّ أمام أحد شياطين الإنس الذي لا تكاد أن تصدق أنه هو نفسه الذي لجأ إليك بعد أن سُــدّت الطرق في وجهه يطلب معروفك ووقوفك إلى جواره..
وما أن تبددت السحب التي كانت تلبد سماءه وصحا جوه.. حتى أتتك صور جحوده ونكرانه لك ولمعروفك وكأنها تخبرك بصدق قول الشاعر حين قال...
إبليس أصبـح عـاطــلاً عـن شـغـلـه
قـد ناب عـنه خـلائق لا تحـصـرُ..
ورغم ما يعتري الإنسان الصانع للمعروف من ألم جراء ما أتاه من ناكر معروف..
ورغم قسوة هذه المشاعر إلا أن المذمة حينما تأتى من ناقص فهي شهادة بالكمال .
وإذا احتسب المرء ما قدّمه من خير ومعروف عند ربه.. فإن الله يهون عليه ما أتاه من ناكر المعروف الذي سيلقى عقوبة من المنتقم جل جلاله الذي لا يقـبل بجحود ولا يرضى عن ناكر معروف..