تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الى أمير المدينة مع التحية


الاستاذ حسين كلابي
2009-06-19, 05:58 PM
هذه القصة التي نحن بصددها ليست من نسج الخيال, كما أن أحداثها لم تجرِ على الأراضي المحتلة ولم تكن آليات العدو الصهيوني بطلة المشهد الذي تعودناه على مر العقود السابقة, وإنما هي قصة جرت أحداثها على أرض الحرمين الشريفين وعلى تراب مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم تحديداً, وكان ضحيتها المواطن محمد علي محمد ناصر كعبي وعائلته, ولمن لا يعرف (الكعبي) وأجزم أنكم لا تعرفونه لأنه ليس فناناً أو لاعب كرة, وإنما هو موظف بسيط في بلدية العيون بالمدينة المنورة ويعاني من إعاقة حركية في إحدى رجليه, وقصة هذا الرجل كما رواها لي شخصياً أنه ابتاع أرضاً في المدينة بنظام المبايعات الشخصية أي أنها بدون صك شرعي وجميعنا نعلم أن هذه المبايعات منتشرة في جميع محافظات وقرى المملكة منذ زمنٍ بعيد نتيجة التأخر في منح المواطنين أراضٍ للسكنى, ولا شك أن ذلك ما أدى إلى نشؤ ظاهرة الأحياء العشوائية ولكننا رغم هذا لم نشاهد أو نسمع يوماً بأن لجان التعديات التي تكَون عادةً من قبل إمارات المناطق وبلدياتها قد قامت بإزالة مسكن مواطن دون أن تشعره بخطابٍ لإخلاء المنزل قبل أن تشرع في إزالته, بل أن مثل هذا الأمر لم يحدث إطلاقاً لاسيما المنازل المسكونة.
المهم أن هذا المواطن المسكين كان يحدثني وهو يغالب الدموع ـ أعاذني الله وإياكم من قهر الرجال ـ وقال انه بعد أن اشترى الأرض بمبلغ كانت والدته قد ادخرته على مدى عقود, قام بالاقتراض من ثلاث جهات من أجل بناء المنزل الذي لم يهنأ بالسكن فيه إلا لمدة ستة أشهر صار بعدها وكأنه لم يكن.. ففي يوم الاثنين الماضي إن لم تخني الذاكرة كان الكعبي عائداً من العمل وعند وصوله إلى المنزل وجده محاصراً بسيارات الشرطة وآليات الأمانة وكانت والدته الطاعنة في السن تدافع بكل ما أبقت لها سنوات العمر من قوة عن المنزل الذي طالما انتظرته إلى أن أصبح واقعاً, ولم تكن على استعداد أن يُزال مسكن العائلة دون أن تدافع عنه إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً, وبينما هي كذلك سحبها أحد عمال الأمانة الأجانب وأسقطها أرضاً, فكانت هي آخر خطوط الدفاع بعد خطي الدفاع الأول والثاني ابنها وزوج ابنتها اللذان نُقلا إلى المستشفى بعد تعرضهما للضرب من قبل أعضاء اللجنة, ولم تكد تمر لحظات على سقوط والدة الكعبي حتى أُغمي على زوجته من هول ما رأت لاسيما وأنها مصابة بالسرطان وتعاني اعتلالاً في عضلة القلب وتحمل في أحشائها جنيناً لم يكمل شهره السابع, وأمام هذا الموقف وعدم تبرير اللجنة تصرفهم سوى بأنه توجيه من أمير المنطقة ـ وهو أمر مستبعد تماماً ـ ولأن الكعبي يعرف الإجراءات النظامية بحكم عمله في البلدية توجه بالسؤال إلى المسؤولين في اللجنة وكيف لهم أن يُقدموا على الإزالة دون إخطاره بموعد الإزالة ليتسنى له إجلاء أهله من المنزل كأبسط حق إنساني, وحمل أثاثه الذي لا يمكن أن تبرر اللجنة أن تدميره هو الآخر جاء بناءً على توجيه أمير المنطقة, وحينما لم يجد إجابة على سؤاله, حاول جاهداً إيقاف عملية الهدم الجائرة مؤقتاً أملاً في أن يجد شيئاً صالحاً من الأثاث ولكن هذه المحاولة لم تجد أي تجاوب يذكر من قبل فرق الهدم, فسلم أمره لله وتوجه إلى المستشفى للاطمئنان على ذويه, وعند عودته إلى المنزل وجده أثراً بعد عين إلى حد أنه وجد صفحات من المصحف الشريف وقد اُمتهنت تحت الركام.
إلى هنا وتوقف الكعبي عن الكلام .. ثم عاد للحديث وصوته مكتظ بنبرة حزن وقهر.. وقال: (لا يمكن أن أصدق أن الأمير عبدالعزيز بن ماجد قد وجه بهدم منزلي, وبهذه الطريقة, ولكن ياخوي يانايف تكفى ساعدني حتى يعرف الأمير وش اللي صار لي في هذه الأرض الطيبة).. طمأنته وأكدت له أن هذا التصرف لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يكون بتوجيه من رجلٍ بحجم (أُحد) في إنسانيته وتواضعه ورجاحةِ عقله, وفي موقع لم يأتِ إليه إلا بثقة قائد هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ.
وقلت يا محمد لا تخف ولا تحزن فوالله ان في الأمر لبساً وستثبت لك الأيام صدق كلامي.
هذه قصة الكعبي كما رواها لي بكافة تفاصيلها, أصلها لكم (قراء سبق) وصورة منها لأمير المدينة مع التحية.. وسامحونا



نايف البقمي
كاتب وإعلامي سعودي
[email protected] ([email protected])
خاص بصحيفة (سبق) الالكترونية




http://www.sabq.org/?action=showAuthorMaqal&id=563 (http://www.sabq.org/?action=showAuthorMaqal&id=563)








تعليقي :


عتل المدينة الحصني شوه سمعة الانسانية والمدينة النبوية



هذا رابط خبر الازالة

http://www.taibanews.com/inf/news.php?action=show&id=1981 (http://www.taibanews.com/inf/news.php?action=show&id=1981)