تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من الكلام القيم لابن القيم


المتشوقة للجنان
2011-04-11, 06:33 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين:
قال بن القيم رحمه الله:
الثالث هداية الخلق ودعوتهم إلى الله ورسوله :
قال تعالى (ومن أحسن قولا ممن دعا إلي الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ) قال الحسن البصري رحمه الله: هذا حبيب الله هذا ولي الله أسلم لله وعمل بطاعته ودعا الخلق إليه فهذا النوع أفضل أنواع الإنسان وأعلاهم درجة عند الله يوم القيامة وهم ثنية الله سبحانه من الخاسرين قال تعالى والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر فأقسم سبحانه على خسران نوع الإنسان إلا من كمل نفسه بالإيمان والعمل الصالح وكمل غيره بوصيته له بهما ولهذا قال الشافعي : لو فكر الناس كلهم في سورة العصر لكفتهم .
ولا يكون من أتباع الرسول على الحقيقة إلا من دعا إلى الله على بصيرة قال الله تعالى قل هذه سبيلي أدعوا إلي الله على بصيرة أنا ومن اتبعني فقوله ادعوا إلى الله تفسير لسبيله التي هو عليها فسبيله وسبيل أتباعه الدعوة إلى الله فمن لم يدع إلى الله فليس على سبيله
وقوله على بصيرة قال ابن الأعرابي البصيرة الثبات في الدين
وقيل البصيرة العبرة كما يقال أليس لك في كذا بصيرة أي عبرة قال الشاعر :
في الذاهبين الأولين ... من القرون لنا بصائر
والتحقيق : العبرة ثمرة البصيرة فإذا تبصر اعتبر فمن عدم العبرة فكأنه لا بصيرة له
وأصل اللفظ من الظهور والبيان فالقرآن بصائر أي أدلة وهدى وبيان يقود إلى الحق ويهدي إلى الرشد
ولهذا يقال للطريقة من الدم التي يستدل بها على الرمية بصيرة ، فدلت الآية أيضا على أن من لم يكن على بصيرة فليس من أتباع الرسول وأن أتباعه هم أولو البصائر ولهذا قال أنا ومن اتبعني فإن كان المعنى أدعوا إلى الله أنا ومن اتبعني ويكون من اتبعني معطوفا على الضمير المرفوع في أدعوا وحسن العطف لأجل الفصل فهو دليل على أن أتباع الرسول هم الذين يدعون إلى الله وإلى رسوله
وإن كان معطوفا على الضمير المجرور في سبيلي أي هذه سبيلي وسبيل من اتبعني فكذلك ، وعلى التقديرين فسبيله وسبيل أتباعه الدعوة إلى الله...الخ.
فإن بركة الرجل تعليمه للخير حيث حل ونصحه لكل من اجتمع به قال الله تعالى إخبارا عن المسيح (وجعلني مباركا أين ما كنت) أي معلما للخير داعيا إلى الله مذكرا به مرغبا في طاعته فهذا من بركة الرجل ومن خلا من هذا فقد خلا من البركة ومحقت بركة لقائه والاجتماع به بل تمحق بركة من لقيه واجتمع به فإنه يضيع الوقت في الماجريات ويفسد القلب وكل آفة تدخل على العبد فسببها ضياع الوقت وفساد القلب وتعود بضياع حظه من الله ونقصان درجته ومنزلته عنده ولهذا وصى بعض الشيوخ فقال احذروا مخالطة من تضيع مخالطته الوقت وتفسد القلب فإنه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها وكان ممن قال الله فيه (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28))
ومن تأمل حال هذا الخلق وجدهم كلهم إلا أقل القليل ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى واتبعوا أهواءهم وصارت أمورهم ومصالحهم فرطا أي فرطوا فيما ينفعهم ويعود بصلاحهم واشتغلوا بما لا ينفعهم بل يعود بضررهم عاجلا وآجلا وهؤلاء قد أمر الله سبحانه رسوله ألا يطيعهم فطاعة الرسول لا تتم إلا بعدم طاعة هؤلاء فإنهم إنما يدعون إلى ما يشاكلهم من اتباع الهوى والغفلة عن ذكر الله والغفلة عن الله والدار الآخرة متى تزوجت باتباع الهوى تولد ما بينهما كل شر وكثيرا ما يقترن أحدهما بالآخرة ولا يفارقه...الخ
وقال أيضاً:
... وأمور قد فعلها على وجه الهداية وهو محتاج إلى أن يهدي غيره إليها ويرشده وينصحه فإهماله ذلك يفوت عليه من الهداية بحسبه كما أن هدايته للغير وتعليمه ونصحه يفتح له باب الهداية فإن الجزاء من جنس العمل فكلما هدى غيره وعلمه هداه الله وعلمه فيصير هاديا مهديا كما في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي وغيره (اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين سلما لأوليائك حربا لأعدائك نحب بحبك من أحبك ونعادي بعداوتك من خالفك )
أتمنى الإستفادة من هالموضوع
منقول