المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح قصيدة من تجارب الحياة للشاعر عدي ن زيد العبادي شرح بالتفصيل


العصفوره
2008-12-25, 11:30 AM
وإليكم قصيدة للشاعر عدي بن زيد العبادي بعنوان : (من تجارب الحياه)


أعادل أن الجهل من ذلة الفتى0000وأن المنايا للرجال بمرصد
كفى زاجرآ للمرء أيام دهره 0000تروح له بالواعظات وتغدي

هذه القصيدة مليئة بالحكم والمواعظ ففي البيت الأول يقول الشاعر : هنا حقيقة لايمكن تجاهلها وهي أن الجهل ذلة للفتى وأن المنايا جمع منية في موضع ومكان لارتقاب للرجال فكفى بالمرء زاجرا أيام زمانه التي تروح وتغدو له بالمواعظ فما أخبار الأمم السابقة وما أصابهم إلاّ موعظة لنا فهل بقي منهم الآن من أحد ؟

فنفسك فاحفظها من الغيّ والخنا0000متى تغوها يغو الذي بك يقتدي

إذن فالزم نفسك واحفظها من الضلال والفحش ، ولتنتبه إلى أنك متى توقعها بالضلال فإنك تغوي وتضل من يقتدي بك .

وإياك من فرط المزاج فإنه 000جدير بتسفيه الحليم المسدّد

ثم يحذرنا من الإفراط في المزاح ولعلها من أهم الأمور التي لابد أن نحذرها لأن كثرة المزاح ، والإفراط به حريّ بتسفيه الحليم صاحب الرأي الصائب أي : جعله سفيها .

عن المرء لاتسأل وسل عن قرينه 000فكل قرين بالمقارن يقتدي
فإن كان ذا شر فجانبه سرعة000 وإن كان ذا خير فقارنه تهتد

ثم قال إن أردت معرفة المرء معرفة حقيقية فلا تسأل عنه هو، وإنما اسأل عن قرينه وصاحبه ، لأن المصاحِب يفعلَ مِثْلَ فعل قرينه تشبُّهاً به؛ وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم { المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل }

ومادام الأمر كذلك فعليك ،وبسرعة ، مجانبة وترك من كان ذا شر من أصحابك ،أمّا من كان ذاخير فصاحبه تكن مثله في الهداية والرشاد والخير

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة000على المرء من وقع الحسام المهند

ثم انتقل الشاعر إلى تصوير حالة قد يمر بها المرء ، وهي، ظلم وتعدي ذوي القربى الذي هو أشد ألما ووقعا على المرء من وقع الحسام المهند أي السيف القاطع المطبوعُ مِنْ حديدِ الهِنْدِ؛

اذا رأيت الشّر يبعث أهله 000وقام جناة الشرّ للشرّ فاقعد
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم 00ولاتصاحب الأردى فتردى مع الرّدي

هنا من باب الاستعارة المكنية حيث شبه الشر بإنسان له أهل يبعثهم ليفسدوا ويخربوا ، فيقول إذا رأيت الشر قد بعث أعوانه ، ورأيت أصحاب الشر ومن يجنونه قد قاموا للشر ، فلا تقم مثلهم ولا تشترك معهم بل اقعد مع الأخيار ، وذا كنت في جماعة فصاحب خيارهم أي أفضلهم ولا تصاحب الهالك صاحب الرذيلة فتهلك مع الهالك .

وبالعدل فانطق ان نطقت ولاتلم 000وذا الذّم فاذممه وذا الحمد فاحمد

وهنا يختم أبياته بأمر مهم للجميع وهو تحري العدل في أقوالنا وما ننطق به فيقول: انطق بالعدل إن نطقت أو تكلمت ولا تلم أي لا تفزع أو تهتم لأحد ، فبالعدل تكسب الجميع ، واذمم من يستحق الذم فلعله يرتدع ، وبالمقابل عليك أن تمدح وتثني على من يستحق الثناء والمدح .

تحليل النص تحليلا أدبيا
=============
أولا الأسلوب :
============
استخدم الشاعر في هذه الأبيات أسلوب الحكمة الذي يتميز بالقوة والرصانة والمباشرةوالوضوح في طرح الفكرة والابتعاد عن التكلف مما جعلها حقيقة تؤثر بنفس قارئها .

ثانيا : العبارات والألفاظ :
=================
جاءت عباراته بسيطة صاغها بلغة سهلة ، شفافة وبسيطةبعيدة عن التكلف ، وهذا ما تتميز به قصائد الحكمة

ثالثا العاطفة :
=========
عاطفة الشاعر عاطفة حب لغيره من إخوانه ،حيث قدم لهم ما شاهده وجربه في هذه الحياة ، فلا غرو أن تكون صادقة ، مما انطبع ذلك على شعورنا .

رابعا : الصور البلاغية :
===============
تكاد تنعدم الصور البلاغية في هذا النص لأن الشاعر يقرر حقائق ويدعو إلى مثل وتجارب مرّ بها في هذه الحياة ، فلا يستلزمه أن يفكر بالصور البلاغية ومع ذلك فلم يخل النص من تلك الصور الرائعة التي تقرب الفكرة كالاستعارة المكنية في قوله :" تروح له بالواعظات وتغدي " حيث جعل الأيام كإنسان يروح ويغدو لنا بالمواعظ "
وتشبيه شدة وقع ظلم ذوي القربى على المرء بوقع الحسام بل هو أشد .

وعموما الأبيات كلها جيدة مترابطة ، حركت في نفوسنا معاني قد لانتنبه إليها في حياتنا .

وختاما ، هذا مااستطعت إليه ، فإن كان من صواب فهو فضل ، ومنة من الله وإن كان من خطأ ، فهو من نفسي والشيطان ، وأتمنى ممن له ملاحظة ألاّ يبخل بها علينا فالهدف نقل المعلومة الصحيحة إلى إخوتنا الأعضاء من معلمين ومعلمات وبارك الله في الجميع .

ملاحظة :

وجاء ذكره في كتاب " أدب الدنيا والدين " للماوردي. ولم يكن الشاعر عديّ بن زيد العبادي –وهو من العصر الجاهلي- شاعرًا من فحول الشعراء، بل نقل خير الدين الزركلي صاحب " الأعلام " عن الأصمعي شهادته بوجود ضعف في اللغة في شعر عديِّ، ربما لطول إقامته في حاشية كسرى كما يؤخذ من الأخبار الواردة من سيرته

وقد ذكروا مثل هذا الضعف في أحد أبيات قصيدته السابقة والتي نسيت ان أنوه إليه وهو :

إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم 00ولاتصاحب الأردى فتردى مع الرّدي

للضعف الظاهر في صياغة شطره الثاني.

وللموضوع بقية إن شاءالله