تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أنواع العدة:


ابو الحربي
2011-02-26, 01:56 PM
الفَصْل الثّاني

أنواع العدة:
تتنوع العدة إلى ثلاثة أنواع:
1- عدة بالقروء.
2- عدة بالأشهر.
3- عدة بوضع الحمل.
وهذا التنوع باعتبار سبب الفرقة، وما تكون عليه المرأة عند حصول الفرقة، وصحة الزواج وفساده.
- النوع الأول: العدة بالقروء:
وتكون العدة بالقروء لمن فارقها زوجها بعد الدخول أو الخلوة بسبب من أسباب الفرقة غير الوفاة إذا كانت المرأة من ذوات الحيض ولم تكن حاملاً.
وهذا إذا كانت الفرقة بعد زواج صحيح، أما إذا كان فاسداً فإنها تعتمد بالقروء بعد الدخول الحقيقي وإن كانت بعد الوفاة.
والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فقد أوجبت الآية على المطلقة التربص ثلاثة قروء، والقروء جمع قرء، وهو يحتمل في الآية الحيض أو الطهر، لأنه لغة مشترك بينهما -كما قالوا- ومن هنا اختلف فقهاء الصحابة ومن بعدهم في المراد منها:
فذهب الحنفية والحنابلة إلى أن المراد بها الحيض.
وذهب المالكية والشافعية إلى أن المراد بها الطهر.

- النوع الثاني: العدة بالأشهر:
وتكون لمن فارقها زوجها بعد الدخول بسبب من أسباب الفرقة غير الوفاة وكانت لا تحيض لصغرها وإن بلغت بالسن ولم تر الحيض ولم تكن حاملاً أو لبلوغها سن اليأس.
كما تكون لمن توفي عنها زوجها بعد العقد الصحيح ولو قبل الدخول إذا لم تكن حاملاً صغيرة كانت أو كبيرة تحيض أو لا تحيض.
غير أن هذه العدة صنفان:
الصنف الأول: ثلاثة أشهر وهي بدل عن الحيض، والثاني أربعة أشهر وعشرة أيام وهي أصل وليست بدلاً عن غيرها.
والدليل على الأول قوله تعالى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]. فهذه الآية جعلت العدة ثلاثة أشهر لنوعين من النساء. من بلغت سن اليأس، ومن لم تحض لصغرها.
وإنما جعلت ثلاثة أشهر لأنها قائمة مقام ثلاث حيضات حيث جعلت بدلا عنها بدليل أنها لو حاضت انتقلت عدتها إلى الحيض وألغي اعتبار الأشهر، ولأن الغالب في المرأة أنها تحيض كل شهر مرة فاعتبرت مدة الثلاث حيضات.
هذا هو مذهب الحنفية في المفارقة بعد الدخول أو الخلوة في النكاح الصحيح، وبعد الدخول أو الوفاة في النكاح الفاسد والوطء بشبهة.
الصنف الثاني: وهو الاعتداد بالأشهر التي هي أصل: يكون لمن توفي عنها زوجها بعد عقد صحيح ولو قبل الدخول إذا لم تكن حاملاً يستوي في ذلك ذوات الحيض وغيرها، وهذه تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام، وهذه متفق عليها بين الفقهاء ولم يخالف فيها أحد صغيرة كانت أو كبيرة بالغاً كان زوجها أولا. لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] والحكمة في هذا التقدير: أن هذه المدة هي التي يتبين فيها كون المرأة حاملاً أو غير حامل، لأن الجنين يمر بعدة أطوار. أربعون يوماً نطفة، وأربعون علقة، وأربعون مضغة، ثم تنفخ فيه الروح، ولأن هذه المدة -كما قالوا- هي أقصى ما تتحمله الزوجة عادة في البعد عن زوجها.
والأشهر هنا كاملة بالأهلة إذا ابتدأت العدة من أول شهر، وتنتهي في نهاية اليوم العاشر بعد الأربعة، وإذا ابتدأت في أثناء الشهر يجري فيها الخلاف السابق.
فعند أبي حنفية تكون مائة وثلاثين يوماً.
أو في قول عند الحنفية يكمل الشهر الأول من الخامس وما بينهما بالأهلة.

النوع الثالث: العدة بوضع الحمل:
ذهب الحنفية إلى أن المرأة الحامل إذا انتهى زواجها بطلاق أو فسخ وفاة زوجها تعتد بوضع الحمل دون تقيد بزمن سواء كان الحمل من زواج صحيح أو فاسد أو مقاربة بشبهة لقوله تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]، وهي عامة في المطلقات والمتوفى عنهن أزواجهن وإن كان سياقها في المطلقات، لأنها نزلت بعد آية البقرة وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} فتكون ناسخة لعمومها أو مخصصة لها.
ويؤيد ذلك ما أخرجه عبد الله بن أحمد في رواية المسند عن أبي ابن كعب قال: "قلت يا رسول الله. وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن" هي المطلقة ثلاثاً أم المتوفى عنها؟ قال: "هي المطلقة ثلاثاً والمتوفى عنها".
وروي عن ابن مسعود أنه قال: "نسخت سورة النساء القصرى كل عدة" "وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن" أجل كل حامل مطلقة أو متوفى عنها زوجها أن تضع حملها.
وكذلك روى عن أبي سعيد الخدري أنه قال: نزلت سورة النساء القصرى بعد التي في البقرة بسبع سنين، وروى البخاري عن المسور بن مخرمة أن سُبيعة الأسليمة نُفِست بعد وفاة زوجها بليال فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تنكح فأذن لها فنكحت"، وفي لفظ أنها وضعت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة.
وعلى هذا لو وضعت حملها بعد وفاة زوجها بفترة وجيزة انتهت عدتها وحلت للأزواج، وليس عليها عدة وفاة بالأشهر، ومن هنا قال عمر رضي الله عنه: "لو وضعت وزوجها على سريره لانقضت عدتها وحل لها أن تتزوج".
ولكنهم شرطوا في الحمل الذي تنتهي العدة بولادته أو بإسقاطه أن يكون مستبين الخلقة كلها أو بعضها سواء ولد حياً أو ميتاً، فإذا لم يكن مستبين الخلقة بأن كان علقة أو مضغة غير مخلقة فلا تنتهي العدة بوضعه لأنه إذا لم يستبن خلقه لا يعلم كونه ولداً بل يحتمل أن يكون وأن لا يكون فيقع الشك، والعدة لا تنتهي إلا مع اليقين.